عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشورى يلعب دور «المحلل» فى حكم الإخوان

بوابة الوفد الإلكترونية

تسبب مجلس الشورى فى أجواء نكسة سياسية، بعد تخليه عن دوره القومى، وتحول إلى مجلس شورى الإخوان، عندما أسندت إليه سلطة التشريع مؤقتاً، فخلف صداماً بين سلطات الدولة وأجهزتها المختلفة.

ويوم أمس الأول «السبت» ظهرت توابع النكسة السياسية التى يديرها الشورى باقتدار، فقد أصدرت المحكمة الدستورية حكماً جديداً بعدم دستورية قانونى انتخابات مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، وإعادتهما إلى مجلس الشورى لتنفيذ مقتضى قراراتها،وركزت المحكمة اعتراضها فى «13» مادة منها «4» مواد فى قانون الانتخابات و«9» مواد فى قانون مباشرة الحقوق السياسية، وتقريباً احتجاج المحكمة الدستورية العليا فى المرة الثانية على القانونين هو قريب من احتجاجها فى المرة الأولى، وجاء اعتراض الدستورية ملخصاً فى أن الشورى لم يلزم بالدستور فى حظر الدعاية الدينية على المرشحين أثناء الانتخابات لأنه ضد الوحدة الوطنية، وتجاهل التوزيع العادل لمقاعد مجلس النواب على المحافظات وحرم ضباط وأفراد القوات المسلحة وهيئة الشرطة من الانتخاب وهو إجراء غير دستورى لم تجد المحكمة أى مبرر لهذا المنع، كما أصر مجلس الشورى على منح رئيس الجمهورية سلطة الدعوة للانتخابات بمفرده،رغم انها مسئولية مشتركة بينه وبين رئيس الوزراء طبقاً للدستور الإخوانى.

وإذا كنا قد أطلقنا على مجلس الشورى فى المرة الأولى التى قضت فيها المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانونى الانتخابات والحقوق السياسية أنه مجلس فاشل يفتقد الكوادر الفنية القادرة على التشريع والتى تمتلك الخبرة، وأنه مجلس مصطبة وجوده مثل قلته إلا ان سقوطه فى فخ عدم الدستورية للمرة الثانية وفى اعتقادى انه مقصود من المجلس لإطالة الفترة الانتقالية، لعدم رغبة الإخوان فى إجراء انتخابات مجلس النواب فى المرحلة الحالية، مجلس الشورى يعلم ان اعادة القانونين اليه للمرة الثانية، سوف تؤجل الانتخابات النيابية الى أجل مسمى بعد أن كان آخر تصريح للرئيس مرسى هو إجراءها فى شهر أكتوبر القادم، فحتى ينتهى مجلس الشورى من تصويب ما ارتأته المحكمة الدستورية العليا، ثم يعيد إليها المشروعية ليمكثا فى قبضتها «45» يوماً، ثم تفصل المحكمة فى مدى دستوريتهما، وإذا وافقت عليهما فإن إصدارهما من الرئيس مرسى بعد إحالتهما إليه من الشورى قد يستغرقان الفترة المتبقية من عام 2013 هذا إذا واصل مجلس الشورى انعقاده الدائم بدون إجازة برلمانية وفى ذلك كلام آخر أهمه تحميل الخزانة العامة للدولة أعباء مكافآت ومرتبات النواب، بالإضافة الى تكاليف عقد الجلسات من نواح إدارية وفنية ومواد والتى تصل الى ملايين الجنيهات.

مجلس الشورى تحول الى جناح من مجلس شورى الإخوان وليس برلماناً لمصر، تحول إلى أداة لإنقاذ حكم الإخوان من الفشل، بعد تدنى شعبيتهم فى الشارع بصورة كبيرة وأصبحوا غير مستعدين للنزول الى الشارع فى ظل تردى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تسبب فيها حكمهم الفاشل، وبعد الخداع الذى كشفه المواطنون الذين لا يقدرون على جمع قوت يومهم، بالإضافة الى سوء الخدمات من كهرباء ووقود ومواد غذائية وارتفاع شديد فى الأسعار، وتدنى الدخول وتوقف التشغيل، كل ذلك يخصم من وجود الإخوان فى الشارع، ويؤدى الى هزيمتهم فى انتخابات مجلس النواب القادم، خاصة فى ظل الفشل فى القصاص للشهداء، ولجوئهم إلى تمثيلية اختطاف الجنود لوقف الانهيار فى شعبية الرئيس مرسى.
الشورى انتقل من الفشل إلى التآمر والبحث عن طريق تجميد الحياة النيابية وقصرها فى مجلس عاجز تشريعياً، منحاز الى الأهل والعشيرة، ومعطل للانتخابات التى يدعون الأحزاب والقوى السياسية لخوضها، وهم يغلقون الباب عليهم من خلال التلاعب فى قانون الانتخابات والحقوق السياسية لكسب الوقت وإطالة الفترة الانتقالية انتظاراً لنجدة من السماء.

