عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المحاكمات العسكرية بين الحرية وهيبة الدولة

جمال أسعد
جمال أسعد

الحفاظ على هيبة الدولة  دون المساس بالحريات.. معادلة صعبة تفجر معارك وصراعات  بين الجهات والمنظمات الحقوقية وبين المؤسسات الأمنية فى البلاد، خاصة مع مناقشة المواد التى تتعلق بحماية الأمن القومى للبلاد، ومنها المواد التى تتعلق «بالمحاكمات العسكرية  للمدنيين»

مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين» كشفت  عن تصاعد وتيرة الضغوط على لجنة الخمسين بعد جلسة الاستماع التي شاركت فيها الحركة  وعدد من المنظمات الحقوقية للمطالبة بإلغاء  المواد التى تنص على إحالة المدنيين إلى المحاكمة العسكرية، وأكدت فى بيان لها أن المؤسسة العسكرية تمارس ضغوطا، وصفتها بغير المسبوقة على لجنة الخمسين المكلفة بتعديل دستور 2012 المعطل، للحفاظ على أحد مكتسباتها التى حصلت عليها فى عهد الإخوان بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، على حد قولها. 
وأكدت الحركة فى بيان لها أنها ردت على كل الحجج والمبررات التى تطرح لتبرير  محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وعلى تخوفاتهم، بالإضافة لأمثلة لنماذج دساتير و قوانين دول أخرى وضحت أن النهج العام للدول التي تحترم حقوق الإنسان هو حماية مواطنيها المدنيين تماما من المحاكم العسكرية، مما ساهم فى إقناع أعضاء لجنة الخمسين برأيها، لكن  سرعان ما تغيير موقفها دون مبرر، ليتحول المطلب من الحظر الى البحث عن حلول وسط وتحديد الحالات التى يحاكم المدنيون بسببها أمام المحاكم العسكرية. 
الحل الوسط بين الحظر النهائى لمحاكمة المدنيين عسكريا وبين إباحتها  هو مطلب أيضا عدد من القوى الثورية والسياسية، فحركه تمرد وعلى لسان ممثلها فى لجنة الخمسين محمد عبد العزيز طالبت  بضرورة تحقيق التوازن بين الحفاظ على هيبة الجيش وحقوق وحريات المواطن، عند مناقشة المادة الخاصة بالمحاكمات العسكرية للمواطنين.
وأشارت إلى أن منع هذه المحاكمات يجب ألا يكون على حساب هيبة الجيش، وألا يكون الإبقاء عليها على حساب المواطن وأهداف الثورة، وأكد عبد العزيز أن مبررات القوات المسلحة للإبقاء على هذه المحاكمات بها منطق ووجاهة، مشيرًا إلى أن الاعتداء على القوات المسلحة في ظل الظروف الراهنة يتطلب ردعًا سريعًا، و القضاء المدني لا يحقق هذا الردع السريع.
تزامن مع هذا السجال السياسى الدائر حملة أطلقها عدد كبير من الكتاب والمفكرين والسياسيين  تحت شعار دستور بلا محاكمات عسكريه للمدنيين «طالبوا فيها بعدد من المطالب، منها النص فى الدستور على حظر المحاكمات العسكرية للمدنيين تماماً، إقرار مادة العدالة الانتقالية، وإعادة النص بالحق فى الادعاء المباشر بالمادة 74 من مسودة الدستور، ليصبح كما كان من قبل فى نص المادة 80 من دستور 2012 المُعطل.
وأكدت الحركة الذى يشارك فيها المفكر علاء الأسوانى وخالد على وكافة المنظمات الحقوقية أنها ستصوت بـ «لا» فى الدستور حال تم  تمرير المواد التى تبيح المحاكمة العسكرية للمدنيين، لافتة الى أن الدعم الحقيقي لـ «الأمن القومي» هو القائم على الحقوق و ليس الاستبداد، وأن  الاستقرار يتحقق بحماية الحقوق وضمانها من قبل الدول و الردع الحقيقي للإرهاب يتم بمحاكمة عادلة تكشف لنا الوقائع و تحاسب الجناة الحقيقيين.
