رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الْانْتِفَاضَةُ، الثَّـوْرَةُ الْـعَـرَبِيَّةُ وَتَـوَابِـعُهَا "1"

نحن في حاجة إلى الاستنارة برؤية الآخرين نحونا، حيث يعدّون بمثابة مرآة  لنا، ومن المبالغة أن ندّعي أننا نعلم كل شيئ عن دواخلنا، فهناك من يرى الحقيقة  أيضاً ـ ولو من زاوية أخرى ـ  وخاصة من الغربيين الذين يرجون أن بكون العالم العربي عضوا فاعلا بعالمنا الذي نعيش فيه

،ومن هؤلاء "فُولْكَرُ پيرتيس" الباحث الألماني الذي أدهشته الثورات العربية التي أُطلق عليها "ثورات الربيع العربي" وإن كان توقّع حدوثها لما يعيشه العرب من  ضغوط وأزمات أسهمت الحكومات العربية ذات النظم الشمولية الديكتاتورية في انفجار الثورات في وجهها ، وإن كانت الثورات  للآن لم تحقق أهدافها لتغوّل هذه النظم وامتدادها في مفاصل الدول مما أوجد حالة من السخط العام لدى الشعوب العربية والرغبة في استمرار الثورات حتى تتحقق الحرية المنشودة .. وهذه قراءة  مسهبة يقدمها  الباحث البروفيسور ثابت عيد لكتاب "فُولْكَرُ پيرتيس"( الْانْتِفَاضَةُ، الثَّـوْرَةُ الْـعَـرَبِيَّةُ وَتَـوَابِـعُهَا)[1]

مُقَدِّمَةٌ

وُلِدَ فُولْكَرُ پيرتيس سنة 1958م، وَدَرَسَ في دويسبورج، وبيروت، وميونخ، وبرلين، قَبْلَ أَنْ يتخصّصَ في شؤونِ الشّرقِ الأوسطِ والأدنى. وَيعملُ حَاليًّا مُديرًا لـ «وَقْفِ العِلْمِ وَالسّيَاسَةِ» في برلين. لَهُ مؤلّفاتٌ كَثِيرَةٌ عَنِ الشّرقِ الأوسطِ، ظَهَرَ منها سنة 2007م: «نزهات شرقيّة» في دار «بانتيون»

يتكوّنُ الكتابُ مِنْ مقدّمة (ص7-11)، وَأَرْبَعَةِ فُصُولٍ: 1- لِـمَاذَا الآنَ فَقَطْ؟ (ص13-35)، 2- ״الشّعبُ يُريدُ إسقاطَ النّظامِ״ (ص37-160)، 3- آفاقُ التّغييرِ (ص161-199)، 4- آثارٌ تتجاوزُ العالمَ العربيَّ (ص201-215.)

يقولُ فولكر پيرتيس في مقدّمة كتابه:" إنّ ثوراتِ العرب بدأتْ بحدثٍ محلّيٍّ في دولةٍ عربيّةٍ صغيرةٍ، هِيَ تونس، ثُمّ تحوّلَ الحدثُ المحلّيُّ إِلَى حَدثٍ إقليميٍّ- دوليٍّ ـ وَأَصبحَ لتونسَ الصّغيرةِ تأثيرٌ كبيرٌ في سَائرِ الشُّعُوبِ العربيّةِ.

غَادَرَ الرّئيسُ التّونسيّ  بن عليّ تونسَ إلى السّعوديّةِ في 14 يناير 2011م. وَبَعْدَ وصولِهِ إلى منفاه بأيّامٍ قليلةٍ اندلعتْ مظاهراتُ المصريّينَ في ميدانِ التّحريرِ، حَيثُ تظاهرَ عشراتُ الآلاف مِنَ المصريّينَ ضدّ الرّئيس المصريّ حسني مبارك. أسقطَ المصريّونَ رئيسَهم في أقلّ من ثلاثةِ أسابيعَ. عِندئذٍ أدركَ الجميعُ أَنَّ ثورةَ تونسَ لنْ تتركَ بلدًا عربيًّا واحدًا من المحيطِ إلى الخليجِ بدونِ أن تُؤَثِّرَ فيه.

