رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأقباط والإخوان.. صراع إلى الأبد

بوابة الوفد الإلكترونية

بين الإخوان والأقباط تناقض شديد يصل إلى حد العداء، فالعلاقة بينهما أشبه بميلودراما سياسية بدأت منذ نشاة جماعة الإخوان على يد حسن البنا ومنذ ذلك التاريخ تحولا إلى ما يشبه الإخوة الأعداء

أجبرهم الوطن على أن يعيش كل منهما بجوار الآخر ولكنهم لا يحملان أى مشاعر الود، خاصة أنهما يسيران فى طريقين مختلفين ولا يمكن أن يلتقيا فى نقطة واحدة.
جماعة الإخوان اختارت منذ اليوم الأول لنشأتها الصدام مع الأقباط واستفادت من الصراع الطائفى التى أدارته مع الجماعة القبطية، ففى كل أزمة تتعرض لها الجماعة كانت تستدعى الفتن الطائفية والتأليب على الأقباط لتحول أى صراع سياسى معها إلى صراع دينى فى الأساس، وفى المقابل فإن الأقباط بدأوا المشاركة فى العملية السياسية وتخلوا عن السلبية بمجرد وصول الإخوان إلى الحكم وكان كل منهما يتحفز للآخر ويتخوف منه ويعد العدة للمواجهة.
فعلى الرغم من أن الرئيس المعزول محمد مرسى قال فى أول خطاب له بعد توليه الحكم: «إنه لا ينسى الأقباط وأنهم فى القلب»، فإنه على النقيض من تلك التصريحات جاءت تصرفات نظام الجماعة عندما كانت فى الحكم، فالإخوان لم يظهروا إلا العداء الكامل للأقباط خلال العام الذى حكموا فيه البلاد، بل أن أول مواجهة على الأرض كانت بعد المظاهرات التى اندلعت عقب الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس المعزول محمد مرسى يحصن فيه قراراته ويحول نفسه إلى سلطة فوق كل سلطات الدولة يومها واجه عاصفة من الغضب الشعبى كادت تعصف به فى الأسابيع الأولى من حكمه.
تعاملت الجماعة بطائفية شديدة مع الأزمة وحولت دفة الصراع السياسى إلى طائفى، وقالت إن الأقباط هم الذين خرجوا إلى الميادين اعتراضاً على الحكم الإسلامى بل إن بلطجية الجماعة تصيدوا عدداً من الأقباط أمام قصر الاتحادية واعتدوا عليهم وأصابوهم بإصابات بالغة وذلك لتأجيج الأزمة الطائفية والتأكيد على أن الأزمة مع الأقباط فقط.
لم تكن أحداث قصر الاتحادية سوى مقدمة لعدد من التصرفات بحق الأقباط امتدت إلى مواجهات بين شباب الجماعة والأقباط وتقزيم الجماعة لأى أزمة سياسية أو مظاهرات غاضبة تواجهها وتأكيدها بأنها ليست سوى غضب قبطى على الحكم الإسلامى.
حتى مظاهرات 30 يونية لم تخل قبل اندلاعها من اتهامات للأقباط بأنهم وراء المظاهرات، بل وتبارى شيوخ الجماعة وأتباعها من الجماعة الإسلامية والسلفية فى تهديد الأقباط بالسحق والقتل لو تجرأوا على الرئيس مرسى وخرجوا فى مظاهرات ضده، وبدلاً من أن تبحث الجماعة عن أسباب الغضب الشعبى وكيفية احتوائه راحت تضفى على الأزمة فتنة طائفية.
ولكن الجماعة قبل أن تصل إلى الحكم كانت تحاول أن ترتدى قناع المحبة للأقباط وراحت بعد ثورة 25 يناير تتحدث عن الوحدة الوطنية وكيفية تغذيتها، فالجماعة كانت تريد أن تبعث برسائل طمأنينة للمجتمع من أنها لو وصلت إلى الحكم لن تحارب الأقباط.
ولكن جاء استفتاء مارس 2011 على التعديلات الدستورية ليكشف عن حقيقة القناع الذى كانت ترتديه الجماعة، خاصة أنها حولت معركة الاستفتاء إلى معركة دينية وصراع على الجنة والنار واتهمت الأقباط باتهامات عديدة، ولكن سرعان ما سعت الجماعة إلى احتواء الغضب القبطى بزيارات من قياداتها إلى الكنيسة بل أن مفتى الجماعة نفسه حضر قداس عيد الميلاد الخاص بالأقباط وكأنها تريد أن تمحو الصورة السيئة التى تولدت نتيجة معركة الاستفتاء.
