عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من مرشد إيران .. إلى مرشد الإخوان

بوابة الوفد الإلكترونية

ليس من الضروري أن تتدخل إيران في شئون الدول العربية في المشرق وفي الخليج، من أجل تشييع السنّة. لكن إيران تتدخل لأهداف أبعد. فعندما انطلقت الثورة المصرية ضد نظام الرئيس حسني مبارك

 قال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي إنها امتداد للثورة الإسلامية الإيرانية. ثم نشطت تحركات بدو سيناء، وأطلقت إيران سراح كبار الجهاديين وأعادتهم إلى مصر. إلى أي شيء تهدف تصريح المرشد الإيراني وإلى أي طموحات تصبو الجمهورية الإسلامية من تحركاتها في مصر عقب ثورتها.
بالعودة قليلا إلى الوراء، وتحديدا خلال ايام الثورة الـ 18، نتذكر أن يوم جمعة الغضب شهد اقتحاما كبيرا لحوالي 99 قسم شرطة في توقيت واحد، فضلا عن عمليات فتح عدد كبير من السجون، ومن بينها العملية التي تضمنت تهريب سامي شهاب، أحد أبرز المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا باسم «خلية حزب الله»، والتي كان متهما فيها بالسعي لتجنيد شباب مصري للجهاد ضد الصهاينة وتهريب غير المصريين الراغبين في الجهاد إلى قطاع غزة.
كان سامي شهاب، المحكوم عليه بالسجن 15 عاما، من بين أول من تم تهريبهم خلال جمعة الغضب، وبعد ساعات قليلة من هروبه يتحدث إلى قناة حزب الله اللبنانية في بيروت. وهي ذات العملية التي تم فيها تهريب القيادي بحماس أيمن نوفل من سجن المرج، والرئيس الحالي محمد مرسي من سجن وادي النطرون.
الهجوم على هذا العدد الكبير من الأقسام في توقيت واحد وعملية تهريب واسعة للمساجين، خلاصة الموجودين في سجون بها سياسيون إسلاميون من مصر ولبنان وحماس، يدل بالتأكيد أن ثمة تنسيقا ما تم لاستغلال حالة الفوضى الناجمة عن خروج مئات الألوف من الناس إلى الشوارع ضد نظام مبارك، وانشغال الشرطة في قمع هذه المظاهرات، بهدف ضرب النظام المصري ضربات موجعة لا يستطيع التعامل معها في ظل تشتت جهوده آنذاك. وبطبيعة الحال لم يكن مصادفة أن يتم اقتحام 6 سجون دفعة واحدة بنفس الأسلوب وبنفس التخطيط. إذن فلعب أطراف خارجية، كحماس وحزب الله الذي يمثل ذراعا لإيران في المنطقة، لم يكن يستهدف فقط تهريب مساجين، وإنما جزء من عملية واسعة لتحقيق أهداف أخرى بعيدة المدى في مصر، بما يصب في الصالح الإيراني. 
خلال إجراء الانتخابات النيابية في مصر عقب اندلاع الثورة، أصدر محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري، أمرا لقاسم سليماني، قائد فيلق القدس، بإرسال مجموعة من الضباط الإيرانيين إلى مصر لتسريع جمع المعلومات الاستخباراتية عن مناطق مهمة في مصر.
ورشوة إيران للإسلاميين في مصر بدأت قبل الانتخابات النيابية الأخيرة. فهي قدمت دعما ماليا مباشرا إلى الشيعة هناك كما إلى فصائل إسلامية أخرى، في جهود ترمي إلى زعزعة استقرار الوضع الهش، وكسب المزيد من الدعم «للمثل العليا للثورة الإسلامية. وحسب مصادر مطلعة، أعدت القيادة الإيرانية قائمة بأسماء 48 شخصية مصرية لإقامة اتصال معها، كي تحولها إلى مكاسب موالية لها، هذا على الرغم من التصريحات العلنية للساسة الإيرانيين بأنهم يريدون بناء علاقات جديدة مع حكومة مصر ما بعد مبارك. وقد قطعت إيران شوطا كبيرا في تحقيق أهدافها، بعد لقاءات بين مسئولين إيرانيين ونشطاء بارزين من مختلف الجماعات الإسلامية.
وتركز إيران في طريقة عملها الآن على الرشوة والتجنيد السري، وقد حولت مبلغ 20 مليون دولار لفيلق القدس لهذه المهمة. وتم تخصيص أموال إضافية لتوريد وتهريب الأسلحة وإنشاء وحدات، وفي الحالات التي لم يتحقق فيها التعاون المطلوب، استخدم التشهير والابتزاز.
