عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"التحالف الديمقراطي" يحمل تركة ثقيلة بعد الثورة

وفقا لنتائج الانتخابات التي تم تزويرها في السنوات الماضية للحد من نسب فوز أحزاب المعارضة في العهد السابق ، كان من الواضح أن الزعامة معقودة لبعض الاحزاب الرئيسية، وأن مرشحيهم برغم أنهم الأكثر تعرضا للتزوير هم الأكثر تفوقا وحصدا للمقاعد والأصوات  ،

ولهذا يعتبر التحالف الذي ضم طيفاً واسعاً من الاحزاب والقوي السياسية هو الجواد الرابح في أي انتخابات ديمقراطية حرة مقبلة .. وهذا هو ما يزعج خصوم التحالف ويجعلهم يسعون بكل السبل لتفتيت أي تحالف انتخابي وآخره تحالف الأحزاب الـ 28 الذي يقوده عمليا .. برغم أن هدف هذا ا?تحالف هو إنقاذ مصر من الفوضى وضمان قيادة البلاد في المرحلة الانتقالية بعد الثورة نحو بر الأمان .

ويتمثل الهدف الأساسي لهذا « التحالف الديمقراطي من أجل مصر « - الذي بدأ يوم 11 يونيو الماضي انتهى باللقاء الموسع الأول بمقَـر حزب الوفد يوم 14 يونيو وضم 13 حزبا، ثم اللقاء الموسَّـع الثاني في مقر حزب الحرية والعدالة يوم 21 يونيو، ثم اللقاء الثالث بحزب الغد وانتهى بإقرار «وثيقة التوافق الديمقراطي من أجل مصر» - في محاولة جمع القوي السياسية المتوافقة علي رؤية لإنقاذ مصر سريعا من حالة الفوضى وضم قوي سياسية أخري ولو مخالفة فكريا أو سياسيا هو من باب تطمين هذه القوي السياسية المتوجسة من التحالف والتي لا تنظر سوي أ?فل قدميها بحثا عن مكاسب سياسية خاصة دون النظر للمكسب العام للثورة المصرية ورغبة الاستقرار ، وهذا ما يفسر انزعاج بعض القوي والأحزاب الصغيرة المشاركة في هذا التحالف ومن خارجه ، من فكرة التنسيق في الانتخابات بين هذه الأحزاب التي طرحها الإخوان برغم أن هدف التحالف والوثيقة هو وضع اسس مرحلة انتقال سلمي للسلطة توافق عليها القوي المنضمة.

وقد أكد المشاركون في وثيقة التحالف الديمقراطي بوضوح أن : «الهدف الأساسي من هذا التحالف هو أن يتعاون الجميع في حمل أعباء التركة الثقيلة ، على أساس أنه ليس في إمكان أي حزب منفرداً أو عدد قليل من الأحزاب بناء مصر الجديدة الحرة التي يطمح إليها شعبنا». وأوضحوا أن : «التنسيق الانتخابي لا يعنى في هذا السياق توزيع حصص وإنما تعاون في حمل أعباء جسيمة تواجه البلاد وضمان تشكيل برلمان متوازن يعبر عن كافة طوائف الشعب وقواه السياسية «.

وقد تضمنت الوثيقة مبادئ دستورية توافقية تؤكد على أن المواطنة أساس المجتمع، وتكفل كافة الحريات العامة على رأسها حرية العقيدة والعبادة وعلي مبدأ الاقتراع العام الحر النزيه ، حق التجمع السلمي للأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والنقابات المهنية ، وإطلاق حرية الرأي والتعبير، وحرية الإعلام وتداول المعلومات والتظاهر السلمي والاعتصام، واستقلال القضاء ، ودعت لاقتصاد مصري يقوم على الحرية والعدالة الاجتماعية، ودعم التحالف للعمل العربي المشترك رسمياً وشعبياً وبناء علاقات مصر الإقليمية والدولية على أساس التعاون والمصا?ح المشتركة والاهتمام بدول حوض النيل بشكل خاص، وكذلك إجراء حوار استراتيجي مع إيران وتركيا ، وطالبت أحزاب «التحالف الديمقراطي» بمراجعة عملية التسوية مع الكيان الصهيوني على أساس أنه لا سلام حقيقيا في ظل العدوان والإجحاف وانتهاك الحق الفلسطيني في تقرير المصير.

وقد حرص قادة هذا التحالف الرئيسيين علي تأكيد ضرورة التوحد في هذه المرحلة من أجل مصر لا من أجل أهداف انتخابية.

حسم قضية الدستور أولا

ومع هذا استمرت الشكوك والمناوشات السياسية حول الغيرة السياسية من قوة بعض الاحزاب في حصد نسبة كبيرة من المقاعد وبدء انسحاب البعض من هذا التحالف أو الاعلان عن قصر المشاركة علي التنسيق فيما يخص الاستقرار في مصر دون الدخول في تنسيق انتخابي . وهناك أحزاب لم توقِّـع على الوثيقة، رغم حضورها اللقاء، منها على سبيل المثال أحزاب: الوسط والعدل  والجبهة الديمقراطية والناصري، اتجهوا لإنشاء تحالُـف آخر» .

