رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ورق البردى سلعة سياحية رائجة فى مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

استخدم الفراعنة ورق البردي في الكتابة والرسم ليكون مرآة نقلت لنا ما كتب عليها من صور متكاملة عن حياتهم اليومية بكل مفرداتها ومشتملاتها، وأصبحت الكتابة عليه فنا يعكس جمال وعظمة حضارتهم، بجانب استخدامات أخرى كصناعة المراكب والحصير والصناديق، ولكن قيمته الأساسية كانت في صنع أوراق الكتابة, وكانت هذه الأوراق نواة لابتكار الورق الحديث, حتى أن لفظة Paper الانجليزية مشتقة من كلمة Papyrus الدالة على ورق البردي.

ولم يسجل عبر التاريخ بدء استخدام القدماء المصريين لورق البردى الذى كان وسيلة اتصال فعالة ترجم من خلاله حضارة 7 آلاف سنة .
والسؤال الذي يطرح نفسه هل انتهت زراعة وتصنيع البردي بانتهاء الفراعنة؟.. الإجابة: لا فقد احتكرت محافظة الشرقية دون محافظات مصر بل على مستوى العالم زراعة وتصنيع نبات البردى ففى قرية "قراموص" التابعة لمركز أبو كبير بالشرقية مازالت زراعة البردى هى المحصول الأساسى لغالبية أهالى هذه القرية.
مرحلة الزراعة :
يقول الحاج "وجيه عبد الحميد" أحد كبار مزارعي البردي فى " قراموص": إن زراعة البردى مربحة ماديا وإن كانت مرتبطة في رواجها بالسياحة صعودا وهبوطا, إلا أن غالبية المزارعين لم يمتنعوا عن زراعته، وأشار إلى أن أفضل مواسم زراعته فى فصل الصيف وذلك لأنه يحتاج لكميات كبيرة من المياه . 
ويتراوح طول الواحدة من نباتات البردي بين 7 أقدام و10 أقدام, ويدخل في هذا الطول الجزء العلوي الذي يحمل الزهور كما أن أقصى اتساع يبلغ بوصة ونصف تقريباً, وساق البردي تتكون من جزئين قشرة خارجية خضراء اللون رفيعة صلبة ولب داخلي, وهذا اللب هو الذي يستخدم في صناعة أوراق البردي.
وأضاف الحاج وجيه أن نبات البردى يحصد مرات عديدة ويظل فى الأرض من 7 الى 10 سنوات حيث يتم توريته بعد الحصاد الأول لينمو مرات عديدة  .
وأوضحت الدكتورة دينا راشد بالمركز القومى للبحوث أن نبات البردي يزرع في الأراضي جيدة الصرف نظرا لاحتياجه إلى كمية مياه كبيرة ويزرع عبارة عن شتلات منزوعة من شتلات أخرى كبيرة وبين كل شتلة وأخرى مساحة متر مربع لأنه  يفرش مساحة كبيرة وتتغير له المياه باستمرار .
وبعد فترة النضج وهى ما بين أربعة أو خمسة أشهر يتم عملية الحصاد وهى تقطع من آخر السيقان أو تنزع السيقان الكبيرة التي نضجت بواسطة الأيدي العاملة وتربط كل وحدة على حدة حتى يسهل نقلها في حزم إلى المصنع المخصص لذلك وتترك السيقان غير الناضجة فى المزرعة حتى تنضج ويتم جنيها مرة أخرى .
وأضافت "راشد" أن المراكز البحثية تجرى أبحاثا لاستخلاص مواد طبية من زهرة نبات البردي لعلاج بعض الأمراض كما كان يعالج به القدماء المصريون، كما اكتشف فى العصر الحديث انه من الممكن أن يستخدم كغذاء لأول مرة وتحاليل نسبة البروتين والكربوهيدرات في ريزومات وجذور وسيقان النبات أثبتت مقولة الفيلسوف العالمي هيرودوت أن أقماح العالم في نبتة القمح ولكن أقماح المصريين في نبتة البردي .
  مرحلة التصنيع
حسن عبد الرحمن أحد الأهالى الذين يمتلكون مصنعاً لورق البردى يقول: نبدأ فى تقطيع النبات الى شرائح طولية رقيقة حسب المقاس المطلوب بعد ازالة القشرة الخضراء من عليه ثم يتم درفة الشرائح تحت ضغط عجلة خشبية تشبه نشابة الفطائر لتصفية الشرائح من الماء وتبطيطها ثم تنقع فى الماء لمدة ثلاثة أيام ثم تنقل لتفرد على كرتونة مغطاه بالقماش وترص الشرائح رأسيا بحيث توافق الحجم المطلوب بدون فواصل ثم تكبس فى مكبس لمدة ثلاثة أيام وبعدها تصبح ورقة بردى جاهزة للكتابة عليها أو الرسم اليدوى أو الطباعة ثم التلوين.
ويضيف إلي هنا يمكن البدء في عملية البيع ويتراوح سعر الورقة الواحدة ما بين 50 و100 قرش, إلا أن الرسم عليها يرفع سعرها ليتراوح ما بين 150 إلي 300 قرش أو أكثر حسب الحجم والمقاس, والرسومات عادة ما تكون مناظر ومشاهد مستوحاة من الحضارة الفرعونية ربما لأنها الأنسب لطبيعتها كون البردي واحد من أهم وأبرز منجزات تلك الحضارة, كما أنها تلقي إعجاب السائحين الأجانب الذين يقبلون علي شرائها نتيجة لولعهم وهوسهم بحضارة المصري القديم التي أذهلت العالم كله.
نبذة تاريخية
أكد الدكتور محمد الشايب استاذ الحضارات بمعهد الشرق الأدنى بجامعة الزقازيق أن مصر الفرعونية احتكرت إنتاج اللفائف الورقية من نبات البردي، وحتى العصر البطلمي كانت الدولة تحتكر إنتاج ورق البردي وتصدره للعالم عبر الإسكندرية وفي الدولة الرومانية البيزنطية كان الإشراف تاما على إنتاج الورق المصري البردي وتصديره .
وبعد الفتح العربى حافظت مصر على مكانتها وتفوقت في إنتاج أصناف مختلفة من البردي منه الغالي النفيس ومنه الخشن الرخيص ، وكانت المصانع المصرية تنتج سبعة

