رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحضارة الفرعونية مصرية خالصة.. و«أصولها الزنجية» أكاذيب

الدكتور حسين عبدالبصير
الدكتور حسين عبدالبصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية

حركة «الأفروسينتريك»

تحاول السطو على تاريخنا

مطلوب إطلاق حملة دولية لحماية آثار الدلتا والإسكندرية

التغيرات المناخية تهدد المناطق الأثري

اهتمام الشباب بمصر القديمة يتزايد.. والغرب لديه «هوس» بالمصريات

مصر لن تتخلى عن استرداد آثارها المسروقة

 

الدكتور حسين عبدالبصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية أحد أبرز المتخصصين فى المصريات والحفريات وقطاع الآثار المصرية، وهو روائى أيضاً إلى جانب عمله الأثرى، من مواليد مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية،

حصل على الليسانس فى الآثار المصرية القديمة بجامعة القاهرة 1994 ثم حصل على درجتى الماجستير والدكتوراه فى الآثار المصرية القديمة وتاريخ وآثار الشرق الأدنى القديم من جامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة الأمريكية.

تدرج فى العديد من المناصب العلمية داخل مصر وخارجها وشغل إدارة العديد من المواقع الأثرية فى مصر حتى صار أحد أهم الأثريين، فقد شغل منصب  مدير عام منطقة الآثار بالهرم وشغل منصب مدير  العمل الأثرى بالمتحف القومى للحضارة بالفسطاط والمتحف المصرى الكبير ويشغل حاليا منصب مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية ومدير مركز زاهى حواس للمصريات.

«عبدالبصير» مهموم كثيرًا بالآثار والحفريات والاكتشافات الأثرية حتى غلبت على حياته الفكرية والعلمية والأدبية، فهو إلى جانب كونه أثريا لديه الحس الأدبى والذائقة اللغوية التى تجلت فى معظم كتاباته خاصة الروائية. صدرت له العديد من الأعمال والروايات الأدبية التى تهتم بالآثار، مجاله الأول، ومن أهم أعماله «سحر الإسكندرية» و«عايش مع الفراعنة» و«كتاب الأسرار» و«الفراعنة المحاربون» و«أسرار الحياة الاجتماعية فى مصر القديمة» و«كانازاوا» و«خنوم»، وأخيرا روايته الجديدة «ميريت» التى يدخل بها معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الحالية. إلى جانب العديد من الأعمال الأثرية والروائية.

«الوفد» تجولت برفقة الدكتور حسين عبدالبصير داخل متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية وأجرت معه هذا الحوار.

● شهدت مصر فى نهاية العام المنصرم عقد قمة المناخ.. برأيك هل تؤثر التغيرات المناخية على المناطق الأثرية؟

●● يهتم الرئيس عبدالفتاح السيسى بقضية المناخ اهتمامًا كبيرًا، وتعد مصر شريكًا مهمًا وفعالًا ومؤثرًا فى هذا الملف الحيوى وحديث الساعة، وجاء انعقاد قمة المناخ الأخيرة فى مصر 2022 تقديرًا لمصر وقائدها الذى يولى هذه القضية اهتمامًا كبيرًا على الرغم من التحديات الداخلية والخارجية الكبيرة، وقد صار التغير المناخى قضية مهمة ومقلقة للغاية ومهددة للوجود الإنسانى ككل على مستوى العالم، ومرت الآثار فى العالم كله بعصور صعبة وفترات شديدة الخطورة عبر تاريخ الإنسانية سواء فى مصر القديمة أو الفترات اليونانية الرومانية أو فى حضارات وشعوب البحر الأبيض المتوسط أو غيرها من حضارات وشعوب العالم كله، وبالفعل آثار العالم تواجه خطر الاختفاء والضياع والزوال من الوجود فى فترة زمنية لن تطول سواء فى مصر أو خارجها، وعلى جميع دول العالم مواجهة هذه الأخطار المحدقة بالآثار بكل حسم وبسرعة فائقة قبل أن يضيع الكثير من الآثار من بين أيدينا بسبب التغيرات المناخية التى صارت بنا وبالعالم وبالآثار بكل قسوة، ودون شك فإن الدولة المصرية لديها خطة شاملة واستعدادات لمواجهة التغير المناخى، وقد كان الاهتمام بالآثار والحفاظ عليها على رأس أولويات قمة المناخ الأخيرة وتحديدًا آثار مدينة الإسكندرية والدلتا وغيرها من المدن الأثرية فى مصر والعالم كله، ويجب أن تطلق مصر حملة دولية تحت مظلة اليونسكو للحفاظ على آثار الإسكندرية والدلتا ومصر والعالم المهددة بالغرق والضياع قبل أن نفقدها للأبد، ويجب أن نكثف الحفائر الأثرىة فى مدينة الإسكندرية والدلتا وغيرها من المواقع الأثرية فى العالم، ومصر رائدة وسباقة وسوف تقود العمل المحلى والدولى فى هذا الشأن، فمصر يقع على عاتقها العبء الأكبر فى التصدى للتغيرات المناخية الحادة التى تهدد آثار العالم، على اعتبار أنها صاحبة الحضارة الرائدة المعلمة لكل حضارات العالم.

