عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صناعة الفضيحة.. موضة إلكترونية

بوابة الوفد الإلكترونية

محظورات الحياة الخاصة مباحة.. وحبس سنة للمتطفلين

< مواطنون:="" خصوصياتنا="" صارت="" على="" الملأ="" بسبب="" السوشيال="">

< الفهم="" الخاطئ="" للحرية="" والفراغ="" وغياب="" القدوة="" وراء="">

< مطلوب="" قوانين="" جديدة="" للانتهاك="" الإلكترونى="" لحرمة="" الحياة="">

 

 

بخطى بطيئة يسير بجوار زوجته على كوبرى قصر النيل، ومن خلفهما أبناؤهم الثلاثة، وما إن استقروا فى منتصف الكوبرى، التف حولهم بائعو الورد من شباب وأطفال لا يتعد أعمارهم الـ16 عامًا، يحاولون بشتى الطرق إجبارهم على الشراء.

«ورد يا هانم.. ورد يا بيه.. ربنا يخليهاك.. خد وفرحها متبقاش بخيل».. عبارات انهالت على الأسرة فور وقوفهم.. حالة من الاستياء انتابت رب الأسرة وحاول نهرهم بعيدًا حتى يستطيع أن يستمتع بالوقت مع أبنائه وزوجته دون صخب الباعة.

مشاهد تتكرر كثيرًا فى الحدائق والمتنزهات والشوارع لتعكس انتهاكات صارخة لحرمة الحياة الخاصة والتى كانت آخر ضحاياها محمد صنقر الشهير بـ«رجل العجلة».

«صنقر» يعمل فى شركة مصر للغزل والنسيج، كما يعمل كهربائياً لسكان منطقته، ومع تقدم السن أصيب بالتهاب شديد فى فقرات الظهر وخشونة بالركبتين ما أثر على أدائه الركوع والسجود فى الصلاة، وخلال أداء صلاة العيد حرص على الذهاب لساحة صلاة كبيرة، ولم يجد مكانًا للصلاة عليه ونظرًا لظروفه الصحية أدى صلاة العيد واقفاً على العجلة.

وأثناء صلاته التقط له أحد الشباب، صورة له ونشرها على الفيس بوك، وأرفقها بعبارات ساخرة من نوع ضاقت عليه الأرض فصلى واقفا على العجلة، وهو ما أثار موجة من السخرية على الرجل، تحولت إلى هوجة من إطلاق النكات، ثم تحول الأمر إلى تراجيديا غريبة بعدما اشاع البعض أن الرجل أصيب بجلطة ومات بسبب انتقاد أزواج بناته بسبب صورته وهو يصلى واقفًا على العجلة!

حالة «صنقر» أعادت من جديد فتح ملف حرمة الحياة الخاصة، التى تكفلها المادة 17 من قانون «الحياة الخاصة»، التى تنص على حق كل شخص فى عدم التعرض، على نحو تعسفى أو غير مشروع لتدخل فى خصوصياته أو شئون أسرته أو بيته أو مراسلاته ولا لأى حملات غير قانونية تمس بشرفه أو سمعته.

ويلزم ضمان هذا الحق فى مواجهة جميع التدخلات والاعتداءات سواء أكانت صادرة عن أشخاص طبيعيين أو قانونيين. والالتزامات التى تفرضها هذه المادة تقتضى أن تعتمد الدولة تدابير تشريعية وغيرها من التدابير اللازمة لأعمال الحظر المفروض على تلك التدخلات والاعتداءات فضلاً عن حماية هذا الحق.

خبيرة قانونية: حبس سنة لكل معتدٍ على حرمة الحياة الخاصة

وتقول إنجى محمد، الخبيرة القانونية، إن المواد أرقام 309 مكرر و309 مكرر «أ» من قانون العقوبات جعلت الحبس هو عقوبة اختراق الحياة الشخصية، للمواطنين، والتعدى على حرمة الحياة الخاصة.

وأضافت: تنص المادة رقم 309 مكرر من قانون العقوبات على: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجنى عليه، والتقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص فى مكان خاص».

وتابعت: «لا يقتصر التجريم على الشخص القائم بالتقاط الصورة فقط وفقاً للنص السابق، ولكن التجريم يمتد ليشمل كلاً من سهل أو أذاع أو شارك فى نشر الصورة»، مشيرة إلى أن المادة رقم 309 مكرر (أ) تنص أن على يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو فى غير علانية تسجيلاً أو مستنداً متحصلاً عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان ذلك بغير رضاء صاحب الشأن.

وأردفت: ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التى تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه، ويعاقب بالسجن الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته، كما يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم فى الجريمة أو تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها.

وترى «انجى محمد»، أن نصوص القانون لا حدود لها، ولكن العبرة ليست بالنص، وإنما فى تطبيقه على أرض الواقع.. وقالت تصوير أى شخص بدون علمه تعتبر جريمة ويعاقب عليها فى النصوص السابق ذكرها من قانون العقوبات، إلا أنه فى الوقت ذاته تؤكد أن آلات التصوير الحديثة الآن مثلما تستغل فى جرائم كهذه، لها دور آخر فى كشف جرائم تجاوزات وانتهاكات تحدث فى الشارع طيلة الوقت، وأن أجهزة التحقيق ساعدتها مثل هذه الأجهزة فى كشف جرائم، وفيما يخص استخدامها فى غير موضعها أو استخدامها فى عرض حقيقة منقوصة، فهذا دور الأجهزة المعنية فى كشف صحتها من عدمه.

