عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يوسف بطرس‮ ‬غالي‮.. ‬الشيطان الهارب‮ ‬


في منطقة بروملي النائية والأكثر هدوئاً‮ ‬جنوب شرق لندن،‮ ‬يعيش‮ ‬يوسف بطرس‮ ‬غالي الآن مستمتعاً‮ ‬في عمارة جديدة اشتراها مؤخراً‮ ‬بمبلغ‮ ‬20‮ ‬مليون‮ ‬يورو،‮ ‬بصحبة زوجته التي كتب عقد شراء العمارة باسمها،‮ ‬بينما حراسة قوية مدربة من‮ ‬10‮ ‬أشخاص تراقب كل شاردة وواردة حول العقار في ظل تعليمات مباشرة بإطلاق النار فوراً‮ ‬علي من‮ ‬يتجاوز خطوط الأمن الشخصي للوزير المطلوب للعدالة‮.‬

إلا أن شيئاً‮ ‬ما دفع شيطان الفقراء في مصر لسنوات طويلة لكسب ثقة أكبر مؤخراً،‮ ‬ما بدأ خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة في التجول بحرية في الشوارع العامة حتي انه شوهد أكثر من مرة في محطة القطا ويتجول في أحد المولات التجارية الشهيرة‮.‬

مصادر خاصة في العاصمة البريطانية قالت لـ»الوفد الأسبوعي‮« ‬إن‮ ‬غالي شوهد أكثر من مرة‮ ‬يتجول بين شوارع لندن مؤخراً‮ ‬وكأنه‮ ‬يوصل رسالة للجميع تقول انه لن‮ ‬يحاكم ولن‮ ‬يمسه أحد‮.‬

صحيفة الاندبندنت البريطانية فتحت هي الأخري ملف الوزير الهارب وقالت إنه‮ ‬يتحرك علانية في لندن ولسط دعوات من بعض السياسيين هناك بتسليم وزير المالية السابق الي مصر لتنفيذ حكم السجن‮ ‬30‮ ‬عاماً‮ ‬حتي ان اعضاء البرلمان البريطاني طالبوا بمعرفة سبب السماح له بالبقاء في انجلترا رغم وجود مذكرة اعتقال له‮.‬

وبحسب الصحيفة أيضاً‮ ‬طلب وسال أندي سلوتر وزير العدل في حكومة الظل ووزير الخارجية ويليام هيج الاستفسار عن سبب السماح لغالي بالبقاء رغم صدور حكم بحبسه،‮ ‬ويقال إن‮ ‬غالي واحد من عشرات المسئولين السابقين ورجال الأعمال المصريين الدين‮ ‬يعيشون في لندن وهم مطلوبون للمحاكمة في مصر‮.‬

وأشار سلوتر الي الجهود التي بذلتها السلطات المصرية لتحديد مكان‮ ‬يوسف‮ ‬غالي وتسليمه،‮ ‬وزعم شافي ان بريطانيا تعد الآن ملاذاً‮ ‬آمناً‮ ‬للهاربين بسبب عدم وجود اتفاق لتسليم المجرمين مع مصر‮.. ‬وقال سلوتر ان مغتربين مصريين‮ ‬يعيشون في دائرته الانتخابية اتصلوا به وكانوا‮ ‬غاضبين من أن‮ ‬يوسف بطرس‮ ‬غالي شوهد‮ ‬يتجول بحرية في جميع أنحاء لندن دون الخوف من العقوبة‮.‬

وقالت الصحيفة ان سكوتلانديارد‮ »‬الشرطة البريطانية‮« ‬رفضت التعليق علي الموقف رغم عدم وجود اتفاقية رسمية لتسليم المجرمين بين بريطانيا ومصر فإنه من الممكن اعادة‮ ‬يوسف بطرس‮ ‬غالي اذا اعتبرت وزيرة الداخلية تيريزا ماي أن بريطانيا‮ ‬يجب ان تتهيأ لترتيبات تسليم خاصة‮.. ‬والسؤال الآن هل تستجيب لندن للضغوط التي تمارس عليها الآن لتسليم واحد من أكبر مجرمي النظام السابق الي مصر؟

