رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

غش المادة الفعالة خطر يهدد حياة المرضى

بوابة الوفد الإلكترونية

حالة من الجدل شهدتها الساحة الطبية مؤخرا بعد وقوع عدد من حالات الوفاة لأطفال، عقب إعطاء الصيادلة لهم حقنة مضاد حيوى، البعض اعتقد أن هذا ناجم عن حساسية للدواء لا يعلم عنها الصيدلى شيئا، ومن ثم امتنع الصيادلة عن إعطاء حقن للمرضى، إلا أن هذا الأمر تكرر بعد ذلك مع طفل من محافظة البحيرة.

 

خبراء يحذرون من «السيفاترياكسون».. ومصانع «بير السلم» قاتل محتمل

 

تعرض لاختبار الحساسية الذى أثبت خلوه منها، ومع ذلك مات الطفل، وهو ما أثار الشكوك حول المادة الفعالة لتلك الأدوية، والتى أجمع الصيادلة على أنها نوع واحد فقط وهى التى تسببت فى حالات الوفاة، لذلك يطالب الصيادلة بأخذ عينات عشوائية من الأدوية التى تحتوى على هذه المادة لتحليلها.

أحمد فاروق شعبان

أصابع الاتهام فى تعدد حالات وفيات الأطفال بسبب الحقن فى الفترة الأخيرة تشير إلى مادة  «السيفاترياكسون أو السيفوتاكسيم» وفقا لما قاله أحمد فاروق شعبان، الأمين العام السابق لنقابة صيادلة مصر، موضحا أنها تستخدم منذ مدة طويلة، وتدخل فى العديد من الأدوية المختلفة للأطفال، وهناك 12 شركة تستخدمها، ولكن هناك بعض الشركات التى تقوم بغش المنتجات، لافتًا إلى أنه منذ أكثر من عامين تقدمت عدة جهات بشكاوى لهيئة الدواء حول تلك المادة، ووجود مواد غير مطابقة للمواصفات بالسوق، إلا أن الهيئة لم تتحرك ولم تحاسب المسئولين عن انتشارها فى العديد من الشركات، وأضاف أنه من المتوقع أن تكون تلك الشركات قامت باستيرادها من الخارج بمواصفات غير مطابقة، أو تم تصنيع الأدوية بمصانع بير سلم.

غش المادة الفعالة خطر يهدد حياة المرضى

عشرة آلاف جنيه مخالفة غش الدواء.. والرقابة غائبة

 

 ولفت «شعبان» إلى أن الخطأ هنا على هيئة الدواء، لأن دورها هو محاصرة تلك الظاهرة ومحاسبة المسئولين عن انتشارها، لأن مثل هذه الظاهرة تسىء للأمن الدوائى القومى وللمرضى ولسمعة الدواء المصرى فى الخارج، مشيرًا إلى أنه تقدم بمشروع لعدة جهات سيادية منها وزارة الصحة، يسمى التتبع الدوائى، وهو عبارة عن تطبيق معتمد يشمل كل محتويات الأدوية بداية من دولة المنشأ حتى وجوده داخل مصر، وذلك عن طريق باركود خاص بكل دواء، إلا أن المشروع توقف ولم يتحرك أحد لتنفيذه رغم أنه بسيط ولن يكلف الدولة شيئا.

 

وأكد الأمين العام السابق لنقابة صيادلة مصر، أنه يجب محاسبة المسئولين عن الشركات المصنعة للدواء الذى يحتوى على مواد غير مطابقة للمواصفات، بدلا من محاسبة الصيدلى الذى أعطى الحقنة، فهذه خدمة إنسانية يقدمها الصيادلة مجانًا، ولكن للأسف يحاسبون على أخطاء غيرهم، وهو ما حدث مع الصيدلانية التى تم حبسها واحالتها للمحاكمة الجنائية بعد وفاة الطفلتين بسبب حقنة الرميتاكس التى توجد بها مادة السيفوتاكسيم، بينما لم يتم مساءلة المصنع الذى صنعها.

