عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : قراءة المستقبل فرض عين على الأمة المصرية

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

أجمل شىء أن نفكر فى الغد بعيون منفتحة وعقول متحررة، وأن نقرأ المستقبل بشغف الباحثين عن الجديد حيث كل خيال آنى، هو واقع ممكن.
يقول الملياردير العالمى جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون إن الناس فى السنوات المقبلة ستعيش فى الفضاء، وستولد أجيال جديدة هناك، وسيزور البعض الأرض كما لو أنهم يذهبون للتنزه.
يُفكر الرجل الطموح بتحرر كامل، فى منتدى دولى شارك فيه مفكرون ومحللون ورجال أعمال عن المستقبل، ليُخبرنا عن تصوره بأن ملايين البشر سيحيون فى إسطوانات جديدة مقامة بلا جاذبية، ولا تلوث بيئى، وسيستجم فيها مَن يرغب فى ذلك، وربما يسبحون فى الفضاء، ويطيرون كما يشاءون.
وقبل شهور ذهب بيزوس، الذى يمتلك ويدير شركة «بلو أورجين» فى رحلة إلى ما وراء الأرض عبر صاروخ بسرعة تجاوزت ثلاثة مرات سرعة الصوت ليخترق الحد الفاصل بين المجالين الأرضى والفضائى، بحثا عن جديد، وتجربة لحياة خارج نطاق العالم.
لقد ضاق الناس بالعالم التقليدى، وفرضت أزمة الاحتباس الحرارى ذاتها على الشعوب والأمم المتقدمة، وصار من الواضح أن هناك سباقا محموما بين الأمم فى العالم المتقدم لكسب الغد فهما، وعلما، وعملا.
ولاشك أن ما يفكر فيه بيزوس، ومايقوله غيره من طامحين ومستقرئين للغد يقوم على تصور عام يتوقع حدوث تقدم مذهل فى كافة مناحى العلوم والتكنولوجيا، وهو ما يُبشر بعلم متنام يُثبت أقدامه فى كل مكان هو علم المستقبليات. وهو ليس ضربا للودع أو قراءة للطالع، وإنما هى قواعد وأفكار مبنية على تصورات وتنبؤات منطقية، تدفع كل دولة رائدة وساعية للتقدم لأن تهتم بذلك.
وحسنًا فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة إذ أنشأت قبل سنوات عدة مراكز ومؤسسات لدراسات المستقبل، ووضعت دراسات وخططا معنية بما هو قادم فى العالم، كى تشارك بقوة وفاعلية فى مسيرة العالم المتقدم كدولة رائدة لا تابعة. لقد دشنت الدولة الشقيقة وزارة بعنوان اللامستحيل معنية خصيصا بكل ما

هو مستقبلى، وقبلها أنشأت مركزًا متميزًا لدراسات المستقبل فى مجالات السياسة، الاقتصاد، المجتمعات، والأفكار.
وهكذا تفكر الأمم الرائدة التى تؤمن نخبها أن قراءة المستقبل فرض عين، والاستعداد له ضرورة، والتخطيط لاستيعاب متغيراته أحد أسس التنمية المستدامة المفترض أنها هدف العالم وقادته.
وأتصور أن مصر تعمل بقوة وجدية فى سبيل بناء دولة عصرية حديثة، عمادها المشروعات الكبرى، المواكبة لكل ما هو متقدم وعصرى، لكننى أعتقد أننا مازلنا فى حاجة ماسة أن نفكر للغد وأن نركز على ما يواجه الأجيال القادمة. نحن فى حاجة أن نستشرف المستقبل بعمق ووعى واهتمام وأن نضع خططنا لحل مشكلاتنا لا وفقا لما نعانيه فى الوقت الحالى، وإنما وفقا لما هو متوقع أن نواجهه بعد عشرين وثلاثين وخمسين عاما.
إننا فى حاجة لمؤسسة بحثية كبرى تكون مهمتها استقراء المستقبل، وإنارة جوانبه، ووضع السيناريوهات والتصورات الواقعية للتعامل معه، والتجهز التام لمتغيرات وتطورات تكنولوجية غريبة ستُغير وجه الكون. إنه لا ينبغى علينا أن نتجهز للتطورات المتوقعة فحسب، وإنما علينا أن نكون جزءًا من التطور ذاته. وهذا لا يتحقق إلا بجدية ووعى وإرادة أعتقد أننا نمتلكها فى ظل قيادة سياسية تؤمن بتوظيف كل طاقة معرفية وثقافية وفكرية لمستقبل هذا الوطن.
وسلامٌ على الأمة المصرية.