رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

500 ألف مريض بفيروس "سى" ينتظرون العلاج سنوياً

بوابة الوفد الإلكترونية

«قبل قتل الناموس جفف البحيرة».. عبارة حكيمة تكشف أهمية البحث عن مكامن الخطر قبل مواجهة الخطر نفسه.

وفى السنوات الأخيرة زادت أعداد المصابين بفيروس «سي»، وصلت النسبة إلى إصابة 25% من المصريين بالتهاب الكبد الوبائي «سي»، واحتلت مصر المرتبة الأولي علي مستوي العالم في الإصابة بهذا الفيروس الخطير «حسب الإحصائيات العلمية»، و70% من هؤلاء المرضى يتعرضون للإصابة داخل القطاع الصحي، وهو ما يفضح السبب الرئيسي في معظم الإصابات وهو تدهور أوضاع المستشفيات!
كارثة مرعبة وتحتاج إلي ضمير يقظ من صاحب الدواء، حتي يتماثل للشفاء، ولن يتم هذا بعيداً عن مواجهة العشوائية التي «عششت» داخل المنظومة الصحية في مصر.
ورغم خطورة المرض، فإن العلماء المتخصصين أكدوا أن الجيل الجديد من الأدوية الحديثة التي تم اكتشافها وتسجيلها عالمياً للعلاج الفيروسي تعد فتحاً علمياً عظيماً، يساعد في إنقاذ أكثر من نصف مليون شخص سنوياً ومقاومة المرض اللعين الذي يشبهه البعض بـ «الإيدز».
«الوفد» تفتح ملف فيروس «سي»، لكي نتعرف علي أسباب نقل العدوي.. وأساليب وطرق الوقاية من هذا المرض اللعين.. وكيف يتم العلاج؟!
الدكتور سمير قابيل، أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي والأمراض المعدية رئيس الجمعية المصرية المركزية لأمراض الجهاز الهضمي والكبد والأمراض المعدية، أكد أن التهاب الكبد الفيروسي «ج» مرض معد يؤثر بشكل رئيسي علي الكبد، وتؤدى هذه العدوي المزمنة إلي ظهور ندوب علي الكبد وبعد عدة أعوام قد تؤدي إلي التشمع أو التليف في بعض الحالات، ثم الفشل الكبدي أو سرطان الكبد أو ظهور أوردة شديدة التورم في المرىء والمعدة، ما يتسبب في حدوث نزيف شديد يؤدي إلي الوفاة.

الوقاية أولاً
وأشار الدكتور «قابيل» إلي أن الوقاية جزء من العلاج، ومكافحة العدوي من المشاكل الرئيسية في مصر، حيث يزيد عدد المصابين سنوياً بمقدار 500 ألف حالة، و70% منهم يتعرضون للإصابة داخل القطاع الصحي، بينما الـ 30% الآخرون من السلوكيات الخاطئة والتعامل مباشرة مع المجتمع. لافتاً إلي أن العدوي بفيروس «سي» تحدث بشكل أساسي من خلال اختلاط الدم بسبب حقن العقاقير غير الآمنة في الوريد بنسبة تبلغ ما بين 60 و80%، والمعدات الجراحية غير المعقمة في بعض مواقع الرعاية الصحية وغياب الانضباط في عمليات نقل الدم ومنتجاته، ونقل الأعضاء وثقب الجسم ورسوم الوشم الكبيرة أهم طرق العدوى، إلى جانب عدم تعقيم الوحدات الطبية ووحدات الأسنان وتلوث أدوات العناية الذاتية كأمواس الحلاقة وفرش وأدوات الأسنان وأدوات العناية باليدين والقدمين التي يمكن أن تكون علي تماس مع الدم.
وعن الفرق بين الفيروس الخامل والفيروس النشط أوضح أن الفيروس النشط يؤثر مباشرة علي أنزيمات الكبد وعملها، وتكون له أعراض تظهر علي الشخص المصاب كاصفرار العينين ونقص الوزن. أما الفيروس الخامل فيكون الشخص المصاب به حاملاً له فقط، ولا تظهر عليه أي أعراض، وتتراوح نسبة الحالات التي يتحول فيها الفيروس من التهاب حاد إلي التهاب مزمن 70%، وحوالي 30% من هذه النسبة ينشط فيها الفيروس، ويؤدي إلي تليف كبدي وأمراض سرطانية بالكبد.
وطالب بتوعية الأصحاء وتعريفهم بكيفية تجنب الإصابة بعدوي الفيروسات الكبدية.

