رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تحديات الشركات الناشئة: تفضى إلى موت مبكر

بوابة الوفد الإلكترونية

كل الأرقام الرسمية تؤكد أن مصر حققت طفرة كبيرة فى تأسيس الشركات الجديده، حتى صارت على قمة دول الشرق الأوسط فى هذا الأمر.

 

ولكن أمام تلك الصورة الإيجابية، والمضيئة، نفاجأ بأن بعض الشركات الوليدة تتعثر بعد شهور قليلة من بدء عملها، وتتوقف عن نشاطها.

 

على سبيل المثال مجموعة صيدليات شهيرة ظهرت فجأة على الساحة واحتكرت سوق الدواء ثم اختفت من الساحة نهائياً بعد تعثرها فى سداد القروض والمديونيات للممولين، وواجهت اتهامات بالنصب وهناك شركة أخرى شهيرة فى مجال النقل الذكى والجماعى اضطرت منتصف العام الجارى إلى التخلى عن 30% من عمالها بعد تعثرها المالى الكبير داخل مصر.

 

وأخيراً شركة حديثة يحتل مؤسسوها مرتبة متقدمة فى ترتيب «فوربس» المعنية للشباب العربى الأكثر تأثيراً، أثارت جدلا كبيرا بعد تردد أنباء عن هروب مؤسسها مع شقيقه والاستيلاء على أكثر من 30 مليون دولار.

 

والسؤال: لماذا تتعثر شركات وهى لا تزال فى بدء نشاطها؟ وما الذى يجب على وزارات الصناعة والمالية والتخطيط تجاه هذا الأمر؟

بداية تؤكد غادة خليل، مدير مشروع رواد 2030 بوزارة التخطيط، أن الشعب المصرى مبتكر، وأن مصر مصنفة بأنها الأولى على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من حيث الاستثمار فى الشركات الناشئة فى عام 2021، موضحة أن هذا دليل على أن الشباب المصرى لديهم أفكار واعدة، أن مصر ثانى أكبر دولة تحصل فيها استثمار، والاستثمارات والإحصائيات يتم حسابها بشكل سنوي، مشيرة إلى أن الاستثمارات فى الشركات الناشئة فى النصف الاول من 2022 وصلت إلى 350 مليون دولار.

التحول الرقمى

4 أسباب وراء تعثر شركات وليدة.. والخبراء يطالبون بدعم أكبر من وزارات الصناعة والمالية والتخطيط

 

وتابعت أن «حجم الاستثمارات فى الشركات الناشئة خلال النصف الاولى من 2022 حجم كبير وينمو بشكل سريع وتسبب فى خروج شباب مستثمرين على الساحة»، مؤكدة أن مصر حققت نقلة نوعية وقفزة مهمة فى مجال الاستثمار فى الشركات الناشئة وتم ضخ استثمارات كثيرة الفترة الماضية».

 

وظهر نمو حجم الاستثمارات فى الشركات الناشئة فى مصر من 190 مليون دولار فى عام 2020 إلى 465 مليون دولار فى 2021، فى ضوء النمو الذى يشهده قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة والذى ساهم فى إنشاء 335 شركة ناشئة جديدة خلال 2021، مع ازدياد ثقة المستثمر الأجنبى وصناديق رأس المال المخاطر العالمية فى مناخ ريادة الأعمال والشركات التكنولوجية الناشئة المصرية حيث تشير احصائيات عام 2021 إلى أن عدد المستثمرين فى قطاع الشركات الناشئة المصرية بلغ نحو 122 مستثمرًا حيث تمثل الاستثمارات الأجنبية نسبة 60% من إجمالى الاستثمارات وصفقات التمويل.

 

التسرع.. أول الأزمات

وأرجع الدكتور عطية حسين أفندي- أستاذ الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، خسائر الشركات الوليدة إلى تسرع مؤسسيها فى إنشائها دون إلمام بأصول الإدارة الحديثة.. وقال «يتسرع بعض الشباب فى إنشاء شركات خاصة بهم، دون اعتبار لأساليب الإدارة الحديثة للمنشأة وهى أساس نجاح كل مشروع» وتكون التنظيم الإداري.

