عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زيارة إلى بيت الشيخ أبوالوفا الصعيدى

الشيخ محمود أبوالوفا
الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى

حفظ 3 أجزاء من القرآن على يد والدته قبل أن يكمل الرابعة

 

ولد الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى فى قرية كلح الجبل "الصعايدة قبلى" مركز إدفو محافظة أسوان، يوم 10 نوفمبر عام 1954م، فى تلك القرية التى تقع فى أحضان الجبل وفى تلك الطبيعة القاسية، لم يكن أحد يدرك أن ابنا من أبنائها سوف يصل إلى مكانة مرموقة، ليعبر صوته حدود الوطن إلى العالم الإسلامى كله.

 

أطلق عليه أبواه لقب "الشيخ" منذ الصغر، فقد كانت هناك أمارات وبشارات على ميلاد قارئ كبير فى تلك القرية بصعيد مصر، التى نشأ بها، وحفظ القرآن الكريم، وعاش سنى حياته الأولى بين أهله وعائلته حين ارتحل إلى القاهرة، بين عشية وضحاها أصبح أحد أعلام دولة التلاوة، وعبر صوته من خلال شرائط الكاسيت أرض الوطن وشاع اسمه بأحرف من نور وسط أساطين التلاوة من المقرئين العظام. بين الميلاد والنشأة إلى النزوح إلى القاهرة وحتى الوصول إلى عالم الشهرة، رحلة امتدت لأكثر من 40 عامًا، فى حياة أسطورة التلاوة "صوت الجبل" - كما كان يطلق عليه.

الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى

"الوفد" التقت نجله القارئ الطبيب أحمد محمود أبو الوفا الصعيدى ليستعرض رحلة والده وكيف صار امتدادًا لوالده ليسير على نهجه ويصبح قارئًا مثله، وهذا نص الحوار.

 

فى البداية يقول القارئ الطبيب «أحمد» نجل الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدى: ولد أبى يوم 10 نوفمبر 1954 بقرية كلح الجبل "الصعايدة قبلي" مركز إدفو بمحافظة أسوان، وقد نشأ فى بيئةٍ قاسيةٍ، شكلت شخصيته المكافحة، التى لا تعرف ألوان الترف ومتع الحياة، ولكن تعرف الجدية والمثابرة والكفاح منذ الصغر، وكان جدى لوالدى خادمًا بالمسجد، وجدتى "منيرة" ربة منزل، وإخوته هم الحاج "عبدالفتاح"، والشيخ عبدالله وما زال حيًا، أما أخواته البنات فهنَّ "فاطمة وإنصاف وسعدية ومنى"، توفيت ثلاث هنَّ "سعاد وإنصاف وسعدية".

الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى

بدأ بتقليد عبدالباسط عبدالصمد.. و«الكاسيت» بداية طريقه للشهرة

 

