رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

محطات انتكاسة السياحة

بوابة الوفد الإلكترونية

بلد الألف مئذنة، هكذا لقبت محافظة القاهرة، "أهرامات الجيزة"، وهكذا اشتهرت محافظة الجيزة، "أرض الكنانة".. وهكذا لقبت مصر.

صاحبة الـ7000 آلاف عام من الحضارات، ما بين فرعونية وإسلامية وقبطية وحديثة.
حبا الله مصر الكثير من المناظر الطبيبعة الخلابة، تجعلها قبلة الكثيرين من محبى السفر والسياحة عبر العالم، يأتى إلى آثارها وتحفها المعمارية السائحون من كل حدب وصوب، ينبهرون بقدرات الإنسان المصرى القديم فى تشييد تلك المعابد الشامخة، وعلى براعته فى نحت الصخور بهذا الكم من الدقة، ويقفون خالعين قبعاتهم أمام معجزة الفراعنة فى فن التحنيط.

وعلى مر العصور وتطورها، باتت السياحة فى مصر من أهم مصادر الدخل القومى، نظراً لتنوع مرافقها، فهناك السياحة الدينية، إذ يقدم الكثيرون لزيارة الكنائس القبطية والمعابد اليهودية والمساجد الإسلامية التى تنم عن طراز فريد من نوعه من فن الزخارف والنقوش على الجدران.
والبعض يأتى من أجل المتعة للمناظر الخلابة، فيقبلوا على زيارة البحرالأحمر فى مدينتى شرم الشيخ والغردقة، وهم أشيع المناطق التى تشتهر بالسياحة فى مصر، لمناظرها، وشهرة رمالها على علاج بعض أمراض العظام، إضافة إلى مناظر الشعاب المرجانية التى تأسر الناظر لها بجمالها، وعشق "الأجانب" فى ممارسة رياضة الغطس، والتى يسعون لممارستها فى مياه البحر الأحمر.
حرب أكتوبر تحيي سيناء

وتعتبر حرب 6 أكتوبر 1973 هى صانعة السياحة بسيناء، والعامل الأول فى خلق النشاط السياحة بها، إذ كان اللواء على رضا، رئيس جمعية مستثمرى البحر الأحمر، قد أكد فيما سبق أنه لولا حرب أكتوبر لما وجدت سياحة ترفيهية فى مصر.

معللًا ذلك بأن محافظة البحرالأحمر كانت محافظة حدودية وكان الذهاب للغردقة يتطلب الحصول على تصريح من حرس الحدود، وكان من الصعب الذهاب إلى الغردقة لأنه لم تكن الطرق ممهدة كانت أقرب للمدقات ويقال عنها طرق "درجة ثالثة" وكان بالرغم من معرفة الأجانب من قراءاتهم عن جبال منطقة البحر الأحمر، إلا أنهم لم يستطيعوا زيارتها لعدم وجود مطارات ولا موانئ ولا أية وسائل نقل حتى جاءت انتصارات أكتوبر العظيمة، وتم تحرير سيناء وفتح الضفتين الشرقية والغربية لخليج السويس.

وسمحت القوات المسلحة للطيران المدنى باستخدام جزء من المطار الحربى بالغردقة، كما تم إقامة مطار شرم الشيخ بالتعاون مع المطار المدني، وأزالت القوات المسلحة الألغام التى زرعها العدو على ساحل البحر وسلمتها للسياحة والإدارة المحلية وهى الأراضى التى تمت تنميتها سياحياً بعد أن تولاها قيادات عسكرية لديها بُعد إستراتيجى وكان لهم دورهم الكبير فى وضع البذرة الأساسية للسياحة.

كما قامت القوات المسلحة بتوفير وسائل الاتصالات التليفونية وسمحت لهيئة الاتصالات باستخدام كابلات القوات المسلحة لحين تطوير نفسها. ومنذ ذلك الحين استشعرت الدولة أهمية السياحة بهذه المناطق الخلابة فبدأت بتوصيل المياه لهذه المناطق بعد أن كانت الغردقة تصلها المياه عن طريق المستودعات المحملة بالمراكب وكانت المياه ملوثة نتيجة تعبئتها فى المستودعات المحملة بالبترول خاصة فإن الغردقة كانت ثانى مدينة بترولية فى العالم.
وكانت ترسل البترول الخام للسويس أو عدن وكانت تأتى المياه فى نفس المستودعات الملوثة بالزيوت.
وفى هذا التوقيت لم يكن بالغردقة أية فنادق عدا فندق وحيد، وكان يحتوى على 110 غرف وعشرة شاليهات ولم يعمل لأن بعد حرب 67 تم إغلاقه لأن المنطقة أصبحت عسكرية وحظر التردد عليها. أما جنوب سيناء فكان لا يوجد بها سوى ثلاثة فنادق فى شرم الشيخ وفندق فى طابا بناها اليهود وقت الاحتلال وبعد الانتصار قامت المخابرات العامة بشرائها من اليهود فى إطار اتفاقية السلام.