● مؤخرًا احتفلت مصر والعالم بالذكرى المائة لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون فماذا عن قصة اكتشاف تلك المقبرة؟

●● تعد قصة اكتشاف هوارد كارتر لمقبرة الفرعون الذهبى الملك توت عنخ آمون من أعظم الاكتشافات الأثرية فى العالم كله عبر العصور والأزمان، ففى الرابع من شهر نوفمبر عام 1922، كان عالم الآثار البريطانى هوارد كارتر على موعد مع الرمال المصرية لتمن عليه وتكشف له عن واحد من أهم أسرارها الدفينة؛ كى يحقق حلم حياته بعد طول عناء وتعب بالكشف عن مقبرة «توت عنخ آمون»؛ ذلك الأثر الفريد من نوعه الذى أذهل العالم منذ اكتشافه إلى هذه اللحظة، والذى طغى على كل الاكتشافات الأثرية الأخرى فى العالم أجمع، وأصبح أهم اكتشاف أثرى فى القرن العشرين دون أدنى مبالغة، وانطلقت أسطورة الملك «توت» لتغزو أرجاء العالم كله، وأصبح الفرعون الشاب الذى لم يجلس على العرش أكثر من تسع أو عشر سنوات، بين عشية وضحاها، أشهر ملك فى تاريخ الإنسانية وكتب لاسمه الخلود. وثبت من دراسة مقتنيات مقبرة الملك «توت» التى أبهرت العالم أجمع أنها لم تكن تخصه وحده، بل كان أغلبها مقتنيات سلفيه الملكين: والده «أخناتون» العظيم، وشقيق أخناتون الملك «سِمنخ كارع»، والتى تم تجميعها على عجل؛ لإتمام مراسم دفن الملك الشاب الذى مات فجأة. ولقد ألهبت تلك المقتنيات والطريقة التى اكتشف بها خيال الباحثين والمولعين بالآثار وأساطيرها على السواء، فنسجوا العديد من القصص والحكايات حول حياة الملك ووفاته ومن هنا نشأت أسطورة «توت».

وتعد مقبرة الملك «توت عنخ آمون» هى المقبرة الملكية الوحيدة التى وصلت إلى أيدينا كاملة إلى الآن. بعد وفاة الملك «توت» بمائتى عام، قام عمال الملك «رمسيس السادس» من ملوك الأسرة العشرين، دون قصد، برمى الأحجار والرمال المستخرجة من حفر مقبرته فوق مدخل مقبرة «توت عنخ آمون»، بل شيدوا أكواخهم فوق ذلك الرديم. ولولا تلك المصادفة العجيبة لما نجحت مقبرة الملك الشاب من أيدى لصوص المقابر من كل زمان، ولما وجدها «كارتر» فى صبيحة الرابع من نوفمبر عام 1922 ميلادية بعد بحث مضنٍ دام عدة سنوات طوال.