تستلهمُ الشّعوبُ العربيّة التّجاربَ والنّجاحاتِ مِنْ بعضها البعض، خَاصّةً أنّها جميعًا تشتركُ في المعاناةِ مِنَ الظّروفِ السّيّئةِ، وَتُطَالِبُ بالتّغييرِ. برغم هذا اتّخذتِ تطوّراتُ الأحداثِ في كُلِّ بلدٍ عربيٍّ مَسَارًا مختلفًا، بالطّبع هناكَ اختلافاتٌ جوهريّةٌ بينَ الأنظمةِ العربيّةِ مِنْ حَيْثُ الدّخلِ القوميِّ، والمصداقيّة، والشّرعيّة. وَلَكِنْ هُنَاكَ أيضًا فُــرُوقٌ بينَ الأنظمةِ السّياسيّةِ والتّجارب التّاريخيّةِ والتّطوّرات المؤسّساتيّة بينَ الدّولِ العربيّةِ

. وهذا يؤدّي بدوره إلى اختلافاتٍ في الحركاتِ المعارضةِ مِنْ حيث مكوّناتها، وكون المعارضة تُعبّرُ عن نفسها بطرقٍ متباينةٍ، كَمَا أنّ الأنظمةَ العربيّةَ تتعاملُ مَعَ هذه الحركاتِ الاجتماعيّةِ بِأَسَالِيبَ مختلفةٍ. يَجِبُ فهمُ انتفاضةِ النّاسِ في العالمِ العربيِّ على أنّها حدثٌ تاريخيّ كبيرٌ، حدثٌ يمكنُ مقارنته مِنْ حيثُ الأهمّيّة بمَا حَدَثَ في وَسَطِ أوروبّا وشرقها من تحوّلاتٍ سنةَ 1989م.

فَهَذِهِ الانتفاضةُ قَدْ أثّرتْ في جميعِ الدّولِ العربيّة، لكنّها لم تنتهِ بعدُ. وسوفَ يكونُ التّحوّلُ في البلدانِ العربيّةِ أَكْثَرَ صعوبةً ودمويّةً وأطولَ زمنًا مِمَّا حَـــدَثَ في أُوروبّا الشّرقيّةِ مِنْ تَحَوُّلَاتٍ. وَلَنْ تكونَ النّتائجُ واحدةً أَوْ متساويةً في جميعِ أنحاءِ العالمِ العربيِّ، حَتَّى وَإِنْ كانتِ الشّعوبُ العربيّةُ قد شعرت بعدَ اندلاعِ الثّوراتِ بمزيدٍ من التّقاربِ فيما بينها.

انتفاضةُ العربِ سنة 2011م مَا هِيَ إِلَّا بدايةً لإعادةِ تشكيلِ المنطقةِ العربيّةِ من جديدٍ.أشارَالمراقبونَ إلى سهولةِ إسقاطِ الدّيكتاتوريّاتِ[2]، وصعوبةِ تشييدِ الدّيمقراطيّاتِ[3]. حَتَّى الانتهاء من كتابة هذا الكتاب، في صيف 2011م، نجحتِ الانتفاضةُ العربيّةُ في إحداثِ تغييرٍ في نظامِ الحكمِ في ثلاثِ دولٍ عربيّةٍ: تونس، مصر، ليبيا. مهمّة تشييدِ أنظمة ديمقراطيّة حديثة في الشّرق الأوسط والأدنى ستحتاجُ إِلَى عقدٍ مِنَ الزّمانِ أو أكثرَ،وهذا سَيُمَثِّلُ بدوره تحدّيًا لأوروبّا الّتي لا تستطيعُ تحديدَ مسارِ الأحداثِ في المنطقة العربيّة، لكن سيكونُ بوسعها التّأثيرُ في هِذِهِ الأحداثِ.

