رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الزى "المدرسي الموحد"تجربة ناحجة حول العالم لمواجهة الطبقية الاجتماعية

بوابة الوفد الإلكترونية

تعد فكرة الزى المدرسي الموحد، وسيلة ناجحة لإزالة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية داخل المدرسة، فهو خيار تربوي حضاري اجتماعي جاء نتيجة دراسات واجتماعات مختلفة، أفرزتها سلوكيات وممارسات حياتية لدى كثير من الناس.

 

ولعل فكرة توحيد الزى المدرسي عايشت الكثير من الظروف السياسية للبلدان التى تتبعها، حتى وصلوا إلى آليات بعينها لتوحيده طبقًا لمحددات معينة، بحسب طبيعة كل دولة.

 

بريطانيا وأول زى مدرسي

تعد بريطانيا صاحبة فكرة توحيد الزى المدرسي، فهو  يعود في تاريخه إلى القرن الخامس عشر، حيث فرض أولاً على تلاميذ المدارس الخيرية في بريطانيا، وذلك لأسباب اقتصادية بحتة، وحتى يتم تمييز التلاميذ عن غيرهم، وبالتالي لم يظهر هذا الزي على التلاميذ في بريطانيا إلا في القرن التاسع عشر، إذ بدأت المدارس الخاصة تفرضه على تلاميذها، وهكذا انتقل الزي المدرسي من اهتمام الدائرة الخاصة إلى المدارس الحكومية في بريطانيا، ولاحقاً نقلت بريطانيا هذا الزي المدرسي إلى مستعمراتها.

ومع مرور الوقت، اعتبرته بريطانيا من أكثر الأزياء رسمية، حيث يفرض على الطلاب ارتداء معطف وقميص وربطة عنق مع بنطال، أما الفتيات فيرتدين ما تقدم مع تنورة.

 

الولايات المتحدة

مروراً على الولايات المتحدة الأمريكية، فإن اللباس المدرسي يعود إلى ما قبل نهاية الستينات الميلادي، حين كان اللباس المحتشم يخضع لقوانين صارمة ولكن في نهاية الستينات وبداية السبعينات ألغي الزي المدرسي في مدارس الحكومة وألغيت معه القوانين التي تحدد ما يلبسه التلاميذ إلى المدرسة، مما فتح المجال لهؤلاء بإطالة الشعر وارتداء كل أنواع اللباس بما فيها البنطال والبيجاما ومايرتديه أفراد العصابات.

هذا الواقع اللامترابط أفضى إلى انتشار العنف في مدارس أمريكا بدرجة كبيرة حتى أن تلميذاً من بين كل عشرة تلاميذ يغادرون مقاعد الدراسة بسبب العنف، ووجد الكثير أيضاً من المربين أن هناك ارتباطاً كبيراً بين العنف والملابس، معتقدين أن الزي المدرسي يكون أحد الحلول التي تساعد في الحد من العنف.

لذا، وبعد مرور السنوات، دعا الرئيس الأمريكي السابق كلينتون في أحد خطاباته لتبني الزي المدرسي وتطبيقه على جميع المدارس في الولايات المتحدة، وقد استجابت القليل من المدارس لذلك، حيث وصلت  سرعة الاستجابة من 3٪ فقط من المدارس من تلك التى كانت تفرض الزي المدرسي عام 1997، وبعد ثلاث سنوات زاد العدد إلى 12٪ واليوم حوالي 47٪ من مدارس أمريكا تفرض قوانين صارمة على ملابس الطلاب.

 

دول المحور

ولدول المحور مع الزى المدرسي قصة أخرى تتعلق بأحداث الحرب التى مروا بها،  فبعد سقوط هذه الدول وزعيمهم هتلر أثير جدل كبير حول هذا اللباس فكانت الاحتجاجات قوية من المعارضين لهم، إذ اتهموا في توحيد الزى بألوان محددة بالعنصرية والنازية، وأنهم يجيشون التلاميذ الأبرياء، وغير ذلك من التهم الكثيرة، حتى أن الألمان كي يبرروا معاداتهم لهتلر والنازية لم يجرؤوا على فرض اللباس الموحد على الطلبة حتى لا يتهموا بما لا تحمد عقباه.

وبعد سنوات من الحرب قام  مسئولو التربية والتعليم في كثير من الدول بفرض أفكار جديدة تبعد عن الحرب ، وأهمها فرض اللباس المدرسي الموحد الذي يذيب الفروقات المذهبية والدينية والطائفية، ففي ألمانيا اقترحت وزيرة العدل "بريجت زيبرايز" تطبيق اللباس المدرسي الموحد في عموم مدارس ألمانيا لأن ذلك سيمنع حدوث خلافات ناتجة عن الاختلافات الدينية أو الاجتماعية ووافقتها وزيرة التعليم آنيت شافان على اقتراحها، وكان سبب الاقتراح القضية التي أثيرت حول فصل طالبتين مسلمتين من إحدى مدارس ألمانيا لارتدائهما الحجاب، إذ اعتبرت المدرسة التي تنتمي إليها الطالبتان أن تصرف الفتاتين هو محاولة للتعبير عن موقف سياسي.

