رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : فى الطريق إلى التنمية.. الإصلاح المؤسسى أولًا وثانيًا وثالثًا

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

لا يمكن تحقيق تنمية حقيقية مستدامة دون جذب استثمارات عالمية ضخمة ومتنوعة. فالاستثمار هو المولد الأول لفرص العمل الجديدة، وهو العلاج الأفضل لمواجهة وباء البطالة الذى شهد ارتفاعًا فى الآونة الأخيرة تأثرًا بوباء كوفيد 19المستجد.

إننا فى حاجة ماسة لنحو 700 ألف فرصة عمل سنويًا، وهو ما يؤكد حاجتنا الماسة لاستثمارات عالمية ومحلية جديدة، فكل مشروع جديد يقام على أرض مصر يعنى بالضرورة قيمة مضافة للاقتصاد الوطنى، وأرباحًا مالية تدخل ضرائبها فى خزانة الوطن، وفرص عمل جديدة ومتنوعة للخريجين الشباب.

 ولاشك أن مصر قطعت شوطًا جيدًا ومهمًا فى طريق الإصلاح الاقتصادى، ولاشك أن الحكومة حققت خلال السنوات الأخيرة إنجازات هائلة على مستوى البنية التحتية ومشروعات النقل والطاقة والخدمات اللوجسيتية ومشروعات الإسكان والتعمير، لكنها مع ذلك، لم تصل بعد إلى مصاف الدول الأكثر جذبًا لرؤوس الأموال فى العالم، وهو ما يستلزم ـ فى نظرى المزيد من الجهد والعمل والسعى للتفرد والتميز وتحسين مناخ الاستثمار واستكمال مشروعات الإصلاح التنموي.

وإذا كان البناء التشريعى بمكوناته وديناميكته عنصرًا أساسيًا فى تحسين مناخ الاستثمار وتيسير إجراءاته، وإذا كانت السنوات الخمس الماضية قد شهدت بالفعل تعديلات تشريعية جيدة ومهمة فى كثير من النواحى الاقتصادية، متزامنة مع انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى فى 2016، فإننا مازلنا فى حاجة ماسة لتنفيذ سياسات إصلاح مؤسسى موازية.

صحيح أنه صارت لدينا قوانين جديدة للاستثمار، والتراخيص الصناعية، والإفلاس، والتعاقدات الحكومية، فضلًا عن تعديلات جيدة لكثير من القوانين الأخرى الحاكمة لبيئة الأعمال، لكننا مازلنا نفتقد للإصلاح المؤسسى الذى هو عماد أى إصلاح شامل. فلابد من وجود مؤسسات قوية قادرة على استيعاب الرؤى والتيسيرات الجديدة التى تتيحها حزمة التشريعات المحفزة للمستثمرين.

إن أى تشريع جديد يتضمن تحفيزًا ويقدم ميزات لافتة للمستثمرين يستلزم وجود كوادر بشرية مناهضة للبيروقراطية، ومدربة ومؤهلة على التيسير على المستثمر وتحفيزه وتشجيعه لعمل مشروعات جديدة.

خذوا مثلًا قانون التراخيص الصناعية الذى تضمن تيسيرات جيدة للمستثمر الجاد فى مجال الصناعة، حيث

اختصر الوقت والإجراءات التى يمر بها صاحب المشروع للحصول على تراخيص مشروعه، لكن لم يصاحب ذلك عملية تدريب وتأهيل حقيقى للعاملين فى هيئة التنمية الصناعية بما يجعلهم قادرين على تحقيق الأهداف المنشودة للتشريع ذاته.

الأمر نفسه يمكن أن ينطبق على قانون الاستثمار الذى نراه جيدًا ونعتبره مميزًا مقارنة بما سبق، لكنه وحده ـ كما ذكرت مرارًا ـ لا يمكن أن يحل المشكلات الحقيقية التى يعانى منها المستثمرون، فالقضية أكبر وأوسع من مجرد إصدار نصوص تشريعية جديدة.

إننا فى حاجة للاستفادة من تجارب الدول التى حققت طفرات نمو كبيرة اعتمادًا على إصلاح مؤسساتها مثل سنغافورة، كوريا الجنوبية، وماليزيا، وغيرها، وحسبنا أن نلتفت لدول لم تعتمد طريق الديمقراطية بمفهومها الغربى مثل الصين، لكنها ركزت على إقامة مؤسسات دولة قوية وفعالة ومتطورة فوصلت إلى نتائج جيدة ومبهرة على مستوى النمو الاقتصادي.

لقد شهدت مصر محاولات إصلاح اقتصادى عديدة ومبكرة ربما منذ 1977، لكنها جميعًا لم تستكمل لأسباب داخلية وظروف خارجية. كما أنها افتقدت فى سياساتها استهداف إصلاح المؤسسات من خلال إعادة هيكلتها مرة أخرى بما يصب فى صالح مناخ الاستثمار وفى صالح الاقتصاد الوطني. ولدينا ثقة عظيمة وآمال لا حدود لها فى وجود إرادة قوية لدى الدولة المصرية لاستكمال الإصلاح وبناء مصر الجديدة.

وسلام على الأمة المصرية.