رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإخوان مصابون بـ"الضلال الفكرى"

بوابة الوفد الإلكترونية

يجب أن تكون حذراً وأنت تحادثه، ولا تحاول التحذلق عليه والافتعال، رغم ذلك لن يمنعك حذرك من أن يخترق شخصيتك ويضعها على شريحة التحليل النفسى باقتدار دون أن يتخلى عن مرحه ودعاباته، ليقول لك حقيقة من أنت مهما حاولت تقمص شخصية أخرى

فنظراته الثاقبة العميقة، ملامحه الهادئة وابتسامته ذات المغزى ستسقط عنك أى أقنعة ستجبرك لأن تتعامل معه كإنسان بسيط مجرد من كل تعقيدات الحياة، أنه العالم وأستاذ الطب النفسى الكبير د. أحمد محمود عكاشة، والذى أخذنى فى حوارى معه إلى عالمه البسيط المعقد، المفهوم.. الغامض لأغوص فى الشخصية المصرية وكارثة الفوضى الأخلاقية وكيفية الخروج منها، وسبب اختياره للمجلس الاستشارى الرئاسى، وحقيقة دوره بالمجلس كما تطرق الحوار معه للمزيد من القضايا الأخرى ومنها مستقبل مدينة زويل وكيفية الخروج من مأزق عنف الإخوان، وقدم عكاشة عدة روشتات أهداها لى ولكل المصريين من أجل حماية صحتنا النفسية، وكان الحوار.
> لماذا تم اختيارك كعضو بالمجلس الاستشارى الرئاسى وأنت فى مجال الطب النفسى وليس فى مجال القطاعات الخاصة باحتياجات المواطنين المادية؟
- فى اعتقادى.. الرئيس عبدالفتاح السيسى أول رئيس يهتم بسلامة الصحة النفسية للمصريين، والمثير أنه لم يحدث فى تاريخ العالم أن تم فصل الصحة النفسية عن الصحة العامة فى تعاملات الدولة، ولكن يبدو أن الرئاسة نظراً لما تمر به مصر من متغيرات أخلاقية نعرفها ونرصدها، رأت أنه من بين الأولويات الاهتمام بالصحة النفسية للمصريين بصورة خاصة، لهذا تم اختيارى كمستشار الرئيس للصحة النفسية والتوافق الاجتماعى، وهذا الاهتمام يتفق تماماً مع حقيقة أن النهضة فى أى أمة لا تأتى بالقوة الاقتصادية أو العسكرية أو الموارد الطبيعية، ولكنها تأتى بأخلاق المواطن، والصحة النفسية هى مرادف الأخلاق وجودة الحياة والرضا النفسى والسعادة، وكل ذلك أصبح فى مجال اهتمام الرئيس، ومن هنا جاء اختيارى للإسهام فى هذا الملف الكبير الشائك، بتقديم الأفكار والمشورة والمقترحات إلى الرئيس، وليتم بعده تنفيذ هذه الأفكار على أرض الواقع من أجل تحقيق وحماية الصحة النفسية للمصريين، ويجب علينا أن نشدد أن هناك فرقاً كبيراً بين الصحة النفسية وبين المرض النفسى.
> ما وجه الخلاف بين مفهوم الصحة النفسية والمرض النفسى؟
- الصحة النفسية تتكون من 4 نقاط، أولاً القدرة على التكيف مع ضغوط الحياة والصمود فى الأزمة، مع القدرة على إدارة الغضب «العصبية»، ثانياً العمل والعطاء بحب وكفاءة وإتقان، أى كلما كان الإنسان قادراً على الإنجاز وهو فى حالة حماس وإتقان، كانت صحته النفسية أفضل، وإذا كانت بعض الإحصائيات فى مصر تشير إلى أن نسبة من المصريين لا يعملون سوى 28 دقيقة فى اليوم، فلا يمكن لهؤلاء أن يشعروا أبداً بالرضا النفسى، فالعمل يعطى نوعاً من الثقة فى النفس والذات، وأيضاً الشعور بالإنجاز، وسأضرب لك مثلاً بسيطاً «الكناس» عامل النظافة الذى يكنس الشارع بضمير، يعود لبيته وهو فى حالة رضا وقناعة، أما الآخر الذى لا يتقن تنظيف الشارع، يعود لبيته وبداخله شعور بعدم الرضا والقناعة، فيتشاجر مع زوجته وأولاده، وهو لا يعلم سبب عصبيته، فالعمل مرادف للصحة النفسية، ومن هنا العاطلون عن العمل صحتهم النفسية سيئة.
