رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مخرات السيول.. الخطر مستمر

بوابة الوفد الإلكترونية

117 مخراً للسيول، منتشرة فى شتى المحافظات، تخترق الكتل السكنية، وتمثل كوارث صحية وقنابل بيئية، تهدد ملايين البشر، والمبانى المقامة على مجراها، وتنذر شرق وجنوب العاصمة والمجتمعات العمرانية الجديدة بـ «كارثة حتمية»، إذا حدثت سيول مفاجئة.. وهى مشكلة كل عام، بسبب الإهمال وعدم الاستعداد للموسم المعلوم.

فغالبية المخرات مسدودة بأطنان من القمامة وخارج الخدمة.. والجهات المختصة «تتهرب» من المسئولية، وتتبادل الاتهامات، واكتفت لجان الأزمات، برصد مبلغ 4 مليارات جنيه – حسبما تؤكد تقديرات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار – تمثل قيمة الإنفاق السنوى على صيانة وتطهير «مخرات الموت» فى عموم المحافظات، بل عليها أن تعلن حالة الطوارئ وتشرع فى التنفيذ.

ولا شك أن كارثة السـيول، التى اجتاحت محافظات أسيوط ورأس غارب وقنا وسوهاج فى أكتوبر 2016، ودمرت الطرق والتجمعات السكنية، وكبدت البلاد ملايين الجنيهات، بخلاف الخسائر فى الأرواح.. هذه الكارثة ما زالت ماثلة فى الأذهان، وتثير مخاوف المقيمين فيها، من تكرار الحادثة.

ولا تتوقف تحذيرات – خبراء الأرصاد – من حدوث سيول جديدة، إلا أن اللجان المختصة لم تحرك ساكناً لمواجهة الموقف.. فلا توجد أى آثار لأعمال التطوير أو الصيانة داخل مخرات السيول – وفى النهاية – نبكى ونتألم على ضحاياها الذى شاء حظهم العثر السكن بجوارها – إذا ما فاضت الأمطار الغزيرة، وتحولت إلى سيول، مما يتسبب فى خسائر وأضرار فى الأرواح والممتلكات.

والأكثر تشاؤماً مما سبق هو زحف البناء فى مجرى هذه المخرات.. وللأسف لم يقتصر الأمر على بناء منازل عشوائية فقط، بل اتسع هذا الزحف، ببناء مدارس ومستشفيات، وحتى مشروعات مياه الشرب.. فأين إذن الخطة التى تتحدث عنها وزارة الرى لتطهير وصيانة مخرات السيول؟.. وهل يعقل أن ننتظر حدوث كارثة وبعدها نبحث عن حلول لها؟

 

خطة وزارة الرى

وكل عام تطالعنا وزارة الموارد المائية والرى، بخطة تزعم أنها بالتعاون مع المحافظات لصيانة مخرات السيول كافة، والتأكد من تطهيرها وجاهزيتها لتصريف مياه السيول، وتحويلها من «كارثة» إلى «نعمة»، دون حدوث خسائر، بالإضافة إلى إقامة 10 سدود ركامية، و6 بحيرات صناعية، و6 حواجز ترابية، وحاجز توجيه، للاستفادة من مياه الأمطار فى أغراض الزراعة والرى، وذلك فى المحافظات الـ 10 المعرضة لها وهى: «محافظات جنوب سيناء وشمال سيناء، ومحافظات الصعيد، والساحل الشمالى الغربى»، للحماية من مخاطرها المتوقعة.

 

أخطر المواقع

وحددت لجان الأزمات ومواجهة السيول بالوزارات المعنية، أخطر مخرات السيول فى 10 محافظات لها هى: «نجع هلال»، و«أبوجبير» بمحافظة أسوان، و«الشيخ عيسى» و«كرم عمران»، و«وادى قنا» و«الكلاحين» و«زرنيخ الحلة» بمحافظة قنا، و«نجوع مازن» و«مركز دار السلام» و«السلامونى» و«الصوامعة» بقرية أخميم، وقرى «عرب بنى واصل» و«الجلاوية» و«الحاجز» و«الكوثر» بمدينة ساقلتة وقرى «أولاد سلامة» بالمنشأة، و«الجبيرات» بطهطا، و«الجواهين» و«المحاسنة» بجرجا فى محافظة سوهاج، و«درنكة» و«نزلة القواصير» بمحافظة أسيوط، و«ملوى» و«دير مواس» و«البراشا» و«دير البرشا» و«تل بنى عمران» بمحافظة المنيا، و«المنشى» و«الديسمى» بمحافظة الجيزة، و«كوتسيكا» و«كفر العلو» بمحافظة القاهرة، و«الصف» و«أطفيح» بمحافظة حلوان، و«بياض» و«غراب» بمحافظة بنى سويف، و«رأس غارب» و«الزعفرانة» و«الغردقة» و«سفاجا» و«القصير» و«مرسى علم» و«رأس بناس» و«حلايب» و«شلاتين» بمحافظة البحر الأحمر.

