رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خبراء العدل يطالبون باستقلال الطب الشرعي والشهر العقاري

الشهر العقاري
الشهر العقاري

قدمت مصلحة وجمعية نادى خبراء وزارة العدل مذكرة تفصيلية للجنة الخمسين لإعداد الدستور تنهى جميع المشكلات المتعلقة بالقضايا، ومصلحة الطب الشرعى وكل ما يتعلق بعمل خبراء وزارة العدل واقترحت المذكرة نصين فى الدستور لكى تأخذ اللجنة بأحدهما، وإلى نص المذكرة.

استبشر المصريون خيراً بثورة يناير 2011 ثم بثورة يونية 2013 واعتبروها بداية حقيقية لمسيرة الإصلاح بجميع أشكاله والنهوض بجميع مؤسسات الدولة سواء تنفيذية أو تشريعية أو قضائية، وكان أحد طرق هذا الإصلاح هو إلغاء دستور 71 وصياغة دستور جديد يعبر عن آمال جميع طوائف الشعب ويرسخ مبدأ الفصل بين السلطات، ويؤكد على استقلال منظومة العدالة بكاملها واحترام أحكام القانون، حيث إن العدالة هى عماد سلطة الدولة، وأساس الديمقراطية، التى تحمى الحقوق والحريات، وتضمن سمو القانون وتوطيد دولة الحق، وتساهم بشكل فعلى فى التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، فإن إصلاح العدالة اختيار لا رجعة فيه إذ يطالب الجميع بحقه فى عدالة مستقلة فعالة متطورة ذات كفاية مهنية وبعيدة عن الشبهات.
ولأننا نحن خبراء عدل مصر وخبراء الطب الشرعى جزء أصيل من تلك المؤسسات وأحد أعمدة المنظومة القضائية، ومن هنا تجدد لدينا الأمل فى أن يخرج هذا الدستور وتحديداً باب السلطة القضائية مؤكداً استقلال منظومة القضاء بكاملها، حيث إن منظومة العدالة فى التشريع المصرى منظومة متشعبة متكاملة ويخطئ من يقصرها فقط على جهة بذاتها، فهذه المنظومة أقرب إلى النهر العظيم الذى يمثل مجراه الرئيسى قضاء مصر الشامخ، وله رافدان يصبان فى هذا النهر يمثلهما خبراء وزارة العدل وخبراء الطب الشرعى فلا يمكن الحديث عن استقلال القضاء وحيدته دون استقلال وحيدة تامة للخبراء والطب الشرعى، وقد أكد غالبية فقهاء القانون والدستور وشيوخ القضاة على أن خبراء العدل والطب الشرعى هم القضاة الفنيون، وهم من أهم جهات تحقيق العدالة واستعادة الحقوق بعد السلطة القضائية مباشرة، فهذه الجهات عملياً وواقعياً، وكما وصفها الدكتور الفقيه الدستورى السنهورى باشا، بأنها جزء أصيل من النظام القضائى المصرى.
ومع تطور الحياة وتنوع طبيعة المنازعات القضائية فى الآونة الأخيرة، أصبحت غالبية القضايا التى تكتظ بها المحاكم قضايا موضوعية فنية عمادها الرئيسى عمل الخبير بالبحث والتحقيق، ويكون الخبير فى تلك المنازعات هو القاضى الفنى، إذ يصدر القاضى الحكم فى تلك القضايا بما انتهى إليه الخبير فى تقريره، فإن خبراء عدل مصر وخبراء الطب الشرعى تحقق وتفصل برأى فنى قاطع فيما لا يقل عن 600 ألف قضية سنوياً وقد تجلى للجميع أهمية دور خبراء وزارة العدل من خلال العديد من قضايا الرأى العام التى قدموا فيها تقارير تبرز أهمية دورهم مثل قضايا الكسب غير المشروع المتهم فيها العديد من رموز النظام السابق ويكفى القول بأن عدم استقلال خبراء وزارة العدل وتبعيتهم للسلطة التنفيذية ممثلة فى وزارة العدل سيحرم مصر من استعادة الأموال المهربة من قبل رموز النظام السابق وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المواد 5 و6 بند 2 و36 حيث اشترطت الجهات التى تحتفظ بهذه الأموال أن تكون التحقيقات الصادرة فى هذا الشأن صادرة من جهات مستقلة ومحايدة، وخبراء وزارة العدل من الجهات المنوطة بالتحقيق فى تلك القضايا، وفى هذا الصدد فقد حذرت اللجنة القانونية المكلفة باسترداد ثروات مصر من الخارج من خطورة انتداب خبراء وزارة العدل لحصر الثروات المملوكة لرموز النظام السابق المتهمين بالكسب غير المشروع، ووصف أعضاء اللجنة خبراء العدل بعدم الاستقلالية مما قد يدفع البنوك الأجنبية التى جمدت أرصدة متهمين مصريين فى قضايا فساد بالطعن على الأحكام القضائية المصرية لعدم توافر الحيدة والاستقلالية فى خبراء حصر الثروات.