النقطة الثالثة أن يكون هناك مواءمة وتوافق بين القدرات والتطلعات أو الطموح، أى الإنسان الذكى الكفء طالما يعلم أن عمله يتواءم مع قدراته، فهو فى صحة نفسية جيدة، ولكنه عندما يعلم أن الوصول إلى النجاح يعتمد على المحسوبية، تسوء صحته النفسية أما النقطة الرابعة فتختص بمكونات الصحة النفسية ومنها حرية التعبير وإحساسه باحترام الوطن بهويته، وأثبتت الأبحاث أن حرية الرأى مسئولة عن نسبة 30٪ من الصحة النفسية، فقد يكون الإنسان فقيراً وعاطلاً، ولكنه يفضفض ويتكلم بحرية، فتكون صحته النفسية أفضل.
> ماذا دار فى اجتماعكم مع الرئيس وما هو دورك؟
- بداية المجلس يضم نخبة معروفة هائلة من العلماء والخبراء، معظمهم فى الخارج، وبينهم أربعة فقط فى مصر، لا يبغون مالاً ولا سلطة، فكلهم معروفون، وأفكارهم واستشارتهم لوجه الله ولوجه الوطن، منهم علماء ومسئولون عن الطاقة والمياه والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات، التعليم، الصحة، البحث العلمى، وخبير للمشروعات الكبرى، ونحن نشكل بنكاً للأفكار للرئاسة، في اجتماعنا الأول قلت للعلماء الآتي: حتى أتمكن من التعمير وزراعة مليون فدان، أحتاج لمواطن لديه أخلاقيات، فلا يمكن أن نعمل ونطور فى مجالات الإنتاج، الصناعة، الزراعة، والتجارة، والسياحة دون وجود أخلاق، إذ يجب أن يغلف كل هذا الأخلاقيات الوطنية، وقلت لهم إن هدفى أن يتحلى المواطن المصرى بثلاثة أنواع من الثقافة: الأخلاقية، الثقافة العلمية، وثقافة العمل.
> ما الروشتة التى يجب أن يطبقها كل مصرى مع نفسه أولاً للحد من الانفلات الأخلاقى؟
- على المواطن التعامل بمصداقية، وتحمل المسئولية والإتقان، والانضباط، والتعاون ونشر روح الفريق والتسامح ويجب أن يفهم كل مصرى أنه إذا لم يتواجد روح الفريق، لن نكسب أى مباراة تحقق السعادة والانتصار للجماعة كما علينا تجنب آفة الأنانية والفردية مثل ما يحدث فى رياضيات العنف.
ويجب أن نعلى من قيم العطاء للآخر، لأن تمركز الإنسان حول نفسه هو مرض نفسى، والتمركز حول الآخر أى العطاء هو الصحة النفسية، والمصرى الآن متمركز حول نفسه وهمومه، ويعيش صراعات من أجل نفسه، سواء صراعات طبقية، فئوية، أو مذهبية، ويجب أن يتخلص من كل هذا من أجل المجتمع الوطن، إذا أردنا أن نخلص المصريين من سوء الأخلاقيات، يجب أن نخلق وننمى لديهم «الضمير الجمعى» أى نشترك جميعاً فى ضمير واحد لفائدة الوطن، ثم فى ضمير خاص.
> هل غياب الضمير الجمعى السبب فى ظهور العنف والجريمة على هذا النحو بالشارع المصرى وما هو العلاج؟
- فى كتابى «ثقوب فى الضمير المصرى» قبل 10 سنوات تنبأت بما سيحدث فى مصر من ثورة، وأن الشباب سيقوم بشىء نتيجة للمعادلة المطروحة، من فقر وأمية وبطالة، وهو ما يؤدى إلى غياب الصحة النفسية وتمزق المجتمع، ولكى نعالج هذا الخلل و«نرتق الثقوب» يجب العناية ومعالجة الفقر والأمية والبطالة والتى تؤدى للعنف والجريمة والإدمان والتمركز حول الذات.
