عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإخوان يرقصون على سلالم الأزهر

الاخوان حولوا جامعه
الاخوان حولوا جامعه الازهر من منارة للعلم الي بؤرة ارهابية

لماذا تعتبر جماعة الاخوان المسلمين معركتها حول الأزهر معركة وجود ؟ كيف دفعوا بكل إمكاناتهم وقدراتهم وكوادرهم فى أتون الحرب على قيادات وشيوخ الأزهر؟

وما السبب فى تصاعد حدة المواجهات فى كليات جامعة الأزهر عن غيرها؟ ولماذا يزيد عدد طلاب الاخوان الدارسين بجامعة الأزهر عن غيرها من الجامعات؟؟
إن الاجابة عن تلك التساؤلات تستلزم تحليل العلاقة التاريخية التى ربطت جماعة الاخوان بالأزهر منذ نشأتها عام 1928 وحتى الآن بتعرجاتها وتحولاتها وانقلاباتها من الود إلى العداء، ومن التشابك إلى التنافس.
إن الأزهر يحتل مكانة عظيمة فى نفوس المصريين منذ عقود مضت، فمنه انطلقت روح المقاومة ضد الاستبداد السياسى، وضد الجهل والظلم، ثم ضد الاحتلال والتدخل الأجنبى فى شئون البلاد. وليس أدل على مكانة الأزهر من ذلك القول الشائع الذى يتداوله العامة عندما يتعرضون لمكروه وهو «يا خراشى». لقد كان الشيخ الخراشى أحد شيوخ الأزهر المحبوبين وكان الناس ينادون اسمه عندما يتعرضون لأزمة ليغيثهم منها.
واللافت أن الأزهر كان ومازال قلعة الاسلام، وجامعته العلمية التى تنشر الفكر، وتحتضن العلم، وتزيل شوائب وتشويهات البدع التى تسىء إلى الاسلام. ورغم توجهات سياسية حاول أن يلعبها بعض قيادات الأزهر فى الماضى لتحقيق مآرب ذاتية، فإن صورة الأزهر ظلت ايجابية لدى الناس باعتباره أحد روافد العلم الدينى الذى خرج منه علماء أفذاذ مثل محمد عبده ورشيد رضا.
تجنب الأزهر
ولا شك أن ما يلفت النظر أكثر أن حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان لم يكن طالبا أزهريا، وانما تخرج في كلية دار العلوم، وأن جميع قيادات الجماعة بمن فيهم المرشدون السبعة التالون لم يتخرج منهم أحد من الأزهر، وإنما هم اعتنقوا ذات الفكرة التى دعا إليها حسن البنا والخاصة بإنشاء دولة للخلافة وساروا فى مسار تطبيقها بمختلف الأدوات والوسائل.
والواضح أن الأزهر مر بكثير من أطوار الازدهار والتقهقر، وإذا كان الدور الوطنى العظيم الذى لعبه الأزهر فى ثورة 1919 لفت أنظار الانجليز إلى ضرورة السيطرة عليه واختراقه والعمل إلى انشاء كيان لمنافسته. لقد برر كثير من كتاب جماعة الاخوان ظهور الجماعة عام 1928 بضعف وتراجع دور الأزهر ويكفى أن ننقل ما كتبه يوسف القرضاوى فى كتابه «الإخوان المسلمين 70 عاما فى خدمة الدعوة» لنوضح ذلك. إنه يقول: «لقد كانت هناك حاجة إلى الدعوة وقت نشأة الجماعة، لأن علماء الأزهر كانوا مشغولين بقضايا داخلية. وكانت السلطة الحاكمة قد ورثت من عهد الاستعمار أن تعزل الأزهر عن التأثير فى الحياة وأن تضيق على علمائه حتى تلهيهم لقمة العيش عن هموم الدعوة. لذا كانت الأمة فى حاجة إلى دعوة جديدة.»
ولم يكن ذلك صحيحا بالمرة. كان الأزهر حاضرا وبقوة استنادا إلى الروح الثورية المشتعلة فى عام 1919، ولا يمكن لنا ان نفهم معنى انشغال علماء الأزهر بقضايا داخلية تمنعهم من الدعوة. إن إحدي دلائل قوة الأزهر فى ذلك الوقت ردة الفعل الغاضبة التى أعلنها ضد كتاب الشيخ على عبد الرازق «الإسلام وأصول الحكم» الذى صدر عام 1924 والذى حاول أن يوحى بعدم وجود سلطة سياسية فى الاسلام. لقد تعرض الكتاب للمصادرة وتم التحقيق مع المؤلف تحت ضغط رجال الأزهر.
ولا شك أن بعض قيادات الأزهر استخدمت للعب أدوار سياسية تحت ضغط لقمة العيش التى يتحدث عنها القرضاوى، لكن المثير للدهشة أن نفس تلك الأدوار شارك فيها وحركها رجال الجماعة الجديدة الناشئة على يد مدرس اللغة العربية غير المعروف حسن البنا.
محاولات الاختراق الأولى
لقد حاول حسن البنا فى البداية اختراق جمعية الشبان المسلمين والاعتماد عليها لكسب جمهوره، لكنه اصطدم عام 1927 بقيادات أزهرية واعية مثل محب الدين الخطيب والخضر حسين أيقن فى ظل أنه لا يمكن أن يسيطر عليها فى ظل وجودها. وهنا كان عليه أن يتجه لإنشاء تنظيمه الخاص بعيدا فى الاسماعيلية حتى لا يصطدم بعلماء أزهريين قادرين على تفنيد ونقد أفكاره. إن بضاعة حسن البنا وقتها كانت الدعوة، ولا شك أنه لا يحمل العلم الشرعى الكافى لمنافسة الأزهر وهو ما يعنى أن مرحلة النشأة والتكوين يجب أن تكون بعيدة عن القاهرة التى تحتضن الأزهر.
إن الباحث الامريكى الشهير ريتشارد ميتشل يرصد حالة جفاء وبرودة شديدة فى العلاقة بين جماعة الاخوان والأزهر فى السنوات الأولى لتأسيس الجماعة. لقد كان حسن البنا حريصا على الابتعاد عن الأزهر حتى لا يتعرض لمناقشات أو مجادلات تفضح ضحالة ثقافته الدينية. وظل البنا موجها دعوته إلى المجتمع المدنى بما فيه من عمال وأصحاب حرف وموظفين ومُعلمين ومهندسين وأطباء وطلبة، لكن لم يكن علماء الأزهر مستهدفين أبدا.
فرصة من ذهب
فيما بعد ستحاول السلطة استغلال الأزهر فى ضرب خصومها السياسيين خاصة الوفد الحزب صاحب الشعبية الغالبة وسيلعب الشيخ مصطفى المراغى شيخ الأزهر دورا فى محاولات إضفاء الشرعية على الملك فؤاد، كما سيلعب دورا فى دعم حكومة اسماعيل صدقى المستبدة. وسيواجه الشيخ بحالة غضب عارم من طلبة الأزهر وعلمائه، وسيجدها حسن البنا فرصة ذهبية للخروج إلى النور ومعه مناصروه لتعويض دور رجال الأزهر فى مساندة السلطة الحاكمة وسيستجيب لمطالب اسماعيل صدقى للانتقال إلى القاهرة وسيلقى فيها الرعاية الكافية عام 1932.
وفى عام 1937 سيتحد الشيخ المراغى شيخ الأزهر مع حسن البنا وعلى ماهر للدعوة للاحتفال بمراسم جلوس الملك فاروق على العرش احتفالا دينيا، وسيتصدى مصطفى باشا النحاس بقوة لذلك مؤكدا أن ذلك يمثل «اقحاما للدين فى السياسة»، ومؤكدا أن «الإسلام لا يعرف سلطة روحية». وسينجح الوفد فى منع الاحتفال الدينى وسيطلق حسن البنا شباب الجوالة ليطوفوا القاهرة هاتفين «نبايع مليكنا على كتاب الله».
