رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التقارير الرقابية.. السلاح المهدر في الحرب ضد الفساد

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد ثورتين والإطاحة بنظامين فسدا وأفسدا مازالت بؤر الفساد في مصر تتمدد وتصل أذرعها إلي العديد من المواقع، تقاوم أي اتجاه أو جهد إصلاحي يحاول الرئيس السيسي فرضه وإقراره ومازالت شبكات الفساد تتمدد في أجهزة الدولة وتمارس أفعالها علنا في تحد واضح لتطلعات الجماهير ورغبة الرئيس السيسي والأمثلة علي ذلك لا تعد ولا تحصي،

أحدثها ما أعلنه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بشأن رصد أموال مهدرة للدولة تجاوزت الـ400 مليار جنيه بسبب تقاعس المسئولين ومنها أيضا قيام قيادات شركات الكهرباء بتعيين أبنائهم رغم أنف ملايين العاطلين من أبناء الفقراء.

أما عن الفساد المالي فحدث ولا حرج، لاتزال ماكينة إهدار المال العام وسرقته تدور بأقصي سرعة في الوقت الذي تقف فيه الأجهزة الرقابية عاجزة عن فعل أي شيء، ليس فقط لأن هذه الأجهزة أصابها العطب بتسلل الفساد نفسه لداخلها لكن لأن القوانين الحالية والمنظمة لأعمال هذه الأجهزة الرقابية تجعلها مجرد نمر من ورق وعلي رأسها الجهاز المركزي للمحاسبات فالتقارير التي يصدرها الجهاز لا يلتفت اليها أحد وأصبحت مجرد مادة للاستهلاك الإعلامي ولا يتم تفعيل توصياتها إلا ما ندر وينتهي بها الأمر إلي مجرد عناوين مانشيتات بالصحف تسهم في إشعال غضب الجماهير ثم تتواري التقارير ويطويها النسيان وبهذا سيبقي الرهان علي التصدي للفساد حلما وأملا للشعب دون أن يتحقق شيء علي أرض الواقع لتدخل مصر مرة أخري إلي نفق مظلم.
طالعنا قبل أيام خبراً استفزازياً لكل مصري وهو إنفاق وزارة النقل والسكك الحديدية مبلغ 28 مليون جنيه لشراء حلوي المولد النبوي ومن قبلها خبراً حول إنفاق سكرتارية وزير التربية والتعليم مبلغ 222 ألف جنيه شهريا علي ساندويتشات الفول.
كما قرأنا أيضا تفاصيل حول تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الفساد الذي لايزال مستشريا بقطاعات عديدة بالدولة كالصحة والزراعة والصناعة والكهرباء وغيرها من الجهات التي ترفض رقابة الجهاز علي ميزانيتها كنادي القضاة وغيره ومؤخرا من وزارة التربية والتعليم.
حول صرف وزير التعليم مكافآت ضخمة للضابط المكلف بحراسته تعدت الـ40 ألف جنيه في خمسة أشهر وذلك تحت بنود مختلفة كمكافآت الامتحانات وحافز الإنابة، هذا بجانب رفض نادي القضاة لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات علي ميزانيته رغم الدعم المقدم للنادي من الدولة الممثلة في شخص وزارة العدل في صورة منح وإعانات يحصل عليها من ميزانية مجلس القضاء الأعلي وقد تم دعم جميع أندية القضاة في مصر خلال الـ3 سنوات الأخيرة بمبلغ 8 ملايين و437 ألفا و500 جنيه علاوة علي الدعم العيني من خلال حصول تلك الأندية علي أراض في صورة تخصيص إيجار اسمي لإقامة مبانٍ اجتماعية عليها أو الشراء بأسعار مدعمة، وبالتالي يجب إخضاع نادي قضاة مصر وجميع نوادي القضاة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات إعمالا لحكم الفقرة 7 من المادة 35 من قانون الجهاز، وبالفعل وللآن لم يخضع نادي القضاة لرقابة الجهاز المركزي للمطالبة بتمكينه من مراقبة ميزانية نادي القضاة.

