رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر بين "المخلوع" و"المعزول" و"المؤقت"

بوابة الوفد الإلكترونية

في 11 فبرابر عام 2011 خرج اللواء الراحل عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، ليعلن في 30 ثانية تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم وتكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد لتتخلص مصر من نظام حكم استمر 30 عاماً في بيان قصير ليقول القدر إن الأنظمة ربما تسقط في ثوان بعدد بقاء وجودها.

والآن بعد 3 سنوات علي هذا اليوم ربما عرف الكثيرون أن الرئيس الأسبق حسني مبارك كان يقدر جيداً قيمة مصر برغم تنحيه عن الحكم، بل يعرف من هم القادرون علي تولي الأمور، فرفض أن يترك المركب دون قائد فجاء تكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي، وزير الدفاع السابق بإدارة شئون البلاد إيماناً بأن المؤسسة العسكرية هي الحصن الحصين للشعب وإرادته.
وبرغم كل الانتقادات التي وجهت للمجلس العسكري خلال توليه تلك الفترة، فإن ما نعيشه اليوم ربما أوضح لنا الكثير من الأمور، وأوضح العديد من الحقائق حول الخطر الذي كانت فيه مصر إذا تركت الأمور دون حسم بعد تنحي مبارك حيث كانت تواجه خطر أن تصبح مصر فريسة لكل ذي مطمع في ظل وجود الرئيس المخلوع وإحالته للمحاكمة.
وبعد فترة اضطراب جاءت الانتخابات الرئاسية لاختيار رئيس جديد، وإذا بالقدر يأتي لنا بالدكتور محمد مرسي بعد ترشحه عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان وكانت جولة الإعادة بينه وبين الفريق أحمد شفيق بمثابة التصويت العقابي من قبل المواطنين ضد كل منهما ليفوز مرسي برئاسة الجمهورية.
وأدي مرسي اليمين الدستورية، لكنه خالف كل حرف وكلمة في اليمين في عام واحد من حكمه بعد أن استأثرت جماعة الإخوان التابع لها بمقدرات الدولة والتعامل مع مصر علي أنها «عزبة» يملكها مكتب الإرشاد، بل شعر الشعب المصري أن مصر بها 900 ألف رئيس، وهو عدد أعضاء وأنصار جماعة الإخوان بعد أن تحدث كل عضو في الإخوان وكأنه محمد مرسي رئيس الجمهورية الذي يملك القرار.
ثم جاء الإعلان الدستوري الصادر من مرسي بتحصين قراراته وقراره التالي بعودة انعقاد مجلس الشعب مرة أخري، بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا قراراً بحله في ضربة موجعة للقضاء المصري، لكنها لم تفلح، وأحداث الاتحادية التي سالت فيها الدماء اعتراضاً علي الإعلان الدستوري وسقط فيها عشرات الشهداء من بينهم الزميل الصحفي الشهيد الحسيني أبوضيف.
بالإضافة إلي الكثير من التجاوزات التي شاهدها الشعب المصري من خلال المتاجرة بالدين والتحدث باسم الإسلام، وهم أبعد ما يكونون عنه، كذلك الخرافات حول ملائكية قيادات جماعة الإخوان لتأتي حركة «تمرد» التي دعت لسحب الثقة من رئيس الجمهورية والدعوة للخروج للميادين في 30 يونية الماضي وهو الذكري الأولي لمرور عام علي حكم مرسي والإخوان.
ونجحت ثورة الشعب المصري العظيم بعد أن خرج بعشرات الملايين في الميادين والشوارع الرئيسية في مشهد لم يحدث من قبل بل قالت عنه وكالات الأنباء الأجنبية إنه أكبر تجمع بشري في التاريخ ليعلن الشعب رفضه استمرار حكم الإخوان ليأتي دور القوات المسلحة بقيادة المشير عبدالفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة بالوقوف إلي جانب الإرادة الشعبية وإعلان تولي المستشار عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد وإعلان خارطة الطريق التي تضمنت إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
ويسقط حكم جماعة الإخوان والدكتور محمد مرسي المعروف بالرئيس المعزول وسط موجة من اعتصامى الإخوان في ميداني رابعة العدوية والنهضة واللذين تم فضهما في أغسطس، بعد أن رفضت الجماعة الاعتراف بإرادة وثورة الشعب المصري، ليجد الشعب نفسه أمام الرئيس المعزول ويطالب بمحاكمته كما يحدث الآن في قضايا التخابر واقتحام السجون، وقتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية لينضم مرسي بجوار مبارك ليكون لدينا الرئيسان «المخلوع» و«المعزول».
والآن تعيش مصر منذ 30 يونية عصر الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور الذي يدير شئون البلاد لحين تنفيذ خارطة الطريق، في ظل وجود المشير عبدالفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة الذي أصبح الأكثر شعبية والأقرب إلي