ثم توالت بعد ذلك مراحل الكشف الأخرى على مدى السنوات العشر التالية، أشرف كارتر على نقل محتويات المقبرة، والتى تم نقلها إلى المتحف المصرى بالقاهرة، ثم تم نقل أغلبها إلى بيت توت عنخ آمون الجديد أو المتحف المصرى الكبير بالجيزة فى الفترة الأخيرة.

● وهل سرق كارتر آثارًا من مقبرة توت عنخ آمون؟

●● ظهرت أدلة جديدة تتحدث عن «سرقة» عالم الآثار البريطانى هوارد كارتر لبعض مقتنيات مقبرة توت عنخ آمون عند اكتشافه لها. بالفعل سرق كارتر بعض مقتنيات توت عنخ آمون؛ وأكبر دليل على ذلك أن متحف المتروبوليتان قد أعاد لمصر قطعًا مسروقة من مقبرة توت وعددها 19 قطعة أثرية من متحف المتروبوليتان، كانت ضمن مجموعاته منذ أوائل القرن العشرين، ويتراوح ارتفاعها بين سنتيمتر واحد و1.9 سنتيمتر. وكانت تلك القطع الصغيرة عبارة عن نموذج للنحت وكلب من البرونز، وجزء من إسورة على شكل «أبو الهول». وكانت تلك القطع الأثرية ضمن القطع التى كانت موجودة فى مقبرة الملك توت عنخ آمون.

ولا نعرف إلى الآن مكان أو عدد القطع التى سرقها كارتر، لكنها بالتأكيد قطع أثرية ثمينة؛ لأنها تعود لتوت عنخ آمون، فرعون المجد والخلود، ومن حق مصر المطالبة بعودة أية آثار من مقبرة توت، بموجب العقد الذى وقعه صاحب امتياز الحفائر اللورد كارنارفون مع الحكومة المصرية فى ذلك الوقت. وفى النهاية، أردد مع «كارتر» قوله: «لا يزال الغموض فى حياة الملك توت عنخ آمون يلقى بظلاله علينا، فعلى الرغم من أن تلك الظلال تنقشع أحياناً، فإن الظلمة لا تختفى من الأفق أبدًا» وهذه هى ميزة من ميزات الحضارة المصرية القديمة العريقة فى الحقيقة. وتبقى قصة حياة كارتر وقصة اكتشافه لمقبرة توت عنخ آمون قصتين مثيرتين تمامًا مثل قصة حياة وممات الفرعون الذهبى الملك توت عنخ آمون.

● احتفلت مصر والعالم بمرور 200 سنة على اكتشاف حجر رشيد.. حدثنا عن هذا الاكتشاف؟

●● اكتشف حجر رشيد الضابط الفرنسى بيير-فرانسوا أكسافييه بوشار يوم 15 يوليو 1799 أثناء قيام قواته بتوسعة قلعة جوليان (قلعة قايتباى)، بمدينة رشيد فى دلتا نهر النيل. وسمى باسم حجر رشيد نسبة للمدينة التى اكتُشف بها. وأُرسل إلى القائد الفرنسى الشهير نابليون بونابرت الذى أرسله إلى مقر المعهد العلمى المصرى فى القاهرة حتى يتمكن علماء الحملة الفرنسية على مصر (1798-1801) من دراسته. ثم أخذه القائد مينو، خليفة كليبر، القتيل، فى قيادة الحملة الفرنسية على مصر، إلى مقر إقامته فى الإسكندرية.

بعد انتصار الإنجليز المدوى على الفرنسيين على حواف الأرض المصرية بالقرب من البحر المتوسط، أصر القائد الإنجليزى نيلسون كل الإصرار على الحصول على ذلك الحجر النفيس، الذى لم يكن يعلم أحد عظمته كاملة بعد، من براثن الفرنسيين. فبعد اتفاقية الجلاء عن مصر بين الفرنسيين والبريطانيين أو ما يعرف بـ«اتفاقية العريش» فى عام 1801، صادرت القوات البريطانية حجر رشيد وشحن على إحدى السفن البريطانية إلى لندن حيث وُضع فى مقر جمعية الآثار المصرية هناك. وندم الفرنسيون على ضياع الحجر من أيديهم أشد الندم. ولم يفقدوا الأمل أو يعدموا الوسيلة فى أن يكون لهم دور فى كشف أسرار ذلك الحجر الفريد. ودخل ذلك الحجر إلى المتحف البريطانى فى نهايات عام 1802 بعد أن أهداه ملك المملكة المتحدة جورج الثالث للمتحف البريطانى.

