رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصطفى شردى شهيد الحرية والديمقراطية

مصطفى شردى فارس الكلمة
مصطفى شردى فارس الكلمة فى مجلس الشعب

فى 30 يونيو تحل ذكرى رحيل الفارس الكبير مصطفى شردى مؤسس وأول رئيس تحرير لجريدة «الوفد»، هذا العملاق الذى لم تر الصحافة مثيلاً له،

الذى يعد أول شهداء الثورة المصرية ضد الظلم والفساد والطغيان والبغى، إنه شهيد الحرية والديمقراطية الذى بدأ الثورة المصرية مبكراً، ولم يحالفه الوقت أو تمهله الحياة حتى يرى ثورة يناير، وثورة 30 يونية.. إنه معلم الأجيال والشباب الذى رفع قلمه فى وجه النظام المستبد لأعوام طويلة لم يعبأ بجبروت الحاكم ولا بألاعيب السلطة ضده.. ومن خلال جريدة الوفد قاد أكبر المعارك ضد الاستبداد بكتيبة من الشباب هم الآن فى موضع المسئولية.
عاش المرحوم مصطفى شردى «54» عاماً وثمانية شهور و«25» يوماً، وكان يوم رحيله مساء الجمعة 30يونية 1989، وكنت واحداً من اثنين لفظ أنفاسه الأخيرة أمامى، فقد كان المرحوم سعيد عبدالخالق وكاتب هذه السطور إلى جوار الفقيد لحظة وفاته.. وتحتم على الشهادة أن أروى ما رأيته فى هذا اليوم العظيم عندما قال وصيته الأخيرة. مصر ـ مصر ـ مصر.. ولعل الكثير من شباب اليوم لا يعرف من هو مصطفى شردى وهم معذورون لأسباب كثيرة ـ لامجال الآن لذكرها..ويحتم علينا الضمير الوطنى إن نقول أن مصطفى شردى خاض معارك الوطن بإيمان يسجله له تاريخ الصحافة السياسية فى مصر والمشرق العربى، وبشجاعة كان يفتقدها الشارع السياسى على مدار أربعين عاماً تصدى للفساد والمفسدين الذين حاولوا تشويه نضال مصر... هذا الفارس العظيم الذى أتشرف أن أكون ابناً له وتلميذاً على يديه، عمل بالصحافة المصرية عام 1952 عندما بدأ حياته الصحفية فى  جريدة المصرى الوفدية الشهيرة وساهم وقتها في تغطية المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، وبعد إغلاق المصرى عام 1954 انتقل للعمل فى أخبار اليوم فكان نجماً من أبرز نجومها، وفى هذه الفترة انفرد بالصور الخطيرة التى كشفت بشاعة العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وهى الصور التى طار بها عميد الصحافة المصرية مصطفى أمين إلى الخارج ليفضح بها أمام العالم بشاعة العدوان.
وفى عام 1958 سافر إلى لندن لتغطية أحداث الحرب الأهلية هناك لأخبار اليوم.. وفى عام 1971 سافر الفقيد إلى أبوظبى ليساهم فى تطوير وإنشاء أول صحيفة يومية بالإمارات.. وعندما عاد إلى القاهرة عمل مديراً لتحرير مجلة آخر ساعة.. وعندما بدأ الإعداد لعودة حزب الوفد إلى الساحة السياسية عام 1983 تم اختيار شردى ليكون رئيساً لتحرير الوفد ووضع شردى خلاصة خبرته الصحفية فى جريدة الوفد عندما بدأت أسبوعية عام 1984 لتصبح أكبر صحيفة معارضة فى العالم العربى، ثم تولى إصدار جريدة الوفد اليومية فى مارس 1987 لتصبح أول صحيفة يومية معارضة..
ووضع أستاذى الراحل شردى خبرته وقلمه نداء لقضية الحرية والإصلاح فى مصر وعندما خطط لإنشاء صحيفة الوفد كان هدفه أن تكون نفيراً لإيقاظ همة الأمة كما يقول أستاذى عباس الطرابيلى ـ أطال الله فى عمره ـ وكما قال المرحوم أستاذى جمال بدوى أسكنه الله فسيح الجنان، لقد قالا إن الوفد كانت بمثابة نفير ونوبة صحيان للأمة المصرية بعد غسيل المخ الذى تعرض له العقل المصرى على مدار 40 سنة من حكم العسكر، وجاءت صحيفة الوفد معبرة عن آمال وطموحات الشباب وباقى أفراد الشعب المصرى.. ورغم ظروفه الصحية والأزمات القلبية التى تعرض لها فى السنوات الأخيرة فإنه رفض الاستجابة لنصائح الأطباء وصمم على خوض معارك الوفد لأنها معارك الأمة فكان بحق ضمير هذا الشعب العظيم الذى مازال يواصل النضال من أجل إسقاط حكم الإخوان ومن قبله حكم العسكر.
وفى مثل يوم غدٍ من عثر خرجت مصر عن بكرة أبيها بجميع طوائفها يملأ قلبها الحزن

