عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عمال مصر بلا عيد..بطالة وفقر ومرض

بوابة الوفد الإلكترونية

عمال مصر.. بناة حضارتها على مر التاريخ في كل زمان ومكان.. هم قلب هذا الوطن النابض، بدونهم لا عمل ولا إنتاج ولا حياة.

وعندما يهل يوم عيدهم في أول مايو من كل عام، نتمني كمصريين جميعاً أن نحتفل بهم ومعهم احتفالاً حقيقياً، يحصلون فيه علي حقوقهم وأولها فرصة عمل مناسبة وأجور ملائمة تقيهم ذل الفقر والحاجة، وتأمين صحى، يغطى أزماتهم الصحية، ومعاشات جيدة تؤمن ما بقى لهم من الحياة، بعد سنوات من التعب والعطاء. هذا ما يتمناه كل عامل، ولكن للأسف هناك فرق كبير بين التمني والواقع، وهو ما أفقد عمال مصر فرحة الاحتفال بعيدهم العالمى فمازال الملايين من عمال مصر يعانون الأمرين في كل اتجاه، منهم من تم طردهم وجلسوا على رصيف البطالة لإفلاس المصانع وخراب الشركات، ومنهم من لا يجد أصلاً فرصة عمل رغم الخبرة الطويلة، ومنهم من لا يجد مجالاً لترويج حرفته أو منتجاته إن كان صاحب مصنع صغير أو ورثة.. وغيرها من مشاكل كثيرة متراكمة على مدي عقود تزداد تعقيداً.
هنا ملف عن العمال وفساد الشركات وخراب المصانع.. والهدف إيجاد الحلول وإنقاذ طاقة مصر العاملة.

 

الفساد سبب الخراب
إغلاق 8 آلاف مصنع يلقي بملايين العمال علي الرصيف
شبح الإفلاس يخيم علي 74 منطقة صناعية
500 مليون جنيه تنقذ 12 ألف عامل من التشرد

يكشف ملف المصانع المغلقة منذ أعوام حجم الإهمال الذي تعاني منه ثروات مصر المنسية كما يكشف أن مصر تدار بوجهين الأول لبرامج التوك شو والثاني واقع مؤلم وأرقام متضاربة ومعلومات كاذبة، لذا فالتخبط والارتباك يظل كلاهما عنوان أزمة ملف المصانع المتعثرة والمغلقة بداية بعددها وأسبابها وصولا الي كيفية التعامل معها وطرق حل مشكلاتها بعد أن أصبحت كطفل الخطيئة الجميع يتبرأ منه بداية من البنوك ثم الصناعة ثم الاستثمار وأخيرا البنك المركزي الذي طالب بعدم الزج بالجهاز المصرفي في هذه القضية ليظل آلاف المصانع المتعثرة ومئات الآلاف من العمالة الماهرة في الشارع لينضموا الي طابور البطالة ومليارات الاستثمارات المعطلة.
من جانبها أكدت وزارة الصناعة أنها قدمت كل ما هو ممكن لحل الأزمة، وأنها دعت رجال الصناعة المتعثرين عدة مرات للتقدم للوزارة لعرض ما تعانيه مصانعهم لمساعدتهم في الحل ولم يتقدم سوي المئات والمفاجأة أن عددا كبيرا من الذين تقدموا عبارة عن مزارع وفنادق وشركات سياحية وشركات قطاع عام بل ومصانع مغلقة منذ عشرات السنين ومن تنطبق عليهم الشروط قرابة 35 مصنعا فقط.
وكانت لجنة الإنتاج الصناعي بمجلس الشوري سابقا أصدرت عدة تقارير تؤكد أن إجمالي المصانع المتوقفة عن العمل بلغ 3 آلاف مصنع حتي عام 2013، منها 1550 مصنعا كانت متوقفة قبل الثورة، وتمت إعادة فتح وتشغيل 300 مصنع. كما أكد تقرير صادر عن مؤتمر عمال مصر الديمقراطي أن المصانع التي أغلقت في أعقاب ثورة 25 يناير وحتي أول العام الحالي تجاوزت الـ4500 مصنع في 74 منطقة، وفي أبريل 2013 أصدر الاتحاد العام لنقابات عمال مصر تقريرا يؤكد أن إجمالي عدد المصانع التي أغلقت بعد ثورة يناير بلغ 8222 مصنعا، كما أمدت الدراسة التي أعدها اتحاد المستثمرين عن تخارج وتعثر 1500 مصنع حتي عام 2013، وذلك بسبب تدهور الأوضاع اقتصاديا وسياسيا.. بينما اتحاد نقابات عمال مصر كان أصدر تقريرا أشار فيه الي أن عدد المصانع المتعثرة بلغ 8222 مصنعا، في حين أشارت دراسة أعدها اتحاد المستثمرين الي وجود 1500 مصنع متعثر حتي 2013، قرابة 40٪ منها في قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة.