ومعلوم أن الضمير ينشأ لدى الطفل داخل الأسرة، فهو يخاف أن يكذب تجنباً لعقاب والديه، وليس خوفاً من دخول النار، لأنه رأى عقاب والديه ولم ير هذه النار، ونظراً لأن 40٪ من نساء مصر فى حالة أمية، ونسبة 5٪ من هؤلاء لديهن القدرة على إلحاق أطفالهن بدور الحضانة، لذا يجب أن يتم التركيز على الأمهات الأميات فى أخلاقياتهن لتكون قدوة لأطفالها، لينشأوا بضمير دون ثقوب، ويلى تربية الضمير فى المدرسة كمؤسسة تربوية ثانية، ومن المؤسف أن قلة من المعلمين فقط هم الذين يتحلون بالضمير الوطنى، بينما هناك من يسرب الامتحانات للأولاد ويسمحون بالغش، وأذكر فى هذا أن الرئيس السيسى قال لنا للأسف إن 60٪ من خريجى المعاهد الفنية لا يجيدون القراءة والكتابة لهذه الأسباب، لذا يجب التوجه إلى مؤسسات التعليم لإصلاحها أخلاقياً.
> الأسرة المصرية الحديثة أصيبت بحالة من التفسخ والتفكك فى العلاقات فما أسباب ذلك؟
- على رأس تلك الأسباب العولمة التى أضعفت دور الأسرة، وأصبح كل أولادنا  يعتمدون على الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعى غير المباشرة، وحسب الأبحاث الأمريكية والدولية الأخيرة، تبين أن الطفل يتعرض لـ100 ألف مشهد من العنف والدم، قبل بلوغه سن 10 سنوات بسبب وسائل الاتصال والإعلام التى يتعرض لها ساعات طويلة دون رقابة، يحدث هذا لدى أطفال أمريكا، رغم أن الأسر هناك تحدد عدد ساعات جلوس الطفل أمام التلفاز بساعتين مثلاً، فما بالنا وأطفالنا وهم لا يفارقون الشاشات ليلاً نهاراً.
ومشاهد العنف والدم تؤدى إلى بلادة الإحساس وسهولة القيام بهذه الأعمال، فلا يوجد أى مبرر لأن يمسك طفل برشاش ويطلقه على أصدقائه فى المدرسة بأمريكا، إذن الإعلام المصرى المرئى مسئول مسئولية كبيرة - نظراً لأن الصحف لا يقرؤها فى مصر أكثر من 600 ألف شخص، لكن التليفزيون يشاهده 90 مليون مواطن فإذا استطاع التليفزيون أن يبتعد بالأعمال الفنية والمسلسلات عن الدعارة والعنف والمخدرات، وأن يقدم لنا نموذجاً ومثلاً عليا وقدوة لتعليم أطفالنا وشبابنا القدوة ليس فى الدين فقط، بل فى الثقافة والفن، فهل يعقل أن الغرب لا يزال للآن ينتج أفلاماً عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، ونحن نقدم عن حرب أكتوبر 3 أفلام هزيلة، حرب أكتوبر مليئة بالقدوة والمثل والنماذج التى يجب طرحها، لتقديم روح وطنية وانتماء للوطن.
> إذا تحمل الإعلام كل مسئولية الانفلات الأخلاقى؟
- إلى درجة كبيرة فالإعلام دوره شديد الخطورة لذا أرى أن تصريح الرئيس الراحل السادات بأن الصحافة سلطة رابعة، كان له مضاعفاته السلبية، فالعالم كله به 3 سلطات، قضائية، تشريعية، وتنفيذية، والإعلام يجب أن يكون رقابة وليس سلطة، ومن هنا كان الانفلات الإعلامى الموجود حالياً هو الذى أضاف ثقوباً للضمير المصرى بدلاً من أن يرتقى به، فنحن نرصد السوقية فى اللغة الإعلامية، أو التى يسوق لها الإعلام من خلال أعمال فنية وثقافية وغيرها، الانهيار فى القيم وابتزاز المسئولين، النقد المستمر غير البناء، وهذا لا يعنى أبداً التعميم.
ويتابع قائلاً، كلما تحدث الإعلام عن القتل، المخدرات، الدعارة، الانتحار، الاغتصاب، تزايدت نسبتها فى المجتمع، فهناك المحاكاة وما يسمى بالتوحد مع مرتكبى هذه الأعمال واعتبارهم أبطالاً، فبعض المدمنين أسمعهم يعترفون أنهم بدأوا الانحراف بعد أن شاهدوا فيلماً أو مسلسلاً، وهم يحاكون أو يقلدون الشعور بالسعادة فى أجواء المغامرة والنساء والنفوذ مع المخدرات ويتجاهلون النهاية الخطرة.