والأسى لنودع مصطفى شردى إلى مثواه الأخير يوم الأحد 2 يوليو 1989..وكان يوم وداعه حزناً فى تاريخ مصر والصحافة المصرية والعربية التى تصدرت صفحاتها الأولى خبر وفاته لقد كان يوم حزن شديد فى تاريخ العمل الوطنى والنضال السياسى الشريف.. لقد خرجت مصر تودع ابناً باراً من أبنائها وهب حياته كلها من أجل الوطنية ومات فى ساحة الشرف والنضال ممسكاً بقلمه حتى آخر لحظة فى حياته. وقد كنت شاهداً على ذلك وهو يودع الدنيا وكنت إلى جواره ويطلب الورق والقلم ليكتب، ولم تمهله الحياة الوقت ليكتب عن انقلاب البشير فى السودان يوم 30 يونية.
ولا أنسى أبداً ما كتبه العملاق الكبير مصطفى أمين..  مات صديقى وتلميذى مصطفى شردى.. شعرت بأن قطعة كبيرة من قلبى تنتزع من  بين ضلوعى.. وأحسست أن جيلاً من الوطنية والصداقة انهار أمامى رأيت أحد عمالقة الصحافة ينهار، ويختفى فجأة.. إلى آخر المقال المنشور فى فكرة مصطفى أمين.. ويروى عنه أيضاً قوله: جريدة الوفد كانت لسان حال الوطنيين وأبناء الشعب المصرى.. ولا يمكن أن ننسى مقال الكاتب العظيم الراحل أنيس منصور الذى قال فيه «مصطفى جداً.. شردى جداً جداً.» بالإضافة إلى كل أصحاب الرأى فى مصر الذين تحدثوا عن الراحل الكريم.. ولا أكون مبالغاً إذا قلت إنه برحيل شردى انتهى جيل الكتاب الوفديين الشوامخ الذين هزوا الرأى العام بأقلامهم وتركوا بصماتهم على الحياة الديمقراطية فى مصر.
أتذكر شردى الذى تتناسب ذكرى وفاته مع الثورة الثانية للمصريين لنيل حريتهم من جماعة الإخوان المسلمين التى سرقت الثورة.. إنها مفارقة غريبة وعجيبة أن يكون يوم رحيله هو يوم الثورة الثانية فهو الفارس النبيل الأذى وهب حياته للدفاع عن الحرية والديمقراطية وتعرض لكل صنوف الئى ولم يخنع وكان رحمه الله مؤمناً بأن الشباب  هم وقود الثورة هم من سيحققون ما لم تحققه الأجيال التى سبقتهم وتحقق حلم شردى فى إزاحة حكم العسكر، وتحقق حلم شردى فى ثورة المصريين ثانية ضد الدولة الدينية وولاية الفقيه، وغداً نحتفل بذكرى وفاته جسدياً ورحيل الإخوان عن الحكم.
يرحم الله أستاذى ومعلمى مصطفى شردى وأسكنه الله فسيح جناته، وكم كنت أحلم لو أننى الآن محرر بين يديه أستمع إلى تعليماته إلىَّ بالنزول إلى الشوارع والميادين لتغطية وقائع الثورة عندما أطلب من الزملاء الأعزاء خطة عمل، لا تفارقنى ذكرياتى مع «شردى».. يرحمه الله برحمته الواسعة، حتى يلقانا الله سوياً.
[email protected]