قامت والدته بتحفيظه ما يقرب من ثلاثة أجزاء من القرآن وهو فى الرابعة من عمره، فوالدها كان إمام مسجد القرية وخطيبًا يصعد المنبر وشيخ الكُتاب، وأشارت على والده بإرساله لكتاب الشيخ "كمال مكى" وبالفعل التحق والدى بالكتاب، وبدأ حفظه للقرآن بطريقة "اللوح" ونظرًا لكثرة التلاميذ فى هذا الكُتاب أرسله لكتاب الشيخ "محمد أبو العلا" حتى يلقى الرعاية والاهتمام لنبوغه منذ الصغر لكنه لم يختم القرآن فى الصغر، فقد اكتفى بحفظ ثلثى القرآن الكريم، وقد نصح الشيخ محمد أبوالعلا والدته بدراسة علوم القرآن والقراءات فى صحن الأزهر وقال لها: "أرى فتوحًا لهذا الولد فى القرآن الكريم فألحقيه بالأزهر" فقد كانت تظهر عليه أمارات أو بشائر حبه للتلاوة فكان يجلس آخر البيت فى حجرة تسمى "الحاصل" التى يتم جمع المحصول بها وليس بها أى منفذ، لكنه كان يرى من يطرق الباب وكأنه يقف أمامه، فقد كان صاحب حال مع الله، ومنذ صغره عرف بحبه لتلاوة القرآن فكان عندما يذهب لجلب المياه من البحر كعادة أهل القرية وهو يركب الدابة مع خالى فؤاد يمسك "كوز" المياه ليقرأ فيه وكأنه ميكروفون، وخالى يشجعه وكأنهما يقومان بعمل بروفة أثناء التلاوة، أما جدته لأمه الحاجة "منيرة" فكانت من الصالحات تقول له: "إن شاء الله يا محمود تقرا والناس حواليك تقول الله" وكأنها دعوة له، فقد كان لديه قبول غير عادى، ويمتلك سرًا وعطية نورانية يخاطب بها الأرواح والقلوب، فمتى قرأ يتأثر من حوله بما تلاه ومن أسرار شخصيته كان يقول لى: "إن القرآن عشق"وقد توفى جدى وكان عمر والدى 16 عامًا.

الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى

جدته كانت تدعو له: «إن شاء تقرا.. والناس تقول: الله»

 

التعليم العام

ويستكمل القارئ الطبيب أحمد محمود أبوالوفا الصعيدى قائلًا: حصل والدى على الشهادة الابتدائية ثم الإعدادية بالتعليم العام، والتحق بالمدرسة الثانوية التجارية بإدفو ونجح فيها بتفوق، على الرغم من مواصلته حفظ القرآن الكريم بالكتاب أثناء الدراسة، وبعد أن أنهى دراسته أدى الخدمة العسكرية لمدة عامين (1974-1976) ثم عاد لقريته، واستقربها، ليعمل ككاتب فى مصنع السكر حتى جاءه خطاب من وزارة القوى العاملة بترشيحه لوظيفة باحث اجتماعى بإدارة الشئون الاجتماعية بإدفو، وأشار عليه والد زوجته (حماه) بالانتقال للقاهرة ليتعلم التجويد والقراءات فى قلب مدينة العلم والعلماء بالأزهر الشريف، فقدم طلبًا للشئون الاجتماعية ليتم نقله إلى مجمع التحرير عام (1978)، حيث سهّل له مهمة النقل خاله السيد سعد محمد أحمد وزير القوى العاملة وقتها، وبدأ رحلته بالقاهرة مع القرآن الكريم لينهل من علومه وقراءاته، داخل أروقة الأزهر ليحفظ القرآن الكريم ويتلقى علومه خلال عامين فقط على يد الشيخ "محمد إسماعيل الهمدانى" أحد علماء الأزهر الشريف، والذى توسم فيه الخير، ليبدأ مرحلة جديدة من مراحل حياته مع القرآن.

الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى

عالم الكاسيت

ويضيف نجل الشيخ «الصعيدى»: لم يصدق والدى أنه سيحقق من الشهرة ما حققه عباقرة القراء فى مصر خاصة قراء الوجه القبلى الذين حفروا أسماءهم فى عالم التلاوة بأحرف من نور أمثال الشيخ محمد صديق المنشاوى والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ أحمد الرزيقى والشيخ عبدالتواب البساتينى المبتهل والقارئ الشهير، حتى بدأ والدى يشق لنفسه طريقًا نحو الشهرة داخل القاهرة، وفى الفترة من عام 1980 حتى عام 1990، استطاع أن يحقق شهرة واسعة امتدت إلى بعض المحافظات خاصة محافظات الوجه القبلى وبعض محافظات الوجه البحرى وعرف طريقه إلى شرائط الكاسيت، فأصدر أول شريط كاسيت عام 1983 لسورتى النمل ومريم، فانطلق صوته إلى الأقاليم والمحافظات ثم خارج مصر، وفى هذا التوقيت طلب منه عمى "عبدالفتاح" شقيقه الأكبر العودة إلى أسوان ليكتفى بإحياء الليالى القرآنية فى صعيد مصر، فرد عليه والدى قائلًا له إننى أجد فرصتى فى القاهرة وتمسك بالبقاء فى القاهرة، وقد حدثنى والدى أنه ذات مرة شعر بضيق فى القاهرة وكان سيعود إلى قريته بأسوان إلا أنه رأى فى منامه "ضابطًا يمسك مسدسًا ويقول له: اوعى تيجى هذه الناحية وأشار بيده إلى طرق الصعيد" وكأن هذه إشارة أو أمارة للبقاء فى القاهرة وترك الصعيد، وتنقل بعدها بين شركات الكاسيت وحقق شهرة واسعة فى شركة "صوت الطرب" ثم مع شركة "نجمة العتبة" التى بدأت تنشر إعلانات قوية له، وذاعت شرائط الكاسيت بصوت والدى داخل مصر وخارجها، فاستطاع خلال هذه الفترة أن يجعل لنفسه مكانة بين المشاهير وربطته علاقات طيبة مع العباقرة الكبار أمثال الشيخ عبدالباسط والشيخ الطبلاوى والشيخ الرزيقى، وشاركهم بعض السهرات القرآنية والاحتفالات ومناسبات العزاء، ومن هنا زادت مساحة الشهرة له، بسبب علاقته بمشاهير وعمالقة القراء ولتمكنه وقوة أدائه وحسن تلاوته، بالإضافة إلى تعلقه الشديد بآل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجهت له الدعوات من جميع مدن ومحافظات مصر، لتلاوة القرآن الكريم فى المناسبات خاصة المآتم، وانتشرت أشرطة الكاسيت بسرعة البرق لتتخطى الحدود المحلية إلى معظم الدول العربية والإسلامية، بالإضافة إلى الليالى القرآنية بالساحة الرضوانية بقرية البغدادية بالأقصر، كما كان حريصًا على زيارة ساحة سيدى أبى الحجاج الأقصرى بمدينة الأقصر فى صعيد مصر.

الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى

نجله: فهمى عمر شجّعه على دخول الإذاعة.. وتعلم المقامات من محمد عمران

 

