رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل حققت إيران مكاسب من اتفاقها المبدئي حول برنامجها النووي؟

أرشيفية
أرشيفية

على مدار الأيام الماضية استمرت الأفراح الإيرانية، بعد توقيع اتفاقها مع مجموعة دول 5+1، فهل حققت إيران مكاسب من هذا الاتفاق؟.. وهل احتفال الايرانيون بنصر حققوه في هذا الاتفاق مبنى على حقيقة أم هو انتصارٌ زائف، ووهمٌ عاش فيه الإيرانيون لأيام وربما يمتد لأسابيع، لأنهم يحلمون بنصرٍ لم يحققوه، ولم يعيشوا نشوته منذ سنين طوال؟ّ!  

وهذا الاتفاق "المبدئي" لا يتعدى كونه خطاب نوايا، وهو مجرد إطار عام لاتفاق لم يتم، وستثبت الشهور القادمة مدى صدق المتفقين عليه، وهذا الاتفاق ليس بين أمريكا وايران كما يظن الظانون، بل هو بين ايران ومجموعة 5+1، وهى مجموعة دول تتفاوض مع إيران حول برنامجها النووى، منذ عام 2006، وتضم المجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، ( الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين) بالإضافة إلى ألمانيا لأنَّ معظم الأدوات المستخدمة في البرنامج النووي الإيراني ألمانية الصنع.
ومن ينظر في الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 ــ وهو اتفاق ليس نهائيًا ــ يجد أنه يوقف فرض أي عقوبات دولية جديدة ضد إيران خلال الأشهر الستة القادمة، مع عدم نقص نسبة صادرات النفط الإيرانى إلى أقل من النسبة الحالية، ورفع الحظر عن شراء وبيع الذهب والمعادن الثمينة، ورفع الحظر المفروض على صناعة السيارات، والصناعات البتروكيماوية. وتتعهد الدول الستة بمساعدة إيران في صيانة واصلاح الطائرات المدنية، كما تتعهد بتحرير 400 مليون دولار "فقط" من الأموال الإيرانية في الخارج، لتسديد تكاليف دراسة الطلبة الإيرانيين المبعوثين إلى الجامعات الاوروبية والامريكية، والتعاون مع إيران لشراء المواد الغذائية والطبية.
والاتفاق الذي تم لن يسمح لإيران بتخطي عثراتها المالية وصرف مستحقاتها النفطية لدى الدول الأخرى بالسرعة التي يتخيلها البعض، أو التي يأملها ويتعجلها الإيرانيون، فلن تستطيع إيران الحصول على أكثر من 7 مليارات من مواردها، لا يتم إنفاقها إلا في أغراض "محددة".. ولم تستجب الدول الست الأخرى لطلب إيران للإفراج عن مائة مليار دولار من أموالها المُحتجزة في الخارج.
ولن تستطيع إيران ــ بموجب هذا الاتفاق ــ زيادة صادراتها عمومًا خلال الستة أشهر القادمة، مما يُعرِضها لخسارة تُقدَّر بحوالى 35 مليار دولار، أى أكثر من خمسة مليارات دولار شهريًا، مقارنة بما كانت تحصل عليه في عام 2011.
ويسمح الاتفاق لإيران بالحصول على 4.2 مليار دولار "فقط" من مستحقاتها من صادراتها النفطية، وسيتم تحويل 15 ملياراً أخرى من أموالها إلى الأرصدة الخارجية لتنضم للأموال المحجوزة بالخارج. وسيستمر الحظر على البنك المركزى الايرانى والبنوك التجارية الإيرانية وشركات الضمان والتأمين والملاحة البحرية، حتى إبرام إتفاق نهائى، يُنهى الخلاف مع إيران.
وبالإضافة إلى ذلك تتعهد الحكومة الإيرانية  بموجب الاتفاق بتنفيذ عدد من الالتزامات خلال الأشهر الستة المقبلة وهي:
•أولًا: وقف عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة تخصيب 5%، وعدم إضافة أي جهاز للطرد المركزي في المنشآت النووية، ووقف عمل نصف أجهزة الطرد المركزي في منشأة ناطنز، و75% من الأجهزة في منشأة فردو، وتكتفي إيران باستبدال أجهزة الطرد المركزي التي يطرأ عليها عطل، وتتجنب إنتاج أجهزة أخرى، مما ينزل بعدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها في تخصيب اليورانيوم من 19 ألف جهاز إلى 6104، وستقوم بتشغيل 5060 منها فقط.
• ثانيًا: تلتزم إيران بالتوقف عن ببناء أي منشأة جديدة بغرض تخصيب اليورانيوم لمدة 15 عامًا.
• ثالثُا: تتعهد إيران بالسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة منشآت ناطنز وفردو، ومراكز إنتاج مكونات أجهزة الطرد المركزي ومستودعات تخزينها، والسماح بتفتيش المناجم في إيران، وإتاحة وتوفير وعدم حجب أي معلومات يطلبها المفتشون، وتسهيل إجراءات التفتيش "اليومي" لتلك المُنشآت.
• رابعًا: تحتفظ إيران باحتياطياتها الحالية "فقط" من اليورانيوم، الُمخصبة بنسبة 3.5% خلال الستة أشهر الماضية، وتتجنب التخصيب بأعلى من هذه النسبة، وتقوم بتحويل

