رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«شكل الماء» سيمفونية سينمائية رائعة

بوابة الوفد الإلكترونية

 

كتبت - حنان أبوالضياء

تحفة سينمائية رائعة ستنال قسطًا وفيرًا من الجوائز فى عام 2018، سينما تجعلك تحلق فى فضائيات لا تعرف سوى الجمال وأطروحات فكرية متجددة، إنه عام السيطرة الحقيقة لفيلم «The Shape of Water»(شكل الماء) الخليط من الرومانسية والرعب على الطريقة الأمريكية. الفيلم للمخرج المبدع «جييرمو ديل تورو» الباحث عن الجديد دوما فى الأفكار والمعالجة الدرامية والفنية والبطولة لسالى هوكينز ومايكل شانون وريتشارد جينكينز ودوج جونز وأوكتافيا سبنسر؛ وكل واحد فى هؤلاء فى حد ذاته قيمة فنية ذات نكهة مختلفة.. الفيلم يسرد حكاية خيالية جرت أحداثها خلال حقبة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى السابق، وفى إحدى المعامل فائقة السرية التابعة للحكومة، حيث تعيش إيليزا حياة كاملة من الوحدة والصمت داخل المعمل، وتتغير حياتها للأبد حينما تكتشف مع زميلتها زيلدا أمر تجربة علمية شديدة السرية، الفيلم سبق له أن حاز جائزة «الأسد الذهبى» فى مهرجان. عندما سألت سالى هوكينز عن «شكل الماء» وسبب اختيارها الفيلم، أجابت: «أحببت (شكل الماء) بالقدر الذى أحببت به الفرصة التى سنحت لى لكى أمثل الدور والذى يعطينى الأمل بإنجاز (توقعات عظيمة)». وأضافت: «الفيلم هو الذى سعى إلىّ. كنت التقيت مع دل تورو فى مناسبة سينمائية وعرض عليّ المشروع، وقبلته بلا تردد». وأكدت أنها تفضل دائمًا أفلامًا تقوم على روايات أو مصادر أدبية؛ ومع هذا تنوع الأدوار من ضرورات مهنة التمثيل.

وفى الحقيقة أن فيلم «شكل الماء» للمخرج المكسيكى جييرمو ديل تور يأخذك إلى عوالم مختلفة بعيداً عن أفلام المغامرات والعنف فى منطقة لا تقترب منها هوليوود كثيراً، بعناصر وجماليات ذات مستوى فنى وإنسانى راقى من خلال سيناريو مميز ومختلف يملك صانعه قدرًا كبيرًا من الذكاء القادر إلى السمو بك فى مناطق ذات رؤى فكرية وبصرية مبهرة، وبالتالى عليك التعامل معه بنفس الحماس الذى قابلت به فيلمه «متاهة بان Pan’s Labyrinth» عام 2006. فأنت فى «The Shape of Water» مقدم على فانتازيا ستغوص فى أعماقك وتطرح عدة أسئلة على مستويات فكرية مختلفة؛ كن منتبهًا للإجابة عنها، فالسينما هى المفكر والفيلسوف الخاص بك! وهذا ما سيحدث لك عندما تعود إلى الستينيات من القرن الماضى، وتتوحد إنسانيا مع حياة الفتاة البكماء إيليزا «سالى هوكنز» العائشة بشكل هامشى على جانب الحياة الوحدة رفيقها الدائم فى شقة يسكن إلى جوارها فنانا كهل يدعى جيلز «ريتشتارد جنكنز»، يعد بقوانينها صديقها الوحيد إلى جان صديقتها فى العمل زيلدا «أوكتافيا سبنسر». ومن خلال الحوار بين الصديقتين ننفذ إلى عالم ملىء من المعاناة ولكن لا نملك أمامه سوى الضحك، فأنت هنا أمام معالجة من السيناريست كما يتعمد كتاب السيناريو على أن يجعلوا هناك كوميديا فى الموضوع ولكن سوداء، بمعنى أنها تعتمد على الشىء الذى يؤلمك وتدفعك للضحك، لذلك فهى كوميديا ليست بالسهلة ولا بد أن يكون المختص بتناولها شخص متمكن، وهذا ما فعله السيناريست من خلال الحوار المستمر بين الصديقتين خلال عملهما كخادمتىّ تنظيف فى مؤسسة للفضاء. وخاصة عندما تشتكى زيلدا من زوجها العاطل عن العمل. أننا أمام عمل لا يغوص فقط فى أعماق الشخصيات ولكن يتفاعل معها ويترك لك الخيار فى تحديد موقفك منه، وبالأخص البطلة إيليزا والكائن الخرافى فالعلاقة هنا بقدر ما بها من مخاطرة، لكنها تستحق، لأنها تعطى لها الدافع الأساسى لتغيير حياتها والإحساس بمعنى ومغزى الحياة. وبالطبع كان هناك استعراض فى البداية لحياة أبطال الفيلم لتكون فى حالة تهيئة للتعامل مع الفكرة ومغزاها عند إحضار الشحنة الغامضة والمتمثلة فى كبسولة ضخمة مليئة بالماء يصدر منها أصوات مرعبة ومخيفة تؤكد أن هناك فى هذا المجهول كائنًا ما؛ ولن يفك اللغز إلا إنسان مفعم بالفضول ربما لن حياته ليس بها ما يجعله يتمسك بها؛ ليتم اكتشاف هذا الكائن الوحشى البرمائى المعتدى على الكولونيل ريتشارد «مايكل شانون» المسئول الحكومى المكلف بحراسته، ويبدأ التفاعل الفعلى بطلب أحد العلماء من إحدى الخادمتين تنظيف آثار الدماء فى بركة مياه؛ وهنا تنشأ الصداقة الخاصة جداً مع هذا الكائن المخيف، لينضم بصورة أو أخرى إلى قائمة أفلام الخيال العلمى التى بدأت