مزيد من الفساد
ومؤخرا كشف مصدر مسئول بالجهاز المركزي للمحاسبات وفقا لما تداولته تقارير إعلامية بأن الجهاز بصدد الانتهاء من إعداد 40 قضية فساد بمؤسسات الدولة سيتم رفعها للرئيس السيسي والجهات الإدارية التنفيذية المختلفة كأولي خطوات مكافحة الفساد والتصدي لكافة أشكال ومظاهر الخلل والحد من إساءة استخدام السلطة أو استغلال الشعب ومحاربة الوساطة والشللية والمحسوبية.
وبالفعل فهناك مراقبون من الجهاز موجودون بالفعل في مؤسسات الدولة لمتابعة عملهم طوال العام خلال الأشهر الأخيرة وأكد المصدر أن أهم الملفات الـ40 هو ملف بيع القطاع العام أو خصخصته والذي سبق وتصدي له رئيس الجهاز السابق وكان سببا في إقالته بحجة أن الجهاز يعوق العملية ومن وقتها استبعد الجهاز المركزي للمحاسبات من أي عملية تقييم تتعلق بالقطاع العام.
واليوم وبعد منح الرئيس السيسي الأجهزة الرقابية مطلق الصلاحيات في أداء عملها وطالب مؤسسات الدولة بضرورة التكاتف والتعاون في مكافحة الفساد وهو ما ترجم في تأكيدات المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بأن حكومته لديها إرادة سياسية قوية لمكافحة الفساد، ومن ثم أطلقت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد للسنوات من 2014 إلي 2018، هل يتحقق حلم وأمل التخلص نهائيا من الفساد!
وحتي نكون بالفعل علي خطي بناء مصر الجديدة خاصة أن الاستراتيجية الوطنية المعلنة لمكافحة الفساد كما جاء علي لسان المستشار محمد عمر وهبي رئيس هيئة الرقابة الإدارية أكدت أن المبالغة في الإنفاق الحكومي كانت سببا كبيرا في توسع دائرة الفساد في مصر علي الرغم من تأكيدات الدولة المستمرة لضبط إنفاق الجهاز الإداري خاصة المشتريات الحكومية ما تسبب في استقطاع جزء مهم من موارد الدولة.

المحليات بؤر للفساد
وتعد المحليات إحدي بؤر الفساد في محافظات مصر ولاتزال مقولة زكريا عزمي أحد رموز الفساد في النظام البائد ترن في الآذان بأن «الفساد في المحليات للركب» فهذه الجملة تعبر عن حقيقة مؤكدة لم تعد تخفي علي أحد، خاصة أنها استفحلت حتي تلونت بالدماء بعدما شهدت الأيام القليلة الماضية حصدا لعشرات الأرواح تحت أنقاض الأبراج المخالفة ومع ذلك تسعي حكومة «محلب» للتصالح مع المخالفين أو هؤلاء الضحايا الذين راحوا تحت عجلات قطارات متهالكة أو الذين أصيبوا بالتسمم جراء أغذية فاسدة تقدم لتلاميذ وكلها وقائع تبدو ممنهجة وملطخة بالفساد رغم تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات صغيرة من الأجهزة الرقابية التي تحولت جميعها لأسود ناعمة.

