عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيد قطب زرع في نفوس الإخوان مرض الاستعلاء والاستكبار

بوابة الوفد الإلكترونية

يعتبر الاستعلاء والاستكبار من أخطر الأمراض النفسية التى زرعها سيد قطب فى نفوس الإخوان، واستشرت فيهم، بل هى الآفة الكبرى التى أصابتهم، ويطلق عليها علماء النفس (الشيفونية)، والشوفينى هو الذى يرى جماعته وقوميته وعشيرته وحزبه وتنظيمه، يتمثل فيهم النقاء المطلق والحق الذى لا شك فيه

ولأنهم يرون ذلك نجدهم يتعصبون لجماعتهم تعصباً مقيتاً غبياً لا عقل فيه، حيث تسود الكراهية نظرتهم وتعاملهم مع من هم ليسوا من جماعتهم، يرون أنفسهم وحدهم على حق ومن دونهم على باطل، وهذه الحالة النفسية المريضة هى التى تتحكم فى كلام وسلوكيات الإخوان من أصغر إخوانى حتى المرشد ومحمد مرسى والشاطر وغيرهم، لذلك نجدهم يتباهون بكثرتهم، وذم واستصغار واستحقار كل من ليس منهم وكأنهم ليسوا مسلمين وأنصاف مواطنين.

وفى ذلك يقول سيد قطب فى كتابه «معالم فى الطريق» ص146: «ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلى ولا أن ندين له بالولاء فهو بهذه الصفة الجاهلية غير قابل لأن نصطلح معه، إن أولى الخطوات فى طريقنا هى أن نستعلى على هذا المجتمع الجاهلى وقيمه وتصوراته، وألا نعول من قيمنا وتصوراتنا قليلاً أو كثيراً لنلتقى معه فى منتصف الطريق، كلاً، إننا وإياه على مفترق الطريق، وحين نسايره خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج كله، ونفقد الطريق، ومن هنا يتبين لنا السبب فى رفضهم التصالح مع المجتمع المصرى، والاعتذار له بعد كل ما ارتكبوه من جرائم فى حقه.
كما رسّخ سيد قطب لدى الإخوان فكرة «الاستعلاء بالإيمان»، فالمؤمن فى نظره هو الأقوى سيداً بإيمانه مهما استقوى الجاهليون بالجاه والسلطان وبالتفاف الجماهير الغفيرة حولهم، ولهذا يمضى قطب فيقول فى كتابه «معالم فى الطريق» ص146 «إن الإسلام لا يقبل أنصاف الحلول مع الجاهلية، لا من ناحية التصور ولا من ناحية الأوضاع المنبثقة من هذا التصور، فإما إسلاماً وإما جاهلية»، ثم يمضى محدداً وظيفة الإسلام قائلاً: «ووظيفة الإسلام إذن هى إقصاء الجاهلين من قيادة البشرية وتولى هذه القيادة على منهجه الخاص المستقل الملامح، الأصيل الخصائص»، ونلاحظ هنا أن سيد قطب قد انتقل فى استعلائه من جاهلية المجتمع المصرى إلى جاهلية كل المجتمعات القائمة على الأرض، ومن ضرورة التغيير فى مصر إلى تولى «قيادة البشرية»، ثم يستعدى سيد قطب إخوانه إلى مواجهة شاملة لإخفاء فيها مع المجتمعات التى كفّرها، فيقول: «لن نتدسّس إليهم بالإسلام تدسُّساً، ولن نربت على شهواتهم وتصوراتهم المنحرفة سنكون صرحاء معهم غاية الصراحة، هذه الجاهلية التى أنتم فيها نجس، والله يريد أن يطهركم، هذه الأوضاع التى أنتم فيها خبث والله يريد أن يُطيّبكم، هذه الحياة التى تحيونها دون، والله يريد أن يرفعكم، هذا الذى أنتم فيه شقوة وبؤس ونكد، والله يريد أن يُخفف عنكم ويرحمكم ويسعدكم»، وهنا نلاحظ أن سيد قطب يتجاسر ويتحدث صراحة باسم السماء، بل هو يؤكد أنه إنما يتحرك باسم الإرادة الإلهية ليطهر الناس ويرحمهم ويسعدهم، ثم يصل قطب إلى مبتغاه فى النهاية بتكفير البشر فيقول: «وإذا بدا البشر يوماً أن مصلحتهم فى مخالفة ما شرع الله لهم فهم واهمون أولاً، وهم كافرون ثانياً».
