رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

معركة الـ 55 منبرًا تشتعل بين الأوقاف والآثار

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - محمود إسماعيل:

 

مع بدايات عام 2017 اختفت 6 مشكاوات أثرية نادرة من مسجد الرفاعى بالقرب من ميدان صلاح الدين بالقلعة جنوب القاهرة، المشكاوات المسروقة تعود لعام 1911، وهى مصنوعة من الزجاج المموه بالمينا، وعليها ختم باسم الخديو عباس حلمى الثانى، الذى حكم مصر بين عامى 1892 و1914، وتمت سرقة 6 مشكاوات من أصل 15 مشكاة، كانت موجودة فى الغرفة التى دُفن فيها الملك فؤاد والأميرة فريال بالمسجد، ويصل ارتفاع الواحدة منها إلى 40 سنتيمتراً وقطرها إلى 17 سنتيمتراً.

وظلت الواقعة مثار حديث المصريين شهوراً طويلة حتى جاء القرار رقم 110 بتاريخ 20 فبراير 2018 والخاص بتفكيك المنابر والمقتنيات الإسلامية الموجودة فى المساجد «55 منبراً»، ووافقت وزارة الأوقاف بموجب هذا القرار على نقل المقتنيات الأثرية من المساجد إلى وزارة الآثار حفاظاً عليها من السرقة وهو الإجراء الذى أثار الجدل مرة أخرى حول مسئولية تأمين المساجد الأثرية.

وبعد أن تم نقل منبر أثرى إلى المخازن ثارت معركة حادة بين الأثريين ورجال الأوقاف، وتتبادل وزارتا الآثار والأوقاف الاتهامات بشأن تأمين المساجد الأثرية، وتلقى كلتاهما الاتهامات على الأخرى عقب كل واقعة سرقة تقع بالمساجد، ويظل الخاسر الوحيد فى القضية هو الشعب المصرى وعشاق التراث، وفى محاولة الخروج وحل أزمة تأمين المساجد الأثرية تقدم على أيوب المحامى بدعوى عاجلة: ضد وزارة الآثار لوقف تنفيذ قرار نقل المنابر الأثرية وترميمها.

وطالب «أيوب» فى دعواه «بوقف تنفيذ القرار رقم 110 الصادر بتاريخ 2018 والخاص بتفكيك المنابر والمقتنيات الإسلامية الموجودة فى المساجد مع ما يترتب على ذلك من أثار أخصها إعادة منبر مسجد أبوبكر بن مزهر مع تكليف الجهة الإدارية بطلب حراسة من الجيش والشرطة على جميع المساجد الأثرية وتركيب كاميرات مراقبة تعمل على مدى 24 ساعة بجميع تلك المساجد مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان وإلزام المطعون ضدهم بمصروفات الشق العاجل» .

وأكد محمد عبداللطيف رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية سابقًا، أن إدارة المساجد الأثرية مسئولية مشتركة بين وزارة الأثار والأوقاف، ولكن تقع بشكل كبير على عاتق وزارة الأوقاف طبقًا للمادة 30 من قانون حماية الآثار.

ونفى «عبداللطيف» فى تصريح خاص لـ «الوفد» وجود أى علاقة بين أزمة منابر المساجد وبانتهاء فترة إعارته والتى انتهت مع نهاية شهر إبريل الماضى طبقًا للمدة المحددة، وقال: «أنا إعارتى انتهت بنهاية أبريل ونقل المنابر تصادف مع نهاية فترة إعارتى لوزارة الآثار».

من جانبه أكد جابر طايع رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، أنه لا توجد أزمة بين وزارتى الأوقاف والآثار حول منابر المساجد الأثرية، وقال: هناك تعاون مع وزارة الآثار ولكن تنتهى أعمال ومهمة عامل المسجد بانتهاء صلاة العشاء، ولا يتواجدون فى المسجد إلا فى أوقات الصلاة فقط. لذا يتعين على وزارة الآثار أن تتخذ التدابير اللازمة لحماية المساجد الأثرية ومحتوياتها.

وأضاف رئيس القطاع الدينى: وزارة الأوقاف مسئولة فقط عن الشعائر والصلوات، أما المبنى وما يحويه فهو مسؤولية وزارة الآثار، لأنه فى الأساس مسجد أثرى ومهمة تأمينه تكون فى حماية شرطة وزارة الآثار، ومن غير المعقول أن تشرف وزارة الأوقاف أمنياً على المسجد فهذا ليس دورها نهائياً.