ولكن سرعان ما استدعت الجماعة الصراع مع الأقباط مرة أخرى فى الانتخابات البرلمانية، حينما وجهت اتهامات لقوائم انتخابية بأنها مدعومة من الكنيسة وعدد من رجال الأعمال الأقباط لمواجهة الإسلام فى مصر ونشر الفكر العلمانى وراحت توزع منشورات فى عدد من الدوائر الانتخابية لتحول الصراع الانتخابى أيضاً إلى صراع دينى.
وعادت الجماعة لتكرر نفس السياسة فى الانتخابات الرئاسية الماضية وتحديداً فى انتخابات الإعادة التى جرت بين مرشحها فى ذلك الوقت الدكتور محمد مرسى والفريق أحمد شفيق، وشنت الجماعة حرباً على الكنيسة وقالت إنها تدعم شفيق وأنها تنفق ببذخ على حملته الانتخابية وأنه المرشح المفضل للأقباط حتى لا يحكم مصر مرشح إسلامى يطبق الشريعة.
وبعد وصول مرسى إلى الحكم تحول الأقباط إلى الحيطة المايلة التى تتحمل كل أخطاء الإخوان فأى مظاهرة غضب ضد الجماعة روجت لها على أنها غضب قبطى وأى سياسات فشل تكون محاولات من رجال أعمال قبطية لإفشال الرئيس.
الجماعة اختصرت علاقتها مع الأقباط فى عام الحكم إلى حالة أشبه بحالة اللاعداء واللامحبة، فالجماعة تحمل مشاعر الكراهية للأقباط ولكنها لا تستطيع الإفصاح عنها وتحاول أن تبقى على مسافة من الود بينهما فى حدود ضيقة حتى لا تلقى هجوماً من المجتمع الدولى من ناحية، ومن ناحية أخرى حتى لا تتهم بالطائفية وتكريس الفتنة الدينية.
الجماعة منذ أن بدأت تنفيذ مخطط الوصول إلى السلطة والتمكين من الدولة استخدمت الأقباط كسلم تعبر به إلى دولة المواطنة ولتجمل به وجهها الطائفى وحرصت على بناء جسر من العلاقات معها قبل الانتخابات الرئاسية حتى تزيل المخاوف من حكمها، ولكن بعد أن وصلت إلى السلطة حطمت السلم وهاجمت الأقباط واعتدت عليهم.
الأقباط أيضاً كان لديهم مخاوف من الإخوان، خاصة بعد وصولهم إلى السلطة ويشعرون أن الجماعة تريد تهميشهم وإخراجهم من المعادلة السياسية ولكنهم لا يستطيعون الإفصاح عن تلك المخاوف بشكل كبير حتى لا تخسر مكاسب سياسية معينة.
أبرز واقعة تلخص وتفسر كيف سارت العلاقة بين الإخوان والأقباط ما حدث فى قداس عيد الميلاد فى العام الذى حكمت فيه الجماعة البلاد والعام الذى سبقه، ففى عام 2012 وقبل وصول الجماعة إلى الحكم سعت إلى حضور قداس عيد الميلاد وقامت الجماعة بتهنئة الكنيسة الأرثوذكسية والإنجيلية وحضر الدكتور محمد مرسى ومحمد سعد الكتاتنى ومحمود عزت أبرز المنتمين إلى التنظيم القطبى وأكثر أعضاء الجماعة طائفية.
وأصدرت الجماعة بياناً أكدت فيه أنها ستشارك فيما وصفته بالمناسبة الجليلة استجابة لأوامر الله ببر المسيحيين لأنهم الأقرب مودة للذين آمنوا، كما أن مثل هذه المناسبات تعتبر فرصة للتأكيد على أهمية التواصل ونشر المحبة المبنية على المبادئ السليمة التى تخلق حالة من الحوار والتلاقى بين الأفكار البناءة للطرفين.
ولكن هذا الوجة الناعم سرعان ما انقلب

إلى وجه شرير عقب وصول الدكتور محمد مرسى إلى الحكم وتجاهلت الجماعة حضور قداس عيد الميلاد، بل أن مفتيها الخاص الدكتور عبدالرحمن البر خرج بفتوى يقول فيها: «إنه لا يجوز شرعاً تهنئة الأقباط بالمناسبات الدينية المخالفة لعقائدنا»، وأكد أنه لا يجوز تهنئة الأقباط بعيد القيامة رغم أنه قبل وصول مرسى إلى الحكم أكد أهمية تهنئة الأقباط بأعيادهم لدعم الوحدة الوطنية.
