رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

11 سبتمبر نقطة تحول فى السياسة الأمريكية "مصر- السعودية"

بوابة الوفد الإلكترونية

شكل الحادى عشر من سبتمبر نقطة تحول في السياسة الخارجية الأمريكية، كما يعتبر بداية مرحلة تاريخية ومفصلية بالنسبة للعلاقات الدولية التى شغلت وشكلت الرأي العام العالمي، فمنذ ان أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عن الأحداث، وخرج زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن موضحاً الأسباب وراء هذه الأحداث ونسبها للدعم الأمريكي لإسرائيل، وأن تنظيمه مستعد لحرب استنزاف طويلة مع الولايات المتحدة الأمريكية، اتخذت الولايات المتحدة إجراءات عدائية ضد مجموعة من الدول.

وقام الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش، بتحديد تلك الدول وعرفها بأنها دول "محور الشر"، ويضم هذا المحور ثلاث دول هي "إيران – العراق – كوريا الشمالية".

الوجه الآخر للسياسة الأمريكية
حدثت تغييرات كبيرة في السياسة الأمريكية عقب هذه الأحداث، التي بدأت مع إعلانها الحرب على الإرهاب، وأدت هذه التغييرات لحرب على أفغانستان وسقوط نظام حكم طالبان، والحرب على العراق، وإسقاط نظام صدام حسين.
كما أثرت تلك الأحداث على التوازن السياسي في عملية صنع القرار، حيث جاءت لتزيد من سلطة القيادة التنفيذية على توجيه السياسة الخارجية الأمريكية بعد أن كانت هناك قيود من جانب الكونجرس، خصوصاً بتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية.
إضافة إلى ذلك جاءت أحداث 11 سبتمبر لتؤثر بالسلب على حقوق الأقليات بل والمواطنين الأمريكيين أيضا، فقد أصدر الكونجرس الأمريكي قانون الأدلة السرية الذي يتيح للولايات المتحدة القبض على المشتبه فيهم، وعلى الرغم من محاولات إعادة النظر في القانون باعتباره صورة تخدش الوجه الأمريكي.
وبالفعل تم تقديم مشروعات قوانين في الكونجرس لنقض قانون الأدلة السرية، إلا أن أحداث 11 سبتمبر جاءت لتحول الاتجاه نحو مزيد من تقييد الحريات، خصوصاً للعرب والمسلمين، فقد اتخذت السلطات الأمريكية تدابير جديدة تقيد من حريات الأقليات في الولايات المتحدة مثل قوانين الطوارئ والتحقيق مع أكثر من 5 آلاف شخص، وتشكيل محاكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين بأعمال إرهابية، وإصدار تشريعات تجيز التفتيش والاحتجاز والتنصت على الهواتف والبريد الإلكتروني وغيرها.
أصبحت لمكافحة الإرهاب أولوية قصوى حيث تزايدت إجراءات الأمن الداخلي من خلال تعيين توم ريدج حاكم بنسلفانيا كمدير لمكتب الأمن الداخلى وإعطائه صلاحيات كبيرة، بجانب تشكيل قيادة عسكرية للأمن الداخلي تدعى القيادة الشمالية، كجزء من هيكل القيادة الموحدة للقوات المسلحة لتنسيق الجهود المتعلقة بالأمن الداخلي والدفاع عن الأرض الأمريكية، والنهوض بمهام الدفاع الفضائي الأمريكي.
هذا إلى جانب عودة الإدارة الأمريكية إلى التدخل في الأزمات المختلفة في العالم وتزايد ارتباطها بالحلفاء، كما بدأت الولايات المتحدة في مراجعة سياستها تجاه الشرق الأوسط، وظهر ذلك جليا بعد اتجاهها للحرب ضد الإرهاب من خلال تزايد تدخلات أزمة الشرق الأوسط وإرسالها مبعوثا للسلام "انتونى زينى" للمنطقة، ولكن سياستها بدأت أكثر تقاربا مع إسرائيل من خلال تأمين عمليات الاجتياح والتشدد مع الجانب الفلسطيني.
فيما اختلفت رؤية الشارع الأمريكي تجاه القيادة وهيكل السلطة التنفيذية والحقوق المدنية والسياسية للمواطن الأمريكي، فقد تحول الرئيس الأمريكي جورج بوش من وجهة نظر الأمريكيين من شخص يثير الفكاهة والضحك إلى قائد مهيب وصارم، تلك الرؤية تعكس في الواقع خاصية مهمة لاصقة بالشعب الأمريكي، وهى الاطمئنان الشعبي نحو الالتزام بمشروعية العقد الاجتماع للدولة، فلا تحتاج القيادة السياسية إلى التبجيل والتعظيم حتى تضمن البقاء.

