رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دور العبادة لغم في وجه الحكومة


من الاتهامات التي وجهتها التيارات الاسلامية لمشروع قانون دور العبادة الموحد بأنه يستخدم الأجندة القبطية وسيعمل علي محو الهوية الاسلامية من مصر،‮ ‬ورغم الرفض المعلن من القيادات الكنسية لبعض نصوص مشروع القانون لأسباب تتعلق بمساحة الكنائس والمسافات بينها،‮ ‬يتجاهل الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء مطالب كلا الطرفين‮ "‬القبطي والاسلامي‮" ‬ويصر مجلس الوزراء علي اقرار مشروع القانون الاسبوع المقبل،‮ ‬وسط توقعات بأن يكون في حالة اقراره بمثابة لغم ضخم ينفجر في وجه شرف وحكومته بسبب ما سينتج عن القانون من تأجيج للفتنة الطائفية في مصر بين المسلمين والأقباط بوجه عام وبين التيارات الاسلامية المتشددة والقيادات القبطية المتعصبة من ناحية أخري‮.‬

ولم يحدث مشروع قانون لغطاً‮ ‬وجدلاً‮ ‬بين الجانبين القبطي والاسلامي مثلما أحدثه مشروع قانون دور العبادة الموحد،‮ ‬فما إن أعلن مجلس الوزراء نصوص المشروع،‮ ‬إلا وتصاعدت حدة الاشتباكات اللفظية‮ - ‬علي الاقل حتي الآن‮ - ‬بين قيادات كنسية وبين معظم التيارات الاسلامية المتواجدة علي الساحة‮.‬

مشروع القانون تضمن علي حد وصف الاقباط والتيارات الاسلامية نصوصاً‮ ‬تعجيزية يستحيل تطبيقها علي أرض الواقع وخاصة النص الذي تضمن أن تكون مساحة الكنيسة او المسجد الذي سيتم بناؤه لا تقل عن ألف متر وأن تكون المسافة بين أقرب مسجد أو كنيسة لا تقل عن ألف متر،‮ ‬وهو النص الذي دفع ممدوح اسماعيل مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين ووكيل مؤسسي حزب النهضة السلفي تحت التأسيس إلي تقديم بلاغ‮ ‬للنائب العام ضد الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء حمل رقم‮ ‬8266‮ ‬طالب فيه بمنع قانون دور العبادة الموحد وعدم اقراره،‮ ‬متمسكاً‮ ‬بمرسوم القانون الذي أقره مجلس الوزراء بأنه تجاهل الدستور وقواعد العدالة التي اسستها مبادئ الشريعة الاسلامية وهو ما يهدد السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية،‮ ‬ويؤدي تطبيقه الي حدوث فتنة خطيرة‮.‬

واتهم اسماعيل في بلاغه واضعي القانون بأنهم يخلقون فتنة طائفية ويؤسسون للصراع والنزاع والفتنة الطائفية في مصر تمهيداً‮ ‬للتدخل الأجنبي وتقسيم مصر وتحقيق أهداف الصهيونية،‮ ‬مؤكداً‮ ‬ان القانون يسمح لمن يمتلك المليارات والملايين من المسيحيين أن‮ ‬يبني الكنائس بحكم امتلاكهم سلاح المال وأن المسلمين لن يستطيعوا بناء المساجد بسبب افقار نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك لهم في فترة عهده البائد‮.‬

ولم يكتف اسماعيل ببلاغه للنائب العام ضد شرف بل انه قام أيضا بارسال انذار علي يد محضر لشرف حمل رقم‮ ‬8278‮ ‬لوقف اصدار القانون‮.‬