أزهريون فى الجماعة
وسيجد البنا الفرصة سانحة لبدء تجنيد طلبة الأزهر. لقد كان شيخ الأزهر حاضرا إلى جواره فى معركة مساندة الملك والحكم الاستبدادى، ومن هنا فإن تجنيد طلبة الأزهر سيمثل إضافة للجماعة، حيث ستستفيد من احترام وتقدير المجتمع للأزهر، وستأمن انتقاد ورفض علماء الأزهر لوجود الجماعة. ويكشف يوسف القرضاوى أن البنا بدأ بعد انتقاله إلى القاهرة فى إنشاء شعبة لرجال الأزهر وأن تلك الفترة شهدت تجنيد بعض العلماء مثل الشيخ محمد فرغلى، والشيخ محمد الغزالى، والشيخ سيد سابق، والشيخ محمد متولى الشعراوى، والشيخ أحمد حسن الباقورى. لكن ما يلفت النظر أن علماء الأزهر الذين تم تجنيدهم بالجماعة انشقوا عنها بعد مسلسل العنف الدموى الذى شهده النصف الثانى من أربعينيات القرن الماضى باستثناء «فرغلى» الذى ظل بالجماعة وأعدم عام 1954 فى قضية محاولة اغتيال عبد الناصر فى المنشية بالاسكندرية.
لقد شارك بعض هؤلاء الأزهريين فى تعضيد ودعم تحركات الاخوان بما فيها من حدة وعنف وإقصاء قبل أن ينشقوا عن الجماعة وليس أوضح من ذلك اتهام الشيخ سيد سابق صاحب كتاب «فقه السنة» الشهير فيما بعد، بالضلوع فى عملية اغتيال محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء عام 1948. لقد كان «سابق» هو المتهم الخامس فى القضية وقد ذكر أحد الشهود أنه افتى بقتل «النقراشى» إلا أن الاتهام لم يثبت ضده فحصل على البراءة، وقرر بعدها الخروج من الجماعة والتفرغ للدعوة.
أما الشيخ الشعراوى فقد انشق عن الجماعة بعد أن لمح فى أحد حواراته مع حسن البنا جنوحا عن الحق ورغبة

فى مساندة الظلم والاستبداد. إنه يذكر حول ذلك أنه قال للبنا « أن الأفضل للإخوان أن تتحالف مع حزب الوفد وتدعمه لأنه حزب الحريات وأن النحاس باشا رجل نزيه وشريف ويجب مساندته فى الحق « لكن البنا غضب بشدة ورد عليه «بأن ذلك غير ممكن وأن هدم الوفد وتدميره هو هدف رئيسى للإخوان لأن لهم أغلبية لدى الشارع». ومن يومها خرج الشعراوى من الجماعة ولم يدخلها مرة أخرى.
ويبدو أن حوادث العنف الإخوانى فى الأربعينيات قد أدت إلى توقف مرحلى فى عملية التجنيد من الأزهر، خاصة أن البنا نفسه الذى أنشأ التنظيم الخاص للجماعة تنصل من أفعاله وأصدر بيانا يعتبر فيه أعضاء التنظيم «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين». وتحولت العلاقة بين الأزهر والجماعة إلى علاقة عداء واضح، حيث نشرت الصحف فى تلك الأيام عشرات المقالات لعلماء الأزهر للرد على عنف الاخوان وعمليات الاغتيال التى لحقت بأحمد ماهر باشا، والنقراشى، رئيسى الوزراء، والقاضى الخازندار، وسليم زكى حكمدار العاصمة.
خصومة  وعداء
وبعد ثورة يوليو صار الأزهر أكثر رفضا لفكر الاخوان وتكررت مقالات تفنيد ونقد ذلك الفكر، وكان من اللافت أن الشيخ أحمد حسن الباقورى نفسه قاد ذلك النقد. وفى نهاية الخمسينيات كتب المفكر الشهير سيد قطب مجموعة من الدراسات والأبحاث الفكرية التى جمعها فى كتاب أسماه «معالم فى الطريق» تضمنت وصم كافة المجتمعات المسلمة بالجاهلية، والدعوة إلى قتال كل من يحكم بقوانين وضعية، وتسرّب الكتاب من ليمان طرة وطبع فى بيروت ثم فى بعض مكتبات القاهرة وانتشر بين أعضاء جماعة الإخوان، وعُرض الكتاب على عبد الناصر، وأوصى بعدم مصادرته حتى يتعرف الأمن على المجموعات التى يمكن أن تعتنق مثل هذا الفكر وبالفعل أدى الكتاب إلى نشوء تنظيم 1965 الذى خطط لاغتيال عبد الناصر والقيام بعدد من العمليات الارهابية، وقبض على قطب وعدد من رفاقه وحكم عليه بالاعدام ونفذ الحكم فى أغسطس 1966. وكان الأزهر خصما واضحا حيث أصدر الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر بيانا قال فيه: «إن سيد قطب استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه الدين، وهو مطاردة الحكام مهما يكن فى ذلك من إراقة دماء وفتك بالأبرياء وترويع للمجتمع وتصدع للأمن والهاب للفتن حتى الإفساد فى الأرض بما لا يعرف مداه الا الله».