ورغم الصراحة الواضحة فى كلام قطب عن تكفير جميع المجتمعات البشرية بما فيها المجتمعات الإسلامية، فإننا نجد كبار قادة الإخوان ومرشديهم من بعد حسن البنا يحاولون على استحياء تخفيف حدته فى التكفير بعد أن نالت قدراً كبيراً من الرفض والاستهجان فى جميع البلدان الإسلامية، نجد أن مأمون الهضيبى ينفى عن قطب دعوته إلى التكفير فيقول فى حوار له مع الباحثة كريمان المغربى، إنه لا يشم من كتاب المعالم بأنه يكفر الناس، وأنه بسؤال سيد قطب رفض أن يقصد تكفير الناس»!! وكذلك المرشد عمر التلمسانى نجده ينفى تكفير قطب للمسلمين فيقول: «لا أعتقد أن كتاب (معالم فى الطريق) فيه جديد.. وما أراد الأستاذ سيد قطب أن يكفر مسلماً لأنه أعلم المسلمين بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى أكثر من حديث إن من قال: لا إله إلا الله مؤمنا بقلبه فلن يخلد فى النار، ونحن نعلم أنه لن يخلد فى النار إلا الكافرون الذين ينكرون وحدانية الواحد القهار، أما كثرة ترداده لكلمة «المجتمع الكافر» و«المجتمع الجاهلى» فلم يقصد بها تكفيراً ولكن تشديد النكير على الظلمة والطغاة».. ولكن نسى التلمسانى أنه تحدث فى الكتاب ذاته عن مجموعة من الشبان المسجونين فى ليمان طرة الذين أخذوا بفكرة التكفير.. بل وترسًّخت فى أذهانهم فكرة التكفير - مثل شكرى مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة التى اغتالت وزير الأوقاف الشيخ حسن الدهبى عام 1977، كما نسى التلمسانى أيضاً عبارات واضحة وصريحة وردت فى المعالم مثل «ليس هذا إسلاما، وليسوا هؤلاء بمسلمين». ثم نجد قطب إخوانى آخر - ع. أبوعزة فى مقال له بمجلة الشهاب عدد 21 عام 1973- يبرئ سيد قطب فيقول «إن سيداً لم يكفر الناس لا أفرادهم ولا جمهورهم، وإنما قصد بحكم التفكير نظام الحكم».
أما مؤرخ الجماعة أحمد عادل كمال فنجده يقول: «إن العبارات التى وردت بكتاب المعالم كلُّ فهمها بمفهوم خاص، وإن التفكير ظهر أول ما ظهر على يد شكرى مصطفى». هذا بينما يؤكد صالح أبورفيق - مرشد الجماعة بعد عمر التلمسانى - «إن سيد قطب قد كفّر المجتمع فعلاً، ولكن فكره مقصور عليه وعلى مجموعته».