حالة الرفض والتخوف من الجانب الاسلامي لمشروع القانون بحجة ان القانون سيصب في النهاية لصالح الأقباط،‮ ‬انتابت أيضا معظم القيادات الكنسية الذين زعموا أيضاً‮ ‬أن القانون سيهدف لمصلحة المسلمين وسيعمل علي اضطهاد الأقباط بحجة أن المساحة التي اشترطها القانون وهي الألف متر لبناء الكنائس لم تعد متوافرة حالياً‮ ‬بعد أن ازدحمت المدن والقري بالعمران وهي الحجة التي ساقها الدكتور نجيب جبرائيل مستشار الكنيسة الارثوذكسية بقوله‮: ‬انه من‮ ‬غير المعقول ان تنص شروط العزبي باشا وكيل وزارة الداخلية عام‮ ‬1934‮ ‬علي أن المسافة بين الكنائس لا تقل عن‮ ‬100‮ ‬متر ويأتي القانون الجديد ليحددها بألف متر،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلي أن الخط الهمايوني كان أفضل لبناء الكنائس،‮ ‬لافتاً‮ ‬إلي أن مساحة ألف متر مربع لدور العبادة‮ ‬غير كافية مبرراً‮ ‬ذلك أنه بعد ازالة المساحات الخارجة من البناء من مبان خدمية وأماكن استقبال الضيوف والفناءات تصبح مساحة المسجد أو الكنيسة‮ ‬300‮ ‬متر مربع وهي‮ ‬غير كافية للمساجد أو الكنائس‮.‬

وإذا كان نص مشروع قانون العبادة الموحد علي مساحة الألف متر ومسافة الكيلومتر لبناء المساجد والكنائس قد لاقي اعراضاً‮ ‬وهجوما من كلا الطرفين،‮ ‬فإن أخطر ما سوف يهدد الوحدة الوطنية ويؤججها هو عدم النص علي مراقبة تمويل بناء الكنائس أسوة بالمساجد خاصة وأنه أصبح المطلب الذي طالب به ممدوح اسماعيل وعدد من قيادات التيارات السلفية وائتلاف دعم المسلمين الجدد الذين طالبوا بوضع بند في مشروع القانون ينص علي مراقبة أموال بناء الكنائس وخضوعها للجهاز المركزي للمحاسبات أسوة بالمساجد التابعة لوزارة الأوقاف وهو المطلب الذي طالب به الدكتور حسام أبو النجاري القيادي السلفي والمتحدث الرسمي لائتلاف دعم المسلمين الجدد الذي أشار إلي أنه يجب مراقبة تمويل بناء الكنائس وخضوها للجهاز المركزي للمحاسبات اسوة بالمساجد،‮ ‬وهو نفس المطلب الذي طالب به المهندس عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية بالاسكندرية الذي اكد أن الكنيسة اذا ارادت ان تتعامل مثلها مثل المساجد في الأعداد والمساحات فلماذا لا تريد المساواة في المراقبة علي تمويل بناء الكنائس اسوة بالمساجد‮.‬

الرقابة علي تمويل الكنائس أمر لم يتضمنه مشروع قانون دور العبادة الموحد إلا أنه من المتوقع أن يحدث نوعاً‮ ‬من الصدام الطائفي بين الأقباط وبعض التيارات الاسلامية خاصة بعدما رفضت الكنيسة وقيادات قبطية مطالبات بعض السلفية لخضوع الكنائس للمراقبة المالية،‮ ‬وهو ما أكده نجيب جبرائيل

مشيراً‮ ‬الي أن الكنائس يتم بناؤها من اموال التبرعات الذاتية للأقباط معتبراً‮ ‬أنه لذلك فإن الكنائس لا يجوز أن تخضع لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات المعني بمراقبة المال العام،‮ ‬وهو الأمر الذي يرفضه ممدوح إسماعيل بقوله‮: ‬إصرار الكنيسة علي رفضها المراقبة المالية يعد نوعاً‮ ‬من العناد الطائفي الذي يزيد من حدة التوتر بين الأقباط والمسلمين،‮ ‬مطالباً‮ ‬بمساواة الكنائس بالمساجد في المراقبة المالية‮.‬