والأخطر هو سعي أطراف علمانية ويسارية لضرب هذا التحالف والمهم في هذا الصدد هو أن التحالف نجح في الخروج من هذا المأزق عبر اتصالات مع قوي ليبرالية وثورية كانت ترفع شعار (الدستور أولا) في تحييد هذا الشعار تماما وتجاوزه ، والتركيز علي قضايا تسريع محاكمة رموز النظام السابق ومعاقبة قتلة الثوار من الضباط ، ما نتج عنه إعلان الاخوان مشاركتهم في جمعة الاصرار والقصاص أمس الأول بعدما كانوا يقاطعونها هم والسلفيون ، وهي خطوة ذكية هدفها التصدي لمحاولات ضرب هذا التحالف والتوافق مع أصحاب المشاركة في جمعة القصاص.

وقد استغل الساعون لتفجير التحالف، احتدام الجدل حول «الدستور أولا» أم «انتخابات البرلمان أولا»، لمحاولة خلق تصدع في تحالف الليبراليين والقوى الإسلامية، قبل المظاهرة المليونية في الثامن من يوليو .. التي كانت تركز بداية علي مطلب الدستور أولا ثم انتهت للمطالبة بالقصاص ومحاكمة رموز النظام السابقين ، بعدما تشبثت القوى الإسلامية بالإعلان الدستوري الذي نص على إجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل، على أن يشكل البرلمان بعد ذلك

لجنة لوضع دستور جديد للبلاد، في حين اعتبرت القوى الليبرالية واليسارية أن دستور 197? سقط بصدور الإعلان الدستوري نهاية مارس الماضي وبالتالي لابد من وضع دستور جديد أولا.

ودفع هذا الخلاف حزبي الجبهة الديمقراطية والعدل لإعلان انسحابهما من التحالف، وقال حزب التجمع: إنه لن يشارك في موضوع التنسيق بين الأحزاب في الانتخابات ، قبل أن يتم الاتفاق مع قوي ثورية استبعاد فكرة الدستور اولا والتركيز علي المحاكمات والقصاص ، ونجح الاتفاق وشاركت مختلف القوي في جمعة 8 يولية، وعاد التحالف الديمقراطي للالتئام وخسر الساعون لتفتيته جولة ثانية !.

حيث قررت الجبهة الحرة للتغيير السلمى تعليق حملة «الدستور أولا» لجمع ١٥ مليون توقيع لمطالبة المجلس العسكرى بوضع دستور جديد للبلاد قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، ودعت الجمعية الوطنية للتغيير إلى شعار «التطهير والقصاص» بدلا من (الدستور أولا) ، وقرر «المجلس الوطنى» تبنى شعار «الشعب يحمى ثورته»، فيما فضل ائتلاف شباب الثورة شعار «الشعب يريد تطهير بجد.. حكومة بجد.. محاكمات بجد» ، وأختفي الحديث عن (الدستور أولا)!

وقد أرجع الدكتور أحمد دراج، القيادى بالجمعية الوطنية ، تراجع القوى السياسية عن شعار «الدستور أولاً» إلى الأحداث التى وصفها بـ«المؤسفة»، والتى شهدها ميدان التحرير خلال الأيام الأخيرة، والتي تنذر بخطر حقيقى على الثورة، ما يستوجب التوحد على مطالب محددة حتى تستقيم الثورة.

تحالفات سابقة ناجحة

ومع هذا فلا يزال البعض متخوفا من التحالف الديمقراطي ولا يعتبر هدفها كما جاء في وثيقة تأسيسها (أن يتعاون الجميع في حمل أعباء التركة الثقيلة) ، وإنما يعتبر هدفها هو استحواذ اقوي الاحزاب فيه علي غالبية المقاعد ، وهو تخوف يؤكد عدم ثقة هذه القوي المعارضة لهذا التحالف في قوتها الشعبية فتكتفي بإثارة الغبار علي التجربة الديمقراطية !

وما يزعج هؤلاء أكثر هو أنهم يستحضرون تجارب سابقة ناجحة للتحالفات الحزبية، أما أهمية هذا « التحالف الديمقراطي من أجل مصر « فهو أنه تحالف سياسي وليس «انتخابيا» فقط ، كما أنه يضم 18 قوة وحزبا سياسيا لا مجرد الوفد والاخوان ، والموقعون علي وثيقة هذا التحالف هم من مختلَـف أطياف القوى السياسية المصرية، من الإسلامية إلى اليسارية إلى العروبية إلى القومية.. إلخ، فهو تحالف يتميز بأنه يضم إسلاميين وعلمانيين وليبراليين، وليس له لون سياسي واحد، بحيث يضم غالبية الاتجاهات الموجودة في مصر، في محاولة للتوافق من أجل الوصول ل?ؤية تنهض بمصر في كافة المجالات بعيداً عن الخلاف والتفرق.

ومع أن هذا التحالف، يضُـم مجموعة من الأحزاب القديمة، التي تُـوصف بالكرتونية التي دعمها النظام السابق وصنعها على عيْـنه وهي أحزاب قد تـُضعِـف التحالُـف ولا تقويه ، فقد أظهرت الانشقاقات الأخيرة أن من يتزعمون حملة النقد أو الرفض داخل التحالف هم من هذه القوي الصغيرة الضعيفة ، ما يؤكد أنهم لن يكونوا مؤثرين علي التحالف ، وبقاؤهم في التحالف مفيد لهم أكثر من خروجهم .

والخلاصة أن أهمية هذا التحالف لا ينبع فقط من كونه يضم غالبية ألوان الطيف السياسية المصرية وكبار القوي المؤثرة ، وإنما يسعي للتصدي لخطف وسرقة ثورة ٢٥ يناير وضياعها فى حوارات ونقاشات حول «الدستور أولاً أم الانتخابات»، وهو ما يمثل إهانة للشعب المصرى الذى قال كلمته فى الاستفتاء الأخير .