> وكيف يستعيد الشارع المصرى انضباطه؟
- عن طريق إعطاء الشرطى ورجل الأمن قيمته، وأن يكون له هيبة، فأخلاق المواطنين تكتسب من هيبة الدولة، ويجب أن نخصص شرطة للأمن، فمهمة الشرطة خدمة المجتمع فى الأمن.
> ألا تلعب البطالة والفقر والجهل دوراً فى هذا الانفلات بجانب الإعلام والفن الهابط؟
- بالطبع تتكالف عدة عوامل وكما سبق وقلت البطالة، الفقر، الأمية وأتصور أنه لو تم تجنيد كل شباب العشوائيات العاطل عن العمل، فذلك سوف يحد من العنف والجريمة، وسيحمى هؤلاء من استقطاب الإخوان لهم واستئجارهم لتنفيذ عمليات إرهابية، وسيتم خلق روح الوطنية والانتماء لدى هؤلاء، ففى الصين مثلاً، عندما قام ماوتس تونج بالثورة الثقافية، اعتمد فيها على الشباب، وارتدى الشباب جميعهم ملابس ماوتس تونج، وأخبرهم أن ما يهمه إزالة الأمية، وأن كل شاب عليه أن يقوم بمحو أمية آخرين، وبهذه المناسبة سمعت أن رئيس جامعة المنصورة لم يمنح أى طالب شهادة التخرج إلا بعد أن يثبت أنه علم خمسة أشخاص، وإذا تم تطبيق ذلك المبدأ سيتم القضاء على الأمية خلال عام، فمن المؤسف أننا على مدى 60 عاماً وأكثر ننادى بمحو الأمية، ولم ننجح فى محوها، وشىء أكثر أسفاً، أن مصر تحتل المركز رقم 17 فى نسبة التعليم بين الدول العربية، والدول العربية بها من 80 و85٪ من المتعلمين، بينما مصر نسبة التعليم بها 8 و73٪ وفقاً لتقرير اليونسكو، ولا يأتى بعدنا سوى الصومال والسودان، وحسب اليونسكو فإن أكبر نسبة تعليم عالمياً قطاع غزة، ثم قطر، والضفة الغربية، لأن الأمم المتحدة هى التى تشرف على التعليم هناك، لذا لا يوجد تسرب، وفى مصر يتسرب 30٪ من التعليم.
> ألم تساهم مجانية التعليم فى مواجهة ظاهرة التسرب ومحو الأمية؟
- يجب أن نعترف بأن التعليم فى مصر ليس مجاناً على الإطلاق ومجانية التعليم ليست إلا شعارات دون واقع، كما أنه من المؤسف أن خريجى المعاهد والجامعات لا يصلحون للعمل لأنهم لم يخرجوا بمعلومات تؤهلهم للعمل حتى خريجى المدارس الخاصة، فى بلدان العالم المتقدمة لا يدخل الجامعات إلا المتفوقون الذين يستحقون استكمال التعليم، أما الباقون يتم توجيههم فنياً للعمل فى المجالات

المختلفة، وما ينقصنا فى مصر هو رفع قيمة الأعمال الفنية وأن نتخلى عن النظرة الدونية لهم، أن يشعر المزارع بقيمته أنه فلاح، وكذلك العامل، فى فرنسا على سبيل المثال 70٪ منهم فلاحون، وفخورون جداً بعملهم، ولديهم زهو وحب أنهم ينتمون للريف.
> هل تعتبر الإخوان مصابين بأمراض نفسية أم أنهم يفتقدون للصحة النفسية؟
- أراهم مصابين بـ«الضلال الفكرى» وهؤلاء لا ينتمون إلى الوطن، فجماعة الإخوان منذ 80 عاماً تقوم بغسيل مخ للأطفال من البداية من سن 5 سنوات بحيث يكونون منظومة معرفية فكرية واحدة، ألا وهى الكراهية لمن كان مختلفاً معهم، أى يقومون بإـلغاء مسألة «الرأسمال الاجتماعى» وتصبح الحميمية والثقة لمن ينتمى إلى جماعتهم، فهى جماعة لا تبغى الدعوة، ولكن السلطة والسياسة.
ومصر لم تعرف العنف، إلا من خلال هذه الجماعة، والتى كانت أول من قتل القضاة والسياسيين والإصابة بالضلال الفكرى هو الاعتقاد الخاطئ الذى لا يمكن مناقشتهم فيه، وهم لا يقرأون إلا ما يقال لهم، لا يشاهدون إلا ما يسمح لهم به، مثل «الحصان» الذى وضعت غمامة على عينة، ولا يمكنه سوى السير للأمام والاصطدام بكل شىء لأنه لا يرى، وكل عمل بالنسبة لهم جهاد للشهادة.
