رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الطاقة المتجددة أمل مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

الطاقة هى الخط الحيوى لأى اقتصاد، وعامل مهم فى حياة كل الشعوب.

وتعد الطاقة هى المحرك الأساسى للاقتصاد، ويشجع «الحصول على الطاقة بأسعار معقولة» النمو فى جميع قطاعات الاقتصاد.
وتواجه أسواق الطاقة فى جميع أنحاء العالم مجموعة متنوعة ومتشابهة من التحديات، ويستطيع كل سوق أن يعزز النمو الاقتصادى من خلال وضع استراتيچيات لتأمين إمدادات الطاقة بأسعار معقولة ومستدامة وتوريدات آمنة.
وتواجه مصر مثل دول أخرى كثيرة تحديات فى مجال الطاقة، وتعمل هذه الدول على تعريف أفضل سيناريو مُجدٍ للطاقة طبقاً لتحدياتها الخاصة، كما لابد أن نستخدم أزمة الطاقة الحالية لابتكار حلول جديدة تؤدى إلى خلق مستقبل أفضل لمصر.
وتعد مشكلة الطاقة نتيجة طبيعية لنمط التنمية غير المستدامة التى تم اتباعها على مدى العقود الماضية، إذ لم تحقق العدالة الاجتماعية ولم يُراعَ حق الأجيال القادمة فى موارد البلاد خصوصاً الغاز الطبيعى.
وفى ذلك الإطار تم تخصيص جزء كبير من ميزانية الدولة لدعم الطاقة الذى يذهب معظمه إلى غير مستحقيه.
وأدت سياسات دعم الطاقة إلى زيادة الاستثمارات فى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة للحصول على الطاقة بغير سعرها الحقيقى وتحقيق أرباح كبيرة.
من ناحية أخرى، فإن أسعار الطاقة المنخفضة أدى إلى عدم الاستثمار فى مجالات الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية والرياح)، وهى متوافرة بشكل هائل فى مصر، كما أن توفير الطاقة فى إطار التنمية المستدامة بالنسبة للمشكلة العامة، وهى نقص موارد الطاقة مقارنة بالاحتياجات.
من جانبها، ترى وزارة البيئة ضرورة حل هذه المشكلة من خلال وضع استراتيچية للطاقة فى إطار التنمية المستدامة، وعلى ذلك فإنه يجب وضع وتنفيذ السياسات التى تحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة ومصادر الثروة الطبيعية بها.
ويتم حالياً إعداد استراتيچية الطاقة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى تحت إشراف وحدة ترشيد الطاقة بمركز معلومات مجلس الوزراء، التى تعتمد على دراسة عدة سيناريوهات للاستفادة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، بالإضافة إلى مصادر الطاقة التقليدية التى تعتمد على الوقود الأحفورى، وسوف يتم تقييم البدائل مع مراعاة جميع أبعاد التنمية المستدامة، أى التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة ومصادر الثروة الطبيعية بها.
وفى إطار وضع استراتيچية الطاقة المستقبلية، ترى وزارة البيئة أنه يجب الالتزام بما جاء فى الدستور المصرى (المادة 32 والمادة 46) بشأن الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، وأن لكل شخص الحق فى بيئة صحية سليمة وحمايتها واجب وطنى، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها، وذلك فى إطار تحقيق التوافق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى وقعت عليها مصر، والمعنية بحماية البيئة وقضايا التغيرات المناخية.
ولا يُعد الفحم ضمن بدائل حل الأزمة العاجلة نظراً لعدم توافره فى مصر وعدم وجود البنية الأساسية لمنظومة الاستيراد (الموانئ) والنقل والتخزين والتداول، هذا بالإضافة إلى أن الاستثمارات الضخمة التى يتطلبها استخدام الفحم تستوجب الاستمرار فى استخدامه لمدة لا تقل عن 10 إلي 15 سنة، حتى لو ظهرت آثاره السلبية على البيئة وصحة المواطنين فى وقت مبكر.. وإذا شملت هذه الاستثمارات جهات خارجية يصبح التحكيم الدولى إحدى عقبات اتخاذ قرارات تصحيح الأوضاع.
