رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سلع مجهولة.. رقابة غائبة.. زبائن يشترون السموم

سلع مجهولة
سلع مجهولة

الجاتوه بالكيلو والسعر من 13 إلى 15 جنيهاً.. وكيلو اللانشون بـخمسه جنيهات.. و5 علب عصير بـ8 جنيهات!

 

فى كل دول العالم، للأسواق مكان مخصوص، ويكون دائماً تحت رقابة وإشراف الجهات المسئولة عن الصحة والغذاء والمحليات، ولكن أسواق مصر حالة خاصة جداً.. فكل مكان فى مصر يمكن أن يتحول إلى سوق لبيع سلع وبضائع ومنتجات من كل شكل ولون..

 

أرصفة الشوارع، عربات المترو، أعلى الكبارى وأسفلها، إشارات المرور.. كلها تتحول إلى أسواق لبضائع ومنتجات شتى، على رأسها أطعمة ومشروبات وحلوى، وجميعها لها سمات ثلاث.. الأولى أن أسعارها أقل بكثير من مثيلاتها فى الأسواق الرسمية.. والثانية أن أغلبها، إن لم يكن كلها فاسداً.. والثالثة أنها بعيدة عن أعين الرقابة ومُسممة لبطون المصريين.

والغريب أنه وعلى مدى ما يقارب نصف قرن والشكوى لا تتوقف من بيع أغذية مغشوشة ومواد غذائية مجهولة المصدر فى أسواق مصر، سواء العشوائية أو الرسمية.

الجاتوه بالكيلو

محرر «الوفد» رصد ما يجرى فى أحد أشهر الأسواق الشعبية بمنطقة السيدة عائشة بالقاهرة، وبمجرد اقترابه من السوق، سمع صوت جهورى وسط السوق يستعرض أسعار ما يبيعه من سلع، كان صاحب الصوت يردد دون توقف «قرب.. قرب.. قرب.. الحقى الفرصة يا أم العيال، وفرحك ولادك يا أبوالأولاد».

 

وكان البائع صاحب الصوت الجهورى يتابع صيحاته ويقول: «إحنا بنحطم الأسعار». . علبة «الكافى ميكس» حجم كبير بـ20 جنيهاً، والحجم الصغير بـ12 جنيهاً، وعلبة الكابتشينو بـ17 جنيهاً، والأربعة باتيه بالجبنة بـ10 جنيهات، وكيس لبن النيدو الكبير بـ3 جنيهات، والـ4 أكياس شيبسى كبير بـ10 جنيهات، وعلبة التونة الصغيرة بـ11 جنيهاً، وعلبة التونة القطع الكبيرة بـ15 جنيهاً، وكوز اللانشون ربع كيلو بالزيتون بـ7 جنيهات ونصف، ولتر الفيروز بـ5 جنيهات، وعلبة الشاى الكبير بـ8 جنيهات، وكيس اللحمة المفرومة نصف كيلو بـ10 جنيهات.

 

تزوير تاريخ الإنتاج سهل جداً.. والأدوات «ختامة» و«حبارة» و«سبرتو»!

 

 

وبالقرب من البائع صاحب الصوت الجهورى، وقف سامح إبراهيم، يبيع علب عصائر مجهولة المصدر وباتيه بالجبنة وكورن فليكس، وقال إنه يقدم عرضاً لا يمكن رفضه، فيبيع الـ5 علب عصير بالفواكه حجم صغير بـ8 جنيهات والـ3 باتيه شيكولاته بـ6 جنيهات، والـ5 باتيه بالجبنة بـ8 جنيهات، كان الرجل يعرض أسعاره وإلى جواره عدد كبير من كراتين «الكورن فليكس»، وكان مكتوباً على العلب الخاصة بالشركة المصنعة عبوات مجانية يتم بيعها للمواطنين بأسعار أقل من ثمن المنتج الأصلى.

ووسط بائعى السوق، وقف طفل فى منتصف عقده الثانى -تقريباً- خلف طاولة طويلة تتراص فوقها أصناف عديدة من المواد الغذائية، وكان هو الآخر يصرخ بأعلى صوته «عرض خاص لكل الناس.. ومش موجود غير عند الطفل الفقير.. الفقير بيحطم الأسعار، الـ15 كيكة بـ7 ونصف، وعلبة العصير بـجنيه واحد.. خلى الفقير ياكل واللى مش معاه فلوس وعايز العرض يقف فى الطابور من غير فلوس هياخد العرض».