ويشيرُ پيرتيس إلى أهمّيّةِ فهمِ ما يحدثُ الآنَ في المنطقةِ العربيّةِ من أحداثٍ، وما يمكنُ أن ينشأ عن هذه الأحداثِ من تطوّراتٍ، وبرغم كون إسرائيلَ[4] وإيران جزءًا مِنَ الشّرق الأوسط، إِلَّا أنّ الكاتب استبعدهما من كتابه، لكونهما ليستا من الدّول العربيّة. فكتابه يركّز في المقام الأوّل على الدّول العربيّة، مع الإشارة إلى دول الجوار من حينٍ إلى آخرَ. بل يشير الكاتب إلى أنّ الدّولَ العربيّةَ من الخليجِ إلى المحيطِ لا تتمتّعُ بالأهمّيّة نفسها من حيثُ التّأثير في السّياسة الإقليميّة ومجرى الثّورات العربيّة الّتي اندلعتْ شرارتها سنة 2011م. سيكونُ التّركيزُ إذًا على تلك الدّول الّتي وصلت إليها حُمَّى الثّوراتِ العربيّةِ. أمَّا المصطلحاتُ المستخدمةُ لوصفِ هذه التّطوّرات، فيشيرُ فُولْكَرُ پيرتيس إلى أنّه سيستخدمُ المصطلحاتِ المتداولةَ نفسَها بينَ الأطرافِ العربيّةِ والمراقبينَ في المنطقةِ، أيِ: «انتفاضة»، «ثورة»، «الرّبيع العربيّ». هذا مَعَ الإشارة إلى اعتبار الكاتبِ لفظَ «ربيع»: متفائلًا، وجميلًا، وفيه مبالغة أيضًا. وهو لذلك يُفضِّلُ استخدام لفظ «انتفاضة»! [5]

ويُشيرُ فُولْكَرُ پيرتيس إِلَى أنّه يفتتحُ كتابَهُ باستعراضِ الخلفيّاتِ السّياسيّةِ الّتي أدّتْ إِلَى اندلاعِ الثّوراتِ العربيّةِ، ثُمّ ينتقلُ بعدَ ذلكَ إلى الدّولِ العربيّةِ الّتي وصلتْ إليها شرارة الثّورة، وأنّه يسعى إلى إظهارِ المشتركِ بينَ الدّول العربيّة مِنْ خلالِ عَقدِ مقارنةٍ بينَ المجرياتِ المختلفةِ نسبيًّا للأحداثِ في شتّى الدّولِ العربيّةِ. وقدْ خصّ فُولْكَرُ پيرتيسُ مَا حدثَ في مصرَ، نظرًا لأهمّيّة دورهَـا في العَالَـم العربيّ، باهتمامٍ خَاصٍّ. في الفصلِ الثّالثِ يسعى فُولْكَرُ پيرتيس إلى وضع سيناريو لما يمكنُ أن يحدثَ في المنطقةِ العربيّةِ. وَفِي ختامِ الكتابِ يستعرضُ فُولْكَرُ پيرتيس الدّورَ الّذي يمكنُ لأوروبّا وَالمجتمعِ الدّوليّ القيام به مِنْ أجلِ إعادةِ تشكيلِ منطقةِ الشّرقِ الأوسطِ.

ويقولُ پيرتيس إنّه يستعرضُ في كتابه الوجيزِ هذا، عن قصدٍ، ما يدور من أحداث راهنة في منطقة الشّرق الأوسط. أمّا القارئُ الرّاغبُ في الاستزادةِ، فَلَابُدَّ أن يعودَ إلى كتبٍ ومراجعَ أخرى. فهذا الكتابُ هُوَ «لقطةٌ سريعةٌ» لما يحدث في المنطقة العربيّة الآن. أَمَّا كتابةُ تاريخٍ شاملٍ لهذه الثّورات المندلعة في البلدان العربيّة الآن، فمازال الوقتُ مبكّرًا لإنجازها في الوقتِ الحالي. أنهى فُولْكَرُ پيرتيس كتابَهُ في صيف 2011م. ثُمّ زوّده ببعض المستجداتِ أثناءَ مراجعتِه وتنقيحِه، قبلَ أن يظهرَ في نوفمبر 2011م.