زيادة المصابين
الدكتور محمد إسماعيل، أستاذ جراحة الكبد مدير برنامج زراعة الكبد ونائب مدير المعهد القومي للكبد والأمراض المتوطنة، يقول: إن أعداد المصابين في تزايد مستمر، حيث نستقبل حوالي 1200 حالة يومياً، مؤكداً أن أدوية الالتهاب الكبدي مثل (الإنترفيرون والريبافيرين) تصرف للمرضي المسجلة أسماؤهم لدي الدولة داخل المعهد.
وطالب بضرورة التركيز علي طرق الوقاية من فيروسات الكبد، وأشار إلي أن كمية عقار سوفالدي الواردة من الخارج والتي تقدر بـ 225 ألف جرعة غير كافية للمرضي المصريين، الذي يوزع علي 6 مراكز طبية فقط، وننتظر تعميم العلاج في شهر نوفمبر القادم علي باقي الـ 26 مركزاً بمختلف محافظات الجمهورية.
وأضاف الدكتور «إسماعيل»: هذا العقار باكورة علاجات جديدة للفيروس الذي يعاني منه الكثيرون منذ سنوات طويلة، وهناك شركات أخري ستنتج أدوية أكثر فعالية، لكن سوفالدي هو أول علاج بالأقراص، تم تسجيله في ديسمبر 2013 بالولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا في يناير 2014، أما عن عقار هارفوني لفيروس سي الذي أوصت هيئة الأدوية الأوروبية بتداوله في دول الاتحاد الأوروبي في 26 سبتمبر الماضي، فهو عقار اعتمدته منظمة الأغذية والدواء الأمريكية مؤخراً وهو يصلح لعلاج النوع الجيني الأول لهذا الفيرس وهو عبارة عن أقراص كومبو مركبة مكونة من عقاري السوفوسفبوفير (السوفالدي) 400 مجم، بالإضافة إلي عقار الليديباسفير 90 مجم، في قرص واحد يؤخذ مرة يومياً من 8 – 12 أسبوعاً، ويعتبر أول علاج دوائي لفيرس سي بدون حقن الإنترفيرون.

فحص الدم
الدكتور رضا الوكيل، أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي بطب عين شمس، يؤكد أن مصر بحاجة إلي توفير علاج فيرس «سي» لنحو 500 ألف مريض سنوياً.
وأشار إلي أن المريض لا يظهر عليه أي أعراض، وربما يشعر ببعض الإرهاق عند بذل أي مجهود كان يقوم به في السابق دون تعب. وقد لا يعلم الكثير من المصابين أنهم مصابون، بل يكتشفون ذلك صدفة عند إجراء الفحوصات الروتينية، فنجد أن إنزيمات الكبد أعلي من المعدل الطبيعي وفحص الدم للفيروسات يظهر إيجابياً، كما توجد أعراض أخري إذا كان الالتهاب الكبدي الفيروسي حاداً، حيث ترتفع درجة حرارة الجسم مع اصفرار في لون العينين وآلام في المعدة وطفح جلدي وتغيير لون البول إلي اللون الغامق. وتعتبر هذه الأعراض هي الأعراض الأولية للإصابة بالالتهابات الكبدية الفيروسية، والنتيجة انتشار العدوي. لذا لابد لمن يشعر بمثل هذه الأعراض أن يقوم فوراً بعمل تحليل، وإذا ما اتضح الإصابة بالمرض.. فلابد من سرعة العلاج المناسب حتي لا تتطور الحالة.
ويضيف الدكتور «الوكيل» أنه قبل التحدث عن العلاجات المعروفة لفيروس «سي» لابد من الإشارة إلي أنه يجب علي مريض الكبد عدم استعمال أي أدوية إلا باستشارة الطبيب، حيث إن هناك بعض الأدوية لها تأثير ضار علي الكبد، مثل بعض المضادات الحيوية، وأدوية الروماتيزم، والمسكنات التي تؤخذ دون استشارة الطبيب قد تؤدي إلي ارتفاع نسبة أنزيمات الكبد في الدم، وحتي الآن لا يوجد علاج ناجح للفيروس الخامل، أما الأدوية التي تستعمل في حالات الالتهاب الكبدي الفيروسي «سي» النشط فهي عبارة عن حقن الإنترفيرون بأنواعها المختلفة طويلة المفعول وقصيرة المفعول، بالإضافة إلي أقراص الريبافيرين، وهذا هو العلاج المعترف به في العالم لهذا المرض، ولا يؤخذ إلا بعد إجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من أن الدواء سوف يعطي أحسن نتيجة، وإنما لا يؤخذ في حالات الكبد المتليف المتقدمة وحالات وجود مضاعفات الالتهاب الكبدي الفيروسي، وهناك أدوية أخري توصف كعلاجات تحفظية لوظائف الكبد، ولكن ليس لها تأثير علي الفيروس.
ويواصل: أن هناك 3 مراحل تنتج عن قصور وظائف الكبد (إية وبي وسي)، وأخطر مرحلة هي التليف الذي يحتاج لزراعة كبد، وتشهد تلك المرحلة انخفاضاً في وظائف الكبد أي نقص كمية البروتين وارتفاع نسبة الصفراء وقلة نسبة التجلطات في الدم وهو ما يعني فشل وظائف الكبد وعندها تبدأ ظهور أعراض علي المريض منها الاستسقاء والقىء المصحوب بالدم والغيبوبة الكبدية، وعندها يصل الكبد لمراحله النهائية ولابد من زراعة كبد صناعي.
ويري الدكتور «الوكيل» أن الطريقة الوحيدة الناجحة لتشخيص الالتهاب الكبدي تتطلب عمل تحليل دم للشخص المشتبه بوجود المرض لديه، أولاً بإجراء الفحص الذي يعرف بتحليل الأجسام المضادة، وثانياً الفحص المسمي بتحليل الحامض النووي (آر إن إيه) لفيروس سي أو ما يسمي بتحاليل أنزيمات الكبد، لاكتشاف وجوده من عدمه لدي المفحوص، وذلك قبل تحديد العلاج اللازم لذلك.
وتابع: إن هناك نوعين من هذا التحليل: النوع الأول التحليل الكمي الذي يحدد من خلال إجراء عدد نسخ الفيروس في الدم والتي تتراوح ما بين خمسين ألفاً وخمسين مليون نسخة في الملليمتر الواحد، وذلك عند تأكيد الإصابة بالالتهاب الكبدي الفيروسي سي المزمن، ولكن لا يرتبط هذا العدد بحدة المرض أو خطورته، وإنما يرتبط باحتمالات الاستجابة للعلاج، كما يستخدم هذا التحليل لمتابعة الاستجابة للعلاج، ولذلك يجب مواصلته حتى يبين إلي أي مدي تستجيب قدرة المريض للعلاج.

