رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

‮ أوكار تجارة السلاح في قلب القاهرة


الوفد الأسبوعي‮ ‬دخلت أحد أوكار تجارة السلاح في قلب القاهرة وتحديدا في حي السيدة عائشة الآهل بالسكان ،‮ ‬وسجلت هذه الشهادة لواحد من كبار تجار السلاح حول أسرار التجارة في أيام الانفلات الأمني بعد الثورة‮.‬

البداية كانت في بيت صغير يكاد يسقط بنا من حالته المزرية‮.. ‬صعدنا إلي شقة بالدور الثاني تتكون من حجرتين لا أكثر،‮ ‬يجلس فيها ثلاثة رجال‮.. ‬دخلنا إليهم بعد سابق معرفة بسبب الزيارة،‮ ‬شخصان لا يتكلمان مطلقًا عرفنا فيما بعد أنهما من رجال التاجر أو المعلم،‮ ‬أما التاجر نفسه‮ »‬م‮. ‬ع‮« ‬فكان طبيعيا للغاية‮.‬

يبدو شابا في نهاية العقد الثالث من العمر،‮ ‬قال لي في البداية‮: ‬إن الأسلحة الموجودة في مصر هي أسلحة أمريكاني وشيشاني وإنجليزي و56‮ - ‬هكذا يلقبونها‮ - ‬ولكن أشهرها الإنجليزي و56‮ ‬وهي ذات أسعار مرتفعة،‮ ‬وهناك نوع من الأسلحة محلية الصنع وهو ما يطلق عليه باللغة الدارجة‮ »‬الفرد‮«.. ‬وهناك أيضا الطبنجات المعهودة‮.‬

دخلنا حجرة بها عدد من السلاح في دولاب صغير،‮ ‬أخرج منها طبنجة‮ ‬9‮ ‬مللي وقال هي أنواع فمنها ما يطلق عليه حلوان وهذا النوع يستخدمه رجال الأعمال وهو النوع المرخص عادة ويتراوح ثمنه ما بين‮ ‬4‮ ‬و7‮ ‬آلاف جنيه وهناك البلجيكي ويتميز بارتفاع نسبي حيث يتراوح ثمنه بين‮ ‬14‮ ‬و25‮ ‬ألف جنيه،‮ ‬وأما أغلاها علي الاطلاق فيطلق عليه ولتر ألماني ويزيد ثمنه علي الثلاثين ألفا والاختلاف بينها هو اختلاف جودة خامات‮.. ‬أما الطلقات فتتراوح بين‮ ‬5‮ ‬و12‮ ‬جنيها‮.‬

علي جانب آخر وجدنا أنواعا أخري من الأسلحة أمسكت إحدي القطع،‮ ‬كان يبدو عليها أنها يدوية الصنع وكانت ثقيلة حيث تزن نصف كيلو‮.. ‬قال لي مبتسما هذا هو الفرد وهو النوع الشائع الآن في الشارع المصري ويتميز بأنه ثمنه في متناول الجميع حيث يتراوح بين‮ ‬500‮ ‬وألف جنيه وطلقته لا يتعدي ثمنها‮ ‬4‮ ‬جنيهات،‮ ‬فضلا عن أنه خفيف الوزن ولا يحتاج إلي تدريب‮.. ‬وعن الطبنجة ذات الماسورتين قال هذا فرد بروحين يطلق عليه‮ »‬مقروطة‮« ‬ويزيد ثمنه عن‮ ‬1200‮ ‬جنيه وهو يخرج طلقتين في وقت واحد وسعر طلقته أيضا لا يختلف عن الفرد العادي ولكنه ثقيل ويحتاج لمستخدم مدرب هو أيضا من الأنواع المنتشرة جدا بين المصريين‮.‬

خرجنا من الحجرة التي يسكن فيها الموت لنكمل حديثنا بعد أن شعر بانقباضي من منظر الأسلحة فقال لي‮ »‬واضح أنك مش عايش في الدنيا يا استاد أمال ازاي نزلت الثورة‮ »‬ضحكت ثم طلب لي عصيرًا فشكرته وسألته‮: ‬من أين تأتي تلك الأسلحة؟ قال‮: ‬هناك منفذان لجلب السلاح إلي القاهرة أولهما الصعيد الذي يقوم بتصنيع الأسلحة المحلية لدي حدادين احترفوا تلك المهنة تحت بير السلم،‮ ‬وهناك الأسلحة المتقدمة وتأتي بطريقتين إما التهريب عبر الحدود مع السودان أو البدو،‮ ‬كما أن هناك طريقًا آخر في مثلث الموت بمحافظة القليوبية وتحديدا قري الجعافرة وكوم السمن والحزانية وهي قري مشهورة بصناعة السلاح،‮ ‬ولكن لا أحد يستطيع أن يدخلها لأنها ملجأ للكثير من الخارجين علي القانون أما الذخيرة فتأتي من نفس المكان في القليوبية وتورد إلينا عن طريق أشخاص نظرا لقربها من العاصمة فهي رحلة يسيرة جدًا أحيانا اقطعها بالموتوسيكل‮.‬