وتتجلى أهمية الطب الشرعى من خلال العديدمن قضايا الرأى العام التى قدم فيها تقارير تبرز أهمية دوره مثل قضية خالد سعيد التى تعتبرالشرارة الأولى التى فجرت ثورة يناير وقضية سيد بلال وقضية قتل المتظاهرين يوم ثورة الغضب وفى ماسبيرو وفى محمد محمود وأمام مجلس الوزراء وأمام وزارة الدفاع وتفجيرات رفح الأخيرة وقضية تزوير توكيلات حزب الغد وطلبات الإفراج الصحى عن بعض الشخصيات العامة مثل أيمن نور ونقل الرئيس المخلوع إلى سجن طرة، وكان آخر التدخلات فى أعمال الطب الشرعى من السلطة التنفيذية متمثلة فى وزارة العدل ما قام به المستشار أحمد مكى، وزير العدل السابق، من التصريح فى وسائل الإعلام والصحف عن نتيجة تقرير الطب الشرعى فى قضية الشهيد محمد الجندى قبل اكتمال التقرير لخير دليل وأقوى سند على أن تكون تلك الهيئات مستقلة وتؤدى عملها باستقلال لضمان نزاهة وعدالة وحيادية المنظومة القضائية.
وحيث إن الخبراء بوضعهم الحالى التابع للسلطة التنفيذية والمجرد من أية ضمانات أو حماية للخبير هو أحد أهم الثغرات التى كانت تنفذ منها الأنظمة المستبدة للتأثير فى سير العدالة بإفساد تقارير الخبراء التى يعتمد عليها القاضى فى حكمه، وأن ما استقرت عليه مواد دساتير مصر ومنها المادة 166 من دستور 1971 والمادة رقم 47 من الإعلان الدستورى التى نصت تحديداً على «ولا يجوز لأى سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة»، ولا توجد أى جهة فى الدولة منوط بها العمل فى القضايا وشئون العدالة سوى القضاء العادى ومجلس الدولة وخبراء العدل وخبراء الطب الشرعى فقط فكيف يكون القضاء العادى ومجلس الدولة مستقلين ولا يكون الخبراء مستقلين.
وأن عدم النص على استقلالية الخبراء أو تبعيتهم للسلطة التنفيذية ممثلة فى الوزير أو مساعديه أو جعلهم جهات معاونة يعد ذلك مخالفة صريحة لنص المادة الدستورية سالفة الذكر!! ونؤكد أنه إذا كان القاضى مستقلاً واعتمد فى حكمه على تقرير خبير غير مستقل فإن النتيجة هى حكم قضائى غير مستقل، أى أن عدم استقلال أعمال الخبرة سيؤدى حتماً إلى عدم استقلال الأحكام

القضائية ويفرغ ضمانات الاستقلال الممنوحة لأعضاء الجهات القضائية من مضمونها.
لذا فإن استقلال خبراء العدل والطب الشرعى وحيدتهم ضمانة أساسية لاستقلال القضاء، وأنه فى ضوء المبادئ التى أرساها الدستور فى حماية الحقوق والحريات والتى أولها حرية الرأى لأنها تفسر استقلالية فكر الإنسان ولاسيما إذا كان ذلك الرأى هو أساس حماية حقوق المتقاضين لضمان كفاءة إجراء العمل القضائى الفنى، بعيداً عن التردد والخوف من المسئولية الجنائية أو المدنية، خاصة إذا كان موضوع الخبرة يتصل بأحد الشخصيات المهمة أو المحورية ودرء شبهة التعسف التى قد يواجهها الخبير من بعض المواطنين ذوى النفوذ والسلطة، فإنه يتعين توفير الاستقلالية والحصانة القضائية اللازمة للخبراءالتى تكفل لهم ضمانة واستقلالية وحيادية رأيهم الفنى، لأن هذه الحماية ليست ميزة شخصية للخبير بقدر ما هى حماية لحقوق المتقاضين أولاً وأخيراً فى النزاع فيما بينهم، وأيضاً فى منازعاتهم مع الحكومة ذاتها وحتى يتسنى لهم الفصل فنياً فى النزاعات المعروضة أمامهم بحيادية واستقلالية تامة، حيث إن الدول الديمقراطية تقوم على السيادة الشعبية واحترام حقوق وحريات الأفراد وخضوع الدولة بسلطاتها وهيئاتها وحكامها لسيادة القانون مثلما يخضع له الأفراد والهيئات الخاصة، واستقلال القضاء وحصانته هو الضامن لسيادة أحكام القانون لذا ينتظر الجميع من اللجنة التأسيسية أن تؤكد على استقلال القضاء بكل مقوماته فى الدستور المصرى الجديد سواء كان القضاء العادى أو القضاء الفنى.
