رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لواء مصطفى البلتاجى: جيل أكتوبر لم يعرف الراحة

بوابة الوفد الإلكترونية

قال اللواء مصطفى البلتاجى، أحد أبطال حرب أكتوبر بسلاح المظلات، إن نصر أكتوبر كان معجزة من المعجزات التى حققها الجندى والضابط المصرى مؤكداً أن جيل أكتوبر لم ير الراحة منذ 56 وحتى أكتوبر 1973 وقدم بطولات وتضحيات فاقت كل وصف وتقدير فداء لتراب مصر.

وأضاف فى حوار لـ«الوفد»: هناك اختلاف كبير بين حرب يونية التى كانت جعجعة وفرقعة فى الخطب والكلام الذى أوقعنا فى أخطاء دفعتى مصر ثمنها، وبين حرب أكتوبر التى اعتمدت على البناء والتخطيط والتدريب والفكر الحديث مما جعل الجندى المصرى يحارب أحدث الأسلحة على مستوى العالم وانتصر وتفوق، لافتاً إلى أن الجندى اليهودى شرس وغدار عندما يحتمى فى سلاح قوى وفتاك ولكنه جبان ومرعوب بدون هذا السلاح.. وإلى التفاصيل..

> كيف تنظر إلى نصر أكتوبر بمناسبة الذكرى الـ42 لهذا النصر؟

- نصر أكتوبر معجزة من المعجزات الكبرى التى حققها الجندى والضابط والقائد المصرى أبناء هذا الشعب العظيم، وقد رآها الكثير من الخبراء العسكريين العالميين أنها من المستحيلات التى من الصعب تحقيقها ولكن مصر خططت للحرب وخدعت العالم ونفذت وانتصرت فأبهرت الدنيا كلها، وأعادت كرامتها واستردت أرضها وهذا هو أهم شىء، والنتيجة الحقيقية لهذا النصر.

> وأين كنت فى يونية 1967؟

- تخرجت فى الكلية الحربية 25 مايو 1967 وكنت ضمن (19) ملازماً لكن على قوة المظلات وذهبنا إلى سيناء يوم 5 يونية فقالوا قامت الحرب، ثم صدر قرار الانسحاب وتشردنا فى سيناء 6 أيام لا نعرف شيئاً إلى أن استطعنا أن نتجمع فى مركز القيادة بالإسماعيلية ثم ألحقونا على الكتيبة 90 مظلات، وكنا نتعجل الحرب للأخذ بالثأر ونتدرب تدريبات شاقة لرفع اللياقة البدنية للضباط والجنود، مع إننا كنا نختفى عن الناس، ولكن بدأ الشعب يتناسى الهزيمة بعد بعض العمليات التى قامت بها القوات المسلحة، وساندنا ودعمنا لإزالة الهزيمة وعودة أراضينا.

> وكيف اشتركت فى معركة رأس العش؟

- تم نقلنا إلى منطقة رأس العش وكان معنا دبابتان (ت، 34) واليهود كانوا يريدون الدخول إلى بورسعيد، وكان أمامنا حقل ألغام مصرى وهم زرعوا حقل ألغام آخر لحمايتهم وبدأ الهجوم أولاً بالطيران من الساعة 10 صباحاً حتى الخامسة ولم يستشهد من ضرب الطيران غير فرد واحد نزلت عليه دانة طائرة فى الحفرة التى كان بها، تماماً مثل استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض ولهذا أطلقوا علينا كتيبة الشيوخ، وكنا فى حفرة اسمها «بيت الثعلب» لأنها كانت عميقة ولها حفرة أخرى بزاوية قائمة تمنع رؤية الظل الساقط والظل المحسور حتى لا يراها طيران العدو، وظللنا نتحمل قذف الطيران المتواصل داخل هذه الحفرة.

> وماذا حدث بعد انتهاء القذف الجوى؟

- كانت لدينا أوامر مشددة بعدم إطلاق النيران على اليهود إلا فى حالات الهجوم علينا حتى لا نستهلك الذخيرة، فوجدناهم يرسلوا كلاباً ليعرفوا عن طريقها أماكن الألغام المصرية، وبالفعل بدأوا يدمرونها وأنا كنت على الحد الأمامى، وكنت الأول فى الرماية فى العمليات الخاصة (صاعقة ومظلات) فأطلقت النيران على الكلاب فمات من مات وأصيب آخر والباقى فر هارباً، وعندما حاولوا الدخول برياً تصدينا لهم وساعدتنا المدفعية الساحلية فى القصف عليهم من بورسعيد وكنا نطلق عليها «الشيخ محمد» وقائد السرية كان يوجه لنا الضرب وكان يوجد مركب مدمرة اسمها سوريا فجعلناها على يمين الكتيبة وسددنا بها قناة السويس بالعرض، وتم أسر 2 يهود فى هذا اليوم وكانا يتحدثان العربية وسلمناهما إلى المخابرات، وأجبرناهم على الانسحاب وهذه المعركة رفعت روحنا المعنوية لأنها أول معركة بعد أيام قليلة من الهزيمة ننتصر فيها على اليهود ونمنعهم من التقدم.