وتعد محاولات جان- فرانسوا شامبليون هى المحاولات الأخيرة والناجحة لقراءة اللغة المصرية القديمة وفك أسرارها. وساعده فى ذلك وجود حجر رشيد ومسلة فيله التى تزين أحد ميادين إنجلترا ومعرفته باللغة القبطية وباللغة الإغريقية ونتائج الباحثين السابقين عليه خصوصًا كيرشر ويونج ورؤيته المنهجية فى المقارنة والاستنباط والتحليل. وتمكن شامبليون فى النهاية من التوصل إلى الأبجدية المصرية القديمة عن طريق مقارنة الخطوط الثلاثة والأسماء الموجودة فى الخراطيش. وقدم شامبليون اكتشافه الجديد فى خطاب أرسله إلى البارون الفرنسى بون-جوزيف داسييه، سكرتير الأكاديمية الفرنسية للكتابات والآداب، كى يتلوه على مسامع أعضاء الأكاديمية فى 27 سبتمبر عام 1822 معلنا يومئذ مولد علم المصريات كعلم أكاديمى بشكل رسمى. وبذلك نجح الفرنسيون فى الانتصار على البريطانيين ليس فى أرض المعارك العسكرية، ولكن تلك المرة فى أرض المعارك العلمية والبحوث المعرفية. وبوجود حجر رشيد فى المتحف البريطانى فى قسم مصر القديمة والسودان، ويحمل رقم 24 ومعروض حاليًا فى قاعة 4، صار الحجر واحدًا من أروع روائع ذلك المتحف، إن لم يكن أروعها وأشدها أهمية على الإطلاق، وأكثرها مقصدًا من قبل السائحين والزائرين البريطانيين على السواء، فهو بحق مفخرة الإنجليز.

ويحتل حجر رشيد مكانة أسطورية فى تاريخ علم المصريات وفى تاريخ الكتابة البشرية جمعاء، ويعد محطة مهمة نحو توصل البشرية لأصولها العريقة ومعرفة جذورها العتيدة. وصار قبلة لكل المهتمين بمصر والعالم والحضارة وفجر الضمير الإنسانى من كل حدب وصوب فى عالمنا المعاصر.

● هل ترى إقبالا على دراسة تاريخ مصر من الجيل الجديد؟ وهل توجد لدينا أرقام وإحصائيات؟

●● هناك اهتمام كبير من الشباب المصرى بتاريخ مصر عبر العصور، وخصوصًا الشابات، وتحديدًا بتاريخ وحضارة مصر القديمة، وهذا شىء يدعو إلى الدهشة والإعجاب والاحترام. ولا أعرف حقيقة الأرقام أو الإحصائيات فى هذا الأمر. وأرى أن اهتمام الشباب بمصر القديمة فى تزايد وسوف يزيد مع الوقت عدد العلماء المختصين من المصريين، وبالفعل لدينا عدد كبير ومبشر ومتميز من شباب علماء، بل وأقول عالمات الآثار المصرية القديمة، من شباب المصريين المتميزين والشابات المصريات المتميزات للغاية.