 

واضاف«الإدارة الحديثة تقوم على أربعة مبادىء؛ أولها تشكيل الإدارة على القواعد الهيكيلية المعروفة، وهل ستكون الإدارة مركزية أم لا مركزية وهل تتمتع الشركة بمباديء وتنظيمات الكفاءة الإدارية أم لا وهذا يوضح للممولين سواء بنوك أو أفراد موقف الشركة وقوتها الإدارية، أما النقطة الثانية من مباديء الإدارة الحديثة فهى «القيادة» وهى رأس المشروع مثل مخ الإنسان المسئول عن الأوامر للجسم، فالقيادة هى من تعطى الأوامر، والقيادة الجيدة هى من يمكنها سرعة حل المشكلات وبأقل حد ممكن من التكاليف، مع جلب استثمارات وممولين إلى الشركة والعمل على تنامى دورها وأرباحها وانتشارها داخل الأسواق مقارنة بإنشائها.

 

غادة خليل مدير مشروع رواد 2030: استثمارات الشركات الناشئة قفزت من 190 مليون دولار إلى 465 مليون دولار فى عام واحد

 

وواصل أستاذ الإدارة العامة بكلية الاقتصاد: «العنصر الثالث من مباديء الإدارة الحديثة هو «استدامة التمويل» وتدبير مصادر متنوعة للتمويل فى حالة حدوث أى تعثرات للشركة أو سوق العمل بشكل عام، مثل وديعة بنكية أو أصول مبانٍ أو سندات تساعد الشركة على استمرار التمويل وعدم التوقف، والاستمرار فى السوق وطمأنة العملاء أو الشركاء والممولين، وعدم اضطرارها لتقليل حصتها بالسوق أو تسريح موظفين، مثلما يحدث مؤخرًا مع أى تعثر لبعض الشركات خاصة شركات التجارة الإلكترونية والتطوير العقارى».

 

وتابع «استدامة التمويل يعنى استمرار الشركة وعدم تأثرها بأى عوامل خارجية، مع إقامة علاقات طيبة مع البيئة الخارجية مثل الموردين والبنوك والتجار والموزعين وغيرهم مما لهم تعاملات مع الشركة.

 

وأشار «أفندي» إلى أن العنصر الرابع والأخير هو «الموارد البشرية» وهى تعيين كفاءات وظيفية ماهرة، قادرة على تنفيذ قرارات الإدارة والقيادة بشكل جيد فوجود عناصر كفء تساهم فى صعود المنظومة داخل الشركة معاً وعند التعيين يجب أن يكون هناك انتقاء لعناصر مميزة تساهم فى تقدم الشركة فى كافة الأقسام، وهى نقطة يغفلها كثير من مؤسسى الشركات الناشئة فيختارون عناصر معظمها مبتديء فى مجال عمله، وهذا خطأ كبير، إذ يجب أن يجمع بين الاثنين وهذا دور قسم الموارد البشرية، وعند اختيار عناصر ليس لديها خبرة فى المجال، يجب تدريبها بشكل جيد وخضوعها لدورات تدريبية فى مراكز معتمدة لتكون نواة رئيسية للشركة وعدم إهمال ذلك الجانب لأنه يساهم فى توفير الوقت والجهد والمال للشركة

التمويل .. وأشياء أخرى

وقال الدكتور على الإدريسى الخبير الاقتصادي، إن هناك عدة تحديات كبيرة تواجه الشركات الناشئة، خاصة فى مرحلة التأسيس، وتبدأ التحديات بأحد أهم النقاط وهى أن يتعامل المؤسس أو الشريك على أن السوق سوف يشهد استقرارًا دائماً وأنه لا توجد متغيرات سوف تطرأ على مجال التنافس، وهذا خطأ كبير، وهناك خطأ كبير آخر وهى أن مؤسسى الشركات الناشئة يعتبرون أن تأسيسها وإدارتها عمل سهل، لا يحتاج إلى خبرات

إدارية ذات كفاءة تستطيع وضع خطط مستقبلية لتنمية وتطوير الشركة، وهى مشكلة تتسبب فى انهيار المؤسسة، إذ سرعان ما يبدأ ظهور المشكلات بعد فترة من العمل وليس فى البداية، خاصة إذا حدثت متغيرات على السوق.