الحكومة تتجاهل الأزمة
يقول كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية وعضو سكرتارية مؤتمر عمال مصر إنه بعد الثورة تم إغلاق آلاف المصانع، الأمر الذي أدي الي تسريح مئات الآلاف من العمال بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد والتعثر في دفع الديون والركود الاقتصادي بالإضافة الي انتهاء فترة الإعفاء الضريبي لبعض الشركات بخلاف قرارات الإغلاق، وأن عدد المصانع والشركات التي أغلقت أبوابها تجاوز أكثر من 4500 مصنع في 74 منطقة صناعية منتشرة في جميع المحافظات المصرية لافتا الي أن ذلك تم حصره من خلال المسح الميداني الذي تقوم به الفرق العمالية من نشطاء مؤتمر عمال مصر الديمقراطي ودار الخدمات النقابية والعمالية الذي تسبب في تسريح 12000 عامل في هذه المناطق الصناعية سواء عن طريق حالات الإغلاق الكلي أو حالات الإغلاق الجزئي التي تعني توقف الإدارة خطوط إنتاج بعينها داخل المصانع أو عن طريق عمليات تخفيض «الورادي» داخل المصنع الواحد وتخفيض العمالة دون اللجوء الي الإغلاق.
وأضاف كمال عباس أن ملف المدن الصناعية المصرية واحد من أخطر الملفات الاقتصادية التي تجاهلتها الحكومة المتعاقبة والتي تؤدي الي زيادة البطالة الموجودة مما يضر بالاقتصاد والمواطن المصري، وأوضح أن مصر خسرت خلال الفترة السابقة حوالي 12٪ من إجمال صادراتها في الربع الأول من العام الماضي، وتم إغلاق 159 مصنعا مما تسبب في تشريد حوالي 30 ألف عامل حيث إن متوسط العمل في المصنع الواحد يتراوح بين 200 الي 250 عاملا.
ويشير محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمري برج العرب الي أن الحكومة غير جادة في حل مشكلة المصانع المتعثرة، وما قامت به حتي الآن مجرد تصريحات لم ترتق الي درجة التنفيذ وأن المسئولين لم يأتوا لزيارة المصانع المتعثرة بالمدينة لدراسة مشاكلهم علي أرض الواقع، ومازال أصحاب هذه المصانع يبحثون عن أب شرعي لهم ولابد من قيام الدولة ممثلة في وزارتي الصناعة والاستثمار بالتدخل الفوري والحاسم لحل مشكلة كل مصنع علي حدة لوضع حد لهذه المشكلة التي تتفاقم يوما بعد يوم، مؤكدا أنه لا يمكن أن يأتي استثمار خارجي قبل حل مشكلات المستثمرين المحليين.
ويقول أحمد طه المدير التنفيذ لمركزي تحديث الصناعة والمسئول عن ملف المصانع المتعثرة إن الأرقام المتداولة حول عدد تلك المصانع المتعثرة غير دقيقة وإن الوزارة ممثلة في مركز تحديث الصناعة قامت بنشر أربعة إعلانات كان آخرها في شهر أكتوبر عام 2013، تدعو المسئولين عن المصانع المتعثرة للتقدم لدراسة حالاتها والمساعدة علي حلها وأن إجمالي من تقدموا نحو 920 حالة فقط وتمت دراسة هذه الحالات من قبل لجان متخصصة فنيا وتم إنشاء إدارة مالية لتقوم بعمل تقييم مالي لموازنة هذه الشركات.. وقد خلصنا من خلال الدراسات الميدانية والفنية لهذه الحالات الي أن المصانع التي ينطبق عليها تعريف «مصنع متعثر» طبقا للشروط التي وضعناها 35 مصنعا فقط يعمل بها قرابة 4500 عامل باستثمارات نحو 900 مليون جنيه يحتاجون لـ200 مليون جنيه بمتوسط 5 ملايين جنيه لكل مصنع عبارة عن قروض وليست منحا، والغريب أن بعض

هذه الحالات بعد الانتهاء من دراستها الفنية رفضوا تقديم الملف المالي والموازنات وباقي المتقدمين لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم إما مصانع قطاع أعمال أو شركات تجارية أو شركات سياحية وفنادق ومزارع.. وهناك عدد من المصانع مغلقة منذ عشرات السنين ومصانع خالية عبارة عن هناجر ومنها مصانع لها قضايا منظورة بالمحاكم منذ عشرات السنين ومنها من لديه مشاكل مصرفية.
ويعترف «طه» بأنه قد يكون هناك الآلاف من المصانع المتعثرة وقد يكون الرقم أقل بكثير ولكن الرقم الواقعي الوحيد هو الذي أعلن عن نفسه، وإن كنا في مجتمع يخجل من الإفصاح عن أننا متعثرون وأن الحل يحتاج من الجميع التعاون والجدية والشفافية والمصداقية ووضع مصلحة الوطن فوق المصلحة الخاصة، فهناك رجال أعمال وطنيون يعملون منذ ثلاث سنوات دون تحقيق أرباح ورفضوا التوقف أو الاستغناء عن العمالة التي لديهم مراعاة لظروف الوطن وآخرون للأسف بعد أن انخفضت أرباحهم تركوا المصانع وذهبوا خارج البلاد دون مراعاة للعمالة أو للظروف التي تمر بها البلاد.

