رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صرخة جمعية "الصم والبكم"

بوابة الوفد الإلكترونية

الشعور بالظلم الذى تنطق به إشارات الصم والبكم، لا يأتى من فراغ، تراث من التجاهل لمشكلات 3 ملايين أصم فى مصر يُصبغ تعبيراتهم بأوجاع لا حصر لها

مازالوا يناشدون المجتمع الإحساس بهم وبقضاياهم حتى ولو لم يعرفوا لغة الكلام. فى مقر جمعية الصم والبكم بمصر الجديدة قابلناهم، لم يكن الأمر بحاجة ماسة إلى مترجم إشارات فتعبيرات الوجه واليدين وحركة الشفاه كانت تصرخ ألماً بقدراتهم المكبوتة وطموحاتهم الموؤدة وتطلعاتهم التى يقف أمامها ألف سور.
فى البداية قابلنا السيدة نجلاء محمد، أقدم مترجمة إشارات فى الجمعية، والتى تعد الصديقة الأهم للصم والبكم وحلقة الوصل الناطقة بينهم وبين آذان من حولهم.. علمت أن مترجم الإشارة من أسرة جميعها من الصم والبكم وهو ما جعل أبويها يعتقدان أنها لا تسمع وبالتالى لا تتكلم فالتحقت بالمدارس الخاصة بالصم والبكم إلى أن اكتشف أحد الأطباء بالمصادفة أثناء اختبارات السمع أنها سليمة وليست صماء وبدأت تتعلم الكلام وهى فى العاشر من عمرها تقريباً، قالت لى إن هذه المشكلة تواجه مئات الأطفال من أسر الصم والبكم وبالتالى فإن فصول واختبارات السمع والكلام هامة جداً لمثل هؤلاء الأطفال وهو ما دعا إدارة الجمعية لعمل مركز لغوى يقبل الأطفال من سن 6 سنوات مقابل أجر رمزى بحيث يتعلم الطفل الكلام بحركة الشفاه حتى لو لم يكن يسمع، ومن خلال حديثنا مع مترجمة الإشارة بالجمعية تواصلنا مع العديد من المشكلات الخاصة بـ3 ملايين أصم وأبكم قالت عنهم مديرة الجمعية الشابة إنهم غير مسموعين ومديرة الجمعية هى السيدة إيمان سامى تكاد تكون أصغر من تقلد هذا المنصب عن طريق الانتخاب، ومن الواضح أن صدقها فى التعامل مع قضايا الصم والبكم كان الدعم الأقوى لها لتولى هذه المهمة، قالت مديرة الجمعية: الإعاقة السمعية والكلامية من أصعب الإعاقات لأنها غير واضحة ويسير الصم وسط الناس، دون أن يعلم بهم أحد ولا يهتم بظروفهم الاجتماعية وتؤكد مديرة الجمعية أنهم يحاولون توصيل مشكلات الصم والبكم إلى المجتمع لمحاولة حلها، ورغم أن الجمعية من الممكن أن يكون لها مصادر دخل كبيرة عن طريق المشروعات الإنتاجية للصم والبكم فى مجال الطباعة والملابس والنجارة وغيرها إلا أنهم يواجهون مشكلات كبيرة فى التمويل والاعتماد على التبرعات تجعلهم فى تحدٍ مع رواتب العاملين بها بسبب مشكلات شراء الخامات وتشغيل الورش، من أهم ملامح مشكلات الصم والبكم «الفقر» حيث ينتشر بشكل كبير جداً بسبب صعوبة التشغيل.
وصاية
المجتمع ينتزع الأهلية من الصم والبكم ويطلب منهم أوصياء عليهم فى التعامل مع أى جهد أو التعامل بالبيع والشراء، وهذا ما أكده محمد أنور صابر، كانت إشاراته تتحرك بعصبية شديدة مع ملامح وجهد الرافض لأسلوب تعامل المجتمع معهم، قال: ذهبت لإيداع نقود فى البنك فطلبوا منى إحضار شخص متحدث كأنه «وصى» وأنا حر فى أموالى لماذا ينزعون أهليتى؟ حتى عندما ذهبت لتجديد رخصة القيادة عاملونى بشكل مهين جداً كأن يضع الشخص فى القومسيون يده على فمه ويتكلم ويسألنى أنا قلت إيه؟! أو أن يطلب منى أن أعلن ما قاله وهو يدير ظهره من المفترض أن يكتفى بالمعيار السمعى لا أن «يوشوشنى» ثم يسألنى ماذا قال؟ وتساءل فى دهشة: هو أنا هاسوق ولا هاتكلم وأنا أصلاً معى رخصة من 30 سنة لماذا يصرون على إهانتنا عند استخراج الرخص.
أما محمود رضا «24 سنة» فهو اب أصم قال: أحمل مؤهلاً صناعياً ومتزوج ومعى طفلان رفضوا تجديد رخصة دراجة بخارية لى ولا أعرف السبب.
وقال «محمد»: هناك مشكلة كبيرة تواجه الصم فى عملية التوظيف فحتى حملة المؤهلات يوظفونهم عمال نظافة فضلاً عن رفض التعاملات البنكية واشتراط وجود شخص متكلم يعنى انتزاع الأهلية حتى لا يحق لى شراء أو بيع أى شىء: أراضى، سيارات، عقارات.. لماذا هذا الشرط اللا إنسانى إذ يعاملوننا على أننا فاقدو الأهلية.
سألت جمال عبدالحكيم «أصم» عن الأمل فى تحسن أوضاعهم خاصة ونحن مقبلون على إجراء انتخابات برلمانية يمثل فيها المعاقون كأول مرة تحت القبة، فقال: «ماعنديش أمل ونخاف أن تظل معاناتنا على حالها لأننا كصم وبكم مهمشون عن أى إعاقة أخرى! فيما أكد ناجى محمد عفيفى عضو مجلس إدارة الجمعية أن الدولة لا تقدم أى دعم للصم والبكم لا فى مجال تأهيل اجتماعى أو صحى.
الثروة الضائعة
المهارات الحرفية والفنية هنا ثروة ضائعة، فالجمعية بها ورشة نجارة وطباعة وتريكو على