حالات الغضب

> هل كنت بالفعل سبباً فى اشتعال معارك حوض الضرس؟

- تحركنا إلى بورتوفيق وانضممت إلى الكتيبة 79 مظلات وسلاح المظلات كان لواءين لواء خفر ولواء إبرار جوى وحدثت حرائق الزيتية ثم الضرب المكثف علينا ونحن ممنوعون من الضرب حتى نوفر الذخيرة وكنا فى أقصى حالات الغضب من هذا القرار لأن الاشتباكات كانت يومياً وأنا كنت فى حوض الضرس وبينى وبين اليهود مسافة 100 متر فى مكان ضيق فى القناة، وحدث اشتباك فى موقع حوض الضرس والترسانة البحرية، وكان ملحقاً معنا دبابات من الجزائر، وحينها كنت سباً فى نشوب معركة أخرى، لأنى رأيت الهاونات تطلق نيرانها علينا فحددت المسافة وجدتها 1200 متر وسألت زميلى الجزائرى هل تعرف هذه المسافة التى بها الهاونات فقال: تقريباً حوالى 1200 متر، وقلت له لكن ليس معك ذخيرة زيادة؟ فقال لا معى ذخيرة زيادة.. فأقنعته أن نضرب هذه الهاونات ثم ننتقل بسرعة إلى الموقع التبادلى وكانت دشم فوقها ألواح من الحديد الصلب لا يؤثر فيها الضرب وقلت له بعد ضرب الهاونات تقوم بتزييت ماسورة الدبابة حتى لا يعرف ضابط التفتيش من أين جاءت الضربة، وأقسم بالله حتى هذه اللحظة لم يعرف قائد الكتيبة ما فعلته غير زملائى فقط فقد كان المقدم حمودة وسألنى هل الضرب من عندك يا بلتاجى فقلت: لا يا افندم وبعد ذلك تم قذف موقع الكتيبة لكن بدون خسائر لأننا كنا نختفى فى المواقع المحصنة.

> لكن أحد زملائك قال إنك اخترقت حظر ضرب النار أكثر من مرة؟

- يضحك قبل أن يجيب.. أنا لا أخاف أبداً إلا من الله واليهود أعدائى وعرفت أنهم أجبن من الجبن ذاته، ولكنهم خونة وغدارين وأذكر أننى كنت ممدداً على رصيف الترسانة البحرية ببورتوفيق ومعى راديو ترانزوستر أستمع إلى أم كلثوم وأنظر إلى قناة السويس وخط بارليف وأقول متى تنكشح هذه النفايات من سيناء وفجأة تم توجيه مقذوفين تجاهى وهرب الجندى على الفور واختفى، وأنا طبعاً مخى «اتربس» لأخذ ثأرى وظللت مستيقظاً طوال الليل أفكر كيف أحصل على ثأرى وأنا ضابط فى العمليات الخاصة، وشاهدت فى أحد المزاغل 3 سجائر مشتعلة فقررت افتتاحهما وكانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وحصلت على دفعة نيران وأطلقتها عليهم من خلال المزغل ورأيت السجائر تتطاير، وهاجت الدنيا وشعللت وجاء يسألنى ضابط الاستطلاع هل الضرب من عندك؟ فقلت لا يا افندم وأيضاً عندما كنت فى الأدبية كنت أطلق عليهم النيران وأذهب للعب الكرة، وكنت أعطى البندقية للجندى لينظفها حتى لا يشمها ضابط التفتيش ثم يقوم اليهود بقذفنا بالطائرات ونحن نرد عليهم بالمدفعية، وأقسم بالله للمرة الثانية أن القائد لم يكن يعرف أنى الذى كنت أقصف اليهود.

> وماذا كان يقول لك زملاؤك؟

- ولا شىء، ولكن اللواء الدكتور محمود بسيونى كان معى فى الكتيبة وكان يقول لى ضاحكاً ما هو انت يا مصطفى تضرب اليهود ثم تذهب تلعب الكرة، وزملائى كانوا يعلمون أن ضرب اليهود لم يكن يؤثر علينا.

