في ذكرى رحيله.. زكريا أحمد لم يحضر حفل "الهوى غلاب" بسبب حزنه على رحيل بيرم

كتب - أحمد الشوكي:

 القرآن الكريم هو الذي رفع مستوى الغناء والتلحين من حفظه، وما أدل على هذا الزمن من الشيخ زكريا أحمد شيخ الملحنين كما أشاع هذا اللقب عليه، ورغم خلاف بينهما في أسلوب التلحين إلا أنه كان يعرف قدره وهو محمد عبدالوهاب الذي قال عنه "يردك بألحانه وغنائه إلى عصره بسهولة ويسر، ويجعلك كأنك سائح تتجول في منطقة الغوري"، وهذا لما في ألحان الشيخ زكريا من تمثيل نموذجي للحياة المصرية في هذا التوقيت".

أجاد ذكريا أحمد حفظ القرآن الكريم، وكان يقرأه في المناسبات، وحفظ أيضًا ألحان عبده الحامولي وسلامة حجازي بسهولة مزهلة رغم صعوبتها.

بدأ مشواره مع التلحين عام 1919 متزامنًا مع الثورة التي خرجت من ضمير المصريين دون أدني تدخل خارجي فكان فكان ذكريا وثورة 19 وجهان للمصرية الخالصة، ثم ما لبث أن بدأ التلحين لأم كلثوم عام 1931 حتى عام 1960 بدأها بدور "هو ده يخلص من الله" وختمها بـ "هو صحيح الهوي غلاب عام 1960".

وكانت صالة أم كلثوم ذات مذاق خاص وفريد مع ألحان الشيخ زكريا، فلربما تشابهت الأرواح ما بين الملحنين سواه، لكنها معه عرفت مزاقًا غنائيًا فريدًا في نكهته التطريبية ومزاجه الصوتي.

قال عنه نجيب محفوظ أنه واحد من أظرف شخصيات عصره، وعلى المستوى الإنساني كان ابن بلد لطيف، وابن نكتة، وكان يحب الأخذ بناصية الكلام في كل جلسة شأنه شأن توفيق الحكيم الذي كان يتحدث

عن نفسه فقط.

 بينما زكريا أحمد كان يقوم بدور الراوي، ولأنه رب ضارة نافعة، فإن مكر زوجة أب زكريا أحمد كان دافعًا للذوبان في عالم الموسيقى، واختار لنفسه مبدأ أن يكون ممتعًا لا ثائرًا، وكون مع صديقه بيرم التونسي ثنائيًا أفرز مجموعه من أبرع الألحان لكوكب الشرق أم كلثوممنها حلم والأمل وغني لي شوي شوي، والأهات وحبيبي يسعد أوقاته، وعن العشاق سألوني وقولي ولاتخبيش، الورد جميل، الأوله في الغرام، وغيرها من الألحان لكوكب الشرق التي بلغت ستون لحنًا.

غنت له أم كلثوم علي المسرح أخر أغنياته "هو صحيح الهوي غلاب" التي لحنها بعد 12 عامًا من الخصام، وكان يسمعها في الراديو ولم يحضر الحفل حزنًا علي رحيل صديقه بيرم.

وأصبحت هذه الالحان بصوت الشيخ زكريا متداولة بصوته وتأديته الخاصة علي "يوتيوب" الذي أصبح مجالًا واسعًا وغير مكلف لتداول النوادر، رحم الله زكريا أحمد الذي ولد في عام 1896 ورحل في مثل هذا اليوم.