عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأموال المشبوهة تهدد مستقبل الديمقراطية

عمرو هاشم
عمرو هاشم

إذا دعتك أموالك إلى كرسى البرلمان فتذكر قدرة الشعب عليك، هذا الدرس لم يستوعبه رجال المال فى مصر بعد ثورتين أدهشتا العالم، فبعد أن قطعت ثورة الخامس والعشرين رأس الحية المتمثلة فى الحزب الوطنى وأنهت العلاقة غير الشرعية بين رجال المال والسلطة فى عهد مبارك، جاءت الجماعة الإرهابية متخفية فى عباءة الدين،

بهدف إعادة العلاقة القديمة بين أهل المال والسلطة وإعادة القرار السياسى إلى عصمة رجال الأعمال وأصحاب المال فى مصر مرة أخرى ليسير الإخوان على نفس خطى مبارك، فبعد أن وصل «مرسى» إلى قصر الرئاسة بدأت عائلات البيزنس الإخوانية فى احتلال المناصب القيادية ليعود إلى أذهان المصريين صورة رجال الحزب الوطنى مرة أخرى فى صور مختلفة فتجسد شخصية أحمد عز أحد أهم رجال المال فى عهد مبارك فى صورة خيرت الشاطر، وحسين سالم الصديق المقرب لمبارك فى هيئة حسن مالك، ولكن تلك الوجوه العكرة لم تستطع أن تخدع الشعب المصرى أو تفقده وعيه ولو للحظات ببريق المال.

علاقات مشبوهة ومصالح مشتركة جمعت بين رجال السلطة ورجال الأعمال ليفرض المال كلمته على صنع القرارات السياسية فى عهد الإخوان، أحمد عبدالعاطى، مدير مكتب مرسى، وشريك نائب المرشد خيرت الشاطر فى شركة «الحياة» للأدوية، وأسعد شيخة، نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وشريك «الشاطر» فى شركة «إم سى آر» للمقاولات، وخالد القزاز الذى يحمل الجنسية الكندية وسكرتير مرسى، وشريك خيرت الشاطر فى عدد من الشركات وحسين القزاز، مستشار مرسى، والذى يمتلك مجموعة «سكوبوس» للاستشارات، وعصام الحداد الذى يحمل الجنسية البريطانية ومساعد مرسى فى الشئون الخارجية، ورئيس الشركة العربية للتنمية «إنتر بيلد» تلك القائمة تمتد لتشمل قيادات جماعة الإخوان، الذين تربطهم شبكة مصاهرة وعلاقات اقتصادية، مثل محمود غزلان، عضو مكتب الإشاد وزوج شقيقة خيرت الشاطر، وشريكه فى شركة الواحة الزراعية، بجانب شراكته مع عبدالرحمن سعودى فى شركة التنمية العمرانية، ويظل الثنائى حسن مالك وخيرت الشاطر هما ملوك الاستثمار فى الجماعة، حيث يواصل مالك دوره المزدوج بين الرئاسة والاستثمار بصفته رئيس لجنة تواصل رجال الأعمال مع الرئاسة.