 

>> استشارى علاج سموم: أغلب أغذية الشوارع مسمومة بسبب طريقة التصنيع وسوء التخزين

الجاتوه بالكيلو

وكان السوق يزدحم بالناس، الذين يتسابقون لشراء العديد من المعروضات، وأغلبها منتجات غذائية، أسعارها أقل من ربع ثمنها الأصلى، فسعر كرتونة البسكويت بجوز الهند حجم كبير 12 باكت يبلغ 10 جنيهات وعلبة التونة المفتتة 11 جنيه وعلبة التونة القطع 13 جنيه، وعلبة الجبنة النصف كيلو من ماركة شهيرة بـ13 جنيه، وباكت السحلب بـ4 جنيه، وعلبة الجبنة وزن 420 جم 14 جنيه ومدون عليها تاريخ إنتاج هو نفس تاريخ يوم عرضها للبيع «5/10/2022» وصالحة لمدة 4 شهور!

 

والغريب أن كثيراً من المنتجات المعروضة للبيع، كان مدوناً على عبواتها تاريخ إنتاج هو نفس تاريخ يوم عرضها للبيع فى السوق!.. أحد البائعين كشف لمحرر الوفد سر هذا اللغز وقال: «تاريخ الإنتاج هو ملك البائع يفعل به ما شاء، فالبائع يقوم بتغير تواريخ الإنتاج حسب رغبته، بواسطة ختم يشتريه من العتبة، وكل ما يحتاجه لعملية التزوير هى «ختامة» و«حبارة» و«سبرتو» لإزالة أى خط وغرفة مغلقة حتى لا يتم كشفه.

 

وأضاف: «البيع داخل الأسواق الشعبية أمر سهل، لأن أغلب الزبائن لا يهمهم فى المقام الأول سوى الأسعار، ولا يهتمون كثيراً بجودة المنتجات، ولا بقيمتها الغذائية، ولا تاريخ إنتاجها، أو تاريخ صلاحيتها!.. وبالتالى يستطيع تاجر المواد الغذائية الفاسدة بيع المنتجات بكل سهولة.

 

>> خبير قانونى: الحبس والغرامة عقوبة بيع السلع الفاسدة

 

سوق إمبابة

 

غادر محرر الوفد سوق السيدة عائشة وتوجه إلى سوق الجمعة بإمبابة، التابعة لمحافظة الجيزة، وهو السوق الذى يضم عدداً كبيراً بائعى منتجات بير السلم، وتشمل منتجات مكياج وأدوات تجميل وصابون وأطعمة أيضاً، ومعظمها مجهولة المصدر وغير معروفة ، وتشهد إقبالاً كبيراً من الزبائن، بسبب رخص ثمنها.

الجاتوه بالكيلو

تقول منى عبدالرحمن - ربة منزل- أنها تتوجه كل جمعة لشراء مواد غذائية تكفى أسرتها لمدة أسبوع كامل، لرخص ثمنها».

 

وأضافت: أشترى أطعمة وبسكويت للأطفال فى المدارس، ويكون طعمها جيداً وأنظر إلى تاريخ الصلاحية وأتفحصه، وأقوم بشراء الجبنة الرومى واللانشون منهم أيضاً، واشترى معلبات التونة أيضاً.

 

نفس المعنى أكدته سوزان عبدالله –موظفة-، وقالت: «أتوجه دائماً لسوق الجمعة لشراء مستلزمات البيت من المواد الغذائية، وأحياناً تكون منتجات جيدة وأحياناً تكون المنتجات رديئة جداً ولا تصلح للاستهلاك الآدمى، وفى جميع الأحيان تكون منتجات تحمل أسماء شركات إنتاج مجهولة».

 

وأضافت: «أحرص دائماً على الاطلاع على تواريخ إنتاج وصلاحية ما أشتريه من منتجات غذائية، وأكثر ما أشتريه النسكافيه والكابتشينو، والنوتيلا، والبسكويت بالتمر، وتكون أسعارها أقل من نصف أسعار مثيلاتها فى السوبر ماركت».

 

ووسط سوق إمبابة تجلس سيدة فى العقد الخامس من عمرها يحيط بها مجموعة من الرجال المعاونين لها والمتصدين لأية مشاجرات تحدث وتبيع «الجاتو» بالكيلو، والكيلو يتراوح سعره بين 13 و25 جنيهاً، وكيلو اللانشون بأسعار بين 5 و15 جنيهاً، والبسبوسة والكنافة سعرها بين 20 و30 جنيه، والإندومى بـين 10 و15 جنيهاً.

 

وأرجعت نشوى شرف - استشارى علاج السموم والأطفال بالمركز القومى للسموم، سبب انتشار أمراض الأطفال إلى أن الأطعمة الذى يتم تداولها عبر تجارة المواد الغذائية الفاسدة فى الأسواق العشوائية والشعبية، وراء أغلب حالات التