عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عمالقة الغناء خرجوا من أرض الإبداع

بوابة الوفد الإلكترونية

حظيت مصر طوال تاريخها الفنى بمجموعة كبيرة من أهم المطربين والملحنين، ساهموا فى إثراء الساحة الغنائية بآلاف الأغانى، التى ما زالت محفورة فى الوجدان العربى، فالتاريخ يقول إن سيد درويش فنان الشعب واحد أبناء محافظة الإسكندرية هو صاحب النقلة الكبيرة فى تاريخ الموسيقى العربية، يحسب له أنه أخذ الأغنية المصرية والعربية من القالب التركى، وأمان يا لاللى إلى الغناء التعبيرى، مضيفاً قوالب غنائية لم تكن مأهولة من قبل، ويحسب له أنه صاحب أول أوبرا عربية ومصرية، ورغم أنه مات وهو فى سن الشباب عن عمر، 31 عاماً إلا أنه قدم للموسيقى العربية ما لم يقدمه من سبقوه ومن جاءوا بعده، والى الآن ما زالت أعماله يتغنى بها الشباب وكبار السن، ويحسب له أيضًا أنه الأب الأكبر للأغنية الوطنية، وصاحب أهم الأغانى التى قاومنا بها الاحتلال الإنجليزى، وكانت أغانيه أقوى من البارود والرصاص.

ثم قدمت مصر للعالم العربى، أسماء بقيمة محمد عبدالوهاب محمد القصبجى ورياض السنباطى، ومحمود الشريف ومحمد الموجى وكمال الطويل وبليغ حمدى، ومنير مراد، ومحمد فوزى ومحمد سلطان، وحلمى بكر ومحمد على سليمان أجيال متعاقبة من الملحنين الكبار، وعلى مستوى الأصوات قدمت أم كلثوم سيدة الغناء العربى، التى ما زالت نجمة الغناء الأولى حتى الأن، كما قدمت عبدالحليم حافظ عندليب الأغنية العربية، وليلى مراد قيثارة الغناء، ونجاة ومحمد قنديل، وكارم محمود ومحمد عبدالمطلب، عبدالعزيز محمود، وهانى شاكر، على الحجار، محمد منير، محمد الحلو، ونادية مصطفى وأحمد إبراهيم، وطارق فؤاد، محمد ثروت، عفاف راضى، وسوزان عطية، ومدحت صالح، ومحسن فاروق، وجمالات شيحة.

وكانت مصر قاعدة انطلاق إلى عالم الشهرة لمئات الأصوات العربية فايزة أحمد، وردة ونجاح سلام، صباح، وفريد الأطرش واسمهان، عليا التونسية، وماجدة الرومى.

دائماً مصر كانت الأرض الخصبة التى تنجب المبدعين، وهى الأرض الطيبة التى تحتضن القادمين إليها من كل البلاد.

الأسبوع الماضى قدمت دار الأوبرا المصرية حفلاً بمناسبة ذكرى ميلاد موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الـ117، شارك فى الحفل ثلاثة أصوات ينتمون إلى جيلين، الجيل الأول مثله المطرب الكبير محمد الحلو الذى ينتمى لجيل الوسط الذى حمل راية الغناء بعد رحيل العظماء الكبار، والجيل الثانى ومثلته نجمتا الغناء ريهام عبدالحكيم ومى فاروق، وهما يمثلان جيل الشباب.

الحفل كان نموذجاً لتواصل الأجيال، نموذجاً للمبدعين الذين انحازوا إلى الغناء الجاد. محمد الحلو لم نره يوماً يقدم أغنية ركيكة المعنى، أو ضعيفة اللحن، كان دائماً نموذج للمطرب الذى يعى قيمة صوته وموهبته، ويؤكد دائماً على أهمية أنه الوريث الشرعى مع باقى جيله للتركة التى تركها الكبار مبدعى النغم الأصيل، محمد الحلو هو أبرز من غنى لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وهو من قلائل المطربين الذين اختارهم موسيقار الأجيال عبدالوهاب لغناء ألحانه منها نشيد الأرض الطيبة سنة1981، واستمر الحلو بعد رحيل الكبار على منهجه لا مكان فى حنجرته لا عمل هابط، واستمر يقاوم موجات الإسفاف الغنائى مع أبناء جيله، والجميل أن كل من أدى نغمة متدنية وهابطة لم يعد له وجود فى الوقت الذى استمر فيه «الحلو» وجيله نموذج للأصوات الجادة، لذلك عندما يبحث أى كيان على صوت حقيقى وجاد سيكون فى مقدمة المرشحين محمد الحلو.

فى نفس الحفل اجتمع صوتان ينتميان إلى جيل الشباب الذى يستعد لحمل الراية، هما ريهام عبدالحكيم ومى فاروق والثنائى من خريجات مبدعى دار الأوبراً، حيث كانت الأوبرا الراعية الأولى لهما.

ريهام ظلت خلال سنوات الطفولة تأتى إلى الأوبرا بصحبة أسرتها الأم والأب، ومى كنا نشاهدها دائماً برفقة والدتها، وظل الثنائى نموذجاً للأصوات الجادة وكل منهن اشتهرت بأداء أغانى سيدة الغناء وما أصعب أن تغنى أعمال كوكب الشرق، لكن الخامة الجيدة والموهبة التى تتمتعان بها جعلتهما فى مقدمة الأصوات التى يشار إليهما دائما بانهما أحفاد أم كلثوم. الجميل فى ريهام ومى هو التمسك بالأصالة فى زمن الأغنية سيئة السمعة، كل صوت منهما كان يستطيع أن يركب الموجة ويعطى ظهره للغناء الجاد لأنه ببساطة «مايأكلش عيش»لكن ظلت ريهام على عهدها للغناء الجاد وظهرت لها بعض الأعمال الخاصة مثل عملها الذى حقق شهرة كبيرة مع فيلسوف التلحين عمر خيرت فيها حاجة حلوة ثم قدمت مجموعة أعمال خاصة أخرى مع محمد على سليمان وعمار الشريعى، وغنت مى مع إمبراطور التلحين والموسيقى التصويرية ياسر عبدالرحمن فى مسلسل الليل وآخره وحققت أغنية «يا شمس يا منورة غيبى»، ثم عملت أيضًا مع عمار الشريعى وأسماء أخرى من كبار الملحنين.

وكما كان الحلو الحجار نجم حفلات أكتوبر لسنوات، استعانت الأوبرا بمى فاروق وريهام عبدالحكيم فى العديد من المناسبات الوطنية أكتوبر، وعودة طابا، وغيرهما.

فى ليلة موسيقار الأجيال حضرت أيضًا أجيال مختلفة لتحتفى بذكرى ميلاد أبوالأجيال، لتعطى مصر دائماً المثل فى أنها أرض ميلاد المبدعين على مر العصور، وأن وجود الأغانى سيئة السمعة مثل أغان بالمهرجانات لن يلغى أبداً مشوار الأصوات الجادة، لأنها الأبقى دائماً، ورغم أن انهيار الذوق العام أصاب بعض العاملين فى القنوات الرسمية وغير الرسمية، كما أصاب العديد من العاملين فى الإذاعات الخاصة والعامة، إلا أن مصر تظل أرض المواهب والبيئة الصحية التى تعطى المبدعين أكسير الحياة.

لكن على السادة المسئولين ضرورة الوقوف أكثر مع الأصوات الجادة لدعم الفنون الراقية، الجادة، لأن وطن سيد درويش وعبدالوهاب وأم كلثوم يجب أن يظل قبلة الغناء الجاد فى عالمنا العربى.