احتياطياتها التي تتعدى هذه النسبة إلى "أوكسيد اليورانيوم"، ووقف إنتاج الماء الثقيل والوقود الخاص بمنشأة أراك.
وتقرر خلال المفاوضات التي تمت في مدينة لوزان السويسرية قبل ثلاثة أيام تشكيل لجنة من خبراء متخصصين من إيران ومجموعة دول 5+1، لتسهيل مأموريات مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، للتحقق من وقف أي إجراءات إيرانية قد تمكنها من إنتاج قنبلة نووية.
ومع التوصل لهذا الاتفاق "المبدئي" ستبدأ مفاوضات جديدة للتوصل لاتفاق "نهائي"، وإذا لم يتم يتحقق هذا الاتفاق المأمول، سيتم فرض عقوبات جديدة ستكون مُضاعفة.
وأعود لأكرر سؤالي هل إيران قد حققت مكاسب من اتفاقها مع مجموعة 5+1؟!
في رأيي أنَّ أمريكا وأوروبا ومعها الصين وروسيا هم الفائزون مِنْ ماراثون مفاوضات استمرت عشر سنوات، حيث ستجد شركات هذه الدول سوقًا مُتعطشة، تستوعب استثمارات تزيد عن مائة مليار دولار، تنتظرها قطاعات الاتصالات والمواصلات والتعليم والمصارف، والصناعات التعدينية والبتروكيماوية والسيارات..
وليس هناك سببٌ مُقنعٌ للفرحة العارمة التى عمّتَ ايران، والاستقبال الحافل لوزير الخارجية الايرانى محمد جواد ظريف عند عودته الى طهران بعد أن قاد المفاوضين الإيرانيين فى سويسرا.. وتلك الفرحة التى عبر عنها الشعب الإيرانى وحكومته قبله، قد أقلقت وربما أحزنت دول المنطقة العربية ومعها اسرائيل، رغم أنَّ هذه الفرحة لا تُعبر عن حقيقة، وهذا الاتفاق يٌجِّرد إيران مِن حلمها.. ولعل ذلك مادفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لطمأنته والتأكيد على أنَّ الاتفاق يُمثِّل تقدمًا كبيرًا نحو التوصل إلى حل دائم وشامل، يقطع "كل" الطرق على إيران لامتلاك قنبلة نووية، ويضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني فيما بعد. ولم ينس أوباما أن يُعرب عن استمرار قلق أميريكا من رعاية إيران للإرهاب وتهديد إسرائيل.. وعلى الجانب الآخر سارع وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، جون كيري، بالاتصال بوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي على ما يُطمئنهم في الاتفاق، مؤكدًا التزام بلاده بأمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي.
ورغم مرور ثلاثة أيام على الاتفاق إلا أن ردود الأفعال حوله لازالت مُتضاربة، بل متناقضة.. ففي حين بقى الايرانيون يفترشون الشوارع ويرقصون فرحًا، أطل وزير الخارجية الألماني فرانك- فالتر شتاينماير، مُحذِرًا من المبالغة في التفاؤل، وقال إنه من المبكر الاحتفال الآن بهذا الاتفاق.
فالوقتُ بالفعل لازال مُبكرًا للاحتفال.. فالقادم سيكون أصعب.. وإنْ كان الاتفاق النهائي لا يحجبنا عنه سوى ستة أشهر، إلا أنَّ الطريق إليه طويل جدًا جدًا، وعندما يتحقق فمن حق أى طرف أن يفرح حينها كيف يشاء..