أما النوع الثاني فهو التحليل النوعي ويستخدم في تشخيص حالات الالتهاب الكبدي الفيروسي «سي» في فترة أسبوع أو أسبوعين من حدوث العدوي.
ومن الأخطاء المتكررة والشائعة بين المرضي عمل تحليل فحص الـ(بي سي آر) لفيروس «سي» وهو في الأساس ليس لعلاج الفيروس، وإنما يتم في فترات محددة ومنتظمة قبل أو أثناء تناول العلاجات المناسبة ضد هذا الفيروس الخطير.
واستكملت الحديث الدكتورة كوكا سعد الدين، أستاذ أمراض الفيروسات والمناعة بجامعة الأزهر، قائلة: إن الكبد عضو معقد وكبير الحجم، فهو يزن حوالي 1.5 – 2 كيلو جرام، ويقوم بعمل وظائف هامة بالجسم مثل تنقية الدم بالجسم والتخلص من المواد الضارة وتصنيع مواد حيوية هامة، وفيروس سي واحد من عدة فيروسات للكبد الوبائي (إيه، بي، سي، إي، جي) وتسبب كل هذه الفيروسات التهاباً حاداً في الكبد تؤدي إلي حدوث خلل في وظائفه، لكن فيروس «سي» هو أخطر وأعنف هذه الفيروسات فتكاً بالكبد، ويؤدي إلي الإصابة بأمراض خطيرة مثل تليف الكبد وسرطان الكبد والفشل الكبدي، وحدوث خلل كامل أو جزئي في وظائفه، وحتي إذا لم تظهر أي أعراض له، وفي المرحلة الأولي للفيروس «سي»، غالباً ما تكون الأعراض ضعيفة وتتضمن: تعب عام وغثيان وفقدان للشهية وضعف عام في المنطقة المحيطة بالكبد، ثم تتطور لاصفرار لون العين والجلد وارتفاع بسيط في درجة الحرارة.
وتوضح: إن انتقال فيروس «سي» يحدث من الأم المصابة إلي جنينها في أقل من 10% فقط من حالات الحمل، لذا يوصي بالولادة القيصرية، حتي لا ينقل المرض للطفل أثناء عملية الولادة عن طريق الدم، كما يجب علي الأم المصابة تجنب الإرضاع إذا كانت مصابة بتشقق ونزف في حلمة الثدي، أو إذا كان عدد الفيروسات لديها مرتفعة. أما عن فحص التهاب الكبد الفيروسي فيبدأ عادة بفحوص الدم للكشف عن وجود أجسام مضادة باستخدام إنزيم مقايسة مناعية، لتحديد شدة الحالة عن طريق عمل تحليل (بي سي آر) للفيروس نفسه، وكذلك تحليل وظائف الكبد.. فإذا كانت اللطخة المناعية إيجابية، فهذا يعني أن الشخص كان مصاباً في السابق ولكنه شفي منها سواء بالعلاج أو بشكل تلقائي، وإذا كانت اللطخة المناعية سلبية، فهذا يعني أن المقايسة المناعية خاطئة، ويستغرق الأمر من ستة إلي ثمانية أسابيع بعد الإصابة قبل أن تصبح نتيجة فحوص المقايسة المناعية إيجابية.
وتمضى قائلة: إن الوقاية دوماً خير من العلاج وتحمي الإنسان كثيراً من الإصابة بالأمراض، لذا فهناك العديد من الإجراءات التي إذا التزم بها الشخص تجعله يتجنب التعرض لأمراض فيروسية كثيرة تنتشر بسهولة بسبب عادات خاطئة، خاصة مع فيروس «سي» بأنواعه والذي يصيب الكبد.
وتنصح الدكتورة «كوكا» بعدة خطوات ليقي الإنسان نفسه من الإصابة بهذا الفيروس الخطير، وعلي رأسها التحليل الدوري سنوياً علي الأقل وهو تحليل للأجسام المضادة، وهو يجريه المريض سنوياً للتأكد من خلو جسمه من الفيروس، ولا ينتظر حتي تظهر عليه علامات المرض، خاصة أن هناك نوعاً من فيروس الكبد «سي» يكون كامناً تماماً، وليست له أي أعراض حتي في مراحله المتقدمة والاكتشاف المبكر مهم للغاية، لأنه في مراحله الأولي قد لا يحتاج لعلاج تماماً.
وذكرت الدكتورة «كوكا» أنه منذ إصابة المريض بالعدوي وحتي وصوله لمرحلة التليف الكبدي وظهور تلك الأعراض التى قد يستغرق من 20 – 50 سنة، فالأمر يتوقف علي حالة المريض الصحية والبدنية ودرجة حافظة عليها وإذا ما كان يتناول كحوليات أو كان مدخناً من عدمه أو يعاني من السمنة، وتلقيه للتطعيمات اللازمة، وحفاظه علي نظام غذائي سليم وصحي، كل ذلك يؤثر علي مدي سلامة الكبد، ومدي قدرته علي المقاومة لفترات تتفاوت من شخص لآخر.