الإذاعة

وعن التحاق الأب بالإذاعة يقول نجله الطبيب أحمد أبو الوفا الصعيدى: بعد أن ذاع صيت أبى عبر شرائط الكاسيت، وصل أحد هذه الأشرطة إلى الإعلامى والإذاعى القدير فهمى عمر رئيس الإذاعة الأسبق، وهو أحد رواد الرعيل الأول للإذاعة المصرية، فاستوقفه صوت والدى بعد أن استمع إلى تلاوة مسجلة فسأل عن والدى ودعاه ليقنعه بضرورة التقدم للالتحاق بالإذاعة كقارئ للقرآن الكريم، عام 1985 فاستجاب والدى لطلب الإذاعى الكبير، وتقدم للإذاعة وبعد عرضه على لجنة الاختبار أثنى عليه جميع أعضائها حتى كتبوا فى التقرير "إن الإذاعة فى حاجة إلى هذا الصوت إلا أنه ينقصه الترتيب النغمى، فلم يكن دارسًا للمقامات القرآنية، فقد كان يقرأ بالفطرة وطلب منه كل من أحمد صدقى الملحن القدير وزميله عبدالعظيم محمد أن يتقن دراسة المقامات لموسيقية حتى تكتمل لديه ملكة الإتقان، فهو قارئ للقرآن يمتلك كل المقومات التى يجب توافرها فى القراء، وبدأ يتعلم المقامات حتى إنه ذهب للشيخ محمد عمران القارئ والمبتهل الكبير والذى يعد همزة الوصل بين أهل الطرب والقراء، والذى كان له تعليق قوى على صوت والدى، حيث قال له "لديك جوهرة فى صوتك، فهو صوت سودانى" وقد درس المقامات فى ست سنوات لانشغاله، ثم عاد بعدها للجنة الاختبار بالإذاعة عام 1991، فاجتاز الاختبار بنجاح والتحق بالإذاعة، بعد أن تعلم المقامات، وقام بتسجيل عدة تلاوات، مدة التلاوة 15 دقيقة وأجازت اللجنة هذه التلاوة، وبها تم وضع اسمه على خريطة الإذاعات القصيرة وإذاعة القرآن الكريم والإذاعات الأخرى، حتى جاب محافظات مصر قارئًا للقرآن بالأمسيات الدينية بإذاعة القرآن الكريم، فقد استمع إليه الدكتور عبدالصمد دسوقى رئيس شبكة القرآن الكريم الأسبق ولجنة اختبار القراء بالإذاعة فى إحدى هذه الأمسيات وأعجب به وقال: "هذا قارئ يجب أن يوضع على خريطة الإذاعات الخارجية، فهو قارئ ممتاز"، وقام بتسجيل نصف ساعة، تم عرضها على اللجنة التى يرأسها الدكتور عبدالصمد دسوقى، فتمت إجازة التسجيل وصدر قرار بأن يوضع اسم أبى على خريطة البرنامج العام "نصف ساعة" والإذاعات الخارجية كالفجر والجمعة وغرة الشهور العربية، وكان أول فجر له على الهواء سنة 1995، من مسجد السيدة زينب رضى الله عنها وأثنى عليه الناس كثيرًا، فقد قدم عددًا كبيرًا من الأمسيات الدينية وخدم الإذاعة كثيرًا، وفى التليفزيون توقفت لجنة الاختبار به لأكثر من عشر سنوات حتى أعطت الرائدة الإعلامية رئيس التليفزيون الأسبق الراحلة سهير الأتربى الفرصة لاعتماد مجموعة من القراء الإذاعيين المعتمدين بخريطة الإذاعات والاحتفالات الخارجية بالإذاعة ليقرأ بالتليفزيون، فهم أصحاب حق كزملائهم، واستفاد من ذلك القارئ الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدى ومجموعة من زملائه المقرئين.

الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى

أما عن أسفاره فيقول نجله: كان أبى لا يحب السفر كثيرًا ولا ترك الوطن خاصة قريته "الصعايدة قبلي" ويفضل البقاء بين أهله

وأحبابه ومستمعيه، فقد كان لديه قناعة بأن المقرئ يستطيع أن يصل بصوته لآخر البلاد عبر أثير الإذاعة على الهواء مباشرة أو عبر التلاوات المسجلة ليكون سفيرًا للقرآن، بالإضافة إلى أنه كان مطلوبًا كثيرًا فى مصر بطريقة قوية وعليه إقبال شديد، حتى أنه لم يسافر إلا فى أواخر عمره، فقد سافر إلى ساحل العاج عام 1993 موفدًا من وزارة الأوقاف المصرية وأستراليا على مدار عامين متتاليين 1994-1995 بدعوة رسمية من الشيخ تاج الدين الهلالى مفتى أستراليا فى هذا التوقيت، وهولندا من قبل وزارة الأوقاف المصرية لإحياء ليالى رمضان عام 2002، وتركيا عام 2006.

الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى

تراثه يشمل المصحف المرتل كاملا.. وأشهر ألقابه «صوت الجبل»

 زواجه وتعامله الأسرى

يضيف نجل القارئ الكبير الراحل: تزوج والدى فى السبعينيات من ابنة عمه، قبل نزوحه إلى القاهرة، فأنجب "زين العابدين" توفاه الله وهو صغير، ثم أختى "زينب" طبيبة أسنان، وتعمل بأم القرى بمكة المكرمة، وتزوجت من زميلها الدكتور عادل فتحى طبيب أسنان، ثم "فاطمة" توفيت وهى صغيرة، ثم "أحمد" صيدلانى وقارئ للقرآن، ثم إبراهيم صيدلانى فى مرحلة الدراسات العليا، ثم "منيرة" صيدلانية، ثم شقيقى الأصغر "على" وهو حاصل على بكالوريوس علوم طيران، وكان والدى شديدًا حازمًا فى بداية عهده فى الصعيد، لكن عندما مكث فى القاهرة بدأ فى التعامل بهدوء، وكانت حياته منهاجًا عمليًا، حتى أنه كان يجمعنا على الصلاة خاصة صلاة الفجر، فلم يكن يوجه بقدر أن يكون قدوة، فكما يقولون "فعل رجل فى ألف رجل خير من كلام ألف رجل فى رجل" فكان سلوكه قدوة نقتدى به، وكان ذا هيبة شديدة لكنه كان يتصف بالحلم ورقة القلب والحنان وكانت حياته مليئة بالأنوار والخيرات، وقد عشق الرياضة جدا خاصة"الجرى" منذ أن كان فى الجيش.

 

رؤية النبى

ويستكمل القارئ الطبيب أحمد أبو الوفا الصعيدى: كان والدى بكاء وكثير الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، ولا أخفى سرًا إذا قلت إنه كان كثيرًا ما يرى الرسول صلى الله عليه وسلم فى رؤى منامية، ومن هذا أنه حين تقدم أكثر من شخص للزواج من أختى الدكتورة زينب وهى طبيبة أسنان كان والدى فى حيرة من قبول الشخص المناسب، حتى رأت والدتى سيدنا النبى وعن يمينه سيدنا أبو بكر وعن شماله دكتور على زوج شقيقتى الحالى، وإذا بوالدى يشاهد هذه الرؤيا أيضاً وهو يقظ، فقصها على والدتى، فكانت إشارة بقبول زواجها من هذا الطبيب، وفوجئنا بعد ذلك أن زوج شقيقتى يصل نسبه إلى سيدنا أبو بكر فى الحقيقة، وكانت بشارة عظيمة، فقد كان تعلق والدى بسيدنا النبى كبيرًا جدًا، أيضاً هناك رؤيا أخرى قبل وفاته بيومين، فقد رأت شقيقته سعاد أنها ووالدى ذهبا لزيارة السيدة نفيسة وبعد انتهاء الزيارة، أشار لها بأن تعود للمنزل بمفردها، لأنه سيذهب مع سيدنا النبى، وبعد هذه الرؤيا كانت وفاته والصلاة عليه فى مسجد السيدة نفيسة يوم 11 ربيع الأول فجر يوم الاثنين ذكرى ميلاد النبى صلى الله عليه وسلم.

تراث «الصعيدى» وألقابه

الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدى

يقول نجل القارئ الكبير عن تراث والده: أبى قدَّم المصحف المرتل كاملًا، وله أكثر من 50 شريط قرآن مجود، بالإضافة إلى حفلات على مدار أكثر من 40 عامًا، وصلت إلى أكثر من ألف أمسية واحتفالية دينية، لكن الإذاعة لا تذيع إلا القليل من هذه الأمسيات، إلا أنها بدأت مؤخرًا تتلقى التسجيلات الخارجية النادرة له لتذيعها بعد مراجعتها واعتمادها للإذاعة. أما بالنسبة للألقاب فأبى كان لا يميل إلى إطلاق الألقاب عليه، لكن بعد وفاته أطلقت عليه العديد من الألقاب مثل "المجرى" و"الأسطورة" و"السد العالى" و"صوت الجبل"، ولكن رحمه الله كان يعيش مع القرآن، فقد ذاع صيته قبل حتى التحاقه بالإذاعة بسبب سوق الكاسيت.