كما أن هناك فائدة أخرى يهديها مجلس الشورى من تجميد قانونى الانتخابات والحقوق السياسية عند مرحلة عدم الدستورية الى حكومة الدكتور قنديل، ومعروف ان قنديل هو الرجل المطيع لمكتب الإرشاد والمنفذ لتوجيهاته وتعليمات الدكتور مرسى، ولهذا السبب تمسك به الرئيس، وكانت حجته أن المدة الباقية على انتخابات مجلس النواب لا تكفى لتشكيل حكومة جديدة، ووعد بتغيير الحكومة بعد انتخابات مجلس النواب، وسيتم اختيار رئيس الوزراء من الحزب الحائز على الأكثرية فى مقاعد النواب طبقاً للدستور وطالما مفيش انتخابات مجلس النواب يبقى «قنديل» قاعد على قلوب المصريين، رغم فشله فى إدارة شئون البلاد، وسقوط الدولة فى قاع الزجاجة فى عهده، سوف يستمر قنديل ووزراء الإخوان، وسوف يتم استغلال المدة الباقية على الانتخابات البرلمانية كحجة للإبقاء على رئيس وزراء هو نفسه لا يعلم الدور الذى يقوم به غير أنه يأخذ تعليمات من سيدنا المرشد تأتيه عن طريق رئيس الجمهورية.

الفائدة الأخرى من تجميد قانونى الانتخابات والحقوق السياسية جنيها مجلس الشورى نفسه، وهى استمراره على قمة السلطة التشريعية بمفرده، وبقاء نوابه فى مقاعدهم بدون انتخابات، ويواصل المجلس دوره فى تهديد المجتمع

بإصدار القوانين التى تمكن الأهل والعشيرة، وتأديب القضاة والإعلاميين وكل من يتجرأ أو يتمرد على حكم الجماعة.

وكان المبرر وراء إسناد سلطة التشريع مؤقتاً الى مجلس الشورى هو لمواجهة حالة الاستثناء والضرورة والإعداد لانتخابات مجلس النواب الجديد ومناقشة مشروعى الانتخابات والحقوق السياسية، وتم ابتلاع هذا الطعم من جانب القوى السياسية خشية وجود سلطة التشريع فى يد الرئيس ويكون الجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مرجحاً لكفة الإخوان، ولكن بعد صياغة دستور الإقصاء  الإخوانى ثم وضع مادة انتقالية فيه بتولى مجلس الشورى سلطة التشريع كاملة، حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، وتنتقل اليه السلطة التشريعية، لحين انتخابات مجلس الشورى الجديد، وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ انعقاد مجلس النواب، هذه المادة حولت مجلس الشورى من ديكور الى صاحب سلطة، ودفعه الغرور الى الدخول فى صدام مع المجتمع، وورط السلطات الثلاث فى أزمة عندما نصب مشنقة للقضاة لتأديبهم بعد أزمة المحكمة الدستورية العليا، واعتقاد الإخوان ان هناك قضاة ضدهم يوالون النظام السابق، كما حدث فى أزمة النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود ودفع الإخوان مجلس الشورى أو الأكثرية البرلمانية لحزبهم والموالين لهم الى البحث عن طريقة لتأديب القضاة، فكانت الاقتراحات الثلاثة بمشروعات قوانين التى فتحت باب الأزمة على مصراعيه، تجاهل الشورى كل يتعلق بحياة المواطنين، وقفز فوق الأولويات وتمسك بذبح أكثر من «3000» قاض من خيرة رجال القضاة عن طريق تخفيض سن التقاعد من «70» إلى «60» عاماً، كما تجاوز الشورى الدستور فى أخذ رأى الهيئات القضائية، وتجاهل أن السلطة هى التى تعد قانونها ويحال إلى البرلمان عن طريق الحكومة.

وفى نفس اللحظة التى أصدرت فيها المحكمة الدستورية العليا حكمها الثانى بعدم دستورية قانونى الانتخابات والحقوق السياسية كان مجلس الشورى ينصب المذبحة للقضاة ويناقش تقرير لجان عن تعديل قانون السلطة القضائية، وأحاله فى نفس الوقت الى اللجنة التشريعية لمناقشة مواده.
لم يكن تواجد الحكومة أثناء المناقشات على نفس الكفاءة التى رفض فيها نواب المجتمع المدنى ذبح القضاة، وهتفوا فى وجه «فهمى» باطل.. «باطل» فقد واجه وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية المستشار تامر بجاتو الموقف بمفرده، وغاب وزير العدل المستشار أحمد سليمان، رغم ان ممثلى الحكومة من القضاة إلا أن ضغوط الأكثرية البرلمانية التى قادها صالح والعريان رفعت التقرير الى اللجنة التشريعية لمناقشة مواده وهى الخطوة الأخيرة التى تسبق إقراره نهائياً واكتفى فهمى بإخطار السلطة القضائية بإعداد مشروع قانون بتعديلاتهم يحال الى المحكمة لتحيله الى المجلس.

وعلى طريقة ناسبنا الحكومة، وأن قنديل مستمر الى ما لا نهاية أو الى أن تحل مشكلة انتخاب مجلس النواب فلن تفلح جهود بجاتو وسليمان فى تغيير شىء إذا أراد الشورى تمرير القانون، ورغم ما قاله سليمان بأن المناقشات توقفت، فإن الشورى لم يعتد بذلك ومصر على ذبح القضاة أقصد تأديبهم.
والسؤال الآن هل تكون نهاية مجلس الشورى على يد المحكمة  الدستورية بحل مجلس الشورى استناداً إلى بطلان قانون تشكيله كما حدث فى مجلس الشعب، وفى هذه الحالة ماذا يحدث، عندما نصبح بدون برلمان لا نواب ولا شورى، بالتأكيد نقع فى فراغ تشريعى.
محمود غلاب