عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل أخلصت السينما العربية للقضايا السياسية؟

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - صفوت دسوقى:

يؤمن الكثير من المبدعين بقيمة الفن وقدرته على التأثير والتغيير.. فهو القوة الناعمة التى تغير المعالم وتصحح الأخطاء دون أن تسيل دماء أو تحطم منزلاً حسبما يرون.. ولكن يبدو أن السينما التى تعتبر أبرز روافد الإبداع، وصوت المواطن بدأت تنحرف عن مسارها وتأخذ منحى آخر، فبالبحث فى أرشيف السينما على مدار الأعوام السابقة القليلة، نجدها لم تشارك أو تساهم فى حل القضايا السياسية المهمة التى كانت وما زالت تتبوأ أحاديث الساعة، وما يُطرح على الساحة الآن بعيد كل البعد عن هموم المواطن العربى.. أبرز مثال على ذلك «القضية الفلسطينية» التى ما زالت قائمة والصراع بين العدو الإسرائيلى والشعب الفلسطينى صاحب الأرض والحق لا يهدأ إلا ليشتعل من جديد، وقرار دونالد ترامب رئيس أمريكا الأخير بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ذلك القرار الذى أوجع أوطاناً بأكملها لا تنام ولا تهدأ بسببه، فى حين اكتفَ صناع السينما بالشجب والإدانة فقط، حيثُ لم نرَ فيلماً عربياً واحداً يوثق عروبة القدس.

وهنا يطرح تساؤلات عدة، هل فشلت السينما فى الدفاع عن القضية لأن الأفلام التى تناولت القضية ضعيفة وقليلة؟.. أم أن نوايا المبدعين لم تكن جادة عندما تناولت القضية!، أم تردد المنتجين من تناول هذه النوعية من القضايا خاصة أنها دائماً ما تفشل فى جذب شباك التذاكر.. كذلك قضية الإرهاب التى طالت وتشعبت فى عالمنا العربى، وبالرغم من تناولها فى العديد من الأفلام والأعمال الدرامية، لكنها ما زالت حاضرة وموجودة تؤلم أوطاناً وتكسر قلوب أسر.

فى هذا التحقيق نحاول أن نعرف مدى إخلاص السينما العربية للقضايا السياسية فى عالمنا العربى مثل الإرهاب، والقدس، والقضية الفلسطينية.

فى الموضوع تحدث الفنان السورى جمال سليمان قائلاً: سوف أتحدث عن نفسى بغرور ولا تندهش من ذلك فقد قدمت مسلسلاً بعنوان «التغريبة الفلسطينية» وهذا المسلسل من وجهة نظرى يساوى مائة فيلم سينمائى، فقد ناقش الفيلم القضية بشكل صادق ومباشر، ولذا حقق العمل نجاحاً كبيراً وبات محفوراً فى وجدان المشاهد العربى.

وأضاف: لكن إذا أردت معرفة مدى إخلاص السينما العربية للقضية الفلسطينية فيجب أن تسأل نفسك أو أى مشاهد عربى عن أسماء الأفلام التى اقتربت من القضية وتركت تأثيراً، أتحداك أن يتذكر المشاهد أسماء 3 أفلام، بكل أسف هناك تقصير فى تناول القضية، وكثيراً أسأل نفسى هل يعجز العالم العربى بكل مقوماته وموارده عن تقديم عشرة أفلام عالمية عن القضية بكل أبعادها، الغرب يدرك قيمة الفن وفى عالمنا العربى نهدر مليارات فى أشياء ساذجة لا قيمة لها، ونهمل السينما وقدرتها على التأثير، إذا أردنا أن نكسب ود الغرب فعلينا تقديم سينما جادة تدافع عن الإسلام وتدافع عن فلسطين وتنصف القضية.