«كتاب مفتوح»

حياة المواطنين أصبحت كتابًا مفتوحًا للجميع، وذلك بسبب كتابة تفاصيل يومهم على صفحات الفيس بوك، وبحسب ما أشار إليه عدد من المواطنين التقت بهم الوفد فى جولة ميدانية، مؤكدين أن انتهاك حرمة الحياة الخاصة أصبحت عادة منتشرة بسبب كتابة خصوصيات الناس على الملأ.

«معدش فيه حياة خاصة وحياتنا كتاب مفتوح».. بهذه الجملة استهلت سارة جمال،

حديثها وقالت: «من العادات السيئة التى انتشرت فى الفترة الأخيرة كتابة تفاصيل حياتنا أولًا بأول على الفيس بوك، سواء حزن أو فرح وغيرها، وبلغ الأمر إلى التصوير خلال أداء مناسك الحج لحظة بلحظة وكيف ذلك وهو أجواء روحانية من المفترض أن يعتكف على عبادة ربه وليس أن يحرص على نقل تفاصيل يومه للمواطنين.

وتابعت: «الناس خدت خلاص على التدخل فيما لا يعنيهم، وصار التدخل فى حرمة الحياة الخاصة أصبحت شيئًا مستباحًا».

من جانبها، قالت سلوى مراد، إنها تتعرض كثيرًا للمضايقات فى الطرق العامة، وكثيرًا ما ترى مضايقات الباعة للأسر المارة الذين يحاولون التنفيس عن أنفسهم على ضفاف النيل.

وتابعت: البائعون إما تشترى منهم أو يضايقونك فى وقفتك.. وكثيرًا ما تحدث مشاجرات بين الباعة والشباب.

«فى أغلب خروجاتى بحاول أتجنب الخناقات مع البائعين علشان مبهدلش خطيبتى وحماتى معايا».. قالها أحمد شريف، مستنكرًا ما يحدث فى الشوارع على الملأ من تدخل البائعين فى حياة المواطنين الخاصة، فإما أن يقوموا بالشراء منهم أو يتعرضوا للمضايقات.

قال الدكتور وائل أحمد عبدالله، أستاذ الفلسفة بجامعة سوهاج والباحث فى أخلاقيات التكنولوجيا، إن انتهاك خصوصية الآخرين تفشى فى المجتمع، كما انتشر نشر خصوصياتنا على مواقع التواصل الاجتماعى تارة أخرى، وأرجع ذلك لعدة أسباب. منها التوصيف الخاطئ لمفهوم الحرية عامة وحرية النشر خاصة، ومنها كذلك الفراغ لدى الشباب والبحث عن الإثارة؛ فكثيرًا من الشباب يشعرون بالفراغ لعدم حصولهم على فرصة عمل أو فقدانهم للقدوة والمثل الأعلى، فبالتالى يبحثون عما يشغلون به أنفسهم بالتدخل فى خصوصيات الآخرين.

. وأضاف «عبدالله» أنَّ عدم الوعى بثقافة التعامل الجيد مع مواقع التواصل الاجتماعى وراء سعى الشباب إلى انتهاك حرمة الحياة الخاصة على السوشيال ميديا، فعلى سبيل المثال ما حدث قريبًا من تداول كثير من الشباب صورة لقائد الدراجة الذى أدى صلاة العيد واقفًا على دراجته الهوائية، كثيرًا وفسرها كل منهم طبقًا لأفكاره وأيديولوجيته الخاصة، حتى تطور الأمر إلى إشاعة خبر وفاته تأثرًا بردود فعل الشباب على الصورة والذى تم نفيه من الشخص نفسه بعد ذلك. فإذا كان للشاب هدف أسمى يسعون لتحقيقه فلا يلتفت إلى تلك التفاهات وألا ينتزع تلك الصورة من سياقها منتهكًا لحرمة خصوصية هذا الرجل.

وأشار أستاذ الفلسفة إلى أنَّ سوء استخدام السوشيال ميديا يعد جريمة فى حق المجتمع، ولهذا لا بد من وجود قوانين صارمة تحد من انتهاك خصوصية الآخرين، وتابع: غالبية مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى لا يفرقون بين السياقات الاجتماعية المختلفة؛ فلكل سياق اجتماعى خصوصية، فالعمل سياق اجتماعى له أعضاؤه الذين يفهمون حدوده جيدًا وما هو مسموح به وما هو غير مسموح، والبيت كذلك سياق آخر، وعند خروجك مع أصدقائك سياق مغاير؛ فالخصوصية لا تتلخص فى السرية، بل هى من وجهة نظره احترام للحدود بين السياقات الاجتماعية.

وشدد «عبدالله» على ضرورة الإشارة إلى أنَّ هناك العديد من التحديات الأخلاقية التى تواجه أفراد المجتمع هذه الأيام والتى كان السبب الأكبر لها هو التقدم العلمى والتكنولوجى الكبير، مثل صعوبة تحقيق الخصوصية والحرية والأمن المعلوماتى، والتى لم تعد القوانين والمعايير الأخلاقية التقليدية كافية للتصدى لها، فيجب على المختصين أن يتكاتفوا مع المسئولين عن الأمن المعلوماتى للسعى نحو وضع قوانين ومعايير أخلاقية جديدة قادرة على التصدى للانتهاكات الأخلاقية التى ظهرت فى هذا العصر الرقمى المحكوم بالبيانات.