أمير شريف عضو مجلس إدارة هيئة تنمية تكنولوجيا المعلومات: لا توجد مشاكل فى الشركات الناشئة لكن هناك تحديات

400

وأوضح الإدريسي، أن صدمات الشركات تكون مؤثرة بشكل كبير، ولهذا يجب أن يكون هناك دعم حكومى ومصرفى لبعض الشركات المتعثرة مع التأكد من أن مشروعها يسير على الطريق الصحيح؛ لأنه قد يكون هناك تغيرات مفاجئة خارجة عن إرادة الشركة مثل ارتفاع اسعار الصرف والدولار وتغير الأسعار، وقلة القوة الشرائية وهنا يأتى دور وزارات الصناعة والتخطيط والمالية ودعم المشروعات الشبابية الطموحة التى تعثرت.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن دعم تمويل المشروعات الجديدة، يجب أن تستند لدراسة جدوى تفصيلية.. وقال: «للأسف تتوسع شركات كثيرة بدون وجود غطاء مالى كبير، وتقوم بتوظيف عدد كبير من العاملين، بمرتبات مرتفعة، وعندما يحدث هزة أو عدم استقرار فى السوق تنهار الشركة تماماً، ولكن هذا ليس وضع كل الشركات، ولكنها حالات فردية صنعت هزة داخل أوساط عالم المال، ويجب دعم كثير من الشركات التى تستحق التمويل لأنها تساهم فى تطوير وتحسين الاقتصاد وتوظيف الشباب».

 ودعا«الإدريسي» الشباب إلى العمل فى المجالات الواعدة مستقبلا، بالتعاون مع الجهات المانحة والممولة، ويأتى على رأسها التجارة الإلكترونية والتحول الرقمى وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والصناعة الهندسية، وغيرها من المجالات التى قد تشهد نمواً فى المستقبل. 

 

التجارة الإلكترونية والتحول الرقمى وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والصناعة الهندسية.. مجالات واعدة للاستثمار

دراسات الجدوى

أمير شريف عضو مجلس

وأكد محمد نصر -مؤسس إحدى الشركات الناشئة بمجال الذكاء الاصطناعى والبرمجة- أن تأسيس الشركة من أصعب الأمور لأنه يحتاج إلى مجهود كبير لوضع الرؤية المستقبلية للشركة على الأقل لثلاث سنوات قادمة، وهو ما يحتاج إلى دراسة جدوى لا يقل إعدادها عن 3 أشهر، ويحتاج أيضا إلى ممولين سواء بنوكًا أو أشخاصًا، وإقناعهم بالمشروع مع تجهيز خطة العمل وعرضها عليهم فى حالة طلبهم لها مع دراسة الجدوى حتى يحدث ثقة بين الطرفين» واضاف: «أصعب مرحلة هى العثور على ممول للمشروع فبدونه لن يقوم المشروع أساسا، ولذلك يجب التأنى جيداً وعدم التسرع لإنشاء المشروع قبل الإعداد له جيدا».

 

وأضاف «نصر» أنه بعد تأسيس المشروع يتم اختيار العناصر الكفء للعمل داخل الشركة، وهو أمر صعب خاصة للشركة الناشئة لأنه تكون هناك معادلة صعبة، فيجب أن يكون الموظف كفئًا ولكن الميزانية فى البداية تكون محدودة التمويل، كما يجب تدريب بعض الموظفين على أحدث الأساليب فى الإدارة لأنه قد تواجه مشكلات لا يمكن تخطيها إلا بالتدريب والممارسة العملية.

 

تحديات وليست أزمات.

وأكد أمير شريف عضو مجلس إدارة هيئة تنمية تكنولوجيا المعلومات، إنه لا توجد مشاكل فى الشركات الناشئة فى مصر لكن هناك تحديات تواجه أى شركة ناشئة.

وقال «من الطبيعى فى الشركات الناشئة أن تفشل 90 % منها وتنجح 10 % فقط، وهذا ما يحدث فى العالم».

 

وأضاف أن «مؤسس أى شركة ناشئة هدفه الحصول على تمويل وتنفيذ نموذج أعمال صحيح يسمح باستمرارية الشركة الناشئة».

 

وأكد أن «من أسباب فشل أى شركة ناشئة هو سوء الإدارة أو سوء الحوكمة، ومن الممكن أن تكبر الشركة بشكل سريع ولا تستطيع الإدارة بناء أساس يتحمل النمو السريع».

وتابع«الأزمة العالمية الحالية أثرت بشكل كبير فى حجم الاستثمار فى قطاع الشركات الناشئة فى العالم بأكمله».

 

وواصل «وطبقاً لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، احتلت مصر المرتبة الأولى عربيًا فى تأسيس الشركات الناشئة، مرجعًا ذلك لتنفيذ مجموعة من الإصلاحات الجذرية اتساقًا مع منظومة الشباك الواحد وبالتكامل مع الجهات الحكومية المعنية فى إطار منهجية متكاملة للإصلاح تشمل القيام بإصلاحات تشريعية وتطبيق منظومات عمل مدعومة إلكترونيا فى إطار التحول الرقمى.