مِنْ أَسْبَابِ انْدِلَاعِ الثَّورَاتِ العَرَبِيَّةِ

يتساءلُ فُولْكَرُ پيرتيس عَنْ سَبَبِ اندلاع الثّوراتِ العربيّةِ في هَذَا التّوقيتِ بالذّاتِ، وليس مِنْ قبلُ أَوْ مِنْ بَعْدُ. وَهُوَ يشيرُ إلى وجودِ وجهتي نظرٍ مختلفتينِ كلّيّةً. الأولى كَانَ أصحابها يؤكّدونَ أنّ منطقةَ الشّرق الأوسط لن يحدثَ فيها أيُّ تغييراتٍ جوهريّةٍ على المدى البعيد الْبَـتَّـةَ، والثّانية يرى أصحابها أنّ هذه المنطقةَ لا يمكنُ أن تستمرَّ عَلَى مَا هِيَ عليه هَكَذَا إِلَى الأبدِ. ثُمّ يُحدّدُ فُولْكَرُ پيرتيسُ موقفه تجاهَ وجهتي النّظر هَاتينِ، فيقولُ إنّ الباحثَ المتابعَ للأوضاعِ في منطقةِ الشّرقِ الأوسطِ عَنْ كثبٍ، والمطّلعَ عَلَى تقاريرِ التّنميةِ البشريّةِ العربيّةِ الصّادرةِ عَنِ الأمم المتّحدة: “Arab Human Development Report“، رُبَّمَا يكونُ قَدْ فُوجِئَ بتوقيتِ اندلاعِِ الثّوراتِ العربيّةِ، دُونَ أَنْ تكونَ ضغوطُ التْغييرِ الهائلةِ مفاجئةً لَهُ. وَقَدْ تنبّأ فُولْكَرُ پيرتيس - مِثْلُ كثيرٍ مِنَ الباحثينَ والمراقبينَ - بأنّ المنطقةَ ستشهدُ تغييرًا مَا، حيثُ حذّر سنة 2002م في كتابه: «الحدائق الخفية. العالم العربيّ الجديد» “Geheime Gärten. Die neue arabische Welt“ مِنْ إِمْكَانِيَّةِ اندلاعِ انتفاضةٍ عربيّةٍ، إِذَا استمرّ الحكّامُ العربُ في قمعِ شعوبهم. وفي سنة 2006م نَشَرَ فُولْكَرُ پيرتيس كِتَابَهُ «نزهات شرقيّة» “Orientalische Promenaden“ مُسَجِّلًا فيه ملاحظاته عن بلدان المنطقة العربيّة في ساعات ما قبل العاصفة. يستشهدُ فُولْكَرُ پيرتيس بأحد أساتذة العلومِ السّياسيّةِ في الإماراتِ العربيّةِ المتّحدةِ الّذِي قَالَ لَهُ، بَعْدَ إسقاطِ طاغيةِ مصرَ، إِنَّ المفاجأةَ بالنّسبةِ له لَمْ تكن في ثوراتِ 2011م - الّتي اندلعتْ بعدَ عقودٍ مِنَ الإحباطِ، والإذلالِ،

واستبدادِ الحزبِ الواحدِ، والفردِ الواحدِ، بَلْ في أنّ هَذِهِ الثّوراتِ لم تندلعْ قبلَ ذَلِكَ بوقتٍ طَويلٍ. فالقاسمُ المشتركُ بَيْنَ دولِ العالمِ العربيّ تمثّلُ في قياداتٍ حكوميّةٍ سيئةٍ، وانتهاكاتٍ فظيعةٍ لحقوقِ الإنسانِ، وَازدراءٍ لكرامةِ الإنسانِ، وَفسادٍ بالغٍ، وَعَدَمِ المساواةِ، وَهضمِ حُقُوقِ النّساءِ والشّبابِ، وَاستبدادٍ شامِلٍ.