وقامت القوات المسلحة بإنشاء نفق الشهيد أحمد حمدى الذى يربط الضفتين بدلاً من المعديات التى كان عبورها يستغرق وقتاً طويلاً فى الطوابير ثم تم إنشاء كوبرى السلام بدلاً من المعدية نمرة (6) كما استردت القوات المسلحة شبكة الطرق التى أقامتها إسرائيل لخدمة عملياتهم وقامت قواتنا المسلحة بإدخال تطويرات لهذه الطرق حتى أصبحت كما هى موجودة الآن.
ويسطر التاريخ فى طياته، عددا من الكبوات السياحية التى مرت بها مصر، والتى أثرت سلبا بطريقة كبيرة على الدخل السياحى فى مصر، ورصيد العملة الصعبة داخل البلاد.
"مذبحة الأقصر"
ولعل أبرز الأزمات التى عاصرها الكثيرون، هى "مذبحة الأقصر"، التى وقعت فى 17 نوفمبر 1997، التى وقعت بالدير البحرى، والتى أسفرت عن مصرع 58 سائحا، وكان لهذه العملية تأثير سلبي على السياحة في مصر، وأقيل على إثر هذا الهجوم وزير الداخلية اللواء حسن الألفي.
ففى هذه الواقعة هاجم ستة رجال مسلحين بأسلحة نارية وسكاكين متنكرين في زي رجال أمن، مجموعة من السياح في معبد حتشبسوت بالدير البحري، وقتلوا 58 سائحا في خلال 45 دقيقة. ثم حاول المهاجمون الاستيلاء على حافلة لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وتم العثور عليهم بعد ذلك مقتولين داخل إحدى المغارات وكان التقرير الرسمي يدعى أنهم يئسوا من المقاومة وقرروا الانتحار.

ولكن فى أعقاب الحادث، أعلن رفاعي طه القيادي في الجماعة الإسلامية مسئوليته عن الحادث في بيان بثته وكالات الأنباء العالمية, ولكن تصدى له أسامة رشدي الذي كان يضطلع وقتها بمهمة الناطق الإعلامي للجماعة، إذ أصدر بيانا ينفى فيه صلة الجماعة الإسلامية بالحادث.

بلغ مجموع القتلى فى هذا الحادث 58 سائحاً أجنبياً، ستة وثلاثون سويسرياً وعشرة يابانيين، وستة بريطانيين وأربعة ألمان، وفرنسي وكولومبي بالإضافة إلى قتل أربعة من المواطنين ثلاثة منهم من رجال الشرطة والرابع كان مرشداً سياحياً.
والجدير بالذكر أنه كان من القتلى طفلة بريطانية تبلغ 5 سنوات، وأربع أزواج يابانيين في شهر العسل، بالإضافة إلى 12 سويسرياً، تسعة مصريون، يابانيان، ألمانيان، وفرنسي أصيبوا بجروح، الأمر الذى أدى إلى سوء العلاقات بين مصر و سويسرا خاصة بعد رفض مصر دفع التعويضات التى طالبت بها سويسرا.
وكانت هذه هى الكارثة الأولى التى عبرتها السياحة المصرية، وأدت إلى خوف الأفواج السياحية من القدوم إلى مصر خوفا من تعرضهم لنفس المصير المؤلم بالقتل، فبدلا من أن تكون رحلة سيايحة تصبح رحلة إلى العالم الآخر!

تفجيرات دهب "اللطمة الثانية"
وبعد عدة أعوام من هذا الحادث الكارثى على مصر، بدأت السياحة تعود لنشاطها من جديد، لكنها اصطدمت مرة أخرى بحادث تفجيرات "دهب" بشرم الشيخ، 2006.
ثلاثة تفجيرات إرهابية متزامنة حدثت في 24 أبريل 2006 بمنتجع دهب المصري، أودت بحياة 23 شخصا وجرح 62 آخرين معظمهم مصريون، وفى أعقابها أعلنت السلطات المصرية عن وجود علاقة بين مسلحين فلسطينيين وهذه التفجيرات. وتجددت مع هذا الحادث نفس المعاناة الأولى للعمل على عودة السياحة فى مصر إلى أوج ازدهارها، فعاد الخوف إلى نفوس السياح، و عاد معه كساد السياحة.
ثورة 25يناير "الضربة القاضية"
وبعد مرور أعوام وكانت السياحة قد بدأت تعود فى مصر إلى درجة كبيرة، فوجئت مصر