- وإذا عدنا إلى كتاب «دعاة لا قضاة» نجد المرشد الثانى الهضيبى تحاشى أن يذكر اسم سيد قطب أو أياً من كتبه وإنما ركزِّ نقده على أبو الأعلى المودودى - المفكر الباكستانى - فنجد الهضيبى يستند إلى آيات من القرآن والأحاديث الشريفة تنسف من الأساس فكر تكفير المسلمين عند سيد قطب، فيقول: «إن حكم الناطق بشهادتى أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله أن نعتبره مسلماً تجرى عليه أحكام المسلمين، وليس لنا أن نبحث فى مدى صدق شهادته». ثم يمضى الهضيبى مستنكراً فكرة تكفير المسلمين فيقول: «إن حكم الله تعالى أن يعتبر الشخص مسلماً فى ذات اللحظة التى ينطق فيها بالشهادتين، ولا يشترط أن تكون أعمال الشخص مُصدِّقة لشهادته حتى يحكم بإسلامه، وأنه حال نطقه بالشهادتين يلزمنا اعتباره مسلماً ويحرم علينا دمه وماله..  ومن تعدى ذلك إلى القول بفساد عقيدة الناس بما أخرجهم على الإسلام قلنا له: «إنك أنت الذى خرجت على حكم الله بحكمك هذا الذى حكمت به على عموم الناس» ثم يمضى الهضيبى فى كتابه، رافضاً فكرة التكفير حتى عن مرتكبى المعاصى والمجاهرة بها، فيقول: «ليست المعالنة بالمعاصى وشيوعها، وليست الظواهر العامة التى ركن إليها دعاة التكفير ممن تجيز لهم شريعة الله أن يصدروا حكماً على عموم الناس بخروجهم من الإسلام إلى الكفر، أو بعدم دخولهم فى الإسلام أصلاً رغم النطق بالشهادتين».
- فإذا كان هذا هو رأى الهضيبى المرشد الثانى للجماعة، فما بالنا اليوم فى عام 2013 نرى جميع كوادر الإخوان دون استثناء وما تفرع عنها من جماعات - مثل أنصار بيت المقدس- ترتكب جرائم قتل وسحل وتعذيب مسلمين مصريين بعد أن كفّروهم على النحو الذى قاموا به بقتل الـ 17 شهيداً فى رفح وهم يصلون ويفطرون بعد أن أتموا صيام يومهم فى رمضان، بل ويلقون بماء النار على وجوه ضباط الشرطة فى كرداسة بعد قتلهم بدم بارد، وهو الأمر الذى تكرر مع من قتلهم الإخوان فى رابعة والنهضة ودلجا.. ناهيك عن قيام طلبة الإخوان فى الجامعات بإلقاء تهمة الكفر فى وجوه الطلاب الذين تصدوا لأعمالهم التخريبية وشعاراتهم المناهضة للدولة والجيش والشرطة فى مصر.
ومن أقوال حسن البنا التى رسَّخ بها أسلوب الاستعلاء والاستكبار فى أقوال وسلوكيات الإخوان مع غيرهم من الناس قوله عن منهج جماعته: «على كل مسلم أن يعتقد أن هذا المنهج كله من الإسلام، وأن كل نقص منه نقص من الفكرة الإسلامية الصحيحة». حيث يرى البنا أن برنامج جماعته كله من الإسلام، فإن رأى إنساناً، أو تجاسر أن يزعم، بأن ثمة خطأ فى هذا البرنامج فإنه يعنى أن الإسلام خطأ، وأن تجاسر بالقول بأن فيه نقصاً فإن ذلك يعنى نقص الفكرة الإسلامية الصحيحة». وهو ما طبقَّه قادة الإخوان بعد ذلك على مدار العقود، فها هو صالح العشماوى يقول: «إن أى اضطهاد للإخوان هو اضطهاد للدين ذاته». وعندما ألقت حكومة عبدالناصر عام 1954 القبض على عدد من قادة الإخوان لاشتراكهم فى محاولة اغتيال عبدالناصر آنذاك، وقف عضو مكتب الإرشاد -عبدالقادر عودة- صائحاً فى إحدى المظاهرات «الإسلام سجينى». والأمر هنا ليس مجرد حماس لفظى، ولكنه معتقد رسَّخه حسن البنا وسيد قطب ومرشدو الجماعة من بعد عن الخلط بين الدين المطلق الصح وبين اجتهاداتهم القابلة للصواب والخطأ. وإذ تعتبر الجماعة أن منهاجها وحدها هو الدين ذاته، فإن كل من يرى فيها عيباً يكون معادياً للإسلام ذاته، وكل من ينتقدهم يكون منتقداً للإسلام ذاته، ثم يكون ما يترتب على ذلك عن اتهامات بالجهالة والكفر وما يستتبع ذلك من استحلال أرواح ودماء وانتهاك حرمات الأفراد والدولة، لأن للقرآن عند الإخوان فهماً واحداً، ووجهاً واحداً، هو ما يقولون هم به، وعلى الجميع الخضوع لما يقولون وإلا تم إخضاعهم بالقوة. وكما هو معروف للإخوان تقاليد قديمة وحديثة فى إخضاع المخالفين والمنتقدين لهم، تبدأ باتهامات بالمروق والإلحاد والعلمانية، ثم بالجاهلية والكفر، وتنتهى باستخدام القوة.
