رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

منازل ومقتنيات كبار المبدعين تحتاج إلى تدخل جراحى من «الثقافة»

بوابة الوفد الإلكترونية

كتب: أمجد مصطفى

 

«هنا عاش» هو اسم المشروع الذى أطلقه جهاز التنسيق الحضارى، التابع لوزارة الثقافة، بهدف تكريم رموز مصر من المبدعين والمفكرين، من خلال تركيب لوحات على المنازل التى عاشوا فيها، والمشروع من الناحية العملية يعد من أهم مشروعات التوثيق لتاريخنا بصفة عامة، قبل أن يكون نوعاً من أنواع التنسيق الحضارى، خاصة أننا فى مصر عانينا سنوات طويلة من تجاهل وتهميش تاريخ المبدعين المصريين، بدرجة تهدر حقوقهم لما قدموه لهذا الوطن الذى كان وما زال يمثل قبلة المبدعين فى العالم العربى.

ورغم أهمية هذا المشروع، إلا هناك بعض السلبيات التى قد تشوه المشروع برمته، وظهر هذا التشويه فى لوحتين من اللوحات التى تم تركيبها على منزل اثنين من المبدعين وهما الصورتان الأولى للوحة بشكل يؤكد عدم وجود تنسيق حضارى من الأساس، أما اللوحة الخاصة بنجيب محفوظ صاحب نوبل فتم تركيبها، ويبدو حولها خطوط حمراء نتيجة كتابة قديمة على الحائط، وهو أمر يؤكد أن المشروعات الكبيرة من هذه النوعية يوكل تنفيذها لعاملين لا يقدرون قيمة وأهمية المشروع، والشىء الثانى يؤكد أنهم لا يعرفون اصحاب هذه المنازل، أما الشاعر فؤاد حداد فأسفل اللوحة إعلان لأحد محلات الأدوات الكهربائية. أما سيد حجاب فكان نصيبه من الإعلان أحد العاملين فى مجال تركيب «الدش».

وبمناسبة «هنا عاش» علينا أن نتذكر منازل كبار المبدعين وبعضها أهمل وتهدم وتحول إلى مقلب قمامة فى منزل سيد درويش بالإسكندرية وبعضها تحول إلى مخزن للملابس مثل منزل مارى منيب فى مصر الجديدة، ومنهم من هدم مثل منزل السيدة أم كلثوم بالزمالك الذى تحول إلى فندق، ومنزل محمد الموجى بالعباسية الذى حرق مما جعل الأسرة تعيده إلى مالكه، ومنزل أحمد رامى الذى سقطت جدرانه وهو تابع لحى حدائق القبة، أما منزل الموسيقار محمد عبدالوهاب الذى ولد فيه بمنطقة باب الشرعية فتحول إلى محل بقالة، بينما تنازل الورثة عن منزله فى الزمالك لصاحب العقار.

الأزمة أننا نعانى شهوة الهدم والبناء، ولهذا الأمر خطورته فى أكثر من اتجاه، الأول أننا نفقد ثروة عقارية تعود إلى عهود سابقة كان البناء فيها على الطراز العالمى الفريد، وبالتالى فنحن بهذا نفقد طرزاً معمارية غاية فى الجمال، والثانى أننا نفقد جزءاً كبيراً من تاريخنا المتمثل فى هذه المنازل التى شهدت ميلاد الإبداع المصرى الذى ما زلنا نحيا بفضله ونعيش على ذكراه، الأزمة أننا نعيش عصر أباطرة العمارات الذين يهدمون أى شىء وكل شىء من أجل التربح، كم من المنازل تم تسقيعها وتركها حتى تساقطت جدرانها من شدة الإهمال.

دون أن تنتبه الدولة لهذا الأمر، فهذه الأماكن فى كل دولة العالم تحولت إلى مزارات سياحية، بيتهوفن فى ألمانيا منزله يزوره ملايين السياح كل عام، وفى النمسا منزل موتسارت على مقدمة خريطة السياحة لهذه الدولة ونحن لدينا أسماء لا تقل فى إبداعها عن تلك الأسماء فى أوروبا وبالتالى يجب أن يعاملوا نفس المعاملة.

وهناك دول من فرط اهتمامها بالرموز تهتم بالغرف الفندقية التى حلوا عليها كضيوف، بوضع اسم الضيف على الغرفة أو يتم صنع لوحة شرفية داخل الغرفة تقول

إن الفنان أو الأديب أو السياسى نزل فى هذه الغرفة فى الفترة من «كذا إلى كذا»، هذا هو الاهتمام الحقيقى بالرموز.

ولو تركنا منازل المبدعين وذهبنا إلى إبداعهم الذى تركوه فى منازلهم تأكله الأتربة وتسكنه الحشرات، فهناك عشرات من الأغانى تركوها لدى ذويهم، وكم من أسرة طالبت الدولة متمثلة فى وزارة الثقافة للحصول على هذه الكنوز ولم تجد أى رد من أحد، أسرة محمد الموجى لديها كل تراثه، والموجى الصغير طالب عن طريق الصحف والبرامج التليفزيونية وزارة الثقافة بالحصول على أعمال والده، وحفظها بشكل علمى، وهناك أعمال أخرى لدى أسر أخرى.

أعمال كبار المبدعين هى ثروة قومية ملك الدولة وبالتالى عليها أن تحافظ عليها، حتى تكون مرجعاً للأجيال القادمة، التى فاتها هذا العصر، كما أنها تمثل أحد مصادر الدخل القومى فى حالة إعادة نشرها بالشكل الذى يليق بمبدعيها، وعلى الدولة ألا تكرر ما حدث فى أرشيف السينما الذى ذهب لإحدى الشخصيات العربية، وأصبح المصرى مطالباً بأن يذهب إلى قناته لكى يشاهد أحد أفلامه القديمة، بل والأكثر من هذا أن التليفزيون المصرى، فى أحيان كثيرة لا يجد أفلاماً يعرضها عند ذكرى بعض كبار فنانينا، وهذه مصيبة كبرى، وبالتالى إذا لم تتحرك الدولة تجاه بعض أعمال كبار مبدعينا المركونة فى مخازن الأسر، فسوف تذهب إلى أى جهة، وفى هذه الحالة لا تلوموا أبناء وأحفاد الفنانين.

أيضاً مقتنيات الفنانين من آلات موسيقية ونوت مكتوبة لأعظم الألحان، إلى جانب بعض ميداليات التكريم التى حصلوا عليها سواء من مصر أو من دول عربية وأجنبية كل هذه الأشياء الثمينة يجب أن توضع فى متحف كبير، يليق برموزنا الفنية التى سطرت تاريخ الفن العربى.

دول كثيرة فى العالم تتباهى بتراثها ومبدعيها، والدول تقاس أهميتها وفقاً لما قدمته للبشرية من إبداع، ومصر قدمت للعالم الكثير والكثير فى شتى المجالات خاصة فى الفن «موسيقى وسينما ومسرح ودراما»، وبالتالى علينا أن نكون حريصين على تراثنا، خاصة أن الأجيال الحالية لا تقدم إبداعاً يمكننا أن نتباهى به الآن أو فى المستقبل.