 

الأدوية المضروبة لا تكتشف بالعين المجردة

الدكتور أحمد رامى الحوفى

مصانع بير السلم هى السبب

 

ويقول الدكتور أحمد رامى الحوفى، أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق، إن المادة التى تعددت منها الشكاوى فى الفترة الأخيرة هى السيفاترياكسون، والتى من الواضح أنها غير مطابقة للمواصفات، فهى إما مادة خاما مستوردة من الخارج وبها شوائب تسبب اعراضا جانبية، أو حدثت عيوب أثناء تصنيع الدواء ولم يتم تطبيق المواصفات القياسية.

غش المادة الفعالة خطر يهدد حياة المرضى

وأوضح  أن العدد وصل الآن لـ15 حالة وفاة لأطفال بسبب هذه المادة، وهذا لا يمكن أن يكون خطأ صيدليا، خاصة وأنه من ضمن حالات الوفاة نجل رئيسة التمريض التى أعطت لابنها الحقنة فى المنزل بعد اختبار الحساسية، بالإضافة إلى حالة كانت فى مستشفى خاص وبه كل الامكانيات.

 

وأشار الحوفى إلى أن هذه الحالات تؤكد أن الأمر مرتبط  بالمادة الفعالة فى الادوية، لافتًا الى ان جميع الجهات الرقابية تقف صامتة ولا تخرج لتوضيح أسباب حالات الوفاة، وهذا شىء مريب، ومن الممكن أن يكون وراء تلك الأدوية أشخاص ذوو نفوذ.

 

600 مليون جنيه أدوية منتهية الصلاحية بالصيدليات

 

وأكد أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق، أن هناك سببا اخر، وهو مصانع «بير السلم» التى تصنع الأدوية بدون التزام بالمواصفات القياسية، مثلما حدث فى الأيام الماضية، عندما تم ضبط مصنع لتصنيع الأدوية غير مرخص بكفر الزيات، مملوك لعضو فى البرلمان، وغالبا هذا المصنع ليس الوحيد الذى ينتج أدوية بعيدة عن أعين الجهات الرقابية، ووارد أن يكون هذا هو سبب تعدد حالات الوفاة.

 

واختتم كلامه: «يجب تفعيل الرقابة على تلك المصانع، خاصة أن المسئول عن الرقابة على الأدوية هى هيئة الدواء، ولكنها لا تقوم بعملها، مناشدًا الأطباء التوقف عن كتابة حقن المضادات الحيوية إلا فى حالات الضرورة القصوى وتبديلها بأدوية الشراب او الكبسولات حسب عمر المريض.

 

أين القانون؟

الدكتور محمود فؤاد

وتعليقًا عن وجود مواد مغشوشة، قال الدكتور محمود فؤاد، المدير التنفيذى لمركز الحق فى الدواء، لا توجد مواد فعالة مغشوشة، ولكن المشكلة هى زيادة الأدوية المغشوشة فى مصر، نتيجة لظروف كثيرة اهمها تعاظم دور الانترنت فى حياتنا، وبيع الادوية من خلال التطبيقات التى وصل عددها إلى 16 تطبيقا، بالإضافة إلى الصفحات التى تبيع الأدوية عبر الانترنت، وذلك بعدما كان يوجد مصدر واحد لبيع الأدوية وهو الصيدلية، بالإضافة إلى عدم وجود قوانين رادعة للغش الدوائى والعقوبة الهزيلة التى لا تزيد على غرامة عشرة آلاف جنيه فقط.

