رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

السلع التافهة تبتلع 56 مليار جنيه سنوياً

بوابة الوفد الإلكترونية

الواقع الأليم الذي تعيشه مصر الآن حصاد السياسات الاقتصادية الخاطئة، فعلي مدار سنوات طويلة مضت، نادي خبراء الاقتصاد بضرورة الحد من الاستيراد العشوائي للسلع غير الضرورية، خاصة التي لها بدائل محلية، لإنقاذ الجنيه المصري من التدهور، إلا أن الحكومة لم تهتم بالأمر

وفتحت الباب علي مصراعيه أمام المستوردين ومنحتهم التسهيلات البنكية حتي وصلت فاتورة الاستيراد السفهي لنحو 8 مليارات دولار سنوياً، ومع تعثر الاقتصاد المصري في الآونة الأخيرة، أصبحت الحاجة ملحة لحظر استيراد تلك السلع، خاصة بعد بدء الاحتياطي النقدي في التآكل، وارتفعت الأسعار ليقع العبء في النهاية علي المواطن البسيط الذي يجني وحده ثمار السياسات الخاطئة.
طالب تقرير لاتحاد الصناعات صدر العام الماضي بتقييد استيراد 9 بنود جمركية لمنتجات غير ضرورية تكلف فاتورة الواردات 8 مليارات دولار سنوياً، لأنها غير ضرورية، ولها بدائل محلية، وأشار إلي أن وقف استيرادها أو زيادة الجمارك عليها يمثل حلاً لوقف تدهور سعر الجنيه ويسهم في توفير العملة الصعبة التي تعاني نقص المعروض منها في مصر، وذكر التقرير أن أهم السلع المطلوب وقف استيرادها الجمبري والكافيار، حيث تبلغ قيمة وارداتهما السنوية نحو 328 مليون دولار، وأجهزة المحمول، تصل قيمة وارداتها لنحو مليار و169 مليون دولار، والسجاد والملابس تصل قيمة وارداتهما لنحو 328 مليون دولار، وأجهزة التكييف والثلاجات والغسالات تصل قيمة وارداتها إلي 566 مليون دولار، هذا فضلاً عن مصنوعات الحديد والصلب بقيمة 3 مليارات و773 مليون دولار، والأثاث الخشبي والمعدني تقدر قيمة وارداته بـ 142 مليون دولار، ومنتجات جلدية تقدر وارداتها بمليون دولار، فضلاً عن وجود سلع أخري لها بدائل محلية ويتم استيرادها من الخارج كاللبان والآيس كريم والكريز والشيكولاتة.
وتشير الأرقام والإحصائيات إلي قيام عدد من المستوردين باستيراد الآيس كريم بما يقدر بنحو 6 ملايين جنيه سنوياً، كما نستورد لعب أطفال بـ 61 مليوناً وأطعمة للقطط والكلاب بـ 4.26 مليون جنيه، و45 مليون جنيه لاستيراد الشيكولاتة، و35 مليوناً للبان، هذا فضلاً عن إنفاق ما يقرب من مليار جنيه علي الفياجرا سنوياً، كما وصلت فاتورة استيراد الألعاب النارية إلي 600 مليون جنيه سنوياً، منها 590 مليون جنيه عن طريق التهريب و10 ملايين بالطرق الرسمية.

نقص الإنتاج
الدكتور حمدي عبدالعظيم، رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقاً، يقول: الحكومة تلجأ للاستيراد من الخارج عندما يكون هناك نقص في الإنتاج المحلي، بما لا يتلاءم مع الزيادة السكانية، فيكون الحل هو زيادة الطلب علي الواردات، لكن المزعج هو استيراد السلع الكمالية التي أصبحت تمثل عبئاً كبيراً علي الاقتصاد المصري، فنحن نستهلك ملابس من الخارج وبعض السلع الأخري مثل لحم الطاووس والكافيار، جميعها سلع تخدم فئة واحدة في المجتمع، وهذا يؤدي لعجز النقد الأجنبي وانخفاض الاحتياطي النقدي الذي وصل إلي 18 مليار دولار، ما يؤثر سلباً علي قيمة الجنيه المصري، حيث يبلغ حجم استهلاكنا للسلع الكمالية حوالي 30٪ من إجمالي الواردات التي تقدر بنحو 120 مليار دولار، منها 40 مليار دولار سلعاً كمالية، وتكمن الأزمة الفعلية في السحب من احتياطي البنك المركزي لاستيراد تلك السلع، ما يؤدي لارتفاع سعر العملة وانخفاض العرض من النقد الأجنبي، فيحدث تضخم وزيادة في الأسعار، كما تلجأ الدولة للاستدانة من الخارج، وتزداد معاناة الفقراء ومحدودي الدخل، ما يؤدي لحدوث خلل اجتماعي لوجود فئة تستورد بمليارات الدولارات وأخري تعاني الفقر، وتضطر الحكومة لفرض ضرائب جديدة، لسد العجز، ويتحملها المواطن البسيط وهنا لابد أن يضع البنك المركزي حدوداً لفتح أية اعتمادات ومنع إعطاء التمويل من البنك المركزي لاستيراد تلك السلع، فالحكومة عليها التدخل لتوفير العملة الأجنبية في هذا الوقت، ورفع الجمارك علي السلع الكمالية لزيادة الإيرادات التي تصب في النهاية بخزانة الدولة.