الإجابة‮ ‬يطرحها المستشار فتحي رجب قائلاً‮: ‬بريطانيا لن تسلم‮ ‬يوسف بطرس‮ ‬غالي الي مصر لعدة أسباب أولها ان الحكم الصادر ضد‮ ‬غالي ليس نهائياً‮ ‬فضلاً‮ ‬عن كونه‮ ‬غيابياً‮ ‬ولم‮ ‬يحضر محام عنه،‮ ‬لذا فهو‮ ‬غير ذي قيمة عندها ومن الممكن ان‮ ‬يضغط الشارع البريطاني وهو‮ ‬يؤثر بشكل كبير علي الهيئات الفضائية كما ان الأخطر من من ذلك هو تخوف بريطانيا من صدور حكم إعدام علي‮ ‬غالي خاصة لو تمت محاكمته بتهمة الخيانة والتجسس علي مصر،‮ ‬كما ان كل ملفات فساده لم تفتح بعد وهو ما تعارضه بريطانيا التي لا تعترف بحكم الاعدام وترفضه ومن الممكن ان‮ ‬يضغط الشارع لمنع تسليمه‮.‬

وأضاف‮: ‬بريطانيا تحذو حذو الدول الأوروبية كلها ففي ملف استرداد هدي عبدالمنعم الذي كنت اشرف عليه رفضت اليونان رغم صدور حكم نهائي ضدها عملية التسليم،‮ ‬وبريطانيا لن تسلم‮ ‬غالي وهو ما‮ ‬يفسر حالة الاطمئنان التي‮ ‬يعيشها الآن وجعلته‮ ‬يتحرك بحرية في شوارع لندن كما انه تلقي تطمينات من المسئولين هناك بعدم تسليمه‮.‬

الدكتور محمد الجوادي أستاذ العلوم السياسية‮ ‬يؤكد هو الآخر ان بريطانيا لن تسلم شيطان مصر الهارب لأن أمريكا تضغط لحمايته بقوة خاصة انه مسجل بين جواسيسها النشطين وكان‮ ‬يرسل كل البيانات الخاصة بالحكومة ويعد تقريراً‮ ‬يومياً‮ ‬لرؤسائه في واشنطن مقابل مكافآت سخية‮.. ‬ولكن إذا حدث ضغط شعبي لتسليمه ربما تخلت عنه امريكا وبريطانيا معا في اللحظة المناسبة،‮ ‬مقترحاً‮ ‬تنظيم حملة الكترونية من شباب الثورة في مصر‮ ‬يخاطبون فيها الشعب البريطاني وتبدأ بإرسال رسائل موبايل الي الشعب البريطاني تحثه فيها الي الضغط علي الحكومة لتسليم‮ ‬غالي‮.‬

وأشار الجوادي الي ان الدكتور بطرس‮ ‬غالي ساعد ابن اخيه كثيراً‮ ‬في حياته حتي بات مصدر إزعاج ففي بداية حياة الوزير الهارب حصل علي‮ ‬الترتيب‮ »‬17‮« ‬عند التخرج في الجامعة ورغم ذلك تدخل لتعيينه معيداً‮ ‬كما انه اعد رسالة علمية فاشلة فتدخل عمه لمنحه درجة الدكتوراه،‮ ‬كما انه وجه اليه نصائح‮ ‬يومية كان اخرها عند اندلاع الثورة‮ ‬وأمره خلالها بالسكوت عن‮ ‬الكلام ووصفه‮ ‬يومها بالغبي‮.‬

اللواء سراج الروبي نائب مدير الانتربول السابق قال إن بريطانيا لا تتعامل في ملف الاسترداد مع أي دولة باستثناء امريكا فقط التي وقعت معها اتفاقية ثنائية بينهما لتسليم المواطنين بينهما فقط وبالتالي فإن بريطانيا لن تتعامل مع ملف الاسترداد بجدية ولم ترد علي نشرة الانتربول الحمراء،‮ ‬كما انها منحت‮ ‬غالي جنسيتها ولكن من الناحية العملية هناك حل آخر لاسترداده وهي التقدم بطلب الي امريكا باعتباره مواطناً‮ ‬أمريكياً‮ ‬لمحاكمته خاصة ان الدستور هناك‮ ‬ينص علي جواز تسليم المجرمين الي الدولة التي‮ ‬يحمل جنسيتها

الأولي وبالتالي فإن مصر في حالة التقدم بطلب‮ ‬يمكن ان تلقي القبض عليه بموجب الاتفاقية الثنائية وباعتباره مواطناً‮ ‬امريكياً‮ ‬ايضاً‮ ‬وتحاكمه هناك وستطلب بعدها ملف استرداده من مصر،‮ ‬واذا رأت ضرورة لذلك ستسلمه واذا لم تر ضرورة ستحاكمه علي الجرائم التي ارتكبها في مصر امام القضاء الأمريكي‮.‬

وأشار الي انه لابد من اللجوء الي المحاكم في حالة رفض امريكا خاصة ان الرفض‮ ‬يتعارض مع الاتفاقيات الدولية ونرفع قضية امام المحاكم الدولية وندفع بمخالفة بريطانيا لاتفاقية مكافحة الفساد‮.‬