 

ازدهار البطالة
ويؤكد الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدي الاقتصادي المصري أن معدل البطالة تفاقم بعد ثورة يناير بسبب إغلاق هذه المصانع أبوابها، وأن هذه المصانع أُجبرت علي الإغلاق بسبب تردي الوضع الاقتصادي، حيث إن كثيرا من منتجاتها حدث لها ركود ومعظم هذه المصانع تأخذ قروضا من البنوك لتمويل مشروعاتها، وحينما حدث الركود الاقتصادي ازدادت مديونيات تلك المصانع الأمر الذي جعلها مضطرة لوقف نشاطها فلم يكن هناك مساندة من الدولة.
فيما يقول محمد البهي عضو هيئة مكتب اتحاد الصناعات ورئيس لجنة الضرائب بالاتحاد إنه طبقا لآخر بيانات من جمعيات المستثمرين ومجالس الأمناء بالمدن الصناعية بالمحافظات، فإن عدد المصانع المتعثرة وصل الي قرابة 7 آلاف مصنع كان يعمل بها نحو مليوني عامل، حياتهم توقفت تماما وهذا أثر بالسلب علي الاقتصاد من عدة جوانب منها ضياع رسوم الضرائب والجمارك علي الدولة وعملة أجنبية من الصادرات وسيولة في الأسواق وقدرة شرائية وتوقف استثمارات تقدر بنحو 35 مليار جنيه عن العمل وباتت هذه المصانع متوقفة يأكلها الصدأ وأن الأسباب وراء التعثر مختلفة، منها ما هو مالي متمثل في عدم قدرتها علي الحصول علي قروض لشراء خامات ومستلزمات إنتاج ومعدات وأن السياسات المالية للبنوك تتعارض مع ما يصدره البنك المركزي من تعليمات، مثل ذلك نجد «المركزي» يصدر تعليمات عامة بانتهاء وضع العملاء المتعثرين في قوائم سوداء لمدة 5 سنوات فقط وبعدها يحظي بمعاملة عادية، إلا أن البنوك لا تلتزم بتلك التعليمات بل تتعسف في إقراضه أو التعامل معه مرة أخري بدعوي أنه عميل رديء أو سيئ السمعة ويعامل معاملة في غاية السوء من قبل لجان الجدارة المالية بالبنوك فمن تعثر مرة حكم عليه بالموت من جانب البنوك، هذا بالإضافة الي أن البنوك تتعامل بسياسات عقيمة تعتمد في الضمانات علي ما هو عيني وليس علي التدفقات النقدية.
ويضيف «البهي» أن سياسة الإقراض في العالم تعتمد في الأساس علي فرص المشروع في التوسع في الأسواق وحجم الطلب الفعلي علي منتج الشركة، في حين تطلب البنوك لدينا ضمانات عينية ولو كان المستثمر لديه ضمانات عينية فسوف يبيعها علي الفور دون اللجوء الي البنوك بل إن البنك يطلب من العميل المتعثر آخر ثلاث ميزانيات ويعلم أنه متعثر رغما عن إرادته بسبب الركود الاقتصادي الشديد خلال السنوات الماضية والإغراق المتعمد من الأسواق الخارجة بمنتجات منخفضة الأسعار رديئة المواصفات وارتفاع أسعار الخامات ووقف التصدير في عدد كبير من المصانع.
ويطالب «البهي» بإنشاء صندوق لإقالة هذه المصانع المتعثرة ويخصص له تمويل لا يقل عن 3 مليارات دولار من المنح والمساعدات الأجنبية علي أن يدار طبقا لقانون خاص به تحت إدارة مجموعة محترفة من الخبراء يقومون بتقييم الأصول المتعثرة والفرص الواعدة لتلك المصانع ويتم إقراضها بأسلوب المشاركة، بحيث يخرج الصندوق بعد عدة سنوات محملا بأرباح كبيرة يعاد ضخها في مصانع متعثرة أخري بما يطلق عليه القرض الدوار.
أما محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية فيري أنه منذ بداية الأزمة ووزارة الصناعة هي من تتولي حل هذا الملف، موضحا أنها أجرت عمليات تقييم للمصانع لمساعدتها وعند الانتهاء من إجراء عمليات التقييم اتضح أن ما يقرب من 170 مصنعا قابلة للخروج من التعثر لكن الحكومة لم تمول هذا المشروع بسبب تأخر صرف الـ500 مليون المخصصة لتشغيل تلك المصانع.