● كيف تنظر إلى متاحف مصر الأثرية، وأدائها بعد التطوير؟

●● هناك اهتمام كبير من القيادة السياسية والدولة المصرية بكل قطاعاتها بملف الآثار فى الفترة الحالية، وهو اهتمام غير مسبوق فى الحقيقة. وشهدنا فى هذه الفترة العديد من الافتتاحات للمتاحف الأثرية وغيرها من المناطق الأثرية، والاكتشافات الأثرية التى جعلت من مصر قبلة السياحة فى العالم كله، مثل افتتاح متحف الحضارة، والذى شرفت بإدارته فى فترة من الفترات، واحتفالية نقل المومياوات، ثم احتفالية افتتاح طريق الاحتفالات فى الأقصر، والأقصر هى أكبر متحف أثرى مفتوح فى العالم كله، وفى انتظار افتتاح المتحف المصرى الكبير، الذى شرفت بإدارته فى فترة من الفترات، والذى يعد هدية مصر للعالم، وتطوير منطقة الأهرامات بالجيزة، والتى شرفت بإدارتها فى فترة من الفترات، وكل ذلك وغيره الكثير يدعو إلى الفخر، ويؤكد أننا نعوض ما فاتنا، وأننا نسير فى الطريق الصحيح للحفاظ على تراثنا وآثارنا وحضارتنا العظيمة فى الجمهورية الجديدة.

● لدى العالم الغربى تمسك بتاريخ مصر

القديم، وتعظيم له - حسبما يرى البعض - على حساب تواريخ وتجارب مرت بها مصر فى عصور أخرى، هل تؤيد هذا الرأي؟ وهل هو حقيقي؟

●● يرى البعض فى الغرب، وخصوصًا فى أوروبا، وتحديدًا فى فرنسا، أن الاهتمام بمصر القديمة هو نتاج الولع الأوروبى، وخصوصًا الفرنسى بمصر القديمة، والذى أوجد ظاهرة «الإجيبتومانيا» أو «الولع بالمصريات» أو «الهوس بالمصريات» فى العالم كله منذ حملة نابليون بونابرت إلى الآن، وهذا كلام له ما له وعليه ما عليه. وأرى أن هناك اهتمامًا غربيًا كبيرًا بمصر وتاريخها وحضارتها وآثارها فى كل العصور، وحتى فى الفترة الحالية، لكن للآثار المصرية القديمة سحرها الطاغى على أية فترة تاريخية أخرى فى مصر، وحتى على أية حضارة أخرى فى العالم كله، وذلك هو ما يعطى الانطباع لدى البعض بأن مصر القديمة هى التى تحظى بنصيب الأسد من اهتمام العالم الغربى بمصر وتاريخها عبر العصور. وهذا ليس صحيحًا.

● شركات غربية عديدة تطبق التكنولوجيا الحديثة للوصول إلى ملامح القدماء المصريين فهل ترى هذه الخطوة ناجحة؟

●● بالفعل هناك محاولات كثيرة لإعادة رسم شكل بعض ملوك المصريين القدماء مثل الملك رمسيس الثانى وإخناتون، وبهدف الوصول للشكل المصرى القديم، لكنها بعيدة كل البعد عن الروح والملامح المصرية المعروفة، وغالبيتها يتم بعيدًا عن أعين علماء المصريات، وتستخدم فيها تقنيات لا علاقة لها بالمتخصصين من الأثريين، وهى أشبه بالخيال العلمى وبعيدة كل البعد عن الواقع وليست طبيعية، فهناك شىء اسمه «الولع بالمصريات» وبالتالى هذه الشركات لا تصل إلى هذه الأشكال الحقيقية، فعلم المصريات ما زال مثيرًا للغرب بنسبة كبيرة، وأطوال القدماء المصريين لم تكن كما يتخيلها البعض، بعكس ما تظهر فى المعابد فكانت تلك الأعمال التى يقوم بها القدماء المصريين نوعًا من الدعاية السياسية لبث الرعب فى قلوب أعدائهم.

● ما أهم القطع الأثرية الموجودة فى متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، وماذا عن دوره فى نشر الآثار المصرية؟