وأشار إسماعيل إلي أنه لا يوجد في العالم قانون موحد لدور العبادة في دولة بها عدة أديان بهذا الشكل مشيراً‮ ‬إلي أن القانون يتنافي مع أبسط قواعد العدالة،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلي أن القانون شبه ما فعله روميل بوضعه ألغاماً‮ ‬في الصحراء الغربية القابلة للانفجار إذا وطئت إحدي قدميك عليها،‮ ‬مؤكداً‮ ‬أن وضع القانون لا يهدف مصلحة مصر‮ »‬علي حد قوله‮«.‬

مطالب إسماعيل بالإبقاء علي الزوايا وعدم إلغائها،‮ ‬أمر أكدت عليه دراسة حديثة أعدها المستشار حسين أبوعيسي المحامي بالنقض والمستشار السابق بالمحاكمات العسكرية والذي كشف فيها‮.‬

واعتبر المهندس عبدالمنعم الشحات رفض الكنيسة لمشروع القانون نوعاً‮ ‬من المبالغة في التدلل،‮ ‬لافتاً‮ ‬إلي أن الكنيسة تريد تغيير أحد بنوده الخاصة بتقديم طلب للمحافظ لبناء الكنائس،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلي أن الكنيسة تريد أن يكون النص أن تبلغ‮ ‬المحافظ أنها قد قامت ببناء كنيسة دون انتظار موافقة‮.‬

الصدام المحتدم بين القيادات الكنيسة والتيارات الإسلامية قبل صدور القانون دفع العديد إلي المطالبة بأن ينال المشروع قدراً‮ ‬من النقاش حوله بشكل أعمق ما هو عليه الآن،‮ ‬وعدم إقراره خاصة بعد حالة الاستنفار التي رفعها كل من الجانبين القبطي والإسلامي بعد عرض مشروع القانون،‮ ‬وهو ما دعا إليه الدكتور كمال حبيب الباحث في شئون الجامعات الإسلامية الذي أشار إلي أن تنفيذ القانون بهذه الصورة ينبئ بحدوث توترات طائفية،‮ ‬مطالباً‮ ‬بعقد حوار مسيحي‮ - ‬إسلامي حول بعض القضايا التي تهم الطرفين للتوصل إلي اتفاق محدد في جميع القضايا الخلافية،‮ ‬بحيث لا تتغلب الرؤية الذاتية علي وضع القانون بهذه الصورة‮.‬

أما المفكر القبطي جمال أسعد،‮ ‬فأكد أن القضية ليست تشريعات قانونية كما يظن البعض ولكنها قضية تهيئة الرأي العام للاقتناع بأي تشريع قانوني،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلي أن الرأي العام حالياً‮ ‬غير مهيأ لهذا القانون لأن هناك مناخاً‮ ‬طائفياً‮ ‬قوياً،‮ ‬خاصة بعد ظهور الجماعات السلفية وما يشابهها‮.‬

وطالب أسعد بأن يتم توافق مجتمعي من خلال حوار معمق وهادف وطويل المدي حتي يتم التوافق علي مشروع القانون بعيداً‮ ‬عن التعصب الديني،‮ ‬مشيراً‮ ‬إلي أن الصراع السياسي والاجتماعي هو الذي أوجد مشكلة دور العبادة الموحد‮.‬

بينما طالب القمص متي ساويرس كاهن كنيسة مارجرجس،‮ ‬مشيراً‮ ‬بالعودة إلي قرار العزبي باشا مرة أخري باعتباره يضع شرطاً‮ ‬بألا تقل المسافة بين دار عبادة وأخري عن‮ ‬100‮ ‬متر فقط‮.‬

وطالبت لجنة كنسية برئاسة الأنبا موسي الأسقف العام للشباب بإلغاء البند الثاني من المادة الثانية التي لم تحدد العدد الواجب توافره من السكان لاستصدار التراخيص وإلغاء شرط مسافة الألف متر من دور العبادة المتشابهة،‮ ‬وتعديل البند الخامس من المادة الثانية الذي يتعلق بالبناء علي الأرض المتنازع عليها علي أن يترك الأمر للقضاء وتعديل البند السادس ليكون الحد الأدني لمسافة دور العبادة‮ ‬200‮ ‬متر بدلاً‮ ‬من‮ ‬1000‮ ‬متر‮.‬