منزوع الأنياب
الدكتور صلاح الدين الدسوقي، مدير المركز العربي للدراسات التنموية والإدارية، يري ضرورة الإسراع بإصدار مجموعة تشريعات تصلح أوضاع البلاد المتدنية التي حققت مراكز متقدمة عالميا في حجم الفساد وانعدام الشفافية داخل مؤسساتها وهو ما لا يمكن تقبله أو التعامل معه كمسلمات بعد ثورتين ضد نظام استبدادي فاسد وآخر فاشي وأهم تلك التشريعات ما يتعلق بمحاربة الفساد وتغليظ عقوبته وعلي وجه الخصوص إصلاح التشريعات التي صدرت في هذه الأنظمة الفاسدة، التي كانت تحمي الفاسدين بالقانون وأطالب بأن يكون أول تشريعات البرلمان القادم، قانونا يعطي صلاحيات للجهاز المركزي للمحاسبات آليات تمكنه من تحويل الفاسدين والمفسدين والمخالفين مباشرة للقضاء تجنبا لتكرار سيناريوهات حبس تقاريره عن الفساد في الأدراج ومناقشتها فقط وتحريكها عند تصفية الحسابات أو عند بعض المعارك الانتخابية أو حتي الاقتصادية والتجارية فلم يعد مقبولا أن يظل الجهاز المركزي للمحاسبات بدون قوة حقيقية تفعل معاقبة المفسدين أو مجرد ديكور ديمقراطي!
ويشير صلاح الدسوقي إلي أن أحد الفاسدين والمفسدين لديهم إصرار غريب علي الاستمرار في نهجهم وتعظيم مصالحهم الشخصية وأرباحهم علي حساب البلد وفي الظروف الاقتصادية والمعيشية الحرجة التي يعيشها جموع المصريين فلايزال المسئولون يصرون علي العمل لحساب الأغنياء ولمصالحهم ويظل الفقراء وقودا للأثرياء ويتجسد ذلك فيما يتضمنه قانون الاستثمار الحالي الذي ينص علي عدم الحق في النزاع لأي شبهة فساد سوي لطرفي العقد، فماذا لو كان الطرفان فاسدين، - والكلام لا يزال علي لسان الدسوقي - ويضيف: إذا كانت فاتورة الفساد اليوم 300 مليار جنيه وفقا لآخر الإحصائيات فلا شك أنها ستزداد في المستقبل إذا استمرت الحكومة في محاربة الفساد

بالتصريحات النارية فقط، دون تفعيل تلك المحاربة بإطلاق يد الأجهزة الرقابية العديدة في مصر وأولها الجهاز المركزي للمحاسبات للضرب بيد من حديد علي المفسدين والفاسدين وإعطاء الجهاز الحق القانوني لإحالة الفاسدين للقضاء مباشرة وقبل هذا القانون يجب تشريعه في البرلمان القادم.

الاستقلالية واجبة
المحامي خالد مصطفي يري أن الفساد كان ولايزال الابن غير الشرعي لتلك العلاقة الآثمة من زواج السلطة ورأس المال في مصر وكانت سببا لما عانيناه طيلة 30 سنة مضت وسوف تستمر وتستكمل حلقاتها وسيزداد توحشها طالما أن الأجهزة الرقابية وفي مقدمتها الجهاز المركزي للمحاسبات مجرد ديكورات للحديث عن مصطلح الديمقراطية ولذلك ظلت الأجهزة الرقابية تسيطر عليها حالة من الإحباط لكثرة قضايا الفساد، والتي دائما تصل إلي طريق مسدود بسبب تحالف رأس المال والسلطة خاصة بعدما كانت الأغلبية البرلمانية من رجال المال والأعمال وأصبحا هم بالفعل السلطة التشريعية مع انعدام المسئولية لتلك الأجهزة الرقابية لإحالة المخالفين والفاسدين للقضاء، سيبقي الحال كما هو عليه حتي بعد ثورتي 25 يناير و30 يونية.