هذه الأساليب تتفق تماما مع التعليقات التي أدلى بها قاسم سليمان على المخاوف التي أثارها الموالون للجمهورية الإسلامية حول ما إذا كانت تبذل جهودا كافية لاستغلال الاضطرابات في الدول العربية، أكد سليماني أن إيران تستخدم كافة الوسائل المتاحة لها لتؤثر في هذه التطورات، وإقامة علاقات واتصالات جديدة مع الوجوه الناشئة ذات النفوذ. وقال إن ثمار عمل ضباطه يمكن رؤيتها على الأرض. ويؤكد سليماني أن الوضع في مصر أكثر تعقيدا، وإنه يتعين على إيران الضغط على تلك العناصر، وبالذات ضمن جماعة الإخوان المسلمين، التي قد تصل إلى السلطة في مجلس الشعب والشورى، والتأكد من أنها لن تبتعد عن الشريعة أو تميل إلى العادات الغربية عندما تصل إلى السلطة.
إن تعاون إيران مع الإسلاميين في مصر يتناسب مع نسخة منقحة من خطة إيرانية - سورية مشتركة وضعت العام الماضي للقيام بأعمال تخريبية في مصر (حسبما ورد في تقرير: الدبلوماسي العدد 133 لشهر أغسطس 2010) عندما تكاثرت الأسئلة في مصر: إلى متى سيبقى حسني مبارك في السلطة، وكان قد خضع لعملية جراحية في ألمانيا في شهر مارس 2010)، ووقع العبء في الأشهر الأخيرة على إيران، لتنفيذ حصة الأسد من تلك الخطة، بعدما انشغلت سوريا في أزمتها الداخلية، التي قد تطيح بنظام بشار الأسد.
ومن المعروف أن مصر علاقتها سيئة مع إيران، منذ قيام الثورة الإيرانية الإسلامية، ورغم أنه كانت هناك محاولات للتقارب مؤخرا إلا أن العلاقة ما زالت عند النقطة صفر، ولا توجد علاقات دبلوماسية بشكل كامل، هناك مكاتب لرعاية للمصالح، ولكن لا يوجد تطوير في العلاقات السياسية والأمنية، فقط هناك بعض العلاقات على المستويين الاقتصادي والثقافي، فإيران تسعى إلى تعزيز علاقتها وتمددها الإقليمي عبر ما يسمى بالأدوات الناعمة، بحيث يكون لها حضور لدى الرأي العام في الدول العربية، من خلال الأداة الإعلامية، والثقافية، وتحاول من خلال هذه الأدوات الناعمة تشكيل توجه عام داخل الدول العربية مؤيد لإيران وداعم لطموحاتها النووية والإقليمية.
لكن المشكلة الأهم التي تواجه طهران، أن ثورة مصر لم تكن ثورة إسلامية، لأن ما حدث قادته حركة وطنية من الشباب تجاوزت الاستقطاب السياسي، لم يسيطر عليها تيار سياسي معين في مصر، سواء من الأحزاب أو جماعة الإخوان المسلمين، فالثورة المصرية هي حركة وطنية قادها الشباب الباحث عن فرصة عمل أو إصلاح سياسي، وبالتالي فهي لم تخضع لتوجهات سواء من جانب تيارات داخلية أو خارجية.
وعندما دخل على خامنئي على خط المواجهات داخل مصر، أعطى انطباعا بأن هناك ارتباطا بين ما يحدث داخل مصر وبين إيران، وبالتالي استفز شباب الثورة، لأنهم اعتبروا أن هذه محاولة من إيران للقفز على النتائج التي حققتها ثورة شباب 25 يناير، ومحاولة مصادرة هذه النتائج وإضافتها لرصيد إيران، لدعم موقفها على الساحة الإقليمية، وحتى من هم خارج حركة الشباب المصري سببت تصريحات  إيران استياء كبيرا لهم، لأن المصريين معروفون برفضهم لأي تداخلات خارجية سواء معارضة للمظاهرات أو مؤيدة لها.
لكن يبدو أن إيران من خلال تدخلها لم تحقق نجاحا، بدا واضحا من الأيام الأولي للثورة وما قبلها من خلال أذرعها المتمثلة في حزب الله وغيرها من بعض الجماعات الجهادية مصرة على المضي في مخططاتها لإدخال مصر في فلك مصالحها، ويبدو أيضا أن الزيارة السرية للوفد الرئاسي المصري بقيادة عصام الحداد، والتي كشفها القدر، بدايات لتقارب إيراني مصري لن يصب إلا في مصلحة طهران، مع محنة القاهرة التي ابتلاها بنظام عديم الكفاءة وعديم الولاء للمصالح المصرية المعتبرة.