 

كوارث محتملة

«الوفد» رصدت عشرات السيول «المهملة» بمحافظات القاهرة الكبرى، خاصة فى حلوان لم يتم تطهيرها، وتهدد بكارثة مفاجئة إذا ما فاضت الأمطار الغزيرة، مما يؤدى إلى غرق أحياء سكنية كاملة، والتقينا ببعض سكان هذه المناطق وتحدثوا عن معاناتهم.

تنتشر أكوام النفايات ومخلفات البناء فى مجرى سيل «المعصرة»، وهو أكبر المخرات المائية طولاً واتساعاً فى محافظة حلوان، مما يعوق حركة سير مياه الأمطار، ويجعلها تنحرف عن مسارها، الأمر الذى يهدد حياة قاطنى المناطق السكنية حولها، وبالتالى يشكل خطراً داهماً على التجمعات السكنية المطلة على مجراه أو القريبة منه.

ثم شاهدنا مخر سيل «حدائق حلوان» المعروف باسم «مخر حلوان»، وهو أحد المخرات الأربعة الموجودة فى محافظة حلوان، حيث يمتد من وادى حوف وينتهى بالمعصرة، ووجدناه ممتلئًا بتلال القمامة والقاذورات والحيوانات النافقة، وهذه المخرات يبدأ مجراها من الجبل وتصب فى النيل، مما ينذر بكارثة حال تعرض المنطقة لموجة شديدة من الأمطار، ويزداد معها مخاوف المقيمين على مجراه من حدوث كارثة نيلية.

بينما مخر «وادى حوف»، و«المعادى»، اللذان تحيطهما المبانى السكنية المأهولة بالسكان، رغم أنهم أقل بشاعة عن سابقيهما، إلا أن استغاثات المواطنين «لا تتوقف»، مطالبين بالمتابعة المستمرة لمجارى تصريف مياه الأمطار، كما لاحظنا وجود المستشفيات والمراكز العلاجية والأبنية التعليمية، تصطف على جانبى المخرات فى مواجهة خطر الفيضان، فى حال حدوثه، مما يحول حياة قاطنيها إلى جحيم.

 

عذاب يومى

تؤكد آمال محمود، أم لـ 4 أبناء، موظفة أنه لا شىء يحدث على الإطلاق، فلا صيانة، ولا تطوير، وتكمن بداخل ترعة سيل حلوان أطنان من القمامة والحيوانات النافقة، بخلاف الحشرات والثعابين التى تخرج من هذه المخرات، وتهاجمنا ليلاً، مما يجعلها قنبلة تهدد حياة المواطنين المقيمين بالقرب منها، أو المجاورين لها، أو المارين بجانبها، كل ذلك بسبب غياب عربات النظافة داخل الشوارع، مما سبب فى قيام السكان بإلقاء أكياس النفايات والردم بداخلهما، ناهيك عن عدم توافر صناديق القمامة الكافية فى هذه المناطق، لتصبح محافظة التلوث، الأمر الذى يؤدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة بين السكان، لذلك نطالب الجهات المسئولة بتنفيذ خطط صيانة وتطهير هذه المخرات المائية، وتنظيف البيئة المحيطة حولنا، لإنقاذنا من الأخطار المتوقعة.

محمد ابن الـ 7 سنوات، يتحدث بآسى: «علشان أروح المدرسة لازم أمشى ساعة تقريباً بجانب ترعة سيل المعصرة، الممتلئة بالقمامة والكلاب والقطط الضالة والحشرات والناموس والبعوض، وأخى الأصغر مريض باستمرار».

ويقول محمد عطا، من سكان منطقة حدائق حلوان: «إن ترعة سيل حدائق حلوان تمثل لنا مشكلة كبيرة، وشديدة الخطورة، لأنها تتسبب فى انتشار الأمراض والأوبئة والروائح الكريهة، والنتيجة إصابة أطفال المنطقة بأكملها بأمراض حساسية الصدر».

 

أمراض قاتلة

وبمزيج من الغضب والمرارة، يتحدث ماهر، أب لـ 3 أبناء: «أكبر مشكلة فى المنطقة هى ترعة سيل طرة، فهى تمتلئ بأكوام من القمامة والقاذورات بروائحها الكريهة التى تزكم الأنوف، وتسبب الأمراض الوبائية، بالإضافة إلى انتشار أسراب الذباب والبعوض ليلاً، لذا نطالب المسئولين بأن ينزلوا إلينا ويعيشوا متاعبنا».

