عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البترول فى عهدالإخوان بين بيع الوهم والخراب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قامت الدنيا ولم تقعد.. وشمرت كل المواقع الإلكترونية الإخوانية علي الإنترنت عن سواعدها  للتهليل للحدث الكبير، وهو اكتشاف أكبر بئر بترولي في العالم في منخفض القطارة بالصحراء الغربية... ذلك الخبر المفاجئ الذى أدار عقول البسطاء ، وتلاعب  بأحلامهم

>و بشرهم بقرب الخروج من دوائرالفقر والبؤس والحرمان ، التى استحكمت حلقاتها عليهم .والحقيقة أنه من الصعوبة تحديد مصدر انطلاق تلك الأكذوبة، ولكن من الممكن تحديد أول مروجيها، وقد تكون البداية من الفيس بوك، ثم انطلقت إلي المواقع الخبرية أو العكس، إلا أن بعد بحث موسع يمكن ان يكون موقع «وطن» الأردني المقرب من الإخوان المسلمين، هو أول موقع إخباري نشر الخبر الكاذب، الذي يقول نصه «إن شركة ترانس جلوبال الكندية أعلنت عن اكتشافها لأكبر بئر بترول في العالم بمنخفض القطارة بالصحراء الغربية في محافظة مرسي مطروح».. وأضاف "أن الخبراء قدروا من خلال الدراسات الأولية أن حجم الاحتياطي المتوقع 20 مليار برميل، ما يحول مصر في غضون أشهر قليلة لأكبر دولة منتجة للبترول في أفريقيا والعالم"، واختتم الموقع الخبر بعبارة «ولم تعلن أي جهة رسمية حتي الآن عن صحة الخبر من عدمه ولكن إذا ما ثبتت صحة هذا الخبر فمن المتوقع أن تخرج مصر من أزمتها الاقتصادية في أسرع وقت ممكن».

وسرعان ما تلقفت كبريات المواقع المصرية الخبر وتناقلته، ليقرأه ملايين المصريين وانهالت تعليقات لجان الإخوان الإلكترونية مهنئة الرئيس محمد مرسي باعتباره «وش الخير وقدم السعد» علي مصر والمصريين، وانقسم الناس كالعادة بين مهلل وشامت وبين مكذ ب ورافض.
وزاد الطين بلة أن بعض المصادر المسئولة بوزارة البترول لم تقطع شكاً ولا يقيناً وإنما اكتفت بالتصريح  بأنها لم تعلم شيئاً عن الموضوع.
واكتملت المأساة الهزلية بأن انتقل الخبر إلي بعض الصحف الورقية اليومية المهمة في مصر، وبدأ بعضها في إضافة تفاصيل مفبركة للخبر، حيث قالت الصحيفة أن الهيئة المصرية العامة للبترول تستعد لتسليم تقرير إلي الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء بخصوص اكتشاف شركة ترانس جلوبال الكندية أكبر بئر للبترول في العالم بمنخفض القطارة بالصحراء الغربية، وتخيلت الصحيفة أن المهندس شريف هدارة، رئيس الهيئة سيعقد اجتماعاً طارئاً مع كبار المسئولين في الهيئة قبل رفع التقرير لمجلس الوزراء، كما قالت الصحيفة أن الدراسات السيزمية ثلاثية الأبعاد، تتوقع استخراج 20 مليار برميل مكافئ سنوياً من البترول والمتكثفات والغاز ما يجعل مصر أكبر دولة منتجة للبترول في أفريقيا.
والملاحظ هنا أن الخبر تطور بسرعة من حجم احتياطي كلي للاكتشاف يقدر بـ 20 مليار برميل إلي حجم إنتاج سنوي يقدر بـ 20 مليار برميل!
والملاحظ أيضاً إدراج صفة أكبر بئر بترول في العالم رغم أنه من المعروف أن أكبر حقل بترول في العالم حالياً تبلغ احتياطياته بأكثر من 150 مليار برميل تقريبا، وهو حقل غوار السعودي، فكيف يصبح الحقل المصري المزعوم أكبر حقل في العالم بـ 20 مليار برميل فقط، وهذا إن دل علي شيء فإن الفبركة المتعجلة كشفت عن كذب الخبر من البداية، كما أنه ليس من المعقول أيضاً أن يتم تقدير الاحتياطيات الضخمة بهذه السهولة لضخامة الخزانات وامتداداتها التي تتطلب شهوراً من التنمية والتحليل والتقييم.
وللعلم فإن مساحة حقل «خوار» تبلغ 280 كيلو متر مربع طولاً و 30 كيلو متر عرضاً، ويقع الجزء الأكبر منه في محافظة الإحساء بالمنطقة الشرقية، ويفضل الخبراء حتي الآن أن يقدروا احتياطيات الخوار بأنها تتراوح بين 70 و170 مليار برميل، رغم أنه تم اكتشافه عام 1948 وينتج حوالي 84 مليون برميل يومياً، بما يعادل 60٪ من إنتاج المملكة العربية السعودية تقريباً، أما أكبر حقل بحري في العالم فهو حقل السيفاتية بالسعودية، وينتج حالياً نصف مليون برميل يومياً.
وعموماً فقد قطعت شركة ترانس جلوبال الكندية أرجل الخبر الأكذوبة، بعد 24 ساعة من ترويجه، ونفت تماماً كل ما تردد عن الاكتشاف المعجزة باعتباره عار من الصحة جملة وتفصيلاً.
وقال مصدر مسئول بالشركة إن شركته لم تعلن عن أي نتائج بخصوص عمليات البحث والتنقيب، مضيفاً أن التوقعات بخصوص المنطقة التي تعمل شركته فيها لن تتجاوز بأي حال من الأحوال احتياطي يقدر بـ 70 مليون برميل، وهذا معناة طبقاً لمعادلات الاستخراج أن يبلغ الإنتاج اليومي حوالي 3 آلاف برميل، وهذا إذا ثبت صلاحية البترول المكتشف وجدواه الاقتصادية.
ويبقي السؤال: لماذا انطلقت هذه الشائعة في هذا التوقيت بالذات؟
والإجابة واضحة وهي إثارة بعض الجدل وشد انتباه المصريين إلي ما يبعدهم عن الكوارث التي سببها حكم الإخوان، بالإضافة إلي