العلاقات المصرية الأمريكية
بالنسبة للعلاقات الأمريكية المصرية قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر، فيمكن القول إنها لم تشهد تغييراً كبيراً، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو العسكري، فلا تزال الولايات المتحدة تعتبر مصر شريكا وحليفا استراتيجيا يجب دعمه تجاه النظم المتشددة في المنطقة.
وبالرغم مما حدث من تداعيات لحادث 11 سبتمبر وتغير مفاهيم السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الكثير من الدول الأخرى، إلا أن العلاقات المصرية الأمريكية، احتفظت بثباتها وتعاونها وقد بدا هذا في مواقف عدة: التعاون الاستخباراتي بعد أحداث 11 سبتمبر، وسماح مصر بمرور السفن الأمريكية في قناة السويس خلال حرب العراق الثانية، وكذلك فتح الأجواء المصرية للطائرات الأمريكية، ثم توقيع اتفاق الكويز واتفاق تزويد إسرائيل بالغاز المصري، وكلا الاتفاقين لاشك أنهما كانا يرضيان الولايات المتحدة، هذا الاستعداد المصري للتعاون مع الولايات المتحدة، ومن ثم مع إسرائيل، هو الذي أثار انتقادات القوى السياسية في مصر واعتبرته نوعا من التبعية للولايات المتحدة