 

وتابع: لا يوجد كود واضح لماكينات الانتاج او خطوط الانتاج فى مصر، متسائلًا عن المكان الذى تأتى منه الآلات أو «المكن» الخاص بإنتاج الدواء؟ مؤكدًا أنه من الطبيعى أن يكون للآلات الموجودة بالمصانع كود خاص، ولابد أن تقوم الشركة بتقديم إخطار لوزارة الصحة، وتقوم الوزارة بالاعلان عن مزاد علنى فى احدى الصحف، وبهذه الطريقة يتم شراء الآلات تحت إشراف وزارة الصحة، ثم يتم تسجيل بيانات المصنع لدى الوزارة عن طريق السجل التجارى والبطاقة الضريبية الخاصة بالمصنع، وبذلك نضمن عدم وقوع الآلات فى يد أفراد أصحاب مصانع بئر السلم، مثلما حدث فى مصنع كفر الزيات الذى عثر فيع على آلاف الأنواع من الأدوية المغشوشة المحلية والعالمية.

غش المادة الفعالة خطر يهدد حياة المرضى

وأشار المدير التنفيذى لمركز الحق فى الدواء، إلى أن الغريب فى الامر هو ان هذا المصنع كان يوجد به خط إنتاج جديد وحديث، والذى لا يتم شراؤه إلا عن طريق وزارة الصحة فقط ولا يمكن استيراده بدون علمها.

 

وكشف فؤاد عن كارثة أخرى وهى أن الادوية المنتهية الصلاحية يقوم بعض التجار بتجميعها وإعادة تدويرها، خاصة أن هناك حوالى 8000 مخزن معظمها تحت «بير السلم»، يقوم القائمون عليها بتغيير الغلاف وتحديث التاريخ وإعادة بيعها بأسعار منخفضة.

 

وأوضح الدكتور فؤاد «محمود» أن الصيدلى او حتى المفتش التابع لوزارة الصحة، لا يستطيع التعرف على الدواء المغشوش بالعين المجردة، الذى يتم  كشفه فى حالة حدوث وفاة، حيث تقوم النيابة

بإرسال العبوات للطب الشرعى لتحليلها وبيان إذا ما كانت هى السبب فى الوفاة ام لا، مؤكدًا أن هيئة الدواء عليها دور كبير لتفادى حدوث الوفيات، خاصة بعد أن قامت بنشر 25 منشورا تحذيريا عن الأدوية المغشوشة، لذلك كان لزامًا عليها الخروج ببيان للرأى العام بعد تعدد الوفيات، بالإضافة إلى مراقبة المادة الفعالة بداية من استيرادها حتى الانتهاء من تصنيع الدواء، وذلك لأن مراحل التصنيع يصعب الغش فيها، مؤكدًا أن صمت الهيئة غير مبرر وغريب ومريب، خاصة بعد تزايد حالات الوفاة، مطالبًا بتغليظ وتشديد القوانين وفرض عقوبة لا تقل عن السجن لمدة 15 سنة على غش الدواء، مثلما يحدث فى الهند والصين والبرازيل وتايلاند ونيجيريا.

 

 وأوضح فؤاد أن مادة السيفاترياكسون لها 12 اسما تجاريا فى مصر، وغالبية الأطباء يكتبونها لتحقيق معدل شفاء سريع، ولكن المادة ليست السبب فيما يحدث ولكن الشركات المنتجة للدواء هى السبب، فهناك شركات تبحث عن السعر الأقل، لذا تستورد المواد الفعالة الرديئة، وهنا يأتى دور هيئة الرقابة والبحوث الدوائية، وهى هيئة حكومية مستقلة سابقا، ولكنها اندمجت تحت شعار هيئة الدواء المصرية الآن، لتقوم بدورها المنوط بها فى الرقابة والتفتيش على الدواء وتحليل خامات الأدوية، مشيرا إلى أن هذه الهيئة حينما كانت تقوم بدورها لم تحدث حالة وفاة واحدة فى مصر بسبب الأدوية.