 

إجراءات صارمة

وبحثاً عن حلول للأزمة، قال الدكتور محمود عارف، استشارى الجيولوجيا والعلوم البيئية بقنا: إنه يجب اتخاذ إجراءات صارمة وحازمة لحماية المحافظات ووقايتها من أخطار السيول المتوقعة، تشمل التأكد من سلامة المنشآت «كبارى وأنفاق وطرق»، وعلاج أوجه القصور والخلل فى مسار تصريف المياه بمجرى السيل، حفاظاً على الأرواح البشرية من أخطارها، مع صيانة السدود والبحيرات الصناعية والخزانات الأرضية لحصاد الأمطار.

وأوضح – استشارى الجيولوجيا - أن وادى قنا يعد أخطر مخرات السيول بمصر، وأخطر الأودية التى تجرف السيول من هضبة المعاذة وسلسلة جبال البحر الأحمر إلى قنا.

مضيفاً أن وادى قنا يبدأ من مدينة قنا جنوباً وينتهى عند منطقة الشيخ فضل بالمنيا شمالاً، ويبلغ طوله 350 كيلو مترًا وعرضه من 20 إلى 30 كيلو متراً، علماً بأن هذا المخر يوجد به 22 فتحة سيل تستوعب مياه سيول تقدر بـ 157 مترًا مكعبًا.

وأفاد - استشارى الجيولوجيا - أنه قام بعمل خريطة لسيول محافظة قنا عام 2002، وبها جميع مخرات السيول، ووزعت نشرة تحذيرية بمخاطر مجرى سيل قنا، لأنه تبين وجود إنشاءات كبارى وأنفاق على مخر سيل «كرم عمران» ومخر سيل «الشيخ عيسى» بمحافظة قنا، مما يؤدى لإعاقة عمل المخرات، وما زلنا فى انتظار اللجان المعنية لإعداد دراسة وافية لمخر السيل، وإجراء التوسعات المطلوبة بإزالة كل العراقيل لتقليل الأخطار من تجمعات مياه الأمطار، والتأكد من خلو المجارى المائية من العوائق وسلامة جسورها وطرقها لاستقبال السيول، ووصولها بشكل آمن للمخرات فى حال وصولها لمدينة قنا الجديدة، والمخر الرئيسى بها، ثم مخر المعنا، وصولاً بنهر النيل.

وأشار إلى أهمية الاستفادة القصوى من الثروة المائية، نظراً لعذوبتها، حيث تقدر مياه السيول بـ 120 مليون متر مكعب تكفى لرى 200 ألف فدان، بما يؤدى لإقامة مجتمعات عمرانية حولها.

 

بالوقائع.. كوارث السيول تحصد الأرواح

«الوفد» ترصد كوارث السيول المفجعة خلال الأعوام الأخيرة، بسبب الإهمال الحكومى وسوء التخطيط وانعدام الصيانة والمتابعة على مجارى تصريف مياه الأمطار.. أشهرها كوارث غرق سوهاج وقنا وسيناء والبحر الأحمر، الذى راح ضحيتها 11 شخصاً بينهم 3 أطفال، وذلك فى 28 أكتوبر 2016.

وأيضاً مصرع 6 أشخاص و4 آخرين فى حادثة سيول سوهاج ومدينة رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر.

وكذلك مصرع 25 شخصاً وإصابة 34 آخرين، وغرق 24 قرية فى محافظة البحيرة، وذلك بتاريخ 12 نوفمبر 2015.

كما وقعت كوارث سيول الإسكندرية، أسفر عنها 8 أشخاص صعقاً بالكهرباء وغرق الشوارع، وذلك فى 4 نوفمبر 2015.

وفى 20 أكتوبر 2014، وقعت كارثة غرق سيناء بسبب فيضان الأمطار الذى صاحبه موجة رياح على كافة مناطق المحافظة.

وفى مايو 2014، وقعت كوارث غرق مدن السلوم وسيدى برانى بمحافظة مرسى مطروح بسبب هطول أمطار غزيرة وصلت إلى حد السيول.

وكذلك موجة الطقس السيئ التى شهدتها محافظة جنوب سيناء، التى أدت إلى إغلاق طريق نوبيع - طابا.

وفى عام 2013، اجتاحت كوارث السيول بمحافظتى أسيوط وسوهاج، تسببت فى فقد الكثير من الأرواح، وغرق مئات المنازل، وبلغت تكلفة الإصلاحات 750 مليون جنيه.

وفى عام 1996، تعرضت محافظة قنا للسيول، أسفرت عن انهيار مئات المنازل بـ 7 قرى «المعنا – عزبة حامد – القوقار – العصارة – النحال – الشيخ يونس – عزبة البورصة».

وفى عام 1994، وقعت كوارث غرق قرى محافظتى أسيوط والمنيا، وتسببت فى انهيار 6000 مبنى، وتدمير 13 ألف فدان من الأراضى الزراعية، وأيضاً غرق قرية درنكة غرب أسيوط  أسفرت عن وفاة 500 قتيل وغرق 15 ألف مبنى سكنى وتدمير 25 ألف فدان زراعى.