رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأزهر.. العدو التاريخى لإرهاب

بوابة الوفد الإلكترونية

المعارك الدامية التي شهدتها جامعة الأزهر، ومازالت تلقي بظلالها علي المشهد السياسي ليست وليدة اليوم بل إنها تعد انعكاساً لصراع تاريخى بين المؤسسة الوسطية ليست في مصر فقط بل في العالم الإسلامي كله

وبين جماعة تحمل فكراً متطرفاً يطمح بأعضائها لـ «أستاذية العالم» وتعتبر نفسها وكيل صحيح الإسلام علي الأرض وما دونها جميعاً في سلة الجهلاء.
قال حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: إن الأزهر هو الأمل الباقى للمسلمين، وهو المظهر الإسلامى وله من ماضيه وحاضره وآثاره ما يجعله كذلك فإعزازه إعزاز للإسلام والنيل منه نيل من الإسلام ويجب أن يكون موقف الإخوان المسلمين منه هو المحافظة التامة على مجده وكرامته والعمل الدءوب على إعزازه وإعلاء شأنه وتأييده فى كل خطوة يراد بها خدمة الإسلام والمسلمين، وأقوال البنا تعكس حرص الإخوان على الأزهر لأنه هيئة يخضع لها كل من يحرص على الإسلام فقد كان يراه البنا الحصن الرسمى للإسلام والقلعة القائمة على حراسته.
لكن أقوال «البنا» التى تؤكد حرصهم على احتواء الأزهر، تبدو بمثابة توصية للوقوف ضد استقلاله عن فكر الجماعة، فيجب أن يكون دائماً تحت أجنحة الإخوان، وربما تحمل كلمات «البنا» أيضاً الإجابة عن أسئلة عديدة حول كيفية السيطرة على الأزهر فقد وصف البنا ما سيتعرض له الإخوان فى رسالة بين الأمس واليوم، قائلاً: «أحب أن أصارحكم بأن دعوتكم مازالت مجهولة عند كثير من الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوة قاسية وستجدون أمامكم كثيراً من المشقات والعقبات».. وأردف: «ستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم فى سبيله».
وحسب دراسة للمفكر السياسى الدكتور رفيق حبيب، فإن قضية مرجعية الدولة ظلت مطروحة بقوة على الساحة السياسية، مشيراً إلى أن فترة ما بعد الثورة يتم بناء على مرجعية الدولة وفقاً للخيارات الحرة للمجتمع.. وأضاف أنه بعد سقوط النظام السابق أصبح الصراع محتدماً على الهوية.. وقال فى دراسته التى حملت عنوان «الأزهر والإخوان.. الصراع المفترض على المرجعية»: إن دخول الأزهر فى مواجهة مع جماعة الإخوان المسلمين حول صراع الهوية ومرجعية الدولة يفتح المجال للعديد من الأسئلة والتكهنات، مشيراً إلى ضرورة تحديد موقع الأزهر الشريف بعد ثورة 25 يناير وماذا يعنى استقلال الأزهر، وطرح العديد من الأسئلة حول طبيعة العلاقة بين الإخوان والأزهر وهل يساند الدولة الإسلامية أم الدولة العلمانية؟
وإن كانت وسطية الأزهر واعتداله ربما تكون هى التحدى الذى يواجه فكر الإخوان، هذه الوسطية، التى صنعها شيوخ عظماء أمثال حسن العطار ورفاعة الطهطاوى، وأفكار الإمام محمد عبده الذى أكد أن النصوص الدينية لا تتعارض مع إعمال العقل، وقد حطمت أفكار محمد عبده حلم «الخلافة» وأنكرت أن يفرض على المسلمين باعتبار أن الإسلام لم يحدد نظاماً بعينه فى الحكم وترك الاختيار للمسلمين وفقاً لأحوالهم وتجارب الأم حولهم، وهنا يتضح الفارق أو الفاصل بين فكر الإخوان المبنى على مبدأ الخلافة وفكر العقلانيين من علماء الأزهر، وهذا وفقاً لما أورده الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، فى إحدى مقالاته، تعليقاً على كتاب الكاتب «حلمى النمنم» عن الأزهر ومشيخته.
وربما لا يفقه الكثيرون الخلاف الفقهى أو الفكرى بين الأزهر والإخوان، لكن محاولات التيارات المستمرة بسط نفوذها على هذه المؤسسة وابتلاعها يقتضى معرفة أصول الخلاف وإن كان الإخوان المسلمون بعد الثورة يشعلون معركة ضد كل مؤسسات الدولة لفرض سيطرتهم على جميع مفاصلها فهو صراع حول الهوية والمرجعية والسلطة.