- وعندما أصدرت الجماعة مجلة «النذير» عام 1937 حرص عبدالرحمن الساعاتى، والد حسن البنا على كتابة افتتاحية مُشرَّبة بالاستكبار والاستعلاء، يحض فيها أعضاء الجماعة على الاستعداد لإشهار السلاح فى وجه كل من يعارضهم، قائلاً: «استعدوا يا جنود، وليأخذ كل منكم أهبته ويعد سلاحه، ولا يلتفت منكم أحد، وامضوا حيث تؤمرون.. ثم خُذوا هذه الأمة بالرفق.. فإذا الأمة أبت فأوثقوا يديها بالقيود واثقلوا ظهرها بالحديد، وجرعوها الدواء بالقوة، وإن وجدتم فى جسدها عضواً خبيثاً فاقطعوه، أو سرطاناً خطيراً فأزيلوه.. استعدوا يا جنود، فكثير من أبناء هذا الشعب فى آذانهم وقر وفى عيونهم عمى»!! فهل تحتاج هذه العبارة إلى تفسير؟! أى أن الإخوان وحدهم هم القادرون على وصف الدواء ويصنعونه ويجرعونه للأمة، فإن أبت فلا شىء سوى العنف. وهكذا نرى أن الخلط بين الدين والرأى الإنسانى فى أمور دنيوية هو أمر مخيف لأنه الخطوة الأولى فى طريق العنف والإرهاب الذى سارت فيه جماعة الإخوان، وما انشق عنها من جماعات أخرى، منذ نشأتها وحتى اليوم وفسر بسببه المسلمون هو أرجاء الأرض الكثير والكثير على كل الأصعدة.
- وهذا بالضبط فى جوهر الاستعلاء بأفكارهم والاستكبار بممارساتهم، واعتبارهم المصدر الوحيد للصحة المطلقة، ذلك لأنهم يعتبرون أفكارهم هى وحدها -كانت وتكون وستكون- صحيح الإسلام، ولذلك فهى فى نظرهم دوماً صحيحة ولا يمكن مراجعتها، بل ويتعين استعادتها.
- وأذا قرأنا فى وثيقة إخوانية أخرى كانت ضمن مضبوطات قضية سيارة الجيب، وهى مضبوطات تخص الجهار السرى الخاص للجماعة المكلفة بتخطيط وتنفيذ عمليات القتل والتخريب والتدمير، ولذلك يعتبر الجهاز الحاكم فى الجماعة والذى أفرز لها أكثر من مرشد عام (منهم مصطفى مشهور، ومهدى عاكف)، فسنجد الوثيقة تقول: «إن القتل الذى يعتبر جريمة فى الأحوال العادية، يفقد صفته هذه ويصبح فرضاً واجباً على الإنسان إذا استعمل كوسيلة لتأييد الدعوة، وإن من يناوئ الجماعة أو يحاول إخفات صوتها مهدر دمه وقاتله مثاب على فعله»، لذلك - وبسبب هذا التراث الفكرى المفعم بمظاهر الاستكبار والاستعلاء، لا يجب أن تصيبنا الدهشة أو الاستغراب عندما نجد المرشد السابق مهدى عاكف يصرح لمجلة المصور فى استكبار لا يعرفه الإسلام: «الإخوان لا يعتذرون»، «الإخوان معصومون» وما هذا بصحيح ولو بأقل قدر. ولأنهم إذ يرفضون أية رؤية نقدية لماضيهم، فإنهم وفى نفس الوقت يمجدون ماضيهم، ويسعون لاستعادته، وبالطبع تكون استعادته وبالاً على الوطن كله كما حدث فى سنة الشؤم والعار والدم والخراب التى حكموا فيها مصر عام 2012-2013.