الناقد طارق الشناوى يرى أن السينما العربية قدمت محاولات جادة، لكن السينما المصرية قصرت فى حق القضية الفلسطينية وقد تحدث فى الموضوع قائلاً: يضم أرشيف السينما العربية مجموعة من الأفلام المهمة التى دافعت عن القضية الفلسطينية وحاولت إنصافها، نذكر منها فيلم «الجنة الآن» للمخرج الفلسطينى هانى أبو أسعد، والذى حصل على جائزة الجولدن جلوب ورشح للمنافسة على جائزة الأوسكار، وكذلك فيلم «عمر» لنفس المخرج، وقدم المخرج المصرى يسرى نصر الله فيلم مدته 4 ساعات بعنوان «باب الشمس» ويصنف هذا الفيلم كفيلم أجنبى وليس مصرياً لأن جهة الإنتاج أجنبية.

وأضاف الشناوى: أتصور أن السينما العربية تضم محاولات جادة ولكن السينما المصرية لم تنصف القضية الفلسطينية ولكن يوجد مخرجون من فلسطين وسوريا قدموا أعمالاً تستحق الإشادة والتقدير.

وفى سياق متصل قال المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوى، والذى قدم مؤخراً فيلم «الكتابة على الثلج» تطرق فيه للقضية الفلسطينية: الفن بالفعل قوة مؤثرة ولكن يجب أن يكون لدى المبدعين إلحاح فى تناول القضية، توجد تجارب سينمائية جادة ومؤثرة ولكن يجب تكثيف هذه المحاولات لإحداث تأثير، لأن القضية الفلسطينية والصراع العربى - الإسرائيلى صراع صعب ومعقد وعمره طويل، وما زالت مؤمناً بقدرة وقوة الفن فى التغيير والتأثير.

كما علق إبراهيم أبو ذكرى رئيس اتحاد المنتجين العرب على الموضوع قائلاً: لا خلاف أن القضية الفلسطينية أداة خصبة للأدباء والمبدعين، ولا خلاف أيضاً أن السينما العربية قدمت أفلاماً مهمة وجادة حولها، ولكن أرى أن عدد الأفلام لا يتناسب مع قيمة وخطورة القضية، ففى السنوات الأخيرة سيطرت على السينما موجة الأفلام التجارية والتى يهدف أصحابها إلى الربح فقط، على المنتجين الجادين العودة للساحة وتقديم أفلام لها بُعد عربى، أفلام تناقش الصراع العربى - الإسرائيلى والاقتراب من تفاصيل القضية بشكل قوى ومباشر، وعن نفسى أعترف بأن القضية الفلسطينية ظلمت فى الفترة الأخيرة، خاصة فى وسائل الإعلام ورغم ذلك أنا متفائل بأن القادم سيكون أفضل، خاصة أن الساحة تضم مخرجين كباراً أمثال هانى أبوأسعد ومشهراوى ويسرى نصر الله وحاتم على.

وتابع أبو ذكرى حديثه: المشكلة أن الأفلام التى تتناول قضايا سياسية أو وطنية لا تجذب شباك التذاكر، لذا لا تثير حماس شركات الإنتاج، الأفلام ذات الأبعاد السياسية والوطنية تحتاج إلى منتج مؤمن بالقضية ولديه إيمان بها.

الفنانة الكبيرة صفية العمرى تحدثت أيضاً فى الموضوع، قائلة: الفن هو القوة الناعمة بالفعل ولا يستطيع أحد إنكار ذلك، ولكن إذا أردنا إحداث تغيير فيجب أن نقدم العديد من الأفلام التى تركز على الهدف، والسياسة صعبة وموضوعاتها شائكة، وأكبر دليل على ذلك قضية مثل الإرهاب الدينى التى سيطرت وفرضت نفسها بقوة على عالمنا العربى من المحيط إلى الخليج، وقد تناولتها السينما العربية بشكل كبير ولم تقصر الدراما العربية تجاه نفس القضية، ولكن حتى الآن ما زال الإرهاب موجوداً فى عالمنا العربى، وهذا لا يعنى أن ييأس المبدعون وأن يرفعوا رايات الاستسلام ولكن عليهم الإصرار والإلحاح من أجل تغيير الأفكار الهدامة، والدفاع عن القضايا الصعبة التى طالت مجتمعنا وأصبحت تشكل عائقاً كبيراً أمام عمليات البناء والتنمية فى عالمنا العربى.