رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

إعدام الفن الشعبي

كل دول العالم كبيرة أو صغيرة وحتي لو كانت مجرد نقطة علي الخريطة لها فرقة أو فرق للفنون الشعبية تغني وترقص بالملابس المحلية معبرة عن تراث شعبها وتاريخه.. وتقدم عروضها أمام ضيوف الدولة القادمين إليها.. وتذهب أيضا إلي الخارج لتشارك في المهرجانات والمناسبات الدولية وتعرض فن الغناء والرقص الشعبي لدولها.

في مصر كان عندنا أجمل وأروع فرقة شعبية وصلت إلي درجة العالمية.. أسسها شاب مبدع اسمه محمود رضا وشاركته أسرته في الفكر والتنظيم والتمويل.. حتي خرجت إلي الحياة وشقت طريقها ونجحت وقدمت أول عروضها في عام 1959.. وأصبحت أشهر فرقنا الفنية وأكثرها شعبية ونجومية واحتراما لمبدعيها الاخوين محمود رضا ومحمد رضا وفريدة فهمي.. وانضم لهم فنانون كبار ومطربون مثل كارم محمود وشهرزاد ومحمد رشدي والعزبي وغيرهم.
الصحافة وكتاب مصر ونقادها الكبار احتفوا بالفرقة الشعبية وشجعوها وناصروها حتي كانت ملء السمع والبصر في المنطقة العربية كلها.
وحرصا علي مستقبل الفرقة وضعت الحكومة أيديها عليها بدون تأميم ولا حراسة ولا خصخصة وأتبعوها لوزارة الثقافة في منتصف الستينيات وأعطوها دعما وتمويلا مكنها من الاستمرار والتطوير حتي دخلت إلي مستوي العالمية.
لكن منذ منتصف السبعينيات وتولي وزراء ثقافة يفتقدون الحس الوطني.. جري إهمال الفرقة والتعامل معها بأساليب الروتين والبيروقراطية الحكومية.. ووضعوا راقصيها وفنانيها علي درجات وظيفية.. وحملوا علي الفرقة أعباء إدارية وصلت إلي أكثر من 800 موظف ومسئول إدارة ليس لهم علاقة بالفن.. وكلهم يتقاضون مرتبات ومكافآت بدلا من الفرقة والفنانين!
انهارت الفرقة وهرب راقصوها.. وبح صوت الفنان الذي أسسها مع وزراء الثقافة المتعاقبين الذين تبنوا فن هز الوسط.. ونبذوا الفنون الشعبية.. وشجعوا استقدام الفرق الأجنبية مقابل السبوبة والمصالح الخاصة!
الغريب أن يحال الفنان محمود رضا الذي وصل إلي العالمية كرائد عبقري للفن الشعبي إلي المعاش.. وتتجاهل الوزارة تكريمه والاستفادة بخبرته.. أو تفكر في أن ترفع يدها

عن الفرقة وتعيدها إلي صاحبها لإحيائها وإخراجها من غرفة الانعاش الحكومي.. ولو من باب الخصخصة وبيع كل شيء وأي شيء الذي تبنته دولة مبارك وحكوماته!
المضحك.. انه بعد تجاهل الفرقة وتاريخها وإهمال الفن الشعبي تأتي وزارة الثقافة في عهد الإخوان وتسعي لإنشاء فرقة جديدة علي غرار «نيران الأناضول الشعبية التركية». لتمثل مصر في المهرجانات العالمية التي خرجنا منها بعدما أعدموا فرقة رضا.
أتساءل: ما المانع في إعادة الفرقة إلي صاحبها ودعمه ليطورها وهو الأقدر علي ذلك.. فالفنان محمود رضا الذي تجاهلته الدولة يتم استقدامه والاستعانة به في تدريس الفنون الشعبية في أكثر من مائة دولة.. وتوجه له الدعوات للمشاركة في كل المهرجانات والمراكز العلمية الفنية المتخصصة في الفنون الشعبية.
مكتبة الإسكندرية المنارة الثقافية أقامت له برنامجا بعنوان «العالم يرقص مع محمود رضا» وسجلته وقدمته كمؤسس ورائد لفرقة عالمية أدت 40 استعراضا من تصميماته.
معقول ان نتجاهل المبدعين من أبناء الوطن ونقطع التواصل ولا نمد الجسور معهم.. وان تنفق الدولة ملايين علي فنون أخري لا تحظي بأي اهتمام محلي.. وتتجاهل فنوننا الشعبية والتراثية؟!
معقول ان تظل مصر بدون فرقة للفنون الشعبية علي المستوي العالمي بعد إعدام فرقة رضا ومبدعيها حقدا وكرها من أعداء النجاح..؟!