وكل الشواهد تظهر مدى حرص الإخوان على بسط نفوذهم فيما تواجه هذه المحاولات شكلاً من أشكال المقاومة.. فالإخوان كانوا لفترة من الفترات يعتبرون فضيلة الإمام نفسه محل جدل كبير وكانوا يتهمون الأزهر بأنه موالٍ للسلطات الحاكمة.. والأزهر كان ضد الإخوان فى قرار حل الجماعة سنة 1948، وكانت هناك تيارات منحازة للسرايا ضد الوفد وكان هناك صراع بين وزارات الوفد حول تبعية الأزهر، وفى دستور 1923 مادة تشير إلى تعيين الملك رؤساء المؤسسات الدينية كالبطريرك وشيخ الأزهر، وكان هناك جدل حول ما إذا كان الملك يمارس هذه السلطة فعلياً أم أنها تمارس بواسطة الوزارة وكان عليه التوقيع فقط.
وبدأ الصراع بين الإخوان والحكومات وكان حادث اغتيال النقراشى عام 1848 من أبرز الوقائع الدالة على هذا الصراع، ثم فى عام 1954، وفى عام 1965 وصدرت الفتاوى الشهيرة من الأزهر ضد جماعة الإخوان، بالإضافة إلى هذه العلاقات المتوترة، هناك المنافسة المهينة فالجماعات الإسلامية بشكل عام تدعى لنفسها ما ليس لها وتمارس الدعوة فى الوقت الذى تمتد أذرع للتيارات الدينية والإخوان بنفوذ بين طلاب الأزهر، وهناك أساتذة فى الأزهر لا يوافقون على أفكار الإخوان وغيرهم ويرون فيها نوعاً من التشدد.

بديل الأزهر!
ووفقا لتصريحات سابقة للدكتور عبدالستار المليجى، الأستاذ بكلية العلوم، عضو مؤسس حركة كفاية، القيادى الإخوانى السابق، الإخوان يعتبرون أنفسهم بديلاً عن الأزهر ويعتبرون علماء الأزهر أقل شأناً وعلماً ومكتب الإرشاد به الشيخ عبدالرحمن البر، إذ يحلو لهم أن يظهروا بالعمامات وهم يعملون الآن على تصغير شخصية علماء الأزهر وواقعياً فإن أى فرد فى الإخوان يشعر بأنه أكثر مرجعية من علماء الأزهر ولديهم انتفاخ فى المشاعر.. ويشير الدكتور «المليجى» إلى أن أى حركات إسلامية فى الدولة المدنية مصيرها الفناء، وإذا وجدت حكومة وطنية فلابد ألا تسمح إلا لعلماء الأزهر بالحديث عن الإسلام لأنهم المؤهلون لذلك والقرآن الكريم قال «واسألوا أهل الذكر».
ويشير الدكتور عبدالستار المليجى، إلى أن الإخوان يسعون دائماً لعمل جبهات موازية للأزهر كصورة من صور الصراع على المرجعية ويحاربون مجمع البحوث الإسلامية ويفتون الناس فى الشأن الدينى وهناك جبهة علماء المسلمين التى يرأسها القرضاوى.
وأضاف: جماعة أهل السنة وكلها جبهات توازى الأزهر واتحاد علماء المسلمين وكل المناهج التى يتربى عليها هؤلاء مخالفة للمنهج الأزهرى وهذا العمل برمته اغتصاب لحق الأزهر وهم يتمسكون بأنهم جماعة دعوية وهذا مجرد ستار يخفون خلفه أطماعهم السلطوية وللأسف فإن الأوضاع السابقة للأزهر ساهمت فى تنامى هذه المطامع، فأحياناً كانت لهم أجندة فيما لابد أن يقول علماء الأزهر قولهم فى مواجهة ظلم الحكام، كذلك عدم الاستقلال من الناحية المالية، ولابد من ملء هذا الفراغ.
ومن أكبر الأخطاء التى ارتكبت فى حق الأزهر الاستيلاء على الأوقاف وعلى ذلك يجب حماية الأزهر ولابد من أن يكون الوضع القانونى والمالى له مكيفاً بشكل يحد أطماع هذه الجماعات ولابد أيضاً من سن قانون يمنع هذه الجماعات من الحديث فى الشأن الإسلامى ولقد تقدمت بقانون إلى شيخ الأزهر بهذا الخصوص.