> وما نوع لعب الكرة معك وأنتم فى حالة استعداد للحرب؟

- كنا نلعب الكرة ليلاً على أضواء اليهود هم كانوا فى جبل عتاقة وكتيبتى فى الأدبية وكانوا مرعوبين مننا خاصة عند أى تحرك وكانوا فى المساء يطلقون طلقات هاون نصف بوصة المضيئة حتى يتمكنوا من رؤية الأرض لدينا، وتظل الطلقة المضيئة 5 دقائق ثم يطلقون غيرها وهكذا وحينها نقوم لنلعب مباراة كرة قدم على ضوء طلقات الهاون ويستمر اللعب إلى أن تنتهى المباراة.

شرس غدار

> كيف تصف الجنود الإسرائيليين بالجبن وزملاؤك يصفونهم بالشراسة؟

- نعم هم كذلك شرسون وغدارون لكن عندما يحتمون بالأسلحة التى تحميهم مثل الطائرات الحديثة والدبابات المتفوقة، وهكذا لكن عندما كانوا يتقابلون معنا وجهاً لوجه بالسلاح الشخصى، والسلاح الأبيض أو بدون سلاح كانوا فى منتهى الجبن والخوف والرعب وعند خروجهم فى الدوريات كانوا يقولون عن الجندى المصرى إنه مثل الرجل الوطواط لا نعرف كيف أو متى يصل إلينا ليقتلنا، ويخطفنا، والذى ساعدهم فى المعركة ليكونوا من أسرس وأغدر المقاتلين هى الأسلحة الأمريكية الحديثة التى كان يتسلح بها الجيش الإسرائيلى.

> إلى أى مدى ساعدت أمريكا العدو فى حرب أكتوبر؟

- أمريكا ساعدت العدو الإسرائيلى إلى أقصى درجة ممكنة، عوضتهم عن الخسائر فى الأسلحة وأعطتهم صور الأقمار الصناعية لأماكن جنودنا، كما طالبت بعدم القضاء على قوات العدو المحاصر فى الثغرة، وقواتنا حصلت على دبابات من إسرائيل على الزيرو، ومازالت بشحمها، بل عداد بعضها لم يسجل 15 كم، وأمريكا تساند إسرائيل حتى الآن عندما جعلت السفارة الأمريكية فى القدس ومصر لو تأخرت فى حربها ضد إسرائيل لم نكن سنحصل على أراضينا قط لأنها كانت ستملأ بالمستوطنات اليهودية وكيف كنا سنخرجهم.

> ما الفرق بين حرب يونية وحرب أكتوبر 1973؟

- حرب يونية لم يكن لها أى خطط أو تخطيط نهائى، ولا إمكانيات ذهنية أو بدنية أو تسليحية، بل كانت جعجعة وفرقعة فى الخطب والكلام وأوقعتنا فى أخطاء دفعنا ثمنها ولم يكن يوجد فى القوات المسلحة ما يسمى بالطوارئ، والمشير عامر يفعل ما يريد وما يشاء فى النقل والترقية للضباط على أى ورقة غير رسمية حتى لو كانت ورق علبة السجائر، والأخطاء السياسية تمثلت فى الكلام والجعجعة وإذا أراد عبدالناصر أن يعرف شمس بدران وزير الحربية يعمل أم لا فيجد الوزير يشخط فى من أمامه فيعتقد الرئيس إنه شغال، ولكن فى أكتوبر 1973 تغيرت المنظومة تماماً.

> كيف؟

- مثلاً على مستوى المظلات كنا نحصل على علاوة قفز 8 جنيهات والوجبات كانت فاخرة ومميزة عن باقى الأسلحة، عبارة عن نصف فرخة وزجاجة لبن وعلب سلمون و.. و.. لكن كل هذا تم إلغاؤه بعد 67 علاوة القفز خفضت إلى 4 جنيهات شهرياً، ووافقنا ورضينا بل سعدنا لأننا كنا نعرف أن الأفكار تغيرت والأهداف تحددت والمنظومة بدأت تستعيد عملها حتى يتم بناء القوات المسلحة من جديد، وتجديد منظومة السلاح المصرى حتى نستطيع الوقوف أمام الأسلحة الإسرائيلية التى كانت الأحدث على مستوى العالم.