وفي خطوة تجريبية حاولت مدرسة ألمانية تطبيق الزي المدرسي الموحد لاختبار رد فعل الرأي العام، وكانت التجربة ناجحة تمامًا، وحاولت المدرسة تطبيق الزي الموحد فيها وتم العثور على راعٍ لتقديم الزي لكن السلطات المحلية رفضت طلب المدرسة لأسباب قانونية.

 

سنغافورة والحجاب

   اما عن سنغافورة، فقد  أثيرت قبل سنوات أزمة أربع فتيات ارتدين الحجاب مع الزي المدرسي فقامت الحكومة بمنعهن من متابعة التعليم في المدرسة إلا بخلع الحجاب، وحظيت مشكلتهن باهتمام إعلامي كبير أسفر عن رفض والد إحداهن ذهابها للمدرسة وخلع إحداهن للحجاب.

 

المغرب:

 أما عن عالمنا العربي فهناك بعض الدول تطبق اللباس المدرسي منذ زمن وبعضها يترك الحرية للتلاميذ في اختيار ملابسهم، ولكن يبدو أن الأمر اختلف في عصرنا هذا، فكثير من الدول التي كانت لا تفرض اللباس المدرسي أصبحت مضطرة لفرضه وذلك للوقوف أمام بعض الظواهر التي لا تروق لهم التي لم تكن موجودة

من قبل، على حد قول مسئولي تلك البلدان، ففي تصريح لوزير التعليم المغربي "الحبيب المالكي" - في رده عن سؤال لـ(رويترز) عن فرض اللباس المدرسي، قال الوزير: «إن فرض اللباس المدرسي الموحد جاء بعد الذي حدث في 16 مايو "في إشارة الى التفجيرات التى شهدتها الدار البيضاء"، مشيرا الى ان الهدف من ذلك الإجراء هو "جعل المدارس المغربية مجالاً يحصن القِيَم التي تأسس عليها المجتمع المغربي"، وذلك كردّ فعل على بعض أنواع اللباس الإسلامي المتفشية في الأوساط المدرسية المغربية كاللباس الأفغاني.

اليمن

   وفي اليمن حاولت الحكومة بتطبيق خطة واسعة النطاق لتوحيد اللباس المدرسي، وفي تجربة متسرعة قامت بعض المدارس بوضع قيود على الطالبات المنتقبات، ولكنها جوبهت بمعارضة شديدة من الطالبات اللواتي اعتبرن أن هذا الفرض ما هو إلا للتخلص من لبس النقاب، فتجمعت الآلاف من طالبات المدارس الثانوية أمام مقر البرلمان اليمني للاحتجاج على خطة لتوحيد اللباس في مدارس الفتيات.

   وحملت الفتيات، اللاتي قدر منظمون عددهن بعشرين ألفاً، لافتات احتجاجية وسلمت المتظاهرات إلى مجلس النواب رسالة عبّرن فيها عن الغضب إزاء خطة توحيد اللباس المدرسي، وشكين فيها من عقوبات قاسية طبقت في حق من رفضن منهن التخلي عن النقاب.

 

السودان

يرجع الزى المدرسي هناك عندما  أدخلت الحكومة السودانية، في مطلع تسعينات القرن الماضي، تغييرات على نظام التعليم المدرسي والجامعي، ترافق ذلك مع جدال كبير،  فهي لم تطل النظام والمناهج الدراسية فحسب، بل الزيّ المدرسي أيضاً.

 

في ذلك الحين، أصدر النظام قراراً يقضي بمنع الاختلاط في المدارس الإعدادية والثانوية، أما الزي المدرسي، فغيّره جملة وتفصيلاً، ليتحول إلى زي شبيه بذلك الخاص بالقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، وأطلق عليه اسم "زي الحرب"؛ لأن الحكومة حينها رفعت شعار الجهاد لقتال المتمردين في جنوب السودان الذي انفصل وقتها وما زال  الزي المدرسي ما زال على حاله حتى يومنا هذا.

واختارت الحكومة للإعدادي قميصاً أبيض وبنطالاً أخضر للصبيان، أما الفتيات فخصّصت لهن مريلة تصل إلى الركبتين مع بنطال على الطراز الباكستاني، إضافة إلى طرحتَين إحداهما تغطي شعر الرأس، والأخرى تلقى على الصدر لتغطيته بشكل كامل. إلى ذلك، فرضت على تلاميذ الثانوي الزي المرقّط مع التصاميم ذاتها كما المرحلة الإعدادية.

 

اللإمارات وتجربة حديثة العهد

اما عن دولة الامارات، فالتجربة حديثة العهد نسبياً، حيث اعتمد حسين الحمادي وزير التربية والتعليم هذا العام مشروع الزي المدرسي الموحد على مستوى الدولة،  ويحمل شعار دولة الإمارات العربية المتحدة، تعزيزا لقــيم المساواة والعدالة فـي نفوس الطلبة، مـن خـلال توحيد الزي، وتنمية الحس بالمسئولية الوطنية، والالتزام بالواجب لدى الطلبة تجاه المدرسة والمجتمع.

ومما لا شك فيه ان توحيد الزى يعمل على توفير أحد عناصر البيئة المدرسية الجاذبة من خلال شعور الطلبة بالمساواة والعدالة في التعامل وتحقيق التجانس في المظهر، فضلًا عن تهيئة الجو النفسي الملائم وتوفير الدافعية لدى الطلبة لممارسة الألعاب الرياضية بزي موحد في جو يسوده الإحساس بأهمية الرياضة.