رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر الرقمية وأولويات ضمان أمن الفضاء الالكتروني والشبكات

الأمن السيبراني
الأمن السيبراني

يعيش العالم اليوم ثورة حقيقية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يصحبها الكثير من التحديات المتزايدة في مجال الأمن الإلكتروني، في وقت تقف فيه مصر على عتبة حقبة رقمية جديدة؛ خصوصًا مع الإطلاق المرتقب لشبكات الجيل الخامس والتطلعات والإستراتيجيات الطموحة طويلة الأمد كرؤية مصر 2030 وبناء مصر الرقمية، ولم يعد بإمكان أي دولة تتطلع إلى الإنجاز والتطوير بمنأى عن أولويات أمن الفضاء الإلكتروني بشكل عام، وأمن الشبكات ومعداتها على وجه الخصوص.

 

كما هو الحال في سائر بلدان العالم، يتحتم على مصر مواجهة تحديات الأمن السيبراني من خلال عدة محاور أهمها تبني إستراتيجيات وتشريعات وإجراءات محلية، بما يتماشي مع المعايير المعتمدة دوليًا من قبل الجهات المنظمة والمسؤولة في هذا المجال، وتدعم استراتيجية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 2030 تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 من خلال بناء مصر الرقمية، وتشمل الأهداف تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتعزيز الشمول الرقمي، وتحقيق الشمول المالي، وتعزيز بناء القدرات وتشجيع الابتكار، ومحاربة الفساد، وضمان الأمن المعلوماتي، وتعزيز مكانة مصر على المستويين الإقليمي والدولي، وتمثل مصر الرقمية رؤية وخطة شاملة وتُعد بمثابة حجر الأساس لتحويل مصر إلى مجتمع رقمي.

 

وبالتوازي مع التسارع الكبير الذي شهده العالم في تبني حلول وتقنيات الاتصالات وتقنية المعلومات خلال فترة كورونا، يعايش العالم تحديات جديدة وتعقيدات في مجال الأمن السيبراني، فقد أصبحت التهديدات خطرة للغاية واتخذت توجهات جديدة وطابعًا دوليًا لا يمكن حصره ضمن دولة واحدة أو حدود سياسية معينة بمجرد اتباع إجراءات وسياسيات وُضعت محليًا، ولا يمكن لطرف واحد فقط سواء كان دولة أو شركة التعامل مع هذه المسألة بمعزل عن الأطراف الأخرى المعنية بها.

 

اليوم، تعد شبكات  الاتصالات وتقنية المعلومات الشريان الرئيس للفضاء السيبراني، وأمن معداتها أساس لضمان الأمن السيبراني للعديد من القطاعات والصناعات، وبالعودة إلى المعايير الدولية فمن الواضح أن ثمة معايير مُتفق عليها بين اللاعبين الرئيسيين في قطاع الاتصالات، تشمل الشق المتعلق بأمن الشبكات، وتحديدًا من خلال "نظام أمن تجهيزات الشبكات" NESAS الذي برز كأحد أهم المعايير الدولية المجمع عليها وحدد ملامحه الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول "جي اس أم أيه" GSMA بالتعاون مع "مشروع شراكة الجيل الثالث" 3GPP.

 

وفي التفاصيل، يحدد معيارNESAS متطلبات ومعايير  أمان الشبكات في عصر الجيل الخامس ويوفر إطارًا للتقييم لتطوير منتجات آمنة وعمليات دورة حياة المنتج، كما يوفر حالات اختبار الأمان المستخدمة عند تقييم معدات الشبكة ويحدد شركات التكنولوجيا الملتزمة بالمعايير والمقاييس التي تم إصدارها وتعميمها، لذلك، عندما يتبنى الموردون هذا المعيار، فإنهم يتجنبون متطلبات السلامة التنظيمية المجزأة.

 

تعدGSMA مسؤولة عن الجانب التشغيلي لهذا المعيار، بما في ذلك المنهجيات وعمليات الموردين، ويركز "مشروع شراكة الجيل الثالث" على متطلبات الأمان وحالات الاختبار، كما تراجع أطراف مستقلة ثالثة شبكة البائع ومعداته، ويتوافق نظام ضمان أمن معدات مع مواصفات ضمان الأمان SCAS وISO / IEC 17025 عند تقييم المنتجات في "معامل الاختبار" الخاصة بها، والغرض الرئيس منه هو التأكد من أن الحقائق.