حارس الديمقراطية         

لم يتبق من خارطة الطريق التى وافق عليها الشعب المصرى بعد ثورة 30 يونية سوى اختيار نواب البرلمان ممثلى الشعب فى رقابة الحكومة وتشريع القوانين إلا أن ظهور أصحاب النفوذ المالى يعكر صفو الأحزاب التى لا تستطيع المنافسة المالية سواء فى الدعاية الانتخابية أو التمويل فى ظل قانون الانتخابات الجديد الذى يسمح لرجال الأعمال باحتلال النصيب الأكبر من مقاعد البرلمان بنسبة 80٪ بمعدل 420 للمقاعد الفردية و120 مقعداً للقوائم وهو ما دفع أحمد عبدالهادى، رئيس حزب شباب مصر، لأن يبدى استياءه من قانون الانتخابات، قائلاً: «الانتخابات المقبلة ستكون أسوأ من انتخابات ما قبل ثورة الخامس والعشرين، مؤكداً أن المخلوع مبارك برغم توغل رجال الأعمال فى عهده لكنه كان يحول دون تهديد ثوابت أركان المؤسسات الدستورية وفى مقدمتها البرلمان وكانت الدولة تسير وقتها كقطع الشطرنج». أضاف: حذرنا من أن البرلمان القادم سيكون شبيهاً بزمن الديكتاتور المخلوع، وعلى الشاكلة نفسها ولقد تحدثنا مع الرئيس عبدالفتاح السيسى عند اجتماعه بالأحزاب ووضحنا له حجم الكارثة المنتظرة ووجهة نظرنا المختلفة عن بعض الأحزاب، وأوضحنا حجم تشاؤمنا بسبب توغل سلطة رأس المال فى القرى والنجوع وأن البرلمان ستتم إدارته برؤوس الأموال المشبوهة، هذا إلى جانب أن الإخوان والسلفيين عينهم على البرلمان، ويتوقع أحمد عبدالهادى المزيد من الفوضى المنتظرة فى الانتخابات بسبب تداخل رؤوس الأموال فى المنافسة على المقاعد البرلمانية قائلاً: حدود الدعاية الانتخابية كان نصف مليون جنيه وتحدثنا كثيراً أن ذلك المبلغ مُبالغ فيه واقترحنا أن تكون لافتات الدعاية فى حدود ألف متر فقط من دائرة المرشح حتى نستطيع تحجيم الاتفاقات المالية وتقليص مساحات الدعاية التى تملأ الشوارع من أجل مرشح واحد يتم دعمه بالأموال من رجال الأعمال وأصحاب المصالح الخاصة، وأن تكون الدعاية على أرض الواقع بأن يتم التفاعل بين الناخب والناخبين، فقانون الانتخابات أعطى سلطة رأس المال التوغل فى الدولة لأنها مشغولة بقضايا قومية، ولدينا معلومات تؤكد أن بعض المرشحين يستأجر مساحات فى الفضائيات للترويج لنفسه وإبرازه فى صورة رجل المرحلة المقبلة، وذلك مقابل مبالغ مالية ويكشف أحمد عبدالهادى سيطرة رجال الأعمال على بعض الأحزاب فى الفترة الأخيرة قائلاً: هناك بعض الأحزاب التى ينفق عليها رجل أعمال فاحش الثراء، وقد تورط فى تصريح ذكر خلاله أنه رصد مبلغاً مالياً للمرشحين من حزبه يصل لـ2 مليون جنيه، وبعض الأحزاب التى يتم دعمها من رجال أعمال مبارك كحزب «مستقبل وطن» الذى ينفق عليه فتحى سرور خلاف استئجار شباب بمبالغ مالية مقابل الانضمام للحزب، خلاف قيام أحمد عز بدعم مرشحين للسيطرة على البرلمان، مؤكداً أن الخطر تمثل فى القرى والنجوع، الحزب يدفع بعربات محملة بدعاية انتخابية تذهب إلى القرى، واختتم عبدالهادى كلامه بأن من يستبعدون تزاوج المال والسلطة فى البرلمان القادم مخطئون لأن الواقع يشير لعكس ذلك.

جنون الدعاية

تبلغ الدعاية الانتخابية ذروتها فى انتخابات البرلمان ويستغل كل ناخب ما يملك من أدوات ليفوز بمقعد فى الانتخابات، فقد كشف تقرير صادر عن مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية عن أن إجمالى الإنفاق على الانتخابات البرلمانية من قبل المرشحين فى الدعاية يتراوح ما بين 7 و10 مليارات جنيه، وأشار التقرير إلى إلزام مرشحى مجلس النواب بعمل فحوصات طبية بمبلغ 4 آلاف جنيه لكل مرشح بالإضافة إلى تأمين انتخابات قدره 3000 جنيه لكل مرشح أى تكلفة قدرها 7000 جنيه لم تكن موجودة فى الانتخابات السابقة، وكل ذلك يمثل معاناة على الناخبين غير الأثرياء الذين يسعون لخوض مضمار الانتخابات من أجل خدمة المواطنين.