الجماعة تتعامل مع الأقباط وكأنهم كفار يجب قتالهم والدليل ما قاله الشيخ عبدالله الخطيب مفتى الجماعة السابق فى مجلة الدعوى الإسلامية فى مايو 1980 قال بالنص: «هناك دين واحد هو الإسلام ولا دين غير الإسلام»، وانتقد فى ذلك الوقت ما قاله الرئيس الراحل أنور السادات عن مجمع الأديان وقال ليس هناك إلا الإسلام وغيره من الأديان كفر.
الشيخ عبدالله الخطيب، له فتوى شهيرة أيضاً قالها عام 1980 عن حكم بناء الكنائس وقال فى حكم بناء الكنائس فى ديار الإسلام ثلاثة أحوال ففى بلاد أحدثها المسلمون مثل المعادى وحلوان فلا يجوز فيها إحداث كنيسة أو فى بلاد فتحها المسلمون عنوة كالإسكندرية ولا يجوز بناء هذه الأشياء فيها أو بلاد فتحت صلحاً بين المسلمين وسكانها فالمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس على ما هى عليه فى وقت الفتح ومنع بناء أو إعادة بناء ما هدم منها.
أما الرجل الذى نشر الفكر القطبى فى الجماعة وحول مسارها عن السلمية سيد قطب، فقد ققال إن الأقباط ليس لهم حقوق، ونشر فى كتابه «خصائص التطور الإسلامى ومقوماته» أن الأقباط ليس لهم أى حقوق سياسية وإنما لهم بعض الحقوق المدنية أهمها التحاكم فى أحوالهم الشخصية إلى شريعتهم وكفالة أرواحهم وأعراضهم وأموالهم، وفى مقابل ذلك عليهم أداء الجزية والانصياع للنظام الإسلامى ولا يجب أن يشعر أى مسلم برابطة ولاء أو تناصر معهم.
وقال «قطب» بعد ذلك: إن الجيش يعتبر قوة الدولة وبالتالى المفروض ألا يكون من فى الجيش من أصحاب عقيدة أخرى وهذا لكى يستطيعوا أن يقفوا الموقف السليم من أى عدو يحاول أن يعتدى على الدولة الإسلامية ولكن عندما يوجد فى الجيش عناصر غير إسلامية فمن الممكن أن يمالئوا ويسهلوا للعدو أن يهزمنا.
الفتن الطائفية التى عاشتها مصر كانت بسبب الإخوان بل أن تأسيس جماعة الإخوان جاءت كرد فعل على حركات التبشير التى شهدتها مصر قبل عام 1928 وهذا ما أكده المستشار طارق البشرى فى كتابه الشهير «مسلمون وأقباط فى الحركة الوطنية».
محمد أبوحامد، البرلمانى السابق، قال: إن جماعة الإخوان تكره الأقباط وهى التى دبرت حادث كنيسة الوراق للانتقام منهم فهى تعتقد أن الاقباط هم سبب الثورة عليهم ولكن الأقباط يدفعون ثمن الحرية للشعب المصرى كله ودمائهم ستبقى لعنة على الإخوان وكل من تعاون معهم من أجل الاعتداء على الأقباط.
وأشار إلى أن الإخوان يعتقدون أن الأقباط هم سبب فشلهم وأنهم ساندوا الفريق شفيق فى الانتخابات الرئاسية الماضية لذلك أدارت حرباً ضدهم ووجهت لهم اتهامات بأنهم وراء المظاهرات التى اندلعت فى البلاد ولم تدرك الجماعة حقيقة أن أفكارها وسياساتها هى سبب الغضب الشعبى كله عليها.
وقال اللواء محمد النجومى، الخبير الاستراتيجى: إن الجماعة منذ استفتاء مارس 2011 شعرت بقوتها على الأرض وأظهرت وجهها الحقيقى تجاه الأقباط، فالاستفتاء شهد معركة طائفية كرست لصراع الإخوان والأقباط بعد ذلك، ولكن الإخوان حاولوا قبل انتخابات الرئاسة أن يرتدوا قناعا يجملون فيه وجه العلاقة مع الأقباط، إلا أنهم فشلوا فى أن يتجملوا وظهرت حقائق الكره.
وقال: إن عهد مرسى شهد أسوأ اعتداءات من الإخوان على الأقباط فمصالح مرسى لم تكن مع الأقباط وبحث عن رد الجميل لقوى الإسلام السياسى التى تكره الأقباط ولذلك تعامل مع الأقباط باحتقار شديد إرضاء لهم وللقوى السلفية.
وقال الدكتور إبراهيم زهران، رئيس حزب التحرير الصوفى: إن الإخوان يكرهون الأقباط واستثمروا علاقة الكره طيلة وجودهم فى الحكم فى تحميلهم مسئولية الفشل الإخوانى فى إدارة البلاد وتحويل دفة أى صراع سياسى إلى صراع دينى طائفى على الجنة والنار.