وعلى عكس كلام «طايع» قال محمد الكحلاوي، أمين عام اتحاد الأثريين العرب: مسئولية تأمين المساجد الأثرية تقع على عاتق وزارة الأوقاف، فهى مسئولة بشكل كامل عن حماية المنابر، والمشكاوات النادرة التى دائماً تتعرض للسرقة على يد بعض عمال هذه المساجد، ولابد من خضوع المساجد التاريخية لإدارة وإشراف وزارة الآثار فقط، وتعديل نص المادة 30 من قانون حماية الآثار، والتى تعطى صلاحيات واسعة لوزارة الأوقاف دون الآثار، وهو أمر مرفوض فكيف تكون وزارة الآثار مسئولة عن جميع أنواع الآثار الموجودة فى مصر مثل الفرعونى والقبطى واليونانى والمتاحف، ولكن لا تكون مسئولة عن المساجد الأثرية؟

وأكد أمين عام اتحاد الأثريين العرب، أنه من الضرورى كحل جذرى فصل تبعية أثارنا الإسلامية عن وزارة الأوقاف، ويتم تشديد الحراسة عليها وأن تظل قائمة فى أماكنها والاهتمام بها من خلال ترميمها فى أماكنها، فهذه المنابر أنشئت لتعرض فى المساجد وليس داخل المتاحف، فضلاً عن أن طريقة التفكيك التى تمت داخل منبر أبوبكر بن مزهر، على سبيل المثال هى طريقة فى غاية السوء

وتتسم بالبدائية وبعيدة تماماً عن المهنية.

وواصل أمين عام اتحاد الأثريين العرب «المنابر سوف تلقى داخل مخازن غير مجهزة حتى تنتهى، ولذا يجب تثبيت كاميرات مراقبة، وأبواب مصفحة لمنع سرقة الآثار بالشكل الذى يتناسب مع قيمتها التاريخية، حيث إن مثل هذه المساجد الأثرية  تتحول تلقائيًا إلى «متحف مفتوح» يتوافد إليه السائحون».

وقال «جمال مصطفى» رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية، إنه تم تشكيل لجنة عليا مشتركة من وزارة الآثار والأوقاف لمناقشة وضع المساجد الأثرية، وما يقع تحت يد وزارة الأوقاف من قباب ورباع.

وأشار إلى أن المادة 30 من قانون الآثار غلّت يد وزارة الآثار بالنسبة لترميم وتطوير المساجد الأثرية، وأصبح دور الآثار مقصورًا على وضع المقايسات التثمينية لأعمال الترميم فقط، وفى مجال التأمين فالأجهزة الأمنية والرقابية هى المنوط بها تأمين هذه المنشآت التراثية.

وتنص المادة 30 من قانون حماية الآثار على «يختص المجلس الأعلى للأثار دون غيره بأعمال الصيانة والترميم اللازمة لجميع الآثار والمواقع والمناطق والمبانى الأثرية، وتتحمل كل من الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة وهيئة الأوقاف المصرية وهيئة الأوقاف القبطية نفقات ترميم وصيانة العقارات الأثرية التابعة لها، ويتحمل المجلس نفقات ترميم المبانى الأثرية التى فى حيازة الأفراد أو غيرهم من أشخاص القانون الخاص، ما لم يكن سبب الترميم قد نشأ عن سوء استعمال من الحائز، حسبما تقرره اللجنة الدائمة المختصة والمقصود بها (اللجنة الدائمة للآثار المصرية واليونانية والرومانية، والآثار الإسلامية والقبطية)، وفى هذه الحالة يتحمل الحائز قيمة مصاريف الترميم.

ويجوز لرئيس مجلس الإدارة «وزير الثقافة» بعد موافقة اللجنة الدائمة المختصة أن يرخص للهيئات والبعثات العلمية المتخصصة أداء عمليات الترميم والصيانة تحت إشراف المجلس الأعلى للأثار» .

وقال مصطفى الوزيرى، أمين المجلس الأعلى للآثار فى تصريحات صحفية سابقة: إن هناك بعض المنابر الآثرية فى الفترة الماضية تعرضت للسرقة، واستطاعت الشرطة العثور على السارقين، وتجميع المنابر، وإيداعها فى مسجد الرفاعي.

وتابع: «اللجان الدائمة للآثار الإسلامية لاحظت سرقة بعض قطع المنابر، ولذلك يتم نقلها إلى متحف الحضارة ووضع بدائل مكانها».

وأكد أسامة العبد، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، أنه تقدم ببيان عاجل لوزير الآثار خالد العنانى، حول نقل المنابر الأثرية من بعض المساجد، خوفاً من سرقتها رافضاً قرار وزارة الآثار نقل 55 منبراً من المساجد الأثرية بعد تعرض هذه المساجد لسرقة بعض الحشوات والمشكاوات منها، مطالبًا الوزير بكشف النقاب عن حقيقة نقل هذه المنابر، وكيفية النقل، وآلية الحفاظ عليها فى أثناء عملية النقل والمكان الذى ستؤول إليه.

وتساءل رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، حول نقل القطع الأثرية من المساجد بحجة منع سرقتها، وهو سيفرغ هذا المساجد من قيمتها الأثرية، وبالتالى يعزف زوارها عن زيارتها، مطالبا بتشديد الرقابة عليها وحراستها بالطرق الحديثة من خلال كاميرات المراقبة بدلاً من نقل منابرها إلى المخازن.