انعكاس فكر الاستعلاء على شكرى مصطفى
-ذكرنا آنفاً أن شكرى مصطفى، زعيم جماعة التكفير والهجرة تربى فى مدرسة سيد قطب، وتشرب بكل مفاهيمه حول الحاكمية والتكفير والاستعلاء على الآخرين، وقد انعكس ذلك فى

اتهام شكرى لمرشد الجماعة الهضيبى بالكفر، وزعم أنه سيحكم العالم بالإسلام، وأنه ميراث النبوة، وسيملأ أنهار وبحار العالم بدماء الكفار، وأنه سيعيد حكم الخلافة، وستكون القدس هى عاصمة الخلافة!! فهل اختلف هذا الذى قاله شكرى مصطفى عام 1977 عما قاله صفوت حجازى عام 2013 فى رابعة بأن مصر ستكون إحدى ولايات دولة الخلافة الإسلامية والتى عاصمتها القدس؟! ويعتبر شكرى مصطفى المؤسس الثالث لجماعة الإخوان وكان يحظى بتأييد ودعم مصطفى مشهور.
- ولم يخرج فكر شكرى مصطفى وجماعة الإخوان عن فكر جماعات الخوارج، بل أخذوا يكفرون من ارتكب أى معصية من سرقة أو شرب خمر أو زنى تخرج المسلم على إسلامه وتورده جهنم خالداً فيها أبداً لأنه من الكفار، لذلك رفض شكرى مصطفى الصلاة حتى مع غيره من الإخوان المسلمين فى السجن، فقد تلبسته فكرة أن الإسلام غاب عن الدنيا، وأن من يتبعه وزمرته هو المسلم حقاً. وأوصى أتباعه بالسفر إلى اليمن لأن منه سينطلق نور الإسلام من جديد، لذلك لم يكن غريباً أن نجد موضوع اليمن يرد كثيراً فى كتابات حسن البنا وسيد قطب، بل إن من قادة الإخوان اليوم من نجده يلجأ إلى اليمن بعد فراره من مصر مثل محمود عزت.

انعكاس فكر الاستعلاء على محمد مرسى
- إن المتابع لعام الظلام والشقاء الذى عاشته مصر فى ظل حكم الإخوان برئاسة مرسى سيجد فكر الاستعلاء منعكساً فى خطبه وسلوكياته، كما سيكتشف تشابهاً كثيراً بين مقولات مرسى وكتابات سيد قطب، فليس هذا غريباً فقد كان قطب أستاذه ومعلمه، لذلك طلب مرسى نسخة من كتاب المعالم ليأنس به فى سجنه!!
- فنجد مرسى يقول: «أنا رئيس بعد ثورة وممكن نضحى بشوية علشان الوطن كله يمشى»- 24 مارس 2013، كما يقول: «أنا ضد أى إجراءات استثنائية، لكننى لو اضطررت سأفعل، وها أنا أفعل» - 27 يناير 2013، ويقول أيضاً: «إن على الناس أن تقول (نعم) للدستور الذى أعددته تأسيسية «الإخوان» كى ينتهى الإعلان الدستورى». فى لقاء تليفزيونى قبل الاستفتاء على الدستور.