مستوى تقنى وفنى عالٍ جداً، لكن المشكلة التى شكا منها المدرسون والمتدربون هى نقص الخامات أو انعدامها فى كثير من الأحيان رغم جودة المنتج والحرفية الحالية التى يتمتع بها العاملون.
وقالت زينب عبدالهادى، مسئولة تدريب الفتيات، على أعمال التريكو: أعمل فى هذا المجال منذ أكثر من 16 عاماً وساهمت الورشة فى مساعدة مئات الفتيات على تعلم مهنة وكسب الرزق منها لكن حالياً لا يوجد معى سوى بنت واحدة وذلك بسبب شرط أن تكون البنت المستفيدة من التدريب متسربة من التعليم وتحصل الفتاة على 10 جنيهات يومياً وتقوم بإنجاز الطلبيات التى تطلب منا، وفى ورشة الطباعة قابلنا أحمد حامد على، مساعد فنى: تمثل الورشة مركز تدريب على الطباعة سواء الإعلانات أو المطبوعات الحكومية، وتعتبر هذه المطبعة ذات تاريخ وتخرج فيها المئات وكانت فى الماضى تستقدم خبرات أجنبية للتدريب وتنطق بذلك لوحة الشرف المعلقة على باب الورشة أما ورشة النجارة فتحظى بسمعة عالية لجودة منتجاتها التى تصنع من أجود خامات الخشب الزان والكونتر وتشهد بذلك بعض الزبائن التى أتت خصيصاً لشراء بعض المنتجات الخشبية من الأسرّة والترابيزات، وقال الحاج سيد: نحرص على إرضاء زبائننا ونصنع الأثاث من أجود أنواع الخشب لكن المشكلة ضعف التمويل وهو ما لا يمكننا من القيام بعمل معارض كبرى ونصنع بالطلب والحال متوقف منذ الثورة، رغم أن «الشغل ممتاز» والأسطوات هنا يدربون الأولاد على المهنة فى مقابل مادى بسيط ليمنح بعدها المتدرب شهادات تؤهله للعمل فى أى مكان، ومن الواضح أن مشكلة التمويل تحدٍ كبير يواجه مجلس الإدارة المنتخب منذ خمس شهور فقط وهو ما جعل مديرة الجمعية تفكر فى استثمار المسرح الفنى الكبير بالجمعية وتأجيره لإيجاد دخل لتشغيل الورش وتدريب الصم والبكم، وفتح أبواب رزق أمامهم بعدما أغلقت أسواق العمل فى المجتمع أبوابها أمامهم ليواجهوا شبح البطالة.
نفسى أفرح!
سامى أحمد فؤاد سليم، مدير النشاط الرياضى بالجمعية المصرية لرعاية الصم، قضى سنوات طويلة من عمره يكافح لنيل حقه وحق جميع الصم والبكم فى المجتمع، خاصة ذوى القدرات الخاصة منهم، رغم أن عمره تعدى الـ70 عاماً إلا أنه لم ييأس ويصر على المطالبة بحقوق الصم فى النشاط الرياضى، يقول الرياضى الكبير فى مرارة «نفسى أفرح» أنا اتخنقت، لدينا قدرات خاصة فى فريق كرة القدم 25 أصم والمدرب متكلم لا نجد مكاناً نتدرب فيه ولذا فعملية التدريب غير منتظمة لا يوجد أى دعم مادى للفرق رغم أن هناك 32 فرقة على مستوى الجمهورية وفريقنا حاصل على المركز الأول لكرة القدم ونحصل على بطولات دولية، نطالب باتحاد كرة خاص بالصم والبكم بعيداً عن «البارالمبية» وهناك اتحادات رياضية للصم فى دول أخرى كالسعودية وأولى بمصر أن يكون بها اتحاد خاص، كما نطالب وزير الرياضة والمحافظ بتخصيص أرض لبناء مركز تدريب للصم يكون بمثابة ناد خاص بهم لممارسة كافة الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية عليها.