ويؤكد الدكتور عبدالستار المليجى أن الأزهر سيستمر وأن الإخوان سينتهون آجلاً أم عاجلاً، فالدولة المدنية لا تتحمل جماعات تعمل فى غير مهنتها وتمارس غير ما خُصصت له!
ومن ناحية موقف الإخوان من ثورة 30 يونية، وصف قيادات الإسلام السياسى المتشددة متظاهرى 30 يونية بالكفرة الفاسقين وأوجبوا «الدفاع عن شرع الله وحماية الرئيس مرسى»، وهددوا فى مؤتمرهم يوم الجمعة 22 يونية بأنه إذا أسقطت شرعية الرئيس سنعلنها شرعية إسلامية، فى دعوة صريحة لشبابهم للتضحية بدمائهم ونيل «الشهادة»، وخرج بيان من الأزهر الشريف يؤكد أن التظاهر ضد الحاكم «سلمياً» جائز شرعاً مع أن من يخرج على الحاكم ليس بكافر أو منافق!
وكان بيان الأزهر بمثابة نور الوسطية والاعتدال فى مواجهة تطرف الإخوان والتيارات التابعة لهم والقضية الأخيرة تعد فصلاً جديداً من فصول المعركة بين الأزهر الشريف وتيار الإسلام السياسى المتشدد الذى أعمته أطماعه السلطوية عن مصالح الأمة، والتى سبقتها معارك كثيرة منذ ثورة يناير ووصول الإسلاميين للحكم، بدأت بمعركة الاستفتاء على الدستور والإفتاء الإخوانى بتحريم التصويت بـ«لا»، والرد من الأزهر بأن الأمر لا يتعلق بالحلال والحرام، ثم معركة الأزهر فى الدستور، وتلاها قضية الصكوك التى وقف ضدها شيخ الأزهر فافتعلوا له قضية تسمم طلاب المدينة الجامعية.
الواقع يؤكد أن الأزهر الشريف يخوض معركة تعد امتداداً لمعاركه التاريخية لصالح الأمة، واكتمال ملامح مؤامرة ابتلاع الأزهر وأخونته وترويضه لصالح الجماعة!
كان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب قد أصدر بياناً أكد فيه أن الخروج على الحاكم فى مظاهرات سلمية أمر جائز شرعاً ومباح شرعاً. وقال الشيخ الطيب: إن الخروج على الحاكم أمر من المعاصى، لكن من يقوم بهذا ليس بكافر أو منافق رداً على بعض الفتاوى التى تصف المعارضين بالكفر وتتوعدهم بالنار.. وجاء فى بيان الأزهر: «إن الأزهر الشريف الذى يعمل دوماً على جمع الكلمة ونبذ الخلاف والفرقة التى توهن من قوتنا وتذهب بريحنا.. يجد نفسه مضطراً إلى التعقيب على ما نشر من أقوال وفتاوى منسوبة لبعض «الطارئين» على ساحة العلوم الشرعية والفتوة ومنها أن من يخرج على طاعة ولى الأمر الشرعى فهو منافق وكافر».
واستطرد البيان: «هذا هو رأى الفرق المنحرفة عن الطريق الصحيح للإسلام وهو كلام يرفضه صحيح الدين ويأباه المسلمون جميعاً».. وجاء فى البيان أيضاً أن «المعارضة السلمية لولى الأمر الشرعى جائزة ومباحة شرعاً ولا علاقة لها بالإيمان أو الكفر وأن العنف والخروج المسلح معصية كبيرة ارتكبها الخوارج ضد الخلفاء الراشدين لكنهم لم يكفروا أو لم يخرجوا على الإسلام».