أصناف من ورق البردي كان أجودها واغلاها يستخدم في الدواوين حتى أن الخليفة عمر بن عبد العزيز أمر  بالاقتصاد في استعمال الورق بسبب ارتفاع ثمنه .
وكان يطلق على أوراق البردي " قراطيس " وقد جاء ذلك في القرآن الكريم حين طلب المشركون العرب من النبي عليه السلام أن يأتي لهم بآية حسية فقال تعالى " ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين : الأنعام 7.
كما كان العمال المصريون يضعون عبارات مسيحية فوق ورق البردي ، وحين قام عبد الملك بن مروان بتعريب الدواوين جعل العمال المصريين يكتبون العبارات الإسلامية محل الرموز المسيحية ، ورفضت بيزنطة استيراد القراطيس المصرية بعد ذلك التعديل ، ثم اضطرت إلى مجاراة الظروف الجديدة .

صناعة تقليدية تدعم السياحة 

يقول ياسر الشاذلي مدير إدارة البحوث والدراسات الاقتصادية فى الغرفة التجارية بالشرقية فى هذه الايام عاد البردى من جديد ليحتل مكانا بارزا فى السلع السياحية والتذكارات التى يحرص زوار مصر على اقتنائها وصارت لوحات البردى الفنية من اروع وابدع السلع المصرية، وبالرغم من أن الشرقية هى الأكثر إنتاجا لورق البردى إلا أنه لا نستطيع أن نطلق عليه صناعة، لان صناعتة تقليدية لم يدخل اليها اى وسائل تكنولوجية لذلك هى لم تتقدم صناعتة حتى الان، وذلك بسبب ان الدولة لم تتبنى هذا المنتج وتعمل على تطويره بشكل يجعله منتج وطنى تصديرى.
وأضاف الشاذلى أن من أسباب تقدم الصين هو انها اهتمت بالصناعات الصغيرة وقدمت لها ولصانيعيها جميع انواع الدعم سواء فنى او تكنولوجى او تمويل او دراسات جدوى حتى ان اصبحت من الدول الاولى فى المنتجة والتى غزت اسواق العالم بمنتجاتها.
وأوضح انه في العصر الحالي تتمثل أهمية ورق البردي في مجال خدمة قطاع السياحة من خلال الرسومات الفرعونية التي تمثل وجوه ملوك مصر أو وقائع حربية أو مناظر المعابد وتستخدم في هذه الرسومات الألوان الزيتية والتي تطابق الرسومات الموجودة على المعابد أو المقابر الفرعونية، وهو يجعلها تلقى قبولا من السائحين الامر الذى يساعد على تعافى الاقتصاد المصرى.
وأكد الشاذلى أن محافظة  الشرقية تحتكر زراعة وإنتاج  وتصنيع ورق البردي على مستوى مصر كلها وترجع أسباب توطن هذا المشروع في المحافظة إلى أسباب متعددة ، منها توافر المواد الخام والمتمثلة في زراعته بالمحافظة، وتوافر الخبرة الفنية في زراعته وتصنيعه نتيجة انتقال هذه الخبرة من أجيال لأجيال ، وجود السوق الرائج لها والمتمثل في قطاع السياحة ، وخصوصا القرب النسبي لمحافظة الشرقية لجنوب سيناء والبحر الأحمر أكبر منطقتين جاذبتين للسياحة في مصر .
وأضاف الشاذلى أن الاعتماد على زراعة وتصنيع ورق البردى بدون تقديم الدعم الكامل سواء من النواحى المادية او الفنية أو الترويجية لا يكفى إذا أردنا حقا ان ننفرد بتصنيعه، مشيرا أنه اذا كان البردي أحد أهم مظاهر الحضارة الفرعونية لابد من مكان أو موقع أثري يشد السائحين إليها, لو كان هذا متوفرا فيها لأحدث مع وجود البردي رواجا للقرية وجعلها حديث الناس .