وتوقع التقرير تزايد معدلات وقيم الإنفاق لتصل إلى مليون جنيه وقد تتجاوز بالنسبة لبعض المرشحين لنحو 10 ملايين جنيه فما رأيناه فى انتخابات الإخوان أكبر دليل على حجم الإنفاق على الدعاية من الزيت والسكر والبطاطين واستغلال حاجة الفقراء حتى استخدام دور العبادة فى الدعاية ليكون كل شىء مباحاً فى رحلة الوصول للبرلمان، فبعد الدعاية الإخوانية للتعديلات الدستورية قامت برفع قيمة الاشتراك الشهرى من 8٪ إلى 50٪ من مجموع الدخل الكامل للعضو فى المناطق والمحافظات الغنية فى القاهرة والإسكندرية والجيزة و30٪ فى باقى المحافظات، فحزب الحرية والعدالة المولود من رحم الجماعة الإرهابية وأحد القوى التى لديها موارد مالية كثيرة، فالمؤشرات تشير إلى دعم جماعة الإخوان المسلمين مالياً من التنظيم الدولى للإخوان المسلمين بالإضافة إلى تلقى الدعم من قوى إقليمية بالمنطقة، ويدعم ذلك تصريح وزير المالية الأسبق الدكتور سمير رضوان بتاريخ 13/2/2014، حيث أكد أن تحويلات العاملين بالخارج قد ارتفعت عام 2013 من متوسط سنوى يبلغ ما بين 6 - 8 مليارات دولار و18 مليار دولار فى العام الذى حكم فيه الإخوان وأرجع فيه الزيادة إلى تدفق التمويل السياسى الخارجى لجماعة الإخوان المسلمين، وقد برز توظيف الجماعة للمال وقت الانتخابات من خلال توزيع المساعدات العينية كالزيت والسكر على قرى محافظات مصر.

خالد داود، المتحدث الرسمى باسم حزب الدستور، يشرح خطورة المال السياسى فى الفترة المقبلة، على الدولة قائلاً: «قانون الانتخابات يرسخ إلى عودة برلمانات مبارك، فالدستور المصرى يقوم على التعددية الحزبية ولكن قانون الانتخابات له رأى آخر حين أقر نسبة 80٪ من المقاعد للفردى وهو ما يسمح للعائلات والقبائل والأموال

أن تدعم بعضها من أجل مرشح واحد وهو ترسيخ لفكرة برلمان غير قادر على القيام بدوره فى مراقبة أداء الحكومة وإصدار التشريعات، ويشرح خالد داود التقاتل الدائر من أجل مقعد البرلمان قائلاً: «شاهدنا أشخاصاً تتقاتل وتسير مع البلطجية من أجل تقديم أوراق ترشحها طمعاً فى السلطة، والعقوبة التى فرضت على المرشح فى حالة تجاوزه مبلغ الدعاية الانتخابية 100 ألف جنيه مبلغ هزيل مقابل أن ينفق المرشح الملايين فالغرامة لن تكون رادعاً للمرشح، فاللجنة الانتخابية ليس لديها الإمكانية فى الرقابة على جميع أشكال الإنفاق سواء كان الإنفاق عن طريق الدعاية فى برامج التوك شو أو الدعاية فى الشوارع، فالأحزاب ليس لديها تمويل وقائمة على تبرعات الأعضاء وخاصة الأحزاب القديمة، فمرشح برلمان 2010 وعضو لجنة السياسات فى الحزب الوطنى اجتمع بكثير من المرشحين ووعد بتوزيع البطاطين والأسمنت والمواد الغذائية على الناخبين فى حالة فوز مرشحيه واستبعد «داود» وجود الشباب بالبرلمان القادم متوقعاً أن تظل النسب التى كنا نراها فى البرلمانات السابقة للمرأة والأقباط هى نفسها فى البرلمان القادم.

حدد المشرع فى الفصل الرابع من قانون مجلس النواب المادة

25 الحد الأقصى للإنفاق سواء فى النظام الفردى أو فى القائمة، على أن يفتح المرشح حساباً فى أحد البنوك التى تحددها اللجنة العليا للانتخابات، كما حدد آلية مراقبة ما يخصصه المرشح وما يتلقاه من هبات ومساعدات على أن يفحص ذلك من خلال جهة تحددها اللجنة، وهنا لابد من تحديد الآليات التى ستقوم من خلالها اللجنة بمراقبة الأموال المخصصة للانتخابات، وأن يمتد عملها لرصد التجاوزات التى قد تحدث من قبيل توزيع هدايا ومساعدات عينية فى المناطق الفقيرة والريفية، كذلك التحويلات التى قد تأتى من الخارج، خشية أن تكون موجهة لدعم التيار الإسلامى والذى ينظر بعض رموزه للبرلمان على أنه الأمل الأخير لإعادة السيطرة على الدولة مرة أخرى.