وكان للأزهر دور بارز فى ثورة يناير، يأتى كحلقة فى سلسلة كفاحه من أجل مصر الذى برز تاريخياً بدءاً من مواجهة الاحتلال الفرنسى فى عام 1798 وما تلاها، وكان هم نابليون الأول هو احتواء مشايخ الأزهر الذين ناصروا الشعب فى ثورتيه الأولى والثانية ضد الاحتلال، وكان تدنيس جنود الاحتلال الفرنسى للأزهر تعبيراً عن إدراكهم لمكانته فى حياة المصريين، وكان القصد إهانة المصريين فى أزهرهم، ثم وقف رجال الأزهر ومشايخه فى ثورة 1919 لدعم الوحدة الوطنية ضد الاحتلال الإنجليزى

وتقدم العلماء هبات المصريين وثوراتهم خلف الوفد وزعيمه سعد باشا زغلول، وفى ثورة يناير خرج علماء الأزهر شيوخاً وطلاباً داعمين للثورة ضد فساد نظام مبارك، وكان الشهيد عماد عفت نوراً فى طريق الثوار وشرفاً للثورة، وبعد ذلك لعب الأزهر وعلماؤه دوراً شديد الأهمية فى احتواء الفتن الطائفية والخلافات السياسية التى برزت بعد الثورة عن طريق اجتماعات «بيت العيلة» والإصرار على تعميق الذوبان بين المصريين مسلميهم ومسيحييهم، وبعد أن اعتلى الإخوان سدة الحكم فى مصر عادت حلقة أخرى من حلقات الصراع التاريخى بين التيارات الإسلامية والأزهر منبر الوسطية، خاصة مع كشف هذه التيارات عن أنيابها فى الهيمنة على مفاصل الدولة وأخونة جميع المؤسسات ومن بينها الأزهر الشريف، ووصلت المواجهات بين الطرفين إلى القمة بافتعال حوادث تسمم طلاب المدينة الجامعية بالأزهر واستغلالها لإهانة شيخ الأزهر، والمطالبة بإقالته وتخللت هذه الحوادث التى تكررت بشكل يثير الشكوك، فصول من إهانة بالغة للشيخ الجليل والمؤسسة، وسبق ذلك اشتعال المناقشات حول المادة الثانية للدستور التى أكد شيخ الأزهر - وقتها - أنها وكما وردت فى دستور 1971 عنوان للتوافق بين جميع القوى السياسية فى مصر، وطالب بالإبقاء عليها فى حين خرج وقتها ياسر برهامى، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، ليكشف أن حزب النور طلب أن يكون هناك تفسير موثق من شيخ الأزهر بخط يده للمادة، فأرسلت هيئة كبار العلماء تفسير الإمام الأكبر على أن تنص وتشمل مبادئ الشريعة الإسلامية على أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية.. وكان «برهامى» قد طلب وضع كلمة «ومصادرها» وحذف كلمة «الكلية» فوافقت هيئة كبار علماء الأزهر ليتفاخر «برهامى» بأنها المرة الأولى فى دستور مصرى تدخل كلمة مصادرها إلى القرآن والسنة والإجماع والقياس.
وانتقل الصراع بعدها إلى المادة الرابعة التى خرج بشأنها تسجيل شهير لبرهامى يوضح الصراع الداخلى بين الجماعة والأزهر، مؤكداً أن منصب شيخ الأزهر الذى يسعى إليه الإسلاميون سوف يحصلون عليه فى الدستور الجديد، موضحاً أنه لو استاء الإسلاميون من عدم عزل شيخ الأزهر فإن كلمة «وفق ما ينظمه القانون» كفيلة بعزله ومع تحديد سن الوظيفة الحكومية سيقال شيخ الأزهر لبلوغه السن القانونية.
معركة أخرى تبرز الصراع على الأزهر وتصديه للجماعات الإسلامية والإخوان وكانت فى الاستفتاء على الدستور الذى أكدت الجماعة خلاله للناخبين أن التصويت بـ «لا» حرام، فى حين شدد شيخ الأزهر أن عملية الاستفتاء لا علاقة لها بأحكام الشريعة والحلال والحرام، وناشد وقتها الأئمة والدعاة مراعاة حرمة المنابر والمساجد وتجنيبها المعارك السياسية.

الصكوك
برزت معركة الصكوك الإسلامية لتكون الأكثر شراسة بين الأزهر والإخوان المسلمين، فالأزهر رفض المشروع لأنه يتيح للحكومة والهيئات العامة إصدار صكوك مقابل الأصول المملوكة للدولة وفقاً لوزارة المالية، وهنا نشبت معارك كلامية كان أبطالها قيادات السلفية ولم يخل الأمر من توجيه ما يشبه الإهانات لشيخ الأزهر، عندما أكد محمد سعد الأزهرى، القيادى السلفى، أن الأزهر تراجع فى السنوات الماضية لتدخل الأجهزة الأمنية فى شئونه، مشيراً إلى أن الشيخ «الطيب» كان عضواً بأمانة السياسات بالحزب الوطنى وهو المنصب الذى استقال منه شيخ الأزهر عقب تعيينه، ووصل الأمر فى معركة الصكوك إلى تدخل الرئيس محمد مرسى، مؤكداً أن اقتصاد السوق لا يتعارض مع الصكوك الإسلامية.