> ومتى شعرتم بأن القيادة فى مصر مصممة على خوض الحرب؟

- من خلال التدريب الشاق الذى كان يتم شكلاً ومضموناً، والكل بذل مجهوداً، القادة الكبار قبل الضباط الصغار، ولا أنسى الفريق سعد الشاذلى، قائد القوات الخاصة، ثم رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الذى كان له فضل

كبير جداً فى هذه الحرب، وذات يوم سألنا سؤالاً لجميع من فى الكتيبة كلها كم متر رمل يستطيع الرجل أن يحفره فى اليوم؟ ولم يعرف أحد إجابة هذا السؤال حتى المهندسين العسكريين الذين كانوا معنا، ثم أجاب هو أن الرجل يستطيع حفر 3 أمتار رمل فى اليوم.

أجندة الجندى

> إذن بدأت المعلومات تصل إلى الضباط ذات الرتب الصغيرة وإلى الجنود؟

- نعم.. بدأت المعلومات تصل القوات المسلحة، والتطوير فى التدريب على سبيل المثال عندما كنا نقفز بالمظلات كان البندقية لها كسوة ونضعها داخلها والخزنة تكون خارجها أى أنها غير جاهزة لإطلاق الرصاص، فغير الشاذلى هذا النوع من التدريب، وبدأنا بالقفز بالبندقية وهى خارج الكسوة، وبها الخزنة ومليئة بالرصاص بل تم التدريب على ضرب النيران والاشتباك أثناء القفز بالمظلات، وأصبح التعامل بالنيران ونحن فى الجو قبل الهبوط إلى الأرض، وأصبح يوجد ما يسمى بـ«أجندة» الجندى التى كان يكتب فيها كل شىء من الألف إلى الياء فيما يتعلق بمهامه، وعندما كان يتم نقلنا بالسيارات كان لابد أن يوجد بين السيارة والأخرى 30 متراً حتى لا يكون طابور السيارات هدفاً سهلاً لنيران العدو.

> وكيف كانت إدارة حرب الاستنزاف؟

- أنا حضرت الحرب منذ بدايتها واشتركت فيها حتى نهايتها فى بورسعيد شمالاً وحتى السويس وكانت من أقوى الحروب التى خاضتها مصر، لأنها أديرت بجميع أنواع الأسلحة على مستوى الجبهة وجهاً لوجه مع العدو، واستمرت طويلاً، هم لم يكن يستخدمون غير الطيران والمدافع، ولكننا كنا نضربهم بالمدافع والدبابات والقنص وعمل الكمائن سواء كانت إغارة أو الكمين لتكبيدهم أكبر خسائر ممكنة فى البشر والمعدات أو بهدف خطف  أسرى أو خرائط أو معدات وحتى نكون جاهزين لأى عملية بالقفز نظل لابسين بيادة القفز بالأسبوع ولا نخلعها، ومرت علينا أيام كانت زمزمية المياه تعين الفرد لمدة 3 أيام، ولا يوجد طعام إلا الفولية السودانى وبسكويت بيسكو مصر، ومع هذا كنا سعداء ولم نغضب أو نشكو لأننا كنا نرى أن القيادة السياسية والعسكرية تسير بنا نحو ما نريد وهو تحقيق النصر واسترداد الأرض، وهذا الجيل لم ير الراحة منذ 56، مروراً بـ67 وحتى 73، فقد قدم بطولات وتضحيات فاقت كل وصف وتقديراً وفداء لمصر وترابها.

> وكيف كان الجندى المصرى يتصدى للدبابة الإسرائيلية؟

- أنا كنت فى الكتيبة 85 إبرار جوى وهذه الكتيبة أبيدت بالكامل فى الثغرة إلا عدد قليل وكان البطل حسين شرابى قائدها، وأتذكر زميلى الشهيد عبدالرؤوف الذى كان يتصدى لتقدم الدبابات ليمنعها من التقدم عندما أنهى على الأربجيهات التى معه واستخدم 6 خزن رصاص كانت معه وتعامل مع الدبابات وهذا أمر صعب جداً ومع هذا استمر فى القتال ولم ينسحب، أو يتقهقر حتى دهسته دبابة العدو الخسيس الذى لا يتجبر إلا من خلال سلاحه القوى وعبدالرؤوف مثله كثيرون من الأبطال الذين ماتوا فى أماكنهم دفاعاً عن أرضهم وعرضهم ولم ينسحبوا أو يتراجعوا.

> كيف حدثت الثغرة؟

- العدو دخل من بين الجيشين الثانى والثالث والاستطلاع أبلغ عن سرية دبابات ثم عن كتيبة، وعندما كان يبلغ عن سرية كنا نرسل كتيبة فيتم إبادتها، وعندما يبلغ عن كتيبة فأرسلنا لواء أيضاً تم إبادته لأن القوات الإسرائيلية كانت متسارعة فى الدخول لتحقيق أى نصر عسكرى تستخدمه وتساوم به فى التفاوض، وخسائر الجيش المصرى لم تحدث إلا فى الثغرة فقط لا غير، ولكن قبل الثغرة كل الخسائر كانت فى جيشهم، وخسائرنا لم تكن شيئاً مذكوراً.