تحريك حلم الثراء السريع لدي المصريين، وإساله لعابهم علي «خبطة» قد تنتشلهم من الفقر، وبالتالي لا داعي للثورة علي النظام الفاشل الذي تسبب في إفقارهم وترويعهم، وأصابهم باليأس والقنوط.. ولكن لماذا قطاع البترول بالذات، وهو قطاع يعتمد إلي حد كبير علي العلم والتكنولوجيا وليس الحظ فقط؟
لا أحد يعرف سبب الكذب في البترول ولكن بات واضحاً أن الشارع يسأل: كيف كانت مصر منذ عدة سنوات مقصداً لكل دول أوروبا لاستيراد الغاز، وكيف أصبحت فجأة دولة مستوردة للغاز؟
والحقيقة التي يداريها الإخوان هو أنهم خربوا صناعة البترول والغاز في مصر وهدموا صرحاً كبيراً كان يدر دخلاً هاماً للبلاد فأصبح يستنفد احتياطيات العملة الصعبة في استيراد الغاز والسولار.
ولكن كيف تم ذلك، إنه الجهل وقلة الخبرة والاستهانة بإدارة دولة بحجم مصر، ونتج عن ذلك تراكم ديون الشركاء الأجانب في شركات إنتاج البترول والغاز إلي أكثر من 6 مليارات دولار خلال عامين، فتوقف الشركاء بدورهم عن ضخ استثمارات لتوسعة الإنتاج، وامتنعوا عن الالتزام بالحفاظ علي عمر الآبار المنتجة من خلال تجنب الاستخراج الجائر أو استخدام طرق محرمة دولياً لتسريع الآبار وذلك لتعويض خسائرهم، وذلك في ظل ضعف الحكومة وقلة حيلتها وانعدام رقابتها وخوفها من الفضيحة والتحكيم الدولي الذي ستخسر فيه مصر بالتأكيد «الجلد والسقط».
وهكذا انخفض إنتاج الغاز، والزيت الخام، وانعدمت الاكتشافات الجديدة التي كانت تعوض الاستهلاك المتزايد، والتى كانت تعوض الفاقد في الاستهلاك لكثرتها رغم صغر حجمها ، وللعلم فقد كانت مصر عام 2009 من أكبر دول العالم عدداً فىعدد الاكتشافات البترولية.. وآخر بئر بترول كبير في مصر هو بئر سقارة الذي بدأ إنتاجه بطاقة 30 ألف برميل يومياً في عام 2008 وكانت الاتجاهات الأوروبية في مؤتمرات الطاقة التي كانت مصر ضيفاً أساسياً فيها تتحدث عن استيراد الغاز من مصر مقابل مدها ببدائل من الطاقة المتجددة التي تناسب طبيعة المناخ مثل محطات الطاقة الشمسية والرياح، بالإضافة إلي تقاريرها المتفائلة بزيادة إنتاج الغاز والبترول في مصر الواعدة وتعهدها بضخ استثمارات جديدة في هذا المجال.
والحقيقة  أنه منذ أن تولي الرئيس مرسي سدة الرئاسة لم يتم الإعلان عن كشف واحد في مجال البترول أو الغاز الطبيعي، وهربت استثمارات الشركات الكبري في مجال البحث والتنقيب.
أما قبل وصول الإخوان للحكم، فقد كانت هناك العديد من الاكتشافات المبشرة مثل كشف البركة للبترول الخام في الصعيد عام 2007، وكشف المنصورة لإنتاج الزيت الخام في فبراير 2008، وكشف ثقة في يناير 2008، وكشف سايتس أكبر حقل غازي بالمتوسط في مارس 2008، وكشف سقارة في 2007، وكشف كلابشة بالصحراء الغربية في أكتوبر 2008، وكشف آخر بالصحراء الغربية في ديسمبر 2008، بالإضافة إلي العديد من اكتشافات الغاز الطبيعي إبان فترة تولي المهندس سامح فهمي وزير البترول الأسبق.
كل ذلك ضاع علي يد الإخوان وليس علينا أن نبكي علي اللبن المسكوب، ولكن علينا أن نتوقف عن تصديق بئر الأكاذيب الإخواني.. أكبر بئر لاستخراج الأكاذيب في العالم.