 

تتعاونGSMA ومشروع شراكة الجيل الثالث مع المشغلين العالميين الموردين والهيئات التنظيمية الحكومية وشركاء الصناعة لتطوير هذا الإطار على أساس ثلاث مفاهيم رئيسة أولها "تحديد القطاع"، فقد صمم نظام ضمان أمن معدات الشبكة خصيصًا لأجهزة الاتصالات المحمولة، مما يوفر الأمان، ويحلل التهديدات، ويحدد الأصول المهمة، ويضمن تلبية الشبكات لمتطلبات الأمان، أما المفهوم الثاني فهو "عمليات موحدة عالميًا وأكثر كفاءة"، ويقدم نظام ضمان

أمن معدات الشبكة عمليات مصادقة بسيطة وقصيرة واقتصادية، مما يعزز فعاليته وكفاءته في اختبار السلامة، أما المفهوم الثالث فهو "المرونة والتطور المستمر"، ويستفيد نظام ضمان أمن معدات الشبكة من التحديثات المنتظمة ومن التعليقات والملاحظات.

 

ورغم حقيقة أن قضايا الأمن السيبراني مسائل علمية تقنية بحتة، إلا أنها تمتزج بالكثير من الأمور السياسية والنزاعات التجارية، خصوصاً تلك التي نشأت بين الصين والولايات المتحدة إثر بزوغ نجم الصين في مجال الابتكمارات التقنية، وأكبر مثال على ذلك كيل الاتهامات التي وجهت للعملاق الصيني هواوي في مجال أمن الشبكات، فالإدارة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب تعاملت مع هواوي على أنها تشكل تهديدًا للأمن القومي وأضافتها للقائمة السوداء دون تقديم أي دليل أو برهان تقني علمي، على الرغم من أنها كانت من أوائل الشركات التي نجحت معدات شبكاتها للجيل الخامس 5Gاللاسلكية والأساسية في اجتياز اختبار أمن الشبكات الذي تعتمدهGSMA، ويشمل مختلف معدات الشبكات المستخدمة في الجيل الخامس ويضمن تعزيز موثوقية شبكات الاتصالات ومعداتها.

 

صرحت الشركة في مناسبات عدة بأنها تعد أن ضمان الأمن السيبراني هدف مشترك لها وللعملاء والشركاء والهيئات التنظيمية والمنظمات الدولية باعتباره أهم المواضيع المطروحة على المستوى العالمي في ظل التحول الرقمي الذي يشهده العالم، واللافت في الأمر بأن هواوي دشنت مؤخراً مركز الشفافية العالمي للأمن السيبراني وحماية خصوصية المستخدم في مقر الشركة بمدينة دونغ غوان الصينية، وهو أكبر مركز لها على مستوى العالم، وكأنه رد مباشر على الاتهامات الأمريكية التي لا ترى الشركة مبرراً لها سوى وقف مسيرة الابتكار الصيني.

 

في بلد يقف على أعتاب حقبة جديدة من تطور قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات مثل مصر وتتوفر فيه العديد من المؤهلات كنخبة المواهب والخبرات المحلية التي يمكن تسخيرها لقيادة مستقبل مصر الرقمية، فإن الاهتمام بتبني وتطبيق المعايير الأمنية الدولية مثل نظام NESAS منGSMA، له في الواقع تأثير كبير على أمان الكثير من حلول وخدمات الأفراد والشركات، لأنها ستمكنهم من قيادة زمام المستقبل بشكل أكثر انفتاحًا وثقة بعالم قائم على الاقتصاد الرقمي، ولا شك بأن مواجهة تحديات الأمن السيبراني يتطلب تعاوناً وثيقاً مع الشركاء العالميين الرائدين بهذا المجال وفقاً للمعايير الدولية المتفق عليها، بغض النظر عن بلد المصدر وجنسية الشريك.