وحذرت الحملة من إغلاق أي منفذ للتوتر أو الغضب الشعبي يتحقق بحماية الحقوق والحريات، لأن التجربة التاريخية أثبتت  أن أي حلول خلاف هذا لم تحقق الاستقرار ولم تحم الأمن القومي المصري مما يهدده من أخطار، كما أن إبعاد أي إجراءات استثنائية وأدوات ظلم من شأنها انتهاك حقوق المصريين والمصريات يسىء  للمؤسسة العسكرية فهل سيخرج دستور مصر القادم  بدون مواد تبيح المحاكمة العسكرية بعد أكثر من نصف قرن  استخدمت فيه المحاكمات العسكرية أسوأ استخدام منذ عام 1954، فى القضية التى اتهم فيها أفراد من تنظيم الإخوان بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر، ومنذ ذلك الحين تعرّض العشرات للمحاكمات العسكرية في فترات متفرقة تحت حكم كل من جمال عبد الناصر، وأنور السادات وحسني مبارك، إلا أن  الشهور السبعة التي تلت الـ 18 يوماً الأولى من ثورة 25 يناير حوكم فيها أكبر عدد، وبلغ 11 ألفا 879 مدنياً مصرياً حتى مع قدوم مرسى الذى  وعد بحذف تلك المواد لكنه أبقى عليها، وكانت أحد أسباب الغضب الشعبى عليه.   
طالب الدكتور حسام علام، رئيس حكومة الوفد الموازية، بضرورة عدم تعميم المواد التى تخص المحاكمة العسكرية، وقصرها على  الجرائم أو الاعتداءات التى تتعلق بالمساس بالمنشآت الحيوية والعسكرية، أما دون ذلك فلابد أن يحاكم المواطن العادى أمام محاكم مدنية ويحق لها الاستئناف فى الحكم لحين إثبات براءته.
وأكد علام أن إقرار المواد التى من شأنها محاكمة المدنيين عسكريا ستلقى رفضا واسعا وستنتقص من الدستور الذى طالما حلم به المصريون.
وشدد اللواء مجدى بسيونى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، على الإبقاء على كل تلك المواد نظرا للظروف الراهنة التى تشهدها البلاد. مضيفا «إن كل ما يفيد الأمن القومى  ويحقق الاستقرار والأمن،لاينبغى أن يتحدث عنه أى ناشط سياسى أو حقوقى، لأنها كلها أمور من شأنها عودة  الانضباط والأمن إلى الشارع بما يعيد الاقتصاد عافيته والسياحة وكل الأمور المرتبطة بتقدم البلاد.
وانتقد الخبير الأمنى مطالب البعض بتحويل قضايا هامة إلى المحاكم المدنية، قائلا «القضاء المصرى متخم بالقضايا التى تؤجل لسنوات لحين يتم البت فيها، ونحن نسعى إلى تحقيق ما يسمى العدالة الناجزة، خاصة أن أغلب هذه القضايا تتعلق  بالأمن القومى للبلاد وهيبتها، ومن ثم فإن الحسم فيها أمر غاية في الأهمية منعا لتكرار تلك الجرائم». 
وعبر «بسيونى» عن دهشته من المخاوف لدى المواطنين من فكرة القضاء العسكرى بسبب ما يشيعه الإعلام عنه إلا أن  هذا غير صحيح، والقضاة العسكريون على قدر كبير وعال من الحيادية والموضوعية، كما أن المتهم يحق له كافة الحقوق التى تمنح للمتهم فى المحاكم المدنية، إلا أن الفارق هو السرعة فى إصدار الاحكام وهو أمر مطلوب.  
واتفق معه فى الرأى الناشط السياسى جمال أسعد ، معبرا عن دهشته من الحملة التى تشن ضد إحالة متهمين إلى القضاء العسكرى حال ثبوت تورطهم فى اعتداء على هيبة الدولة، واصفا إياها بمزايدات سياسية رخيصة غايتها الأضواء والشهرة، مضيفا«عندما نتحدث عن الحريات فى مقابل هيبة الدولة وأمنها القومى فلا مجال لحقوق الإنسان، فدول العالم أجمع تتعامل بمنتهى العنف والقوة حال تم المساس بقواتها المسلحة أو أى مبنى  سيادى لها، باعتبار انها رمز للدولة.
وانتقد أسعد موقف شباب الثورة من المتاجرة بمثل هذه القضايا قائلا: «من يسمون أنفسهم شباب الثورة ويطلقون على شعارات رنانة يصعب تطبيقها على أرض الواقع عليهم أن يصمتوا قليلا لما به صالح الوطن، مدللا بأحداث الحرس الجمهورى والتعدى على تلك المنشأة العسكرية ورغم ذلك فإن القضية منظورة أمام محكمة مدنية ولم يخرج فيها حكم الى الآن رغم أهميتها».
وشدد أسعد على ضرورة أن تجمع المحاكم العسكرية بين السرعة وبين توفير درجات التداول على غرار المحاكم المدنية الاخرى ليسمح للمتهم  استئناف الحكم.