وكل ما سبق يعكس طمع الإخوان فى مؤسسة الأزهر وطموحهم فى إقحام أعضاء الإخوان والسلفيين فى عضوية هيئة العلماء للتحكم فى إصدار التشريعات والقوانين.
ومحاولة التيارات الإسلامية ابتلاع الأزهر، التى تعددت وظهرت فى معركة الدستور والمادتين الثانية والرابعة ومحاولة محاربة فكرة استقلال الأزهر، رغم أنها الفكرة التى حارب من أجلها جمال قطب، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، منذ أكثر من 20 عاماً عندما تقدم باقتراح بعودة هيئة كبار العلماء فى الأزهر، وحوربت هذه الفكرة من قبل نظام مبارك، لكن الصراع بين الجماعات والتيارات الدينية والأزهر مازال مستمراً، ويؤكد وجود توجه لإقصاء شيخ الأزهر عن منصبه والسيطرة على الجامع، وكانت الدعوة التى وجهتها وزارة الأوقاف للدكتور يوسف القرضاوى العام الماضى، لإلقاء خطبة الجمعة قد لاقت رفضاً شديداً من قبل علماء الأزهر، مع توجيه اتهامات للإخوان بمحاولة فرض «القرضاوى» بالقوة على رأس المؤسسة الدينية وتوجيه الأزهر إلى معارك سياسية، وكان انسحاب الدكتور حسن الشافعى، ممثل الأزهر من الجمعية التأسيسية للدستور، دليلاً آخر على الصراع بعد أن تطرق الأمر لمادة خاصة بعزل أعضاء الحزب الوطنى السابقين مما اعتبر إهانة مباشرة للشيخ.

الأزهر ينقذ المرأة
قضية المرأة مثال على الاختلاف الجذرى بين فكر الأزهر وفكر الإخوان والتيارات الإسلامية المتشددة فبعد صعود القوى الإسلامية للحكم وانتشار دعاوى التشدد وتجريد المرأة من مكانتها ومكاسبها حرص الأزهر الشريف على استصدار وثيقة لحماية حقوق المرأة والتأكيد على دورها المؤثر فى حياة المصريين، وكان المجلس القومى للمرأة قد ذهب إلى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وطلب منه إصدار مثل هذه الوثيقة لمنح المرأة حقوقها التى كفلها الإسلام بعيداً عن التشدد والتهميش وأصبحت وثيقة الأزهر للمرأة هى خط الدفاع الأخير والوحيد للمرأة ضد حملة التشويه والتهميش التى تمارسها قوى التيار الدينى ضد المرأة، وكل ذلك وفقاً للفقه الإسلامى، فيما نفى فضيلة شيخ الأزهر ممارسة أى طرف ضغوطاً علي الأزهر لتأخير إصدار الوثيقة، مؤكداً استقلاليته وعمله بما يحقق مصالح المجتمع، يأتى ذلك فى مقابل الهجوم الشديد الذى تعرضت له وثيقة منع العنف ضد النساء والفتيات التى أصدرتها الأمم المتحدة، وذلك فى مارس الماضى، واعتبرها «متشددون» ضد عادات وتقاليد المجتمع بل ضد الشريعة الإسلامية، رغم تأكيدات القيادات النسائية فى مصر ومسئولى المجلس القومى للمرأة، أن الأمم المتحدة أخذت فى عين الاعتبار ملاحظات المجلس على الوثيقة وعدا ذلك فلا يوجد ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية فى شىء.

جبهة الدفاع
الصراع على المرجعية الدينية بين الإخوان والأزهر ومحاولات أخونة المؤسسة الدينية الرسمية استلزمت تكوين الجبهة الوطنية للدفاع عن الأزهر والأوقاف وهى الجبهة التى أعلن عنها مظهر شاهين الملقب بخطيب الثورة فى خطبة الجمعة بمسجد عمر مكرم، وقال: إن الهدف من الجبهة هو الحيلولة دون أخونة الأزهر ووزارة الأوقاف.. وجاءت تصريحات «شاهين» بعد أسابيع من تظاهرات لدعاة أزهريين ضد وزير الأوقاف، طلعت عفيفى السلفى، احتجاجاً على أخونة الوزارة وسيطرة الجماعة على مفاصل المؤسسات الإسلامية.. وقال خطيب الثورة: إن الهدف من الجبهة هو رفض أخونة وزارة الأوقاف بكل مؤسساتها وإقالة كل القيادات التى جاءت من خارج الوزارة.