 

واختتم الخبير الدوائى حديثه قائلًا: «مصر بها 18 الف صنف دواء، وصناعة الدواء تمر بمراحل معقدة يصعب الغش فيها خاصة داخل المصانع، ما نتحدث عنه حاليًا هى مادة علمية واحدة ولكنها أدت الى عدد من حالات الوفيات، فهل الحقن مغشوشة من الأصل ومضروبة؟ أم أن الأدوية كانت منتهية الصلاحية، خاصة أن الصيدليات يوجد بها أدوية تقدر قيمتها بـ 600 مليون جنيه منتهية الصلاحية؟ وأشار إلى أن  الحكومة أصدرت قرارا عام 2016 برقم 499 يلزم  الشركات بسحب أدويتها المنتهية الصلاحية، ولكنه لم ينفذ حتى الآن، بالإضافة إلى أن مصر بها حوالى 80 ألف صيدلية من ضمنها 15 ألفا يعمل بها خارجون على المهنة فهم غير صيادلة، بل غير مؤهلين سواء كان لديهم شهادات أخرى ام لا، ولكنهم تجار لا تهمهم صحة المرضى، فمن الممكن أن يقوموا ببيع أدوية منتهية الصلاحية سامة، فضلًا عن وجود صيدليات تبيع أدوية منتهية الصلاحية مقابل منشطات جنسية على سبيل المثال، لذا لا يوجد ما يؤكد أن مصر تستورد مواد خاما مغشوشة ولكن يوجد غش دوائى فى التصنيع وعدم سيطرة من هيئة الدواء.

 

واتفق كريم كرم عضو نقابة الصيادلة مع الآراء السابقة قائلًا: «إن الحقن التى سببت الوفاة تنتشر بكميات كبيرة فى الأسواق ومنها ما هوغير مطابق للمواصفات ومغشوش، وذلك وفقا لما نشرته هيئة الدواء المصرية، ولكن من المفترض أن يتم إعادة هذه الأدوية إلى المصانع مرة أخرى، ويتم ذلك من خلال المسئول عن إدارة الصيدلية، حيث أن هيئة الدواء يمكنها تتبع اللأدوية المغشوشة من خلال الفواتير التى تمتلكها الصيدلية والتى يكون مدونا بها اسم الشركة المنتجة أوالمخزن الذى ورد تلك الأدوية للصيدلة.

وحمل كرم هيئة الدواء مسئولية الرقابة على المواد الخام والأدوية وكل ما يخص الدواء فى مصر، وكان لابد من تحميل المسئولية عليها بعد الحادث الأول، أو على الأقل مشاركتها فيها، بدلًا من الصيادلة.

 

 

أما عن مصدر المواد الخام، فأكد أن الصين والهند هما أكبر دولتين مصدرتين  للمواد الخام فى العالم، والشركات المصرية تعمل على انتقاء المادة الخام حسب الجودة، ثم يأتى دور هيئة الدواء فى المراقبة على تلك المواد من حيث وجود شوائب فيها أو مواد مغشوشة، فضلًا عن درجة جودتها وصحة أوراقها.

غش المادة الفعالة خطر يهدد حياة المرضى

وللقضاء عن الأدوية المغشوشة فى مصر، أكد عضو نقابة الصيادلة أن قصة الأدوية المغشوشة تنتهى بتطبيق مشروع التتبع الدوائى المعروف فى جميع دول العالم، ولكنه غير معمول به فى مصر، وهو يقضى بعمل اسكان للباركود المتواجد على غلاف الدواء، فتظهر كافة مواصفاته وتاريخ تصنيعه، مؤكدًا أنه يعتبر حلا عمليا ويجب أن تتبناه جميع الشركات الدوائية بالاشتراك مع هيئة الدواء المصرية ونقابة صيادلة مصر. 

 

هيئة الدواء ... الحاضر الغائب!!

حاولت «الوفد» التواصل مع هيئة الدواء المصرية، ورغم أن المتحدث الرسمى للهيئة الدكتورة فاتن عبدالمعبود المستشار الإعلامى أجابت على الهاتف، وطلبت إرسال الأسئلة إليها، إلا أنها لم تجب عن الأسئلة بعد إرسالها، واكتفت بالصمت التام.