والفحم له أضرار صحية مدمرة على المخ والأعصاب والرئتين والعديد من أجهزة الجسم البشرى، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن استنشاق دخان الفحم يتسبب فى زيادة خطر الإصابة بسرطان الرئة وأمراض أخرى كثيرة، ولذلك وعلى الرغم من أنه يتم استخدام الفحم منذ فترة طويلة على نطاق واسع فى أوروبا وأمريكا نظراً لتوافره فى هذه البلاد، إلا أن ما أظهرته الدراسات العلمية من ارتفاع التكلفة المجتمعية نتيجة الآثار السلبية للفحم قد أدى إلى مراجعة استراتيچيات الطاقة فى هذه البلاد وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة على حساب الفحم.
فى هذا الإطار بدأت أمريكا التخلص من محطات الكهرباء التى تعمل بالفحم، وهى تمثل أكثر من 50٪ من مصادر الكهرباء، وكذلك الأمر فى أوروبا حيث تتجه إلى تقليل الاعتماد على الفحم حتى تصل إلى 7٪ و9٪ من مزيج الطاقة فى 2050، وفى ألمانيا تم إقرار استراتيچية جديدة للطاقة يتم من خلالها الاستغناء عن 80٪ من الوقود الأحفورى والطاقة النووية مع زيادة مقابلة فى استخدام الطاقة الحيوية والطاقة المتجددة رغم محدودية الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مقارنة بمصر.
وتشير الدراسات العلمية إلى أن التكلفة المجتمعية للفحم تتراوح بين ضعف إلى عشرة أضعاف سعره الأصلى، فإذا تم وضع ذلك فى الحسبان عند التقييم الاقتصادى لمصادر الطاقة لن يكون الفحم هو الوقود الأرخص.
وتحذر بعض الدراسات الاقتصادية من مخاطر الاستثمار فى مجال الفحم نظرًا للانخفاض المستمر فى تكلفة إنتاج الطاقة النظيفة (طاقة الشمس والرياح).
ويعد الفحم من أسوأ أنواع الوقود من حيث تأثيراته السلبية، وأهمها المخاطر الصحية، بالإضافة إلى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى وتأثيرها على التغيرات المناخية، وتهدف المعايير والضوابط البيئية إلى الحد من الانبعاثات وآثارها، حيث إن منعها تماماً غير قابل للتطبيق عملياً.
وتعتمد كمية الانبعاثات على ما تسمح به المعايير، وكذا درجة الالتزام بتنفيذ هذه المعايير، والذى يعتمد بدرجة كبيرة على درجة تقدم المجتمع من الناحية الاقتصادية والسياسية، وكذا النظم والقوانين والتشريعات السائدة، ومستوى التعليم والثقافة والوعى بالحقوق والواجبات.
وهذا يفسر التحسن الكبير فى نوعية البيئة فى الدول المتقدمة، وهى تستخدم الفحم فى مقابل تدهور نوعية البيئة فى مصر، وهى تستخدم الغاز الطبيعى. يؤدى استخدام الفحم إلى زيادة كبيرة فى كمية الانبعاثات ذات المخاطر الكبيرة على صحة المواطنين، ليس فقط فى المنطقة المحيطة، ولكن أيضًا فى المناطق البعيدة، وذلك نظرًا لأن بعض الملوثات الخطيرة مثل الجسيمات الدقيقة (PM2.5) والزئبق والديوكسين تنتشر على مسافات قد تزيد على 1000 كيلومتر.
وتوضح نتائج قياس الانبعاثات فى دول الاتحاد الأوروبى أن متوسط كمية

الانبعاثات من أكاسيد الكبريت تزيد عشرات الأضعاف مقارنة بالغاز الطبيعى، بينما تزيد انبعاثات الرصاص بأكثر من عشرة آلاف ضعف.
واستخدام الفحم يؤدى إلى زيادة انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بنسبة حوالى 70٪ مقارنة بالغاز الطبيعى، وهذا يتعارض مع سياسات الدولة المعلنة، وهى التنمية الاقتصادية الأقل اعتمادًا على الكربون واستخدام تكنولوجيات الإنتاج الأنظف.. والتكلفة المجتمعية للفحم أظهرت بعض الدراسات العلمية الحديثة أن تكلفة المخاطر الصحية فى أمريكا بسبب استخدام الفحم فى توليد الكهرباء تقدر بعدة أضعاف قيمته السوقية، وذلك مع وجود الضوابط والمعايير الصارمة والإلزام بتطبيق القوانين ومستوى الالتزام العالى لدى المنشآت، وتصل القيمة المتوسطة للتكلفة المجتمعية أمريكا إلى حوالى 345 مليار دولار سنوياً.