وأشار الي ضرورة إبراز دور منظمات المجتمع المدني التي عليها ان تخاطب الآن نظيرتها في‮ ‬بريطانيا لتتحرك ولابد من شباب الثورة ايضاً‮ ‬ان‮ ‬يقوموا بإرسال رسائل الي المسئولين في بريطانيا عبر صفحات الفيس بوك والمكالمات الهاتفية وارسال ملايين الرسائل الي السفارة البريطانية في مصر والضغط علي السفير لمخاطبة بلاده ويمكن ان‮ ‬يسفر هذا الضغط علي نوع من الاستجابة‮.‬

كان‮ ‬يوسف بطرس‮ ‬غالي استيقظ في صباح‮ »‬25‮ ‬يناير‮« ‬علي كابوس مزعج ادخل الرعب في‮ ‬قلبه بعد ان تعالت صيحات الثوار الذين اغلقوا الشوارع‮ ‬ينادون بإسقاط النظام بمثابة طلقات رصاص تخترق صدره فذهب مسرعاً‮ ‬الي مكتبه بوزارة المالية والغضب‮ ‬يملأ وجهه‮.. ‬رفع سماعة التليفون وتحدث الي عمه الدكتور بطرس‮ ‬غالي مستفسراً‮ ‬عما‮ ‬يحدث في مصر،‮ ‬وقال له انه سيقول للشعب المصري انه لم‮ ‬يفهم شيئاً‮ ‬فكانت كلمات الرجل لابن أخيه المتغطرس‮ »‬سيبوا الناس تعبر عن رأيها‮.. ‬اوعي تنطلق بكلمة ضد المتظاهرين‮.. ‬واوعي تبقي‮ ‬غبي زي جدك‮«.. ‬وسكت فعلاً‮ ‬عن أي كلام واختفي عن الأنظار داخل مكتبه عدة أيام لا‮ ‬يتحدث فيها نهائياً‮ ‬حتي علمه بقرار إقالة الحكومة‮.‬

يومها لم‮ ‬يتردد في الاتصال مرة أخري بعمه ليعرف الي أي اتجاه تسير الأمور في مصر وكانت المفاجأة انه طلب منه مغادرة مصر علي الفور‮.. ‬بعد ان شعر ان امواج الثورة أوشكت علي اغراق سفينة النظام فسارع الي قفز منها‮.‬

في‮ ‬11‮ ‬فبراير وقبل ساعات من اعلان تنحي مبارك طلب‮ ‬غالي من الابن بالسماح له بالسفر الي لبنان لإجراء جراحة في عينه اليمني خاصة انه ذهب اليها قبل عدة أشهر علي نفقة الدولة للعلاج‮.. ‬حيث ادرك ان سيل البلاغات المقدمة ضده ستعرف طريقها للتحقيق لأول مرة فحزم أمتعته وخرج من صالة كبار الزوار علي الخطوط الجوية اللبنانية الي بيروت بعد ان رفض الانتظار لطائرة مصر للطيران في اليوم التالي‮.‬

ومن شدة الرعب الذي كان‮ ‬يعيش فيه صافح كل موظفي المطار الذين قابلهم وهو تصرف أثار دهشتهم خاصة أن‮ ‬غالي معروف عنه‮ ‬غطرسته الشديدة وتعامله بكبرياء وسافر‮ ‬غالي بجواز سفره اللبناني الذي‮ ‬يحمله هو وزجته ورفض السفر بجواز السفر المصري‮.‬

واستقر‮ ‬غالي في لبنان لمدة أسبوع واحد فقط بعدها سافر الي امريكا لمتابعة بعض مشروعاته الخاصة به هناك،‮ ‬خاصة أنه‮ ‬يحمل الجنسية الأمريكية أيضاً‮ ‬وبعد صدور قرار من النائب العام بمنعه من السفر والتحقيق معه في قضايا فساد متعددة هرب الي لندن بالباسبور الأمريكي وكلف بعض موظفيه بتصفية كافة أعماله في أمريكا وتحويل المبالغ‮ ‬الي لندن التي استقر بها حتي الآن‮.‬

واختفي‮ ‬غالي عن الأنظار هناك حتي صدر حكم بسجنه‮ »٠٣« ‬عاماً‮ ‬وعزله من وظيفته والزامه برد مبلغ‮ »٥٣« ‬مليوناً‮ ‬و»‮١٩٧« ‬الفاً‮ ‬وغرامة مماثلة لارتكابه جرائم فساد ومنذ هذه اللحظة بدأ‮ ‬غالي في الظهور بشكل طبيعي وكأنه‮ ‬يخرج لسانه للجميع‮.‬