لهذا كان لزاماً علينا أن ندق ناقوس الخطر لتنبيه السادة أعضاء اللجنة التأسيسية لعدم إغفال استقلال الخبراء والطب الشرعى، حيث إن إغفال استقلال الخبرة القضائية فى مصر سيكون له نتيجة سلبية على استقلال القضاء، حيث إنه سيؤدى للانتقاص من استقلال القضاء وتفريغ ضمانات الاستقلال الممنوحة له من مضمونها، فقيام القاضى بالقضاء فى دعوى استناداً لأعمال خبرة غير مستقلة ستكون نتيجته ــ قطعاً ــ حكماً قضائياً غير مستقل.
الأمر الذى أصبح معه من الضرورى أن يتمتع أعضاء هيئتى خبراء العدل والطب الشرعى بالحيادية والاستقلالية التامة وذلك ضماناً لحقوق المتقاضين ولتحقيق العدالة الناجزة التى هى أساس تقدم ونهضة ورقى الأمم، ولابد أن نعلم أنه لن يستقل القضاء إلا باستقلال الخبراء، فكيف يكون لحكم محكمة بنى على تقرير خبير غير مستقل أن يكون هذا الحكم مستقلاً!!
أليس هذا الدور الذى يقوم به الخبراء والمؤثر فى الدعوى فى حاجة إلى ضمانات للقيام به فى حيدة واستقلال، أليس هذا الدور يكشف عن مساهمة الخبرة القضائية فى حسن سير العدالة ومن ثم ينطبق عليها وصف الهيئة المستقلة التى يتمتع أعضاؤها بالاستقلالية والحصانة القضائية.
ولقد قامت اللجنة التأسيسية بصياغة دستور 2012 لجنة المائة، بالتصويت بالإجماع على إضافة نص المادة 182 لمواد الدستور والتى تنص على «يؤدى الأعضاء الفنيون بالشهر العقارى وخبراء الطب الشرعى والخبراء القضائيون أعمالهم باستقلال ويكفل لهم القانون الضمانات والحماية اللازمة لتأدية عملهم».
وبالرغم من اعتراض خبراء وزارة العدل وخبراء الطب الشرعى والأعضاء الفنيون بالشهر العقارى على هذا النص باعتباره لا يوفر لهم الاستقلال الكامل والتام الذى هو السبيل لإصلاح المنظومة القضائية وتحقيق العدالة الناجزة فقد طالبوا هذه اللجنة بأن يكون النص واضحاً على النحو التالى:
الخبراء القضائيون وخبراء الطب الشرعى والأعضاء الفنيون بالشهر العقارى هيئات مستقلة وينظم القانون الضمانات والحماية اللازمة لتأدية عملهم.
إلا أن ذلك لم تتم الاستجابة له عند صياغة دستور 2012 وهذا ما نأمل أن يتم تصحيحه وتداركه فى دستور 2013.
لذا نهيب بالسادة الأجلاء أعضاء اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور «لجنة الخمسين» بأن ينص فى الدستور الجديد للبلاد على النص التالى: «الخبراء القضائيون وخبراء الطب الشرعى والأعضاء الفنيون بالشهر العقارى هيئات مستقلة يتمتع أعضاؤها بالحماية والضمانات اللازمة لتأدية عملهم وينظم القانون ذلك».
أو النص التالى: «الخبراء القضائيون وخبراء الطب الشرعى والأعضاء الفنيون بالشهر العقارى مستقلون يتمتعون بالحماية والضمانات اللازمة لتأدية عملهم وينظم القانون ذلك».