بلطمة أخرى، "ثورة 25 يناير"، و التى شهدت مصر فى أعقابها كسادا اقتصاديا على كافة الأصعدة. ويشير كشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء في مصر عن تراجع الدخل السياحى في مصر بنسبة 60 % بعد ثورة 25 يناير .
وقال رئيس الجهاز اللواء أبوبكر الجندى آنذاك، إن القطاع السياحى من أكثر القطاعات تضررا بسبب 25 يناير الماضى، وأن نسبة الإشغالات فى الفنادق تراجعت إلى 16 % وفى الفنادق العائمة إلى 5 %.
وكان بيان سابق للجهاز كشف عن تراجع أعداد السائحين الذين زاروا البلاد خلال الربع الأول من عام 2012 بنسبة 45.7 % ، إذ قدر عدد السائحين الذين زاروا مصر خلال الفترة من يناير إلى مارس بالعام ذاته بنحو 1.9 مليون سائح مقابل 3.5 مليون سائح خلال الفترة نفسها من عام 2010 .
وتعددت فيما بعد أسباب تدهور أوضاع السياحة فى مصر، والتى تعود إلى انتشار المظاهرات والاعتصامات، وانتشار أعمال البلطجة وعلاوة على ذلك الفتنة الطائفية بين عنصرى الأمة؛ فضلًا عن التهويل الإعلامى أو الإعلام الكاذب من بعض المحطات يؤدى إلى تخوف السائحين؛ بالإضافة إلى التعامل مع السائحين إذ يتم التعامل معهم من باب الاستغلال المادى، بينما يظل السبب الأكثر تأثيرا هو حالة الفراغ الأمنى التى أعقبت ثورة 25 يناير.
فالخسائر الحقيقية لصناعة السياحة كما يؤكد الخبراء ليست مقصورة على أصحاب الفنادق والشركات والمطاعم والعاملين بها فحسب وإنما تمتد لتطول 9 ملايين مواطن مصري بصورة مباشرة وتندرج لتشمل نحو 20 مليونا لو تم حصر الصناعات المكملة والمغذية للنشاط السياحي.
تبعات ثورة يناير
ومع استكمال عام 2012، وعزل الرئيس محمد مرسى، وعقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، أثار هذا الحادث مخاوف الدول من توجيه رحلات سياحية صوب مصر.
فأما روسيا التي يتواجد أكثر من 50 ألفًا من رعايها في مصر للسياحة ويخطط عددً مماثلً منهم للتوجه إلى هناك في الأشهر المقبلة، فقد نصحت شركات السفر بالتوقف عن تنظيم الرحلات إلى ذلك البلد.
وقالت شركة ثوماس كوك للسياحة إنها ألغت الرحلات من منتجعات البحر الأحمر إلى القاهرة والأقصر وجبل موسى ودير سانت كاثرين فى هذه الفترة.
أما إيطاليا فقد نصحت مواطنيها المتواجدين في مصر ويقدر عددهم بنحو 19 ألف إيطالي، بعدم الخروج في جولات خارج المناطق السياحية، وقالت وزارة الخارجية في بيان على موقعها على الإنترنت "نحن ننصحكم بشدة بتجنب القيام بجولات خارج المناطق السياحية خاصة في المدن".

وذكر اتحاد شركات السياحة الإيطالية "فيافيت" في وقت سابق أن عدد السياح الإيطاليين الذين زاروا مصر هذا العام انخفض بنسبة 80%، كما أصدرت كل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا تحذيرات من السفر إلى مصر.

أما أبرز أسباب تدهور الوضع السياحى فى مصر خلال عام 2013، فإنه كان لعدم التواجد الأمنى، وغياب الشعور بالطمأنينة فى الشوارع المصرية فى شتى المدن والمحافظات، وأجمع مسئولو السياحة حينها أنه لابد من عودة الاستقرار والهدوء والأمن إلى مصر أولاً كى تستطيع السياحة أن تتعافى بالشكل الكامل.
خطوة نحو التقدم
أما فى عام 2014، أكد عبدالفتاح العاصي، رئيس قطاع الرقابة على الفنادق، أن السياحة بدأت تتعافى في جنوب سيناء، مشيرًا إلى أن معدل السياحة في المحافظة حاليا مطمئن ويزداد تدريجيا، وفي سبيلنا إلى الوصول إلى معدلات غير مسبوقة خلال الفترة القادمة.

وأرجع أسباب انتعاش السياحة خلال الفترة القادمة، إلى استقرار الأوضاع السياسية في مصر، ووجود رئيس منتخب، والمقومات السياحية المتوفرة بجنوب سيناء دون غيرها من المحافظات السياحية، والأمن والأمان الذي يتمتع به السائح فضلًا عن إنشاء العديد من المشروعات بشرم الشيخ منها ما تم بالفعل وهناك بعض المشروعات تحت الإنشاء.
وقرر العاصي، وضع حد أدنى لأسعار بيع الغرفة السياحية بكل الفنادق والمنتجعات السياحية يتراوح بين 50 و70 دولارًا، مؤكدًا أن ذلك سوف يساعد على التنافس وإحياء الفنادق 3 نجوم ورفع معنويات العاملين في تقديم أفضل الخدمات للسائحين.
ولكن من جانبه قال هشام زعزوع وزير السياحة، فى تصريحات سابقة إن القطاع السياحي لم يعد إلى ما كان عليه في 2010 والذي يعتبر عام الذروة بالنسبة للقطاع السياحي، والذي حقق دخلا يقدر بنحو 12.5 مليار جنيه من خلال 15 مليون سائح زاروا مصر خلال هذا العام، مشيرا إلى أن السياحة بدأت في التعافي بشكل تدريجي، متوقعا أن تعود السياحة إلى طبيعتها خلال موسمين على الأكثر.
ومازالت أرض الكنانة فى انتظار عودة السياحة إلى أراضيها.