الوريث

وبسؤال القارئ الطبيب أحمد أبوالوفا نجل المقرئ الكبير محمود أبوالوفا الصعيدى عن بداياته وكيف سلك مسار والده حتى اعتبره السميعة امتدادا له وأن صوته كأنه هو فى شبابه قال: أنا من مواليد 1984، وتأثرت بوالدى كثيرًا فى التلاوة حتى أننى عندما كنت أذاكر بعد منتصف الليل أدير الكاسيت على صوت والدى لأعيش معه وهو يجود القرآن حتى أصل إلى حالة "السلطنة" ثم تحولت هذه العادة إلى التقليد، وقد تعلمت على يد شيخ مقرأة مسجد السيدة سكينة الشيخ نبيل محمد على وراجعت القرآن على يده وحصلت على إجازة حفص وشعبة وورش بل والإجازة الشاطبية، وتعلمت أيضاً الموسيقى على يد الشيخ محمد الهلباوى رحمه الله، وقد رافقت والدى فى الكثير من الليالى والحفلات والإذاعة، فلم تكن العلاقة بينى وبينه علاقة أب بابنه، ولكنها كانت أعمق بكثير، وعندما التحقت بالكلية بدأت تتضح الصورة، حتى جاءت لحظة فارقة فى أحد أيام الجمعة، وقبيل الخطبة، ليرن هاتف المنزل ليخبرنى أحد زملائى بالكلية وجارى فى السكن أن مقرئ المسجد تغيب ودعانى للقراءة بدلا منه، ولم أرفض طلبه وتلوت قرآن الجمعة واستمع لى والدى ونلت إعجابه، لكنه كان يمنعنى فى البداية حتى أكمل دراستى أولا وخوفًا من الحسد ثانيًا، وكان يوافق بصعوبة على أن أحيى بعض الحفلات فى القاهرة،وبعد انتهاء دراستى طلب منى تأسيس صيدلية أنا وشقيقى، حتى عملت فيها كصيدلى لمدة عشر سنوات، حتى سجلت معى قناة "الشباب" وقتها لقاء مباشرًا وبالمصادفة شاهدنى والدى وأثنى على تلاوتى، وبدأت أرافقه فى بعض الليالى كقارئ، ولم أكن أرتدى العمامة والجبة، حتى أن أحد الصالحين حكى قائلًا: إنه رأى والدى بعد وفاته فى منامه يثبت العمامة على رأسى فى إشارة منه ألا أخلعها أبدًا.

 

الرحيل

وعن لحظة الرحيل قال نجل أسطورة التلاوة: والدى عاد من العمرة يوم الثلاثاء قبل الوفاة بأقل من أسبوع، وكان مدعوًا لإقامة ليلة فى أسوان يوم الجمعة وبالفعل حضرنا سوياً، وهناك شعر بتعب خاصة أنه كان يعانى من اضطراب فى الضغط، ويحتاج إلى قسطرة، وعدنا صبيحة السبت وكنا سنذهب الأحد للقاء الطبيب المعالج لكنه اعتذر لسفره على أن نذهب له يوم الثلاثاء لكنه شعر بتعب شديد قبل فجر الاثنين بساعة وأخبرنى شقيقى بأنه يحتاج إلى الذهاب إلى المستشفى وذهب لإحضار الإسعاف، فرأيت والدى جالسًا على كرسى مستقبلًا القبلة، فمددت يدى لأسلم عليه لكنه لم يستطع، فقد كان ذلك وقت الاحتضار، فأسندت رأسه على ذراعى وشعرت وقتها بثبات شديد، فقد كانت مفاجأة لى، وتوفى بعد صلاة الفجر عن عمر يناهز 64 عاما، حتى إننا ذهبنا به للمستشفى إلا أنه كان قد فارق الحياة، وأقيمت صلاة الجنازة عليه فى مسجد السيدة نفيسة، ودفن يوم 19 نوفمبر 2018، بمدفنه الخاص بطريق السويس.