تخفيف المرض
الدكتور جلال غراب، الخبير الدوائي ورئيس الشركة القابضة للأدوية سابقاً، أوضح أن العلاج المتوفر حالياً لهذا المرض الفيروسي تصل فعاليته في أفضل الحالات إلي 60% فقط، وهو ليس علاجاً وإنما يخفف من أعراض المرض، وقدرة العلاج الجديد ترتبط بمدي السيطرة وضبط السكر في الدم.
وأشار إلي أن الحديث عن أسعار العقار هي بالفعل مشكلة للمرضي خاصة البسطاء الذين لا يملكون شراءه، ولذلك قررت وزارة الصحة علاج البعض علي نفقة الدولة من خلال تحمل تكاليف العلاج وزيادة التمويل. مضيفاً أن الخلاف الموجود علي الساحة الآن هو التفاوت السعري، حيث سيتم تداول العقار بالسعر الجبري بالصيدليات 14.900 ألف جنيه للعلبة الواحدة أي 7 أضعاف سعره داخل مراكز الدولة الـ 26 التابعة للجنة القومية للفيروسات، وبما أن المستهدف من العلاج سنوياً لا يقل عن 500 ألف مريض سنوياً وصولاً لعلاج 20% من المرض، يتضح مدي احتياجنا إلي استراتيجية بمفهوم قومي يشمل جميع المرضي المصريين المصابين بفيروس «سي» داخل وخارج المراكز الطبية.
منوها إلي أن العلاج المركب الجديد «هارفوني» الذي يقال إنه سيقضي علي فيروس «سي» بنسبة 95%، نتوقع أن يكون متاحا في مصر بعد 9 أشهر من اعتماده في هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية، كما حدث مع عقار «سوفالدي» الذي أخذ موافقة الهيئة في ديسمبر 2013 ودخل وزارة الصحة، وتم توزيعه في أقل من عام، وهو سيقضي تماماً علي استخدام الإنترفيرون، وفي الوقت نفسه سوف يتم إنتاج 7 أدوية جديدة خلال هذا العام تصل فعالية بعضها إلي 100%، ونتوقع في مصر القضاء علي هذا الفيروس تماماً خلال الفترة (2020 – 2025).