ومنذ ذلك الحين صار أى شيخ للأزهر هدفا مباشرا لمطاعن واتهامات الاخوان. ومن وقتها ومصطلحات «خدم السلطة» تطارد أى رجل يجلس فى مقعد المشيخة، بل يتم الطعن فى تقواه ودينه اعتمادا على دحض أى اجتهاد يقوم به. وفى السبعينيات تم تشكيل روابط غير رسمية لبعض أعضاء الجماعة من طلاب الأزهر الذين لم تعد لهم مهمة سوى الضغط على قيادات الأزهر وإرهابهم والتشكيك فى نزاهتهم حتى يصبحوا طيعين فى مواقفهم من الاخوان مثلما جرى مع الدكتور محمد سيد طنطاوى عندما اختاروا فتواه الشهيرة بحل الفائدة البنكية لُيشهروا به. وكانت أبرز التجمعات التى شُكلت ما يسمى بجبهة علماء الأزهر، وهى جبهة غير رسمية لا تضم إلا اعضاء جماعة الاخوان من العلماء وقد أشرف عليها خلال عهد الرئيس مبارك الدكتور يحيى حبلوش أستاذ الحديث.
السيطرة  المُنظمة
وعلى مدى سنوات طويلة  تفرغت الجماعة للتوسع فى تجنيد طلبة الأزهر، حتى وصل الأمر ذروته فى قضية ميليشيات الأزهر الشهيرة التى كان يشرف عليها خيرت الشاطر وكانت سببا فى تصعيده فى الجماعة فيما بعد.
وفى 2009 تحولت الجماعة إلى الراديكالية المباشرة على يد مجموعة «العشرات» التى كان يحذر منها عمر التلمسانى مرشد الجماعة نفسه، وهى مجموعة تعتنق وتؤمن بأفكار سيد قطب وتعتبره مجددا لدعوة حسن البنا، وأن تلك الافكار هى الطريق الواجب اتباعه. وكان أبرز رجال تلك المجموعة خيرت الشاطر ومحمد بديع ومحمود عزت ومحمد مرسى، وكان التوجه حادا وسريعا لتحويل مؤسسة الأزهر تماما إلى مؤسسة إخوانية.
واستخدمت الجماعة خلال السنوات الأربع الاخيرة مواردها المالية فى اجتذاب عشرات الالاف من طلبة الأزهر اعتمادا على استطلاعات للرأى أكدت أنهم أكثر فقرا من طلاب الجامعات المدنية وأن معظمهم قادمون من الارياف ويسهل السيطرة عليهم وتجنيدهم لخدمة الجماعة. وانطلقت عجلة التجنيد بعناية وتركيز ليصبح للإخوان تجمع حقيقي داخل الجامعة يمكنه إشاعة الفوضى وتحريك المظاهرات وإرهاب الأساتذة والضغط على شيخ الأزهر.
وفى ظل عام الاخوان كان واضحا أن السلطة الحاكمة المتمثلة فى الرئيس محمد مرسى تتعمد إساءة التعامل مع شيخ الازهر رغبة فى دفعه إلى الاستقالة لاستبداله بشيخ عضو بالجماعة حتى يكتمل احكام قبضة الجماعة على أحد أهم قلاع الدين الصحيح فى مصر. وتم افتعال عدة ازمات كان أشهرها أزمة الوجبات الفاسدة التى تقدم إلى طلبة المدينة الجامعية بهدف الضغط على شيخ الأزهر والمطالبة باقالته، الا أن قيام ثورة 30 يونيو أوقف المخطط تماما.