شد الأحزمة
الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الزقازيق، يطالب بشد الأحزمة علي الأغنياء وليس الفقراء، فالحكومة تطالب المواطنين بشد الحزام وتترك الأغنياء، ونحن في ظل هذه الظروف نعاني من مأساة كبري حيث يفتح الباب علي مصراعيه لاستيراد كميات كبيرة من السلع التي قد لا يستفيد منها الكثيرون، في الوقت الذي لا تسيطر فيه الدولة

علي الاستيراد، فتكون النتيجة إهدار جزء من النقد الأجنبي في شراء السلع بلا أهمية، فنحن نحتاج لتوجيه حجم إيراداتنا بطرق صحيحة وشراء السلع الأساسية كالدقيق والقمح والسلع الاستهلاكية، التي لا غني عنها، فالأسر المصرية بدأت تلجأ للاستغناء عن العديد من السلع لكي تقوم بضبط إنفاقها، بعد ارتفاع الأسعار، فالمصريون منقسمون إلي طبقة كادحة، وأخري غنية والطبقة الوسطي تآكلت، ودائماً تتحمل الطبقات الكادحة الآثار السلبية علي الاقتصاد المصري.
ويري «النجار» أن هناك خللاً في السياسات الاقتصادية والائتمانية للبنوك، خاصة أننا نعاني نقص النقد الأجنبي من حصيلة الصادرات المصرية الضئيلة، وفي ظل هذا الوقت أصبح من الضروري أن يتم تحديد استيراد تلك السلع، ووضع ضوابط لها، وألا نتصرف كدول الخليج، التي لديها وفرة في النقد الأجنبي ولا تعاني مثل مصر، ومن هنا يجب علي الحكومة وقف استيراد السلع التي يوجد لها بديل محلي وزيادة الجمارك علي السلع الكمالية بما يمنع استيرادها، حتي نتمكن من وقف تدهور سعر الجنيه، خاصة أن وقف استيرادها لن يضر كثيراً بالمستهلك المصري.

السلع والأعياد القومية
الدكتور عادل عامر، أستاذ القانون العام بجامعة الإسكندرية، يكشف أن وجود تلك السلع ارتبط بالأعياد القومية في مصر، ففي رأس السنة نقوم باستيراد سلع بـ 2 مليار دولار، والأزمة في زيادة حجم استهلاكنا منها خلال الخمس سنوات الأخيرة، حتي وصلت فاتورة الواردات من السلع الكمالية لنحو 4 مليارات دولار سنوياً، ونحو 90٪ منها يمكن الاستغناء عنه وإنتاجه محلياً، لكن مع الأسف اعتدنا علي الاستيراد وليس الإنتاج، وتلك السلع تقوم باستيرادها الحكومة بنحو 55 مليون دولار عن طريق الهيئة العامة للسلع التموينية، والباقي يتولي المستوردون استيراده عن طريق الغرف التجارية، وفتح حساب في أي بنوك تجارية، بحيث يتم التحويل علي أساسه بعد تقديم مستندات الاستيراد وتحويل الأموال بالدولار.
ويري «عامر» أنه لابد من وقف تلك الظاهرة عن طريق زيادة الإنتاج والاستفادة من الموارد المحدودة في مصر والاعتماد علي الإنتاج المحلي لوقف استنزاف العملة المحدودة في مصر، ولتأثيرها السلبي علي الاقتصاد ولجوء مصر للاستدانة من الخارج لتغطية عجز الموازنة من العملة، فالنقد الأجنبي انخفض ووصل لنحو 18.8 مليار دولار، لذا نحتاج للحفاظ علي الاحتياطي النقدي، وتقنين ثقافة الاستيراد للسلع التي لها بديل محلي، خاصة أننا نعاني العديد من التحديات بعد ثورة يناير، فضلاً عن النقص في المواد الغذائية الأساسية، التي يقابلها ارتفاع في الأسعار والمعاناة التي يعانيها المواطنون البسطاء من أجل توفير أبسط احتياجاتهم المعيشية.
وأوضح أن مصر من الدول التي تلتزم بعدد من الاتفاقيات الدولية التجارية التي تحد من وضع قوانين أو معوقات لعمليات الاستيراد، لكنها تسمح باستثناءات لحماية الأوضاع الاقتصادية، والحل الوحيد هو اللجوء إلي الإنتاج والتصنيع المحلي.