عندما قام المخرج جورج ميليس بصناعة فيلم الخيال العلمى القصير A Trip to the Moon عام 1902؛ لتصبح سينما الخيال العلمى الآن أكثر إبهارًا مع التطور الكبير فى التقنيات البصرية ومع ميزانيات الهائلة؛ ليؤكد ديل تورو فى هذا العمل وأعماله السابقة بأنه جدير إلى الانضمام إلى صنع أفلام الخيال العلمى العظماء أمثال كستانلى كوبريك، كريستوفر نولان، تيرى جيليام، ريدلى سكوت، جيمس كاميرون، جورج لوكاس، روبرت زيمكيس مبتكر سلسلة أفلام Back to the Future وجى. جى. أبرامز وبالطبع على رأس هؤلاء أستيفين أسبيلبيرج. ونحن فى هذا الفيلم يضاف إلينا جماليات المشاعر الإنسانية المتضافرة مع فكرة غاية فى الفانتازيا، وخاصة فى المشهد الذى تسد فيه إيليزا منافذ الحمام وتملؤه بالماء ليبلغ السقف، لتعيش فى عالم من تحب وحتى وإن كان كائنًا خرافيًا!. وفى مقابلة صحفية قال ديل تورو: «كنت على وشك الموت خلال تصويرى للمشهد الذى يركن فيه الكولونيل ريتشارد سيارته الفاخرة. وللأسف لم يضبط شانون كوابح السيارة فإذا بها تنحدر باتجاهى».. هذا العمل المذهل كتبه ديل تورو مع جون بريون وتوماس آندرسون. وهذا العمل يعد من العلامات الفارقة فى حياة سالى هوكينز التى بدأت مشوارها الفنى عام 2000 من خلال مشاركتها فى عدة مسرحيات مثل (Much Ado About Nothing) و(A Midsummer Night's Dream). كان أول ظهور لها على الشاشة من خلال فيلم (All or Nothing) عام 2002، تبعها مشاركتها فى فيلم (Layer Cake) عام 2004. رُشحت لجائزة الجولدن جلوب كأفضل ممثل لأول مرة عام 2009 عن دورها فيلم (Happy-Go-Lucky). وفى عام 2014 رُشحت سالى هوكينز لجائزة الأوسكار ولجائزة الجولدن جلوب وجائزة البافتا كأفضل ممثلة مساعدة عن دورها فى فيلم (Blue Jasmine)؛ وربما تنال الأوسكار والجولدن جلوب عن ”The Shape of Water“؛ وبالطبع ساعدها فى ذلك وجود اوكتافيا سبنسر الممثلة أمريكية المعروفة بدور مينى فى (The Help) والفائزة بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة وعدد من الجوائز المهمة. ويضيف المخرج جييرمو ديل تورو فيلماً خيالياً آخر إلى سلسة أفلام الخيال العلمى له مثل العمود الفقرى للشيطان (2001) ومتاهة بان (2006). خاصة أن ديل تورو عاشق لإبراز العلاقة القوية بين الحكاية الخرافية والرعب، مع محاولة لبث الجمال البصرى أو الشعرى. ولديه ولع منذ وقت طويل بالوحوش، والتى يعتبرها رموز قوة عظمى أو كما قال أحد النقاد عنه: أنت أمام «جييرمو ديل تورو»، فأنت أمام إبهار بصرى تصنعه يد محترف، يد شخص يعلم كيف يوظف أدواته ليروى قصته سينمائياً، شخص ذو خيال عبقرى يعلم كيف يجعله مرئياً، يعلم كيف يجعلك تتخيل معه وتُبحر، لا يصنع ما يصنعه لأنه يعلم أنه سيأتى بنقودك، يصنعه لأنه يحبه، ولهذا نغفر له ما لا نغفره لغيره.