عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حنان أبوالضياء تكتب: الفنانة الأيقونة "نادية لطفى" صاحبة الإبداع الفنى والوطنى!

نادية لطفى
نادية لطفى

متى تعود النجمة الجميلة ذات الطلة المختلفة والابتسامة المشرقة، والقلب الحنون «نادية لطفى» إلى واحتها وبيتها 19 شارع البستان – الدور التاسع. هذا المكان الذى يحوى الكثير من الذكريات، ففيه دخل ابنها أحمد المدرسة لأول مرة، وشهدت ربوعه تفاصيل معظم أعمالها الفنية. وحتى يحين ذلك إن شاء قريباً فهى تملأ غرفتها بمستشفى القوات المسلحة بالذكريات الجميلة، وأخيرها تكريمها عن أحد أعمالها الوطنية والتى ربما لم يحن بعد الإفصاح عنها. لذلك لم يكن تكريم الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، لنادية لطفى، وتقليدها وسام القدس، بمستشفى المعادى العسكرى، إلا تقديراً لمشوارها الوطنى والفنى الطويل، ويشهد لها الشاعر الفلسطينى الشهير (عزالدين المناصرة) بأنها كانت امرأة شجاعة عندما زارتهم خلال حصار بيروت عام 1982. وبقيت معهم طيلة الحصار حيث خرجت معهم فى (سفينة شمس المتوسط اليونانية) إلى ميناء طرطوس السورى، والجميل أن التكريم تصادف مع احتفالها بعيد ميلادها الـ 82 والذى احتفلت به مؤخراً.

بولا محمد مصطفى شفيق الاسم الحقيقى، والذى ربما تكشف الأيام عما يحويه من أعمال رائعة، المولودة لأب مصرى أخذت منه وطنيتها وإنسانيتها وأم بولندية منحتها هذا الجمال المختلف والوجه الصبوح الندى، والمكتشفة من المخرج رمسيس نجيب وهو من قدمها للسينما، وهو من اختار لها الاسم الفنى (نادية لطفى) اقتباساً من بطلة نادية فى «لا أنام» للكاتب إحسان عبدالقدوس، والذى قدمت من تأليفه أعمالاً عدة.. نادية لطفى إنسانيتها تفوق البشر فإذا كان البعض يعلم كم كانت تحب كلبها وتعتبره صديقاً، فقد لا يعلمون أنها كانت من المنضمين إلى «جمعية حماية الحمير» التى تأسست فى 1930 وكان رئيسها الفنان الراحل زكى طليمات، ومعها انضم فنانون وصحافيون وكتاب مشاهير، كطه حسين وعباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم، والسيد بدير وأحمد رجب وغيرهم.

مشوار نادية لطفى ملىء بالعديد من الأعمال الرائعة ومنها «السمان والخريف» المحول إلى عمل سينمائى فى العام،1967، حيث أدت باقتدار شخصية ريرى باعتبارها ضحية اجتماعية، تماماً كما سبق أن قدم نجيب محفوظ نور فى صورة الضحية فى اللص والكلاب؛ ولكم كانت مبهرة فى تجسيد التصاعد الدرامى لشخصية ريرى عندما آتتها الفرصة للبدء من جديد حياة شريفة بعيداً عن ماضيها الملوث، فتمسكت بالفرصة ولفظت الماضى. إنها فى هذا العمل حولت ما رسمه كاتب السيناريو والحوار أحمد عباس صالح، إلى واقع يتحرك على الشاشة لنموذج الضحية للمجتمع الذى ظلمها كما توضح هى ذلك من خلال سردها لحكايتها فى الليلة الأولى لها مع عيسى الدباغ، وعندما يغدر بها عيسى بنرجسيته الطبقية والعاطفية رغم أنها لم تكن تريد سوى حياة عادية. لهذا لم يحل فارق السن دون قبولها بالزواج من رجل يصونها ويوفر لها حياة كريمة، وهى إذ تتحول إلى زوجة ثم إلى أم لطفلتها الوحيدة لتستقيم؛ لتؤكد أن بائعة الهوى من أجل الخبز والمأوى ولكنها فى حمى الزوج استردت إنسانيتها الضائعة وكرامتها المهدرة‏..‏ حتى لو كان الزوج شيخاً لتزهد فى الإثم، ‏إلى جانب أنها وعت الدرس عندما غدر بها عيسى ولم تنس فلما عاد ذليلاً صفعته بالكلمة النافذة ونهرته بالإشارة الواعية‏، وكأن نادية لطفى انتصرت للمرأة فى قصة‏ (السمان والخريف‏)‏.