صلاحيات مطلوبة
وإذا كان المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، في تصريحات خاصة لـ«الوفد» أكد تقدم مصر 20 درجة في مؤشر الشفافية ومكافحة الفساد لتحتل مصر المركز 94 بدلا من المركز 114 أوائل العام الحالي فهذا أمر يبعث علي التفاؤل النسبي خاصة أن وضع مصر في هذا التصنيف الدولي يدل علي نجاح القيادة السياسية في تفعيل أداء دور الأجهزة الرقابية وتنشيط هذا الدور في مكافحة الفساد علي أرض الواقع بالفعل خلال الشهر الماضي، مما يستوجب وجوب التعاون بين الأجهزة الرقابية المختلفة من أجل مكافحة الفساد طبقا للخطة الاستراتيجية التي شدد عليها رئيس الجمهورية في لقائه مع رؤساء الأجهزة الرقابية.
وقد أشار «جنينة» إلي قرب الانتهاء من المراحل النهائية من مشروع تعديل قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الجديد والمقترح بما يتوافق مع الدستور، الذي سيتضمن في أهم نصوصه المقترحة منح الحصانة لأعضاء الجهاز ورفع التقارير إلي المحاكم مباشرة والطعن علي قرارات الحفظ إلي جانب تضمنه نصوصا لتحسين الأوضاع المعيشية لأعضاء الجهاز وبما يتوافق مع أوضاع سائر أعضاء الأجهزة الرقابية الأخري وبما يضمن عدم تعرضهم للترغيب أو الترهيب!
المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أكد ضرورة إعطاء الجهاز المركزي للمحاسبات بصفته أكبر رصد للفساد في مصر طيلة سنوات مضت ولايزال ضرورة إعطائه الصلاحيات الكاملة وحق الضبطية القضائية وإحالة المفاسدين والمخالفين للقضاء خاصة فيما يتعدي الفساد داخل المؤسسات إلي تعمد إهدار المال العام وسرقة أموال الشعب المصري ولكن هناك ضرورة ملحة من القيادة السياسية والحكومة لدعم مقترح مشروع الجهاز المركزي للمحاسبات ووضعه في مقدمة التشريعات المطلوب مناقشتها وإقرارها في أولي جلسات انعقاد البرلمان الجديد المقبل.
المستشار عبدالمنعم السحيمي رئيس نادي قضاة طنطا السابق يدعم وبشدة ضرورة الإسراع بسنّ القانون الجديد للجهاز المركزي للمحاسبات والذي بمقتضاه يمنح الحصانة لأعضاء الجهاز وصلاحية رفع التقارير إلي المحاكم مباشرة والطعن علي قرارات الحفظ ويري أن البعض ممن يرون في ذلك نقصا وانتقادا لاختصاصات السلطة القضائية في غير محله، ولا يعد ذلك انتقادا لاختصاصات المحاكم المحولة بها بقانون السلطة القضائية لأن الأمر عندئذ سيكون مطروحا علي البرلمان وهو الذي يستطيع أن يبت في هذا الأمر بالموافقة علي التشريع المطلوب حالة عدم وجود تعارض بينه وبين قانون السلطة القضائية ومن ثم يكون التحديد والصلاحية والتعارض بين الاختصاصات من عدمه من اختصاص سلطة مجلس النواب.
ويطالب المستشار السحيمي ومن منطلق النزاهة وتعظيم مبادئ الشفافية إخضاع جميع الجهات العامة والخاصة وكذلك ذات الطابع الخاص للرقابة والاطلاع علي ميزانيتها ودون حساسية وهو ما يحد من أوجه عديدة للفساد أو حتي شبهة الفساد والتلاعب، وفي هذا الصدد يتذكر المستشار عندما كان رئيساً لنادي قضاة طنطا عدم رفضه لمطالب الجهاز المركزي للمحاسبات بمراجعة ميزانية النادي إيمانا منه بأن الذي يعمل بذمة وعمله سليم لا يخشي أي وجه للرقابة طالما أن ذلك يكفله القانون، وبنص الدستور ومن ثم يجب أن يخضع الجميع ودون تفرقة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ولكل جهة ذات سلطة رقابية داخل في نطاق اختصاصها خاصة أن الدولة متجهة لمحاربة الفساد أينما وجد مما يستوجب ألا يكون هناك شخص أو جهة بعيدة عن الرقابة طالما أن الرقابة في حدود القانون والاختصاص القائم علي الرقابة ومن ثم كل من يعوق الجهات الرقابية تحوطه علامات استفهام كبيرة فنحن يجب ألا نكون في جزيرة منعزلة فكل جهة خاضعة للقانون يجب أن تدخل في منظومة العمل الوطني واحترام التشريعات والقوانين المطبقة في مصر و عندئذ ينتهي الفساد بأوجهه المختلفة من مصر!