وأذكر أن فنان الكاريكاتير الراحل مصطفى حسين قال ذات مرة «أخيراً وجدتها أنهم قطيع بلا وعى»، وهم بالفعل كذلك مغسولو المخ، صدقوا ما قيل لهم فى رابعة أن سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم» صلى وراء مرسى، وأن سيدنا جبريل نزل وصلى معهم، ومن يموت وتوضع صورة مرسى أمامه يدخل الجنة، وبينهم للأسف أساتذة طب وهندسة.
> ما الحل لمواجهة تلك الحالة الإخوانية التى أصابت المجتمع بالعنف وتهدده بالتفكك؟
- الحل هو الحوار المتواصل معهم، سواء من يعمل حوارات معهم خاصة فى الجامعات والمدارس، ولو نظرنا لأى حروب فى العالم نجد أنها انتهت بالحوار، لأنهم فى ضلال فكرى يجب معالجته وتقويمه، وهم مصابون بمتلازمة «المسادا» والمسادا جبل بين إسرائيل الأردن، وحدث قبل آلاف السنوات أن الرومان أرادوا القضاء على جماعة يهودية متطرفة، فصعدت تلك الجماعة إلى جبل المسادا للاحتماء به، إلا أن الرومان حاولوا صعود الجبل، وعندما علم اليهود أنهم سينهزمون، ولأن الانتحار مرفوض فى عقيدتهم، اتفقوا أن يقوم كل منهم بقتل عشرة، سواء من البشر أو الطير أو الحيوان، وأحرقوا الزرع وكل شىء، وهكذا أباد بعضهم البعض.
لذا يعتقد الإخوان أن العالم كله ضدهم، وأنهم الوحيدون على صواب، وإذا استشهد أحدهم، فهذه هى الجنة والخلاص.
> من خلال عضويتكم بمجلس أمناء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا إلى أين وصل العمل بهذا المشروع؟
- يجب أن نعرف أولاً أن الأمل الوحيد فى نهضة الأخلاق ونهضة مصر هى البحث العلمى ونهضة الاقتصاد، ويكفى الإشارة إلى أن الأبحاث العلمية المعروفة والمنشورة بكل الدول العربية مجتمعة لا تزيد على 3٪ من مجموع البحوث فى العالم، فى حين تستحوذ إسرائيل وحدها على نسبة 0.1٪، حتى إن إسرائيل أصبحت الآن تصنع وتبيع السلاح لأمريكا والصين، فى حين أمريكا تستحوذ على 37٪ من إجمالى الأبحاث العلمية العالمية، ومدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا هى أمل مصر لتحقيق ذلك التقدم فى مجال الأبحاث لنصل إلى مستويات عالمية، والجامعة التابعة لها تمثل منها 15٪ من المشروع، وتوجد 6 معاهد بحوث تعمل بكامل قوتها، ومعاهد البحوث بالمدينة ستصل بمصر إلى درجة متقدمة عالمياً فى مجال الأبحاث العلمية على مستوى العالم، لتصل بمصر إلى المستوى 60 عالمياً بدلاً من 150 وهناك أبحاث فى الطاقة النووية، الخلايا الجذعية، النانو تكنولوجى وهو أحدث علم دقيق، وكل الأبحاث العلمية ستؤدى لنهضة مصر، وفيما يتعلق بمبنى مدينة زويل، كان يوجد صراع على المكان، ولكن لا يزال الطلبة التابعون لجامعة مدينة زويل يدرسون فى نفس المكان لحين الانتهاء من عمليات البناء وكافة التجهيزات، والعام الماضى تم قبول 300 طالب هم نخبة الطلبة وخلاصة المجتمع، والعام الجارى تم قبول 200 طالب وهم الحاصلون على درجات علمية 100٪، ولم يتوقف شىء، وليطمئن المصريون إلى أن المشروع يجرى تنفيذه على قدم وساق.