ومضي يقول‮: ‬كان الاقبال علي شراء الأسلحة عاديا قبل الثورة بمعني أنني أبيع كل أسبوع مثلا قطعة سلاح أو قطعتين وهذا كان يوفر لي دخلا معقولا وفي بداية أيام الثورة توقفت تماما تجارة السلاح ولم يعد هناك من يشتري السلاح نظرا لأن الناس كلهم في بيوتهم ولا أحد توقع أن يسقط النظام منذ اليوم الأول فكان الكل يخشي العاقبة في ظل الدولة البوليسية التي كنا نعيش فيها،‮ ‬أما بعد ثورة يناير وتحديدا بعد

تنحي الرئيس فأصبحت أبيع في اليوم الواحد أكثر من قطعة سلاح بل أنني في‮ ‬20‮ ‬يوما فقط ذهبت إلي قرية كوم السمن ثلاث مرات‮.. ‬حيث أصبح قطاع كبير من الشعب يفكر في أن يمتلك سلاحا لكي يحمي نفسه وكانت تلك إحدي فوائد الانفلات الأمني لنا،‮ ‬فلم يعد من يشتري السلاح بلطجية وشباب طائش لما كان قبل الثورة بل إنني فوجئت بأشخاص ذوي مناصب ومحامين ومهندسين وأطباء من مناطق راقية كالمعادي والمهندسين يأتون لشراء السلاح،‮ ‬ما أثار دهشتي في بداية الأمر لكن لم أفكر في ذلك كثيرا نظرا لانشغالي بإحضار المطلوب،‮ ‬وأذكر أنه في يوم واحد قمت ببيع ثلاث قطع لأشخاص مختلفين وكان لهذا الاقبال أثره علي التجارة بالطبع،‮ ‬حيث ارتفعت الأسعار فالفرد الذي لم يتعد ثمنه قبل الثورة ألف ارتفع إلي‮ ‬1200‮ ‬جنيه والمقروطة تعدي ثمنها الألفين،‮ ‬نفس الأمر ينطبق علي سعر الطلقات فارتفع سعر الطلقة من خمسة جنيهات إلي ثلاثين جنيها،‮ ‬الناس يشعرون الآن أن قطعة السلاح هي من تحميهم بعد‮ ‬غياب الشرطة وانتشار البلطجية‮.‬

انتقلت مع م‮. ‬ع إلي الحديث عن الأرباح فقال‮: ‬أرباح معقولة لكن من يجنون المليارات من ورائها هما التجار الذين يعملون في تهريب السلاح أما الصناعة المحلية فهي لا تحقق الربح الوفير مثلا الفرد أنا أكسب فيه ما بين‮ ‬300‮ ‬و400‮ ‬جنيه،‮ ‬وكلما كان المطلوب‮ ‬غالي الثمن كان المكسب أكثر علي الرغم من أن تكلفته لا تتعدي المائة جنيه فهي فقط تحتاج إلي حداد ماهر،‮ ‬وفي أيام الثورة حققت أرباحا لم أكن أتوقع أن احققها يوما ما‮.‬

سألته‮: ‬ألا تري أن هذه المكاسب حرام؟ فتبسم وقال‮: ‬بالقطع هذا ليس حراما فأنا لا أبيع مخدرات أو أي شيء يؤذي الإنسان أنه شيء يجيزه القانون ولكن برخصة مثل رخصة السيارة التي تستخرج دون اختبارات فأنا أبيع السلاح دون رخصة‮.. ‬حاولت أن أدخل معه في نقاش حول أننا مؤسسات وأن الأسلحة يجب أن تكون في أيدي جهات مختصة فقاطعني‮: ‬المواطن لن تحميه الجهات المختصة‮.. ‬سألته‮: ‬وماذا عن ابنك لو كبر واراد أن يعمل بهذه المهنة؟ فأجاب‮: ‬انبي لن يعمل إلا في هذه المهنة فمن صغره أدربه علي حمل السلاح حتي يتعود عليه‮.‬

لم أشأ أن أغادره إلا بعد سؤاله‮: ‬ألا تخشي من نشر هذه المعلومات علي لسانك،‮ ‬فقال بكل بساطة‮: ‬هي الحكومة مستنية تعرف من الجورنال ما هي عارفه وساكتة من زمان‮.‬