وتصل تكلفة التأثيرات الصحية نتيجة حرق الفحم فى أوروبا إلى حوالى 42.8 مليار يورو سنوياً.
وتشير دراسة للبنك الدولى (2002) إلى أن تكلفة التدهور البيئى فى مصر تعادل حوالى 4.5٪ من الناتج القومى الإجمالى، وتشكل تكلفة تدهور نوعية الهواء فى القاهرة والإسكندرية نصف هذه التكلفة، ونظراً لأن ملوثات الهواء عند استخدام الفحم تزيد عشرات أو مئات الأضعاف مقارنة بالغاز الطبيعى فإن التكلفة المجتمعية سوف تزيد بدرجة كبيرة جداً، ويحتاج الأمر إلى دراسة متخصصة فى هذا المجال.
ويضر استخدام الفحم بموقف مصر التفاوضى فى اتفاقية التغيرات المناخية، كما يعرض مصر لمخاطر عدم الاستجابة لمطالبها بالتعويضات التى تستحقها، لأن مصر من الدول الأكثر تعرضاً للأضرار نتيجة التغيرات المناخية، حيث تبلغ الخسائر بسبب الأضرار فى منطقة الدلتا فقط حوالى 100 إلي 500 مليار جنيه سنويًا.
ويمثل استخدام الفحم عائقاً للتنمية بسبب زيادة انبعاثات الكربون فى ظل التوجه العالمى لتحديد الانبعاثات فى جميع الدول، ومن بينها مصر، بدءاً من 2015.
ويؤثر استخدام الفحم سلباً على فرص تصدير المنتجات المصرية نتيجة زيادة انبعاثات الكربون، حيث يتجه العالم إلى اعتماد «البصمة الكربونية» كأحد معايير تقييم السلع والخدمات.
ويحتاج الوضع فى مصر إلى حلول مصرية مبتكرة، خاصة فى ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية التى يجب أن تؤخذ فى الحسبان.
وتأمين امتلاك مصر لمصادر طاقتها وعدم اعتمادها على الاستيراد هو تأمين لأمنها القومى، وفى هذا الإطار فإنه من الضرورى انتهاج المسار الأوروبى فى استخدام مصادر الطاقة المتوفرة داخل البلاد وعدم الاعتماد على استيراد الوقود من الخارج حتى لا يترتب على ذلك مخاطر على الأمن القومى المرتبط بأمن الطاقة، لذا فإنه من الضرورى التخطيط الواعى والمسئول لامتلاك مصادر الطاقة واستخدامها فى مصر بشكل يأخذ فى الحسبان كل العناصر المؤثرة على الاقتصاد المصرى والشعب المصرى وليس قطاعاً واحداً فقط.
وتعد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من أهم مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة التى تتوافر فى مصر، ويجب أن تلعب دوراً مهماً فى التغلب على مشكلة نقص الوقود وتوليد الكهرباء بتكلفة تنافسية.
وتعظيم الاستفادة من المخلفات كأحد مصادر الطاقة واستخدامها كوقود بديل فى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة خصوصًا صناعة الأسمنت، يأتي عن طريق التشجيع على إنشاء مصانع لتحويل المخلفات إلى وقود «RDF»، مما يؤدى إلى جذب استثمارات وخلق فرص عمل والتخلص من مشكلة القمامة.
ولابد أيضاً من وضع قوانين وإجراءات مُلزمة لترشيد استهلاك الطاقة فى القطاعات الاقتصادية المختلفة والقطاع المنزلى، حيث تعد الطاقة المُرشَّدة هى أرخص أنواع الطاقة.
لقد أصبحت مواجهة تحديات قطاع الطاقة فى مصر بطريقة علمية أمراً حتمياً، آخذين فى الحسبان الآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية على المدى القريب والبعيد. كما أن الانتظار عليها أو حلها بطريقة متعجلة دون دراسات وافية يمثل خطراً كبيراً على مصر، لذا يجب البدء فى اتخاذ التدابير والإجراءات الاستراتيچية اللازمة لتأمين مستقبل الطاقة والوصول إلى الاكتفاء الذاتى للطاقة فى مصر على قدر المستطاع، والذى سيؤدى إلى كسب ثقة الشعب، بالإضافة إلى تنمية سوق الطاقة فى مصر، وخلق فرص عمل وصناعات جديدة.