 الْاسْــتِقْرَارُ الزَّائِفُ

يَقُولُ فُولْكَرُ پيرتيس إِنَّ هُنَاكَ أوجهَ تشابهٍ كثيرةً بينَ البلدانِ العربيّةِ، وَمَعَ ذلكَ فهناكَ أيضًا أوجهُ اختلافٍ كثيرةٌ بينَهَا فِيمَا يَخُصُّ الأنظمةَ السّياسيّةَ، والظّروفَ الاجتماعيّةَ-الاقتصاديّةَ. فهناكَ مَثَلًا النّظامُ الملكيُّ المحافظُ الموجودُ في منطقةِ الخليجِ العربيّ الّذي يقوم على العائلات المالكة هناك، ويكاد يكون بدون مراقبة أو مشاركة في السّلطة. ولدينا نظام ملكيّ ليبراليّ في الأردن والمغرب. وهناك جمهوريّات محكومة بالاستبداد والدّيكتاتوريّة مثل سوريا وليبيا وتونس حتّى سقوط بن علي سنة 2011م. وهناك أنظمة تقوم على التّعدّدية، لكنّها ظلّت استبداديّة إلى حدٍّ بعيد، مثل مصرَ مبارك، والجزائر، واليمن. وهناك ديمقراطيّة شكليّة مثل العراق، وديمقراطيّة ضعيفة مثلما هو الحال في لبنان أو السّلطة الفلسطينيّة.

اقتصاديًّا يختلفُ متوسّطُ دخلِ الفردِ فِي الدّولِ العربيّةِ اختلافًا كبيرًا. فَلَدَيْنَا دولٌ فقيرةٌ مثلُ اليمنِ، والسّودانِ مَازالَ متوسطُ دخلِ الفردِ فيها أقلَّ مِنْ 2500 دولار سنويًّا. وَهُنَاكَ المغربُ، وسوريا، والأردنُ، وَمِصْرُ والجزائرُ، وتونسُ، الّتي يتراوحُ متوسطُ دَخلِ الفردِ فيها بَيْنَ 4500-8500 دولار سنويًّا. ثُمّ تأتي لبنان، وليبيا، والسّعوديّةُ، وعمان، والبحرين، بمستوى دول وسط أوروبّا، حيثُ يتراوحُ متوسطُ دخلِ الفردِ هُنَاكَ بينَ 13000 دولار و25000 دولار سنويًّا. وَبَعْدَ ذَلِكَ تأتي الكويت، والإمارات العربيّة المتّحدة وقطر، الّتي تنتمي إلى الدّولِ الأكثرِ دَخلًا في العالمِ بالنّسبةِ إلى مَا يَحصلُ عَليه الفردُ الواحدُ. المشتركُ بينَ كُلِّ هَذِهِ البلدانِ العربيّةِ هُوَ عَدَمُ المساواةِ في توزيعِ الدّخلِ بين الأفرادِ. تشيرُ الإحصائياتُ إلى زيادةٍ كبيرةٍ في الفجوة بَيْنَ الفقراءِ والأغنياءِ مُنْذُ بداية القرنِ الحَادي وَالعشرينَ. وبرغمِ ثروةِ البترولِ الموزّعةِ بصورةٍ غير متساويةٍ بينَ الدّولِ العربيّةِ، يعيشُ نحوَ 40٪ مِنْ مَجْمُوعِ الشّعوب العربيّة تحتَ خَطِّ الفقرِ. أَمَّا الفسادُ، فَقَدِ استشرى في كُلِّ صَوبٍ وَحَدبٍ خاصّةً في دوائرِ صنع القرار. وفي قائمة دول العالمِ الأكثر فسادًا الّتي تصدرها «منظمة الشّفافيّة الدّوليّة» Transparency International احتلّتِ الدّولُ العربيّةُ مراتبَ متقدّمةً جدًّا في الفسادِ. يبدأُ المؤشّرُ بصفر، وهو تصنيف يعني: «فاسد جِدًّا»، وينتهي بدرجة عشرة الّتي تعني: «نظيف مِنَ الْفَسَادِ». حَصَلَتْ قطر والإمارات العربيّة المتّحدة على 6 من 10. وحصلتِ الكويتُ والأردن والسّعوديّةُ وعمان وتونس على درجة من 4 إلى 6 من عشرة، وسائر الدّول العربيّة على أقلّ من 4 من عشرة، بَلْ إنّ السّودان والعراق لم تَحصلا إلّا عَلَى أقلّ من 2 من عشرة. أَمَّا بالنّسبة إلى الْـحُـرِّيَّاتِ، فَقَدِ اعتادتْ مُنظّمةُ «فريدوم هاوس» الأمريكيّة على تصنيف الدّولِ العربيّةِ ضمنَ «الدّول الأقلّ حرّيّة في العالم». وذلكَ باستثناءِ الكويتِ ولبنان والمغرب الّتي صُنّفت عَلَى أَنَّهَا «تتمتّعُ بحرّيّةٍ جزئيّةٍ» فِي الْوَقْتِ الّذي اعتُبرتْ فيه سائر الدّولِ العربيّةِ سنة 2010م «غير حرّة». والمعارضة السّياسيّة لا يُسْمَحُ لَهَا بالعملِ إلّا في حدودٍ ضيّقةٍ، ولم تجد «منظّمة العفو الدّوليّة» إِلَّا عَدَدًا قليلًا مِنَ الدّولِ العربيّةِ بدونِ معتقلينَ سياسيّينَ. والحقيقةُ هِيَ أَنَّنَا لا نجدُ دولةً عربيّةً واحدةً مِنَ المحيطِ إلى الخليجِ تتمتّعُ بنظامٍ ديمقراطيٍّ ليبراليٍّ وطيدٍ. أَمَّا الانتخاباتُ، فقد تعوّدنا على تزويرها في مصرَ وسوريا وتونس واليمنِ. والبرلمانات العربيّة تكادُ تكونُ بِلَا أيِّ صلاحيّاتٍ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