الإبرار الجوى

> ما الذى حدث بعد حدوث الثغرة؟

- صدرت الأوامر إلينا بالذهاب إلى ممر مقلا عن طريق الإبرار الجوى بالمظلات وظلت طائراتنا فى المطار، وحدث تشاور حول الثغرة ولكن لأمر ما المهمة ألغيت وتحركنا إلى الأدبية لنقف أمامهم حتى لا يكملوا على طريق مصر السويس وكنا نهجم عليهم ليلاً بالإغارات لنستولى على أى شىء نجده لديهم سواء كانت أسلحة أو تعيينات لدرجة أن بعض العساكر قالوا: اليهود بياكلوا بصل مثلنا، وكنت فى الكتيبة 71 وأيضاً كنت أذهب نحو أقرب موقع ملاصق لنا وأضرب طلقتين بالمدفع بـ11 على مسافة 700 متر وكانوا يردون علينا رداً غير مؤثر كالعادة.

> وماذا عن يوم إصابتك التى جاءت بنفس طريقة اختراق حاجز الصمت؟

- بالفعل وأنا فى هذا اليوم ضربت على موقعهم 4 دانات ولكنهم اكتشفوا موقعى لأن المدفع يخرج لهب 30 متراً فى الخلف بعد كل طلقة، مع إنى كنت بعد كل ضربة أجر المدفع إلى موقع آخر، المهم العدو اصطادنى بالهاون وضرب مستمر بعد أن اكتشف مكانى والشظايا كانت تصيب المدفع أولاً فتأكدت أنى سأصاب أو أستُشهد ولكن دخلت شظايا فى أذنى وحدث لى شبه إغماءة ووجدت الشاويش يحاول إفاقتى وشدنى إلى السرية ونقلت فى سيارة قائد الكتيبة إلى المستشفى الميدانى فى يناير 1974 وأصبت بـ7 شظايا وسافرت إلى لندن أنا واللواء تحسين شنن رحمه الله لأنه أصيب أيضاً فى أذنه، المهم عرفت أنى قتلت مقدماً يهودياً و5 صف ضابط و4 جرحى ودمرت هاون وسيارة مدرعة ثم أصبت وبسبب هذه العملية حصلت على نوط الشجاعة، ولكنى فقدت السمع بأذنى اليسرى.

> كان على مصر أن تستعيد باقى أراضينا بالسلام استكمالاً لنصر أكتوبر؟

- بالطبع.. لقد كان لدينا نقص شديد وصعوبة استكمال الحرب لأن الإمداد لم يكن كافياً بعد أن قمنا بالهجوم المباشر بالعبور من أصعب مانع مائى فى التاريخ واقتحام خط بارليف وتدمير النقط الحصينة القوية فيه والتقدم نحو الشرق بعد الساتر الترابى بـ10 كم ثم قمنا بوقفة تعبوية لتوفير الوقود والتعيينات واستكمال الأسلحة التى خسرناها وإعادة تقييم الموقف ودراسته بناء على الأمور المستجدة على أرض الواقع، وكان هذا أقصى ما نستطيع أن نفعله بعد التدخل الأمريكى السافر لصالح إسرائيل وهنا اضطر الرئيس السادات أن يستكمل استعادة الأرض بالمفاوضات السياسية والسلام.

> إذن السادات كان صائباً فى هذا القرار؟

- نعم.. فقد كان رجلاً سياسياً فى منتهى الذكاء والدهاء، ولهذا أسقط مع الشعب المصرى جماعة الإخوان لأن ليس لهم أمان وسيظلون هكذا طيلة عمرهم، وهم شر وزرع فى البلاد، ولن يتركوا «السيسى» يعمل بها سيحاولون تعطيله ولنا المثل مع السادات حيث أخرجهم من السجون وأعطاهم الأمان ولكن كأنهم «راضعين من الشيطان»، فهم إخوان الشيطان، وقتلوا الرجل يوم انتصاره ووسط جيشه وزوجته تطلب منه أن يلبس قميصه الواقى فيقول إنه وسط أبنائه ولكن الإخوان «أنجاس» لا يعرفون معنى الوفاء وها هم مازالوا يحاربون الجيش ويقتلون أبناءه ولم يفعل هذا غير الصهاينة أعداء الله وأعداء الإنسانية، رحم الله السادات وكل شهداء مصر ولعن الله الإخوان فى كل موقف وزمان.