●● متحف الآثار فى مكتبة الإسكندرية يحكى أكثر من خمسمائة سنة حضارة من تاريخ مصر العظيمة فى حوالى خمس دقائق، لو قام الزائر بزيارة سريعة للمتحف ككل. ويضم متحف الآثار أكثر من ألف ومائتي قطعة أثرية من مختلفة العصور الحضارية التى مرت بها مصر منذ أقدم العصور إلى العصر الحديث. ونرى داخل متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية الآثار المصرية الجميلة والفريدة منذ مصر القديمة، مرورًا بمصر اليونانية - الرومانية ومصر القبطية ومصر الإسلامية، ووصولًا إلى مصر الحديثة. ولعل من بين أهم القطع الأثرية فى متحف الآثار بمصر القديمة تمثال الكاتب المصرى القديم، وتمثال المهندس المصرى العظيم إيمحتب بانى هرم سقارة المدرج، أول هرم فى مصر والعالم كله، وقطعتان من الفسيسفاء واللتان عثرنا عليهما فى موقع آثار مكتبة الإسكندرية، ويعدان من أجمل القطع فى العالم من تلك الفترة، ومجموعة آثار الإلهة إيزيس، ومجموعة آثار معبد الرأس السوداء، ومجموعة آثار جزيرة نلسون فى منطقة «أبو قير»، ورأس الفاتح العظيم الإسكندر الأكبر، ورأس كبير لملكة بطلمية قد تكون الملكة كليوباترا السابعة الملكة البطلمية الشهيرة، ومجموعة الآثار الغارقة التى اكتشفت تحت مياه بحر الإسكندرية فى الميناء الشرقية، وفى خليج «أبو قير»، وبالقرب من جزيرة فاروس، وأجزاء من بقايا أسطول نابليون بونابرت، والمنجلية، وتمثال الراعى الصالح، ومجموعة متميزة من البردى، وسجادة عثمانية، ومجموعة آثار المحمرة، ورأس أكتافيوس أغسطس، ومجموعة آثار قاعة العالم الآخر، مومياء رومانية، وبعض من بورتريهات الفيوم، وغيرها الكثير من الآثار الجميلة والفريدة والمنتقاة بعناية فائقة والمعروضة بطريقة جميلة جدًا تشجع الزائرين على زيارة المتحف مرارًا وتكرارًا. ودور متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية مهم جدًا فى نشر الوعى الأثرى والتعريف بثقافة وآثار مصر عبر العصور من أقدم العصور إلى الآن من خلال العديد من الأنشطة والزيارات والفعاليات والإصدارات سواء من الكتب أو اللقاءات أو الأفلام. ويسهم متحف الآثار بدور كبير وفعال فى تعريف جمهور الإسكندرية ومصر والعالم العربى والعالم بحضارة مصر وتاريخها وآثارها الفريدة والجميلة.

● ما ردك على ادعاء البعض عن وجود أصول أفريقية للحضارة المصرية القديمة؟

●● كأثرى متخصص على علم ومعرفة واحتكاك مباشر مع أفكار وادعاءات حركة «الأفروسينتريك» ضد الحضارة المصرية القديمة منذ سنوات طويلة مضت؛ فقد سافرت عام 1996 إلى مدينة داكار فى دولة السنغال الصديقة فى الذكرى العاشرة لعالم المصريات السنغالى شيخ أنتاديوب مع عالم الآثار الأستاذ الدكتور على حسن الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، ابن شقيق عالم الآثار الشهير الأستاذ الدكتور سليم حسن، وذلك للرد على الآراء المنافية للحقائق التاريخية ودحض ادعاءات شيخ أنتاديوب غير الدقيقة عن الأصول الزنجية للحضارة المصرية.

وقد عرض الدكتور على حسن صورة لإحدى بنات الملك خوفو بعينين زرقاوين وشعر أصفر مما أوقع الجانب المنظم للمؤتمر فى مأزق. وقد ترجم الأستاذ حليم طوسون كتاب شيخ أنتاديوب إلى اللغة العربية فى عقد التسعينيات من القرن العشرين. والكتاب موجود ومتاح وبه كل الآراء والأفكار الخاصة بشيخ أنتاديوب الأب الروحى لحركة «الأفروسينتريك».