[1]  الْـمُؤَلِّفُ: فُولْكَرُ پِيرْتِيسَ ـ الْانْتِفَاضَةُ، الثَّـوْرَةُ الْـعَـرَبِيَّةُ وَتَـوَابِـعُهَا

دَارُ النَّشْرِ: بَانْتِيُون، مِيُونِخُ (التَّابِعَةُ لِـمَـجْـمُـوعَةِ رَانْدُوم هَاوِسِ الْأَلْـمَـانِـيَّــةِ)  تَارِيخُ النّشرِ: نُوفَمْبِرَ 2011م  الطَّبْـعَـةُ: الْأُولَى عَدَدُ الصَّفحَاتِ: 224

Autor: Volker Perthes

Titel: Der Aufstand, Die arabische Revolution und ihre Folgen

Verlag: Pantheon, München (Random House GmbH)

 November 2011

Erste Auflage

224 Seiten

[2] للأسف هذا يحدث بالفعل لأن الأنظمة الفاسدة تغلغلت في كل مفاصل الدول  لمحاولة استنساخ النظم البائدة  ـ كما في الحالة المصرية ـ فلازالت رموز الشر في أماكنها ، اضطربت قليلا ، ولكن سرعان ما حدث لها فواق لتواصل الفساد.

[3] من الممكن التوافق على النظام الديمقراطي نظريا ولكن من الصعب الممارسة، لأن الديمقراطية  حين تأتي بالإسلاميين  تنقلب الأنظمة كما حدث في الجزائر ضد جبهة الإنقاذ ، أو تحيك  لهم القلاقلكما يحدث في مصر الآن، وقد أدركت الأوساط السياسية الغربية رغبة الإسلاميين في الممارسة الديمقراطية الصحيحة http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=552598

التايم: الإسلاميون أثبتوا أنهم يفهمون الديمقراطية أفضل من الليبراليين خبر عن التايم  نقلته اليوم السابع . http://www.time.com/time/magazine/article/0,9171,2101903,00.html  Why Islamists Are Better Democrats By Bobby Ghosh Monday, Dec. 19, 2011/

[4] داخل الكيان الصهيوني رأينا  تظاهرات حاشدة تطالب النظام بالرحيل אנשים רצו להפיל את המשטר الشعب يريد اسقاط النظام  حسب ما أوردت قناة اسرائيل الثانية : المتظاهرون فى تل الربيع قرروا الاعتصام حتى اسقاط النظام ، حتى أفردت الصحف الناطقة بالعبرية  صفحات لتأثير أحداث مصر على الداخل الإسرائيلي .

[5] الانتفاضة Uprising  مصطلح ارتبط بالشعب الفلسطيني  حين قام بحركته المقاومة  8 ديسمبر كانون الأول 1987 ضد الاحتلال، ثم برز مع  الثورات عامة والعربية 2010  خاصة والمصطلح الآن في الأدبيات العربية فانتقل من الحب إلى الحرب وإن أتى كثيرا في انتفاضة القلب .