أما فى النظارة السوداء قدمت نادية لطفى شخصية المرأة التى تفضّل أن تكون جميلة أكثر من أن تكون ذكية لأنها تعلم أن الرجل يرى بعينيه أكثر مما يفكر بعقله، لم تكن تعرف ما هو الحب، وأنه أسمى من الجسد.. إنه الروح.. إنه الحنان، إنه الفكرة، إنه المعنى، إنه الإنسانية.. لم تكن تعرف أو تفهم شيئاً من هذا، ولكنها عندما تحولت إلى امرأة أخرى تماماً، امرأة كانت تعيش فى محراب الجمال الكامل وهى تحس بتفاصيل هذا الجمال وتستخدمه أسوأ استغلال بأن تجعله بضاعة معروضة، ولكن عندما أحبت تستعيض عن هذا النقص بإشعال عواطفها بالحنان الذى تسبغه على رجلها، وبالذكاء الرقيق الذى تعامله به، وبالليونة الناعمة التى تقنعه بها أنه سيدها، ومعلمها الذى ينير لها الطريق أنها امرأة منحها الحب ميلاد جديد، خاصة أن ماجى فى الرواية أوقعها الحب فى طريق رجل كان دائماً من أنصار التقاليد القديمة التى تحرم على المرأة أن تشارك الرجل طعامه حتى لو كانت زوجته، لا لأنها تقاليد تحط من قيمة المرأة، بل لأنها تصون المرأة من أن تبدو أمام رجلها فى شكل منفر.. شكل حيوان يأكل ويلتقط الطعام بشفتيه ويمضغه بأسنانه، فى حين أن الشفتين لم تخلقا إلا للقبل، والأسنان لم تخلق إلا للابتسام. «ماجى» فى هذا العمل أصبحت بمثابة الجوهرة الأكثر قيمة من تكون امرأة تنزه نفسها مما يعاب، لتصبح كالمرأة الصالحة التى تتحول إلى أمنع الحصون التى تحمى حتى الرجل ذاته وتنقذه من الخطيئة حسام الدين مصطفى هو بلا شك مخرج التحولات فى حياة نادية الفنية، الذى وضعها فى المقدمة بعد نجاحها المدوى لفيلمها «النظارة السوداء» (1963)، أما فيلم «حبى الوحيد» كانت نموذجاً

فى كواليسه للشخصية الرائعة عندما لم تهتم بوضع اسمها على الأفيش قبل عمر الشريف، إلى جانب أنها قامت ببطولة فيلم أنتجه كمال الشناوى «أيام بلا حب» لأن كمال الشناوى خسر أموالاً كثيرة عندما أصرّ على إنتاج فيلم «طريق الدموع» الذى عرض فى الموسم (1961)، وتمنت أن ينجح هذا الفيلم ويحقّق مكاسب مالية كبيرة؛ وهذا ما حدث.

 وقدمت شخصية بديعة مصابنى الراقصة الأشهر فى تاريخنا المعاصر، والأكثر إثارة للجدل قامت نادية لطفى بدور بديعة باقتدار من أحداث خطيرة مرت بها منذ حادثة اغتصابها، وانتقالها إلى مصر، وكيفية دخولها مجال الفن، حيث مارست الرقص الاستعراضى فى السينما والمسرح، من ثم افتتحت كازينو بديعة، من وقصة حبها وزواجها من الممثل الكوميدى نجيب الريحانى، من بعد وتعرضها للخيانة من ابن أختها، الذى يتلقى أموالاً لقاء إفشال وإفلاس كازينو بديعة. وأخيراً تترك مجال الفن، وتعود إلى بلدها الأم لبنان لتموت. فيلم «المستحيل» لحسين كمال (1965)، من الأفلام المهمة التى عالجت مشكلة اجتماعية نفسية حيث لعبت دور زوجة الجار التى أخذت مكان أختها بزواجها هذا، والذى كان خارجاً عن إرادتها. وتعيش أيضاً حالة نفسية عصيبة. فتلتقى مع جارها كمال الشناوى فى علاقة، وكل منهما يعيش هذا السأم، إنها علاقة عاطفية غير طبيعية، فالمأساة التى يعيشانها هى التى جمعتهما. فكل منهما لم يختر حياته، تلقاها جاهزة ولم يساهم فى خلقها. يحاولان أن يتغلبا على كل هذا إلا أنهما يصدمان بالمستحيل، بالواقع المفروض على كل منهما. وفى «الخائنة» لكمال الشيخ مع محمود مرسى وهو أهم أفلام الدراما النفسية المعتمدة على الشك وأكثرها اكتمالاً، لا سيما وهو مبنى درامياً على عمليتى شك مركبتين؛ شك أدته بنعومية وخوف إلهام (نادية لطفى) فى خيانة زوجها أحمد (محمود مرسى) لها، وهو الشك الذى يوصلها للوقوع فى الخطأ، لينقلب الشك داخلها إلى شعور بالذنب، بينما يتصاعد الشك فى نفس أحمد ليدفع الدراما تدريجياً إلى النهاية المأساوية التى يقتل فيها رجل حكيم يحترمه الجميع زوجته فى ثورة جنون. وتبدع فى مشاهد فيلم «قصر الشوق» لحسن الإمام، بالتحول من راقصة إلى زوجة لشخص ضعيف الشخصية. وفى «على ورق سوليفان» الفيلم المصرى إنتاج عام 1975، وقصة يوسف إدريس، وإخراج حسين كمال. تعانى قسمت من زواجها الرتيب، فتلقى بنفسها وسط المجتمع، إلى أن تتغيَّر حياتها تماماً حينما تتعرَّف على هشام الشاب المتفتح ولكنها لا تقع فى الخطيئة وتعرف الحد الفاصل الذى يمنعك عن الخيانة، وفى الواقع أن نادية لطفى لها علاقة قوية مع الكاتب والأديب يوسف إدريس، حيث تعرفت عليه فى الستينات وجمعهما حب قراءة الأدب، و«الطاولة» معاً، وقدمت له عام 1968 فيلم «3 قصص» القصة الثانية «5 ساعات» التى كتبها يوسف إدريس وأعد لها السيناريو والحوار بكر الشرقاوى، وشاركها بطولته محمود المليجى وأخرجه حسن رضا. وبعد هذا الفيلم بستة أعوام، قدمت له قصة جديدة عبر فيلم «قاع المدينة» التى أعدها أحمد عباس صالح وأخرجها حسام الدين مصطفى، ولعبت البطولة أمام محمود ياسين ونيللى، ثم «على ورق سوليفان» مع المخرج حسين كمال الذى يعد علامة مميزة فى أفلام نادية لطفى.، وفى «المومياء» لشادى عبدالسلام، يكفى حركتها المدروسة فى المكان بالعيون الفرعونية لتكون أحد أسباب عالمية الفيلم.