معدلات الفقر والأمية تظل معياراً لشراء الأصوات فى العملية الانتخابية بجانب القنوات التى تتبع رجال الأعمال من أجل خدمة مصالحهم الانتخابية، وفق رؤية الكثير من المراقبين وهو ما يتناوله د. عمرو هاشم ربيع، عضو لجنة إصلاح البنية التشريعية، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قائلاً: تزاوج المال والسلطة فى البرلمان القادم هو نتاج النظام الفردى الذى أقرته لجنة الانتخابات، والذى يعيد فكرة اعتماد العائلات على مرشح والدفع بالأموال والرشاوى فى سباق الانتخابات، لذا فنحن أمام سيناريو سيؤدى حتماً لإعادة برلمان ما قبل الثورة.

مولود يشبه أجداده

فتح قرار محكمة مستأنف الأمور المستعجلة بإلغاء قرار منع قيادات الحزب الوطنى من الترشح فى الانتخابات البرلمانية الصادر فى يوليو 2014 المجال أمام عودة كثير من رجال الأعمال المنتمين لذلك الكيان الذى كان الراعى الرسمى للفساد طيلة سنوات للاستعداد لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما حدث فعلياً فى إعلان بعض الوجوه الترشح فى دوائرهم ودخول البعض فى التحالفات الانتخابية المعلنة الآن مستخدمين سلاح الدعم المالى فى صورة شراكة بينهم لدعم بعضهم البعض شادى الغزالى حرب، عضو ائتلاف شباب الثورة، القيادى السابق بحزب الدستور، يتحدث عن المولود المنتظر من زواج المال والسلطة قائلاً: «القانون الحالى يفتح الطريق لعودة نظام مبارك مرة أخرى للبرلمان، وذلك لأن من يملك المال يملك البرلمان ومن لا يملك فهو خارج السباق، والحديث عن دخول رجال الأعمال للبرلمان فهو يمثل تضافراً بين المال والسلطة ولن تتحقق معه أهداف الدولة وما تسعى إليه من استقرار وتقدم أكد «شادى» أن الشباب لن يكون له نصيب فى البرلمان المقبل لأن أغلبيتهم لا يمتلك المال، وعن دور الأحزاب قال: «هناك مناقشات تمت بين الأحزاب وبين أجهزة الدولة وتحدثنا عن أن تلك القوانين لا تصلح ولكن الدولة فى وادٍ والأحزاب فى وادٍ آخر ولم يلتفت إلى التعديلات التى قمنا بعرضها ويبدو أننا نسير فى اتجاه إقصاء الأحزاب وتهميش دورها، ولنكن منصفين فإن بعض الأحزاب مازالت ضعيفة وتلك إحدى خطايا مبارك الذى همش الأحزاب وحتى وصل الإخوان للحكم فاتبعوا المنهج نفسه، والدولة تسير فى الطريق نفسه بل تزيد من ضعف الأحزاب ولا تريد لها اكتساب قوة على أرض الواقع.

وعلى عكس رأى شادى الغزالى يقول ممدوح قناوى، رئيس حزب الدستورى الحر فى تيار الاستقلال، من خلال خبرتى فى العمل السياسى فإن برلمان رجال الأعمال وإعادة تزاوج المال والسلطة لن يحدث مطلقاً، أعرف بأن رجال الأعمال فى الوقت الحالى يشترون المرشحين وليس الناخبين ولكنهم لن ينجحوا ويستشهد «قناوى» بأعضاء الحزب الوطنى المنبوذين شعبياً بينما يتكاتف الشعب وراء قيادته السياسية لذا فالانتخابات القادمة ليست بالدعاية والإعلانات، وينتقد رئيس حزب الدستورى الحر الإعلام لأنه يقوم بدور سلبى فالأموال تنفق لتضليل الشعب وتلويث عقليته، وفى النهاية لا يصح إلا الصحيح فبعد ثورتى الخامس والعشرين والثلاثين من يونية فالشعب أصبح أكثر وعياً ونضجاً ولن يخدع الجماهير رجال المال كما كان يحدث من قبل.