العلاقات السعودية الأمريكية

يعد العالم الإسلامى الأكثر تأثراً بأحداث 11 سبتمبر بعد توجيه الاتهام للإسلام الأصولي والدول الإسلامية التي تصنفها الولايات المتحدة بأنها راعية للإرهاب، وأنها وراء هذه الأحداث، فقد أساءت أحداث سبتمبر للإسلام كثيراً وتسببت في صبغه بتهمة "الإرهاب"والتطرف.
لم تتأثر العلاقات السعودية الأمريكية كثيراً بأحداث 11 سبتمبر بسبب اعتبارات المصلحة الاستراتيجية والاقتصادية المشتركة، ولكن المؤسسات الإعلامية الأمريكية وبعض المحللين السياسيين الأمريكيين العاملين في مراكز البحوث والدراسات قاموا بشن حملة إعلامية شديدة العداء للسعودية، ما زالت مستمرة حتى الوقت الحاضر.
فقد انتقدت الصحافة الغربية جريدتا "نيويورك تايمز ولوس أنجلوس" موقف السعودية من أحداث 11 سبتمبر, ودعت الغرب إلى إعادة النظر في العلاقة معها، وقد أدى القرار الأمريكي ببدء الحرب ضد الإرهاب وامتدادها إلى العراق إلى مواجهة العلاقات السعودية - الأمريكية لمشكلات كبيرة، فقد أعلن الزعماء السعوديون عن رفضهم بشكل قاطع لأي نوع من الهجوم على العراق, وأنهم لن يسمحوا باستخدام أراضيهم للهجوم على بغداد، هذا في وقت كانت فيه السعودية حليفًا رئيسيًا لواشنطن في حرب الخليج الثانية، فقد سمحت لـ500 ألف عسكري أمريكي بالدخول إلى ميدان الحرب مع العراق من أراضيها.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد إعلان السعودية عن موقفها المعارض تجاه ضرب العراق انقسم أعضاء الكونجرس الأمريكي قسمين بخصوص العلاقة مع السعودية، أحدهما معارض والآخر موافق، ويستند معارضو استمرار العلاقات الأمريكية - السعودية إلى مزاعم عدة منها اتجاه السعودية نحو الوهابية ونشرها كعقيدة في العالم، خصوصًا في المدارس الباكستانية, وكذلك عدم مراعاة السعودية لحقوق الإنسان وعدم اكتراثها بحقوق المرأة، والدعم المالي السعودي للجماعات الإرهابية والحركات الإسلامية الفلسطينية, ويرى هؤلاء ضرورة خفض درجة الاعتماد الأمريكي على البترول السعودي.
يرتكز الجناح المؤيد لاستمرار العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة إلى اعتراف السعودية بتقصيرها في إقرار الديمقراطية ورعاية حقوق الإنسان, والتحرك من أجل القضاء على تلك المشكلات وإزالتها، وبمرور الوقت أصبح التحدي الذي يواجه العلاقات الأمريكية - السعودية عميقًا، خصوصاً أن الغرب فتح ملفات لا حصر لها أمام الحكومة السعودية.
تعد العلاقات العسكرية بين واشنطن والرياض من بين المجالات الأخرى التي أضيرت بفعل أحداث 11 سبتمبر, فقد كان الجيش السعودي يحظى بعلاقات قوية مع الجيش الأمريكي وذلك لعشرات السنوات، وكانت الحكومة السعودية تمثل الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وخليج "فارس" الاستراتيجي، وفي تلك السنوات كانت السعودية تقوم بشراء السلاح الأمريكي بمليارات الدولارات، وكانت تستهدف من جراء ذلك تقوية البنية الدفاعية لها في المنطقة, وقد استضافت المملكة العربية السعودية نصف مليون جندي أمريكي هي وحلفاؤها في حرب الخليج الثانية "العراق والكويت"، إضافة إلى ذلك فقد وفرت المملكة النفقات العسكرية لهذه الحرب ومنحتها لواشنطن.
لعبة أمريكية
شكك البعض في أن يكون للمخابرات الأمريكية يد في هذه العملية، نظرا لما حققته من مكاسب عقب أحداث التفجيرات، كما أشاروا إلى أن الشخص المتحدث في الفيديو الذي بثته الحكومة الأمريكية لم يكن "أسامة بن لادن"، موضحين انه بالتدقيق في الفيديو يجد بأنه يحمل خاتماً من ذهب - وهذا ما تحرمه الشريعة الإسلامية - وظهر ابن لادن يكتب بيده اليسرى مع أن كل الذين يعرفونه شاهدوه يكتب باليمنى.
وتم توثيق ذلك من بعض المهتمين بالفيلم الأمريكي الوثائقي( Loose Change) الذي يوضح علاقة الحكومة الأمريكية بتفجيرات 11 سبتمبر بشكل مصور ومدعوم بالوثائق الرسمية والمقابلات الشخصية والتحليل العلمي.
إن مجريات السنوات التي أعقبت 11سبتمبر 2001م كانت كفيلة بتأكيد أن ما يجري هو لمصلحة ترسيخ النظام العالمي الجديد الذي أعلنه جورج بوش الأب عام 1991م وجوهر هذا النظام هو تعديل عقيدة "مورنو" القائلة "إن نصف الكرة الأرضية الغربي تابع لأمريكا"، إلى مقولة "كل العالم لأمريكا"، وبشكل أبسط الهيمنة على العالم في ظل التجاهل التام لمعايير القانون الدولي وتاريخ وتقاليد الشعوب الأخرى، بمعنى أن الإستراتيجية الأمريكية تأثرت بأحداث 11 سبتمبر وأصبح هذا التأثير والتحول في الإستراتيجية الأمريكية كالآتي:
أولاً: منع التحكم في احتياطات النفط العالمية ليس لأن أمريكا تستورد ما يفوق إمكانات إنتاجها من النفط فقط، وإنما أيضاً لإعاقة وصول القوى الجيوسياسية المنافسة إلى هذه الموارد، خصوصاً الصين.
ثانياً: حرب البلقان من أجل تشكيل شبكة من الدويلات القزمية لضمان مصير الممر البلغاري – الألباني لخطوط أنابيب نقل النفط.
ثالثاً: الحرب على العراق والخطط العسكرية بشأن إيران والخليج بهدف وضع اليد مباشرة على مخزون النفط العالمي الأساسي، والتحكم في منافذ واتجاهات تصديره، وحرب لبنان كانت المدخل.
لقد أصبحت الولايات المتحدة بعد هذه الأحداث تمتلك القدرة الكبيرة والمطلقة على إنفاذ تصوراتها وتحويلها إلى واقع معاصر على الصعيد الدولي، وذلك لامتلاك الولايات المتحدة تصوراً استراتيجياً متكاملاً لمستقبل النظام الدولي، وعدم امتلاك الآخرين لتصور بديل واتفاقهم مع كثير من عناصر ذلك التصور.