رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حنان أبوالضياء تكتب: جريمة الإيموبيليا.. قماشة درامية لم يتم استغلالها!

مشهد من فيلم جريمة
مشهد من فيلم جريمة الإيموبيليا

من أسوأ ما شاهدت فى الآونة الأخيرة فيلم «جريمة الإيموبيليا»، خاصة مع الدعاية المصاحبة له وعلى رأسها أنه عرض ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وهذا فى حد ذاته يضمن للمشاهد الحد الأدنى من المقومات الفنية!، ورغم أننى لا أفضل التعامل مع كلمة الأسوأ، والأفضل وأنا فى صدد كتابة نقد فيلم، ولكن تلك الشحنة السلبية التى أصبت بها جراء مشاهدته وإحساسى بأن هناك غشاً فنياً وقعت فيه دفعنى دفعاً إلى هذا التوصيف بداية من أن العمل لم يشر أن التيمة الدرامية للأحداث مقتبسة من دكتور جيكل ومستر هايد تلك الرواية الخيالية للأديب الأسكتلندى روبرت لويس ستيفنسون المنشورة لأول مرة فى لندن عام 1886، والمبنية على فكرة الصراع بين الخير والشر داخل الإنسان.

وبالطبع «دكتور جيكل ومستر هايد»، من أشهر قصص الرعب فى العالم، وقد كانت موضوعاً لأفلام كثيرة، ودخل تعبير «شخصية من جيكل وهايد» نسيج الحياة العامة للناس حول العالم، بحيث يصف الشخص الذى يعيش حياة مزدوجة ظاهرها الخير وباطنها الشر.

ولقد أنتجت السينما العديد من الأعمال مستندة إليها عام 1931 ومثل فيه فريدريك مارج، وحصل من خلال هذا الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل عام 1932 وهذه النسخة أنتجت عام 1941 من بطولة سبنسر تريسى ولانا تيرنر وإنجريد بيرجمان، وتوالت الأفلام المأخوذة عنه عالمياً وفى السينما المصرية، ورغم أن فيلم «جريمة الإيموبيليا» يشير فى البداية عن طريق الراوى أن الأحداث ربما تكون حقيقية، بل وإن مخرجه خالد الحجر، صرح بأن فكرة الفيلم مستوحاة من قصة حقيقية عن جريمة قتل وقعت فى الطابق الخامس فى عمارة «الإيموبيليا» بمنطقة وسط البلد بمحافظة القاهرة عام 1995، وأن شخصاً أجر شقة فى العمارة والسمسار أحضر له سيدة تعمل بها، وحدث بينهما علاقة جنسية، وبدأت تساومه على أموال فقتلها، والسمسار حاول الدفاع عنها فقتله وهرب من الشقة، ومع ذلك فإن المحتوى الدرامى مبنى على الصراع بين الخير والشر المتواجد فى الرواية وليس على الجريمة الانفعالية الناتجة من تصرف لحظى كما فى الجريمة التى يشير إليها المخرج!

وأعتقد أن الربط بينهما كان فقط لاستخدام «عمارة الإيموبيليا» كوسيلة لإعطاء قدر من الأهمية للأحداث، خاصة أنه أصر فى بداية الفيلم وأثناء الحوار بين الممثلين إلى الإشارة الى أن تلك العمارة عاش فيها عدد كبير من المشاهير، بينهم الفنانة ليلى مراد ونجيب الريحانى ومحمد فوزى وأسمهان وكاميليا وهنرى بركات، والمخرج كمال الشيخ والمخرج حلمى حليم، بل إنه قام بإضافة صور لهؤلاء الفنانين على جدران الشقة!

ولأن هانى عادل جسد شخصية مؤلف ضمن أحداث الفيلم، وهو دور محورى بنيت عليه الأحداث وجعل منه مريضاً مصاباً بالهلاوس السمعية وهى بالطبع عرض وليست مرضاً، ولكنه تصبح مرضاً كما فى حالة البطل لأنه مصاب بالاكتئاب والفصام، فنحن نرى البطل فى مشاهد عدة يسمع أحد يأمره بفعل شىء معين أو يشتمه بمضمون به تحقيراً للذات، وشتائم وسخرية من التصرفات، والصوت يأتى من الداخل إلى الخارج، ولأن مضمونها شتائم

تسفه من قدراته بذلك يكون البطل يعانى أيضاً من مرضى الفصام.

وللأسف أن أداء هانى عادل للشخصية كان سيئاً للغاية والانفعالات مباشرة مما يدل على أن المخرج تركه يفعل ما يريد دون أدنى تدخل، وأنا أميل لهذا الرأى لأن معظم الأبطال كانوا فى أسوأ حالتهم ولا أستثنى من هذا أحداً، ناهد السباعى، طارق عبدالعزيز، دعاء طعيمة، يوسف إسماعيل، منحة زيتون، لطيفة فهمى، حسن حرب، ياسمين الهوارى، على خميس، وعزمى داود، وأحمد عبدالله محمود.

وأنت فى فيلم «جريمة الإيموبيليا» أمام قماشة درامية لم يتم حتى معرفة قواعد استغلالها بداية من موقع التصوير الذى اكتفى به المخرج بعمل عدة لقطات من البلكونة للشارع، بل أن العمل غلب عليه الحوار أكثر من رؤية صورة سينمائية جميلة ومدروسة، والغريب أن الحوار نفسه كانت به عيوب قاتلة وبالأخص مع ترديد الناشر على سمع المؤلف أن عليه إنهاء الرواية التى يكتبها، دون الانتباه أن الظرف النفسى لكليهما لا يسمح بهذا الحوار، والخلل واضح من البداية فى البناء الدرامى للشخصيات، ويجعل المشاهد يعلم ما ستأتى به الأحداث، وأن هناك ربطاً ما بين الخادمة وما يحدث، بل إنه تجاوز فى عدم المنطقية عندما جاءت الخادمة إلى منزل المؤلف فى الثالثة صباحاً لتخبره أن زوجها لم يعد للبيت، وزيادة فى تعذيب المشاهد كان أدائها فى هذا المشهد خارج أطر المنطق وقواعد الانفعال النفسى والأداء التمثيلى المتعارف عليها!

وفى فيلم «جريمة الإيموبيليا» حدث ولا حرج عن المط والتطويل فى الأحداث والمشاهد التى كان يجب التخلص منها فى المونتاج وعلى رأسها مشاهد عيد ميلاد أبنة الناشر بأكملها!.. بل إن بطل الفيلم نفسه خرج عن أطر شخصيته التى تعانى من الاكتئاب وقام بتغيير ملابسه وحلق ذقنه!

وفى النهاية يبقى من حق صانعى فيلم «جريمة الإيموبيليا» تقديم فيلم تجارى بكل مشهياته بداية من التايلر، وانتهاء بمشاهد تقطيع الجثة البشعة، ولكن ليس من حقهم مجرد التفكير فى المشاركة فى مهرجان سينمائى حتى ولو كان خارج المسابقة.