- وإذا قمنا بتحليل إجراءات محمد مرسى منذ تولى الحكم حول استعداده للتنازل عن أراضى شمال سيناء لحماس، وتجنيس آلاف الفلسطينيين بالجنسية المصرية، واستعداده أيضاً للتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان ومنح قطر حق استغلال منطقة القناة، يجد تطابقاً كاملاً مع فكر سيد قطب فى كتاب المعالم بأن الوطن عنده كما عند أستاذه سيد قطب بلا حدود وبلا خصائص ولا نشيد قومى، وإنما هو وطن العقيدة وحدها، لذلك لم يكن غريباً فى مدارس جماعة الإخوان (400 مدرسة) أن يُلغى فيها تحية العلم والنشيد القومى، وأن تلغى كلمة الوطن نهائياً من كتاب التربية الوطنية لسنة أولى ثانوى، وتحمل كلمة (الجماعة) بدلاً من الوطن، وأن يكون الولاء، كل الولاء للجماعة فقط، كذلك لم يكن غريبا أن نرى طلاب الإخوان يهتفون ببجاحة وسفاهة وانحطاط لم تشهد مصر له مثيلاً من قبل فى تاريخها «تسقط مصر» بل ويحرقون علم مصر فى ميدان التحرير يوم 19 نوفمبر الماضى، الأمر الذى أثار غضب جموع المصريين وزاد من ثورتهم ونقمتهم وكراهيتهم لجماعة الإخوان التى كشفت بشكل نهائى عن وجهها القبيح وعنصريتها عدم وجود أى انتماء وطنى لها.
والخطير فى الأمر أن مرسى عندما أفرج عن إرهابيين ومجرمين وقتلة «850 فرداً» مارسوا العنف وسفكوا دماء الأبرياء تحت لافتة الدين، كان يستهدف بذلك إنشاء طليعة عسكرية دعا لها سيد قطب فيما أطلق عليه «تنظيم حركى منعزل عن المجتمع الجاهلى» بل حاول قطب استخدامها لإسقاط نظام حكم عبدالناصر عام 1965، وقد أثبتت الاتصالات الهاتفية التى رصدت بين مرسى وأيمن الظواهرى أن هذه الطليعة العسكرية ستكون وسيلة جماعة الإخوان فى تدعيم حكمها ويتأكد هذا المفهوم عندما نكتشف أن سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة الإخوانى قد طالب مرسى بإنشاء حرس ثورى مصرى ليدافع عن نظام الحكم الإخوانى ويكون بديلا عن الحرس الجمهورى وبتكلفة 250 مليون دولار قدمتها قطر لخالد مشعل رئيس حماس ليتولى تدريب هذا الحرس الثورى الإخوانى.
وبنفس الفكر الاستعلائى الذى دعا له سيد قطب، طبقه محمد مرسى فى مخاصمة كل القوى السياسية والثقافية والإعلامية المصرية، واعتبرها قوى تخريبية ينبغى مقاطعتها وإقصاؤها عن المشاركة فى حكم مصر الذى تستفرد به جماعة الإخوان، لذلك قام مرسى بأخونة 11000 منصب قيادى وإدارى فى جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات فى مصر «طبقا لإحصاء رئيس حزب النور الذى قدمه لمحمد مرسى». ومن مظاهر الاستعلاء الإخوانى على الآخرين أن نجد المواقع الالكترونية للإخوان تطلق على جبهة الإنقاذ «جبهة الخراب»!!
خلاصة القول
إن فكر الإخوان سواء فيما يتعلق بالسمع والطاعة أو بالاستعلاء والاستكبار على من هم سواهم، هو نفس فكر جماعات الخوارج التى ظهرت عبر القرون الماضية، معتبرين أنهم الفئة المسلمة وحدها، والفئة الناجية دونا عن باقى المسلمين الذين كفروهم واستحلوا حرماتهم، لذلك حذر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين من جماعات الخوارج هذه فى حديثه الشريف: «يخرج فيكم حداث الأسنان، سفهاء الأحلام، تحقرون صلاتكم لصلاتهم، وصيامكم لصيامهم، يقرأون القرآن ولا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» حيث يصف حضرته خوارج هذا العصر بأنهم صغار السن يكثرون من الصلاة والصيام وقراءة القرآن إلا أنهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية وما ذلك إلا لكونهم مصادر فتنة وخراب وهدم فى المجتمعات الإسلامية تقوضها وتدمرها باسم الدين والدين منها براء.