قلوب وعقول المصريين نتيجة دوره العظيم في الوقوف بجانب إرادة الشعب في 30 يونية.
ورغم أن هذه الفترة لم تشهد نجاحات علي المستوي المطلوب، فإن الجميع يعرف أنها فترة انتقالية يديرها رئيس مؤقت جاء بحكم منصبه وعمل حكومة انتقالية تعرف جيداً أنها جاءت لتسيير الأعمال في مرحلة مرتبكة دون تحقيق أي هدف من أهداف الثورة علي مدار 3 سنوات، وهو الشعار الذي رفعه المصريون قبل وأثناء وبعد 25 يناير وهو «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية».
وقد حقق الشعب المصري الخطوة الأولي في خارطة الطريق بعد إقرار الدستور الجديد الذي أعدته لجنة الخمسين لتعديل الدستور المعطل وذلك في استفتاء شعبي كان بمثابة العُرس الديمقراطي ليقول نعم للدستور في يومي 14 و15 يناير الماضي، لتأتي نسبة الموافقة عليه بأكثر من 98% وهو ما لم يحدث من قبل في العالم أن تأتي نسبة الموافقة علي الدستور بهذه النسبة المرتفعة ليواصل الشعب المصري تحقيق الأرقام القياسية وإبهار العالم حتي في ظل محنته.
وجاء قرار الرئيس عدلي منصور بتعديل خارطة الطريق ليتضمن إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، وهو ما توافقت عليه القوي السياسية والوطنية خلال لقاءاتها مع رئيس الجمهورية لتصبح مصر علي بعد أيام من إجراء الانتخابات الرئاسية واختيار رئيس جديد.
ووسط كل ذلك يبقي المشير عبدالفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة هو نجم الشباك الأول الذي ينتظره المصريون بين الحين والآخر لسماع خطاباته والمطالبة بترشحه لرئاسة الجمهورية وهو ما شاهدناه جميعاً في الاحتفال بالذكري الثالثة لثورة 25 يناير منذ أيام ونزول المصريين حاملين صور المشير السيسي لمطالبته بالترشح للرئاسة.
وأصبح المشير عبدالفتاح السيسي هو الرئيس المنتظر للمصريين، بل هناك حالة من التخوف في حالة عدم ترشحه من تكرار حالة التشرذم التي عانت منها القوي السياسية تجاه المرشحين واحتمال العودة لنفس المشهد الرئاسي السابق مرة أخري.
ومن هنا يكون المشير السيسي هو الرئيس المنتظر ليس فقط لكونه الرئيس الجديد بعد ثورة 30 يونية وإسقاط حكم الإخوان، وإنما كونه المكلف بتحقيق طموحات وآمال الشعب المصري وإنجاز الشعار الذي رفعه المصريون عبر ثلاث سنوات وهو العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والذي لم يتحقق منه شيء حتي الآن.
وبالتالي علي الرئيس المنتظر أن يعرف جيداً أنه مكلف بتحريك العجلة الاقتصادية والسياسية وإعادة دور مصر الريادي في المنطقة والتخلص من التبعية، بل سيتحمل الرئيس المنتظر عبء ثلاث سنوات من تعثر إنجاز أهداف الثورة دون أن يكون هناك بديل آخر سواء بتغييره عبر ثورة أو ما شابه ذلك لأن مصر الاقتصادية لم تعد تتحمل ثورة مصر السياسية مرة أخري.