وأثناء دراستى للآثار المصرية فى جامعة جونز هوبكنز فى الولايات المتحدة الأمريكية، كنت أقوم بالكثير من المحاضرات واللقاءات للرد على ادعاءات حركة «الأفروسينتريك» البغيضة المنتشرة فى كثير من المدن والولايات الأمريكية ذات الأغلبية من الأصول الأفريقية، خصوصًا فى مدينة بلتيمور فى ولاية ميريلاند التى كنت أدرس بها. وقد كتب الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما فى مذكراته عما ذكره والده له من أنه من أصول مصرية قديمة. ويهاجم باستمرار أصحاب حركة «الأفروسينتريك» أبناء الجالية المصرية الذين يدرسون فى المدارس الثانوية فى الولايات المتحدة الأمريكية. وتكررت حوادثهم بكثرة ضد الطلبة المصريين.

ومنذ فترة قريبة، ونظرًا لزيادة الأمر عن حده؛ ونظرًا لقيام تلك الحركة بالدعوة إلى تنظيم مؤتمر فى مدينة أسوان، كما هو معلن للجميع على صفحاتهم وفى فيديوهات اليوتيوب الخاصة بهم، فقد هاجت صفحات الشوسيال ميديا، خصوصًا «الفيسبوك» من قبل الشباب المصرى والمهتمين المصريين العظام للرد على تلك الدعوة البغيضة. وبعث لى عدد كبير من المهتمين بتراث مصر وتاريخها وآثارها لإيقاف ذلك المؤتمر. ونظرًا لتخصصى فى الآثار المصرية القديمة، فقد نشرت مقالًا فى محاولة لإيقاف هذا المؤتمر وإيصال صوتى وصوت كل من أرسل لى من المصريين الأحرار مطالبًا إياى بالتدخل لإيقاف عقد هذا المؤتمر على أرض مصر، وكمتخصص فى الآثار المصرية القديمة، طالبت بعقد مؤتمر على أرض مصر للرد على أولئك الأدعياء المعادين للحضارة المصريين، والذين يهاجموننا كمصريين، وليس من العلماء المصريين فقط ولكن من كل العلماء الأجانب المعروفين حتى نوقف هذا الجنون المعادى لحضارتنا. والحمد لله تم إيقاف المؤتمر. وسوف نظل وراء أولئك الأدعياء أصحاب حركة «الأفروسينتريك»؛ حتى تسلم حضارتنا وتاريخنا من شرورهم.

● ما القصص الفرعونية التى تُشير إليها فى أعمالك الروائية، والبحثية، التى توازى فى أهميتها قصة «المصرى الفصيح» و«كتاب الموتى»، ولكنها لم تلق اهتمامًا شعبيًا؟

●● هناك عدد كبير من القصص الأدبية والأعمال الدينية فى مصر القديمة، والتى لا يعرف عنها الكثيرون، خصوصًا جمهور المثقفين. وأدعو الجميع لقراءة الأدب المصرى القديم والأعمال الدينية من مصر القديمة، والإطلاع الدائم والمستمر عليها. وأذكر على سبيل المثال «قصة الأخوين»، و«قصة ون آمون»، و«قصة خوفو والسحرة»، و«قصة الملاح الغريق» أو «قصة نجاة الملاح»، غيرها الكثير من الأدب المصرى القديم الجميل. وبالنسبة للأدب الدينى، هناك متون الأهرام، ومتون التوابيت، وكتب العالم الآخر مثل كتاب البوابات، وكتاب الكهوف، وكتاب الليل والنهار، وكتاب ما هو موجود فى العالم السفلى، وغيرها الكثير من تراث مصر القديمة الدينى المتميز.

● أخيرا.. تدخل معرض الكتاب الدولى للكتاب فى دورته الحالية برواية جديدة بعنوان «ميريت»، فما أهم الخطوط العريضة بها؟

●● صدرت هذه الرواية عن دار «أم الدنيا للنشر» وتدخل إلى منطقة بكر ومتخيلة فى تاريخ مصر القديمة خصوصًا فى فترة ما بعد عصر الدولة القديمة من خلال سرد قصص مجموعة شخصيات مختلفة ومتنوعة ومثيرة فى تلك الفترة شديدة التوتر والاضطرابات على كل المستويات، ومن خلال الرواية يتعرف القارئ على الكثير من أحوال البلاد والعباد فى ذلك العصر المثير ويعيش الكثير من قصص الحب والغرام والخيانة بين العديد من أبطال الرواية المختلفين.