> هل ستنتهى ثورة الأخلاق؟
- أنا متفائل أننا سنرى بداية تغيير الأخلاق فى مصر وتعظيم مشاعر الانتماء للوطن من خلال سنوات أقل من أى بلد فى العالم، ويكفى الإشارة إلى أن المصريين بدأوا خطوات مهمة فى الطريق إلى العقل والضمير الجمعى، وذلك عندما توقف الدعم، ولم يثوروا، وكان العالم فى انتظار حدوث ثورة ثالثة، خاصة وأن رؤساء مصر على مدى 60 عاماً لم يجرؤ أحدهم على الاقتراب من الدعم، ولكن الأمل منح المصريين الصبر على تحمل المعاناة، أنا نفسى عشت بالقاهرة الجديدة 3 أشهر دون مياه بسبب خطأ لمسئول سابق فى مد أنابيب المياه، وصبرت ومعى غيرى وتحملنا، لأنه صار لدى الجميع أمل مع وجود مؤشرات ومسببات حقيقية لهذا الأمل، ولعل من أهم مؤشرات ذلك الأمل أن المصرى الذى يقال عنه إنه فقير استطاع أن يجمع 68 مليار جنيه فى 8 أيام للمشاركة فى مشروع قناة السويس، ولا يوجد شعب استطاع أن يقوم بهاتين الخطوتين، وهذه بداية، لأنه وجد القدوة الصحيحة التى تعطيه الأمل.
> وهل توجد روشتة سريعة لعلاج فوضى الأخلاق التى نعانى منها؟
- لعل الطريق الأمثل لتعزيز القيم يكون من خلال الأعمال الفنية التى يجب أن تقدم النصائح والقدوة الحسنة من خلال تقديم برامج موجهة بصورة غير مباشرة، وأفلام ومسلسلات ويجب أن يقتنع المنتجون والمؤـلفون والمخرجون بذلك، وسأطرح لك مثلاً، القصص التى تقدم لأولادنا فى رياض الأطفال والمدارس، ليس بها أى قدوة، فلماذا لا يتم سحب هذه القصص واستبدالها بأخرى بها قدوة، وقد تحدثت مع الدكتور محمد المخزنجى، ووجدت لديه قصصاً بها قدوة وأخلاقيات طيبة كالشهامة وغيرها، وطلبت منه تقديم هذه القصص لنطرحها بالرياض والمدارس.
كما يمكن تفعيل «مسرحية» القصص، أى تحويل القصص إلى مسرحيات، ويشترك فى تقديمها الأطفال، وهذا يربطهم بشكل مباشر بالقدوة، يضاف إلى ذلك الاهتمام بالرياضة، فساعة رياضة يومياً تنشط المخ وتضاعف التحصيل والتفاعل الاجتماعى، كذلك الاهتمام بقصور الثقافة وإحياء دورها، فالفن والثقافة أحد أدوات تطهير للنفس وإعلاء المثل الفاضلة، لذا نلاحظ هنا أن جماعة الإخوان كانت أجندة الثقافة بالنسبة لهم غير موجودة، لأنهم ضد الثقافة أساساً، وذلك ذكرنى بـ«ستالين» أبرز القادة المستبدين الذين عرفهم العمل الذى قال: «إذا رأيت مثقفاً تحسست مسدسى»، وأعتقد أن هذا كان الوضع فى عصر الظلام على مدى 3 سنوات منذ الثورة.
ويختتم العالم أحمد عكاشة حديثه معى بجملة رائعة «اليأس يعطى الموت والأمل يعطى الحياة والمستقبل» والمصريون بدا أمامهم الأمل واضحاً، لكنى أغادره ولدى شعور مؤكد بأننا جميعاً نعانى من أزمة بالصحة النفسية.

سيرة ذاتية
د. أحمد محمود عكاشة عالم مصرى، ولد بالقاهرة عام 1935م فى أسرة سياسية عسكرية، والده محمود باشا كان مديراً عاماً لسلاح حرس الحدود وحاكماً للصحراء الغربية، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة عين شمس عام 1957م ثم سافر فى بعثة دراسية لإنجلترا عام 1959م، وكان أول من أدخل قسم الأمراض النفسية فى كليات الطب بمصر عام 1964م، وتولى رئاسة القسم من عام 1965 حتى عام 1975م، وهو رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى ورئيس سابق للجمعية العالمية للطب النفسى وأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس وعضو المجلس التنفيذى لليونسكو، وعضو مجلس أمناء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، ومستشار الرئيس للصحة النفسية والتوافق الجماعى.
ألف 47 كتاباً باللغة العربية والإنجليزية وله 345 بحثاً علمياً نشرها فى مجلات علمية عالمية ومحلية، وعضو فى لجان علمية عديدة وحاصل على الزمالة من أدنبره بلندن، نال جائزة الدولة التقديرية فى الإبداع الطبى من أكاديمية البحث العلمى عام 2000 وجائزة مبارك للعلوم عام 2010.