كما يحذرنا المولى عز وجل من الاستعلاء والاستكبار على الآخرين وذلك فى قوله تعالى: «فأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذاباً أليماً ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً» (النساء 173)، وأيضا قوله تعالى: «إنه لا يحب المستكبرين» (النحل 23)، ذلك لأن هذه الصفة المقيتة تولد ممارسات بغيضة أخطرها - كما شاهدنا - تكفير من يستعلون عليهم ويستحلون حرماتهم الى جانب ممارسة الكذب والغش والخداع والتضليل والتدليس، بدعوى أن «الضرورات تبيح المحظورات»، ناهيك عن استخدام العصا لتأديب من هم دون الإخوان فى العقيدة. فقد قدم الإخوان أنفسهم للمصريين فى الانتخابات بأن جماعتهم «راعية الحل الإسلامى»، وأكدوا أنهم عندما يصلون الى الحكم أن يقيموا العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحرية الرأى، فماذا كانت النتيجة عندما وصلوا الى الحكم؟ اتضح للجميع أن الإخوان لا يؤمنون لا بالديمقراطية ولا العدالة ولا حتى فى داخل مجتمعهم الإخوانى، وأن الديمقراطية هى فقط من أجل توصيلهم للحكم، وبعد ذلك وداعا للديمقراطية، ومن البديهى أن فاقد الشىء لا يعطيه، كما وجدنا إعوجاجا فى إقامة العدل وعدم احترام الرأى الآخر، وضاقت صدورهم بالمخالفين بل وإرهابهم وترويعهم الى حد القتل.
كما ثبت للمصريين أن الإخوان الذين يتظاهرون بالفضيلة والغايات النبيلة والقيم الروحية الأصيلة، إنما هم فى الحقيقة يمارسون أحقر صور الخداع والتضليل والكذب والتزوير على الذين لا ينتمون لهم، بل ويتفانون فى إهانة الكرامة الإنسانية لمن يختلف معهم فى الرأى، وأن هدفهم الأوحد الإمساك بالسلطة والحكم لأطول فترة ممكنة. كما ثبت للمصريين أيضا أن جماعة الإخوان هو تنظيم سياسى بحت حتى النخاع وله أفكاره الباطنية يتاجر بالدين على سبيل التقيا، ومن يتصل بالإخوان عن قرب سرعان ما يلمس فيهم بعد برهة الروح العدائية فى نفوس الإخوان للمجتمع ونظرتهم الناقمة الساخطة على هذا المجتمع، يعتبرون كل الناس أشقياء وكفاراً وأنهم وحدهم خاصة البشرية التى وصلت الى أعلى درجات النقاء، لذلك يتعاملون وغيرهم بأقصى درجات القسوة إذا ما تحكموا فيهم.
إن رفض المصريين لجماعة الإخوان ليس كما يدعون رفضا للإسلام، فنحن مسلمون من قبل الإخوان وبعدهم، ولا يجرؤ أحد أن يطعن فى إسلام وإيمان المصريين، ولكن المطعون فيهم هم الإخوان الذين لا يطبقون أى مبدأ من مبادئ الإسلام وأخلاقياته وآدابه، لذلك فإن قبول الإخوان فى المجتمع المصرى على ما هم عليه من أخلاق وسلوكيات هدامة أمر مرفوض من أساسه فقد نزعهم المصريون فى 30 يونيو الماضى من الجسد المصرى كما ينزع الجراح الورم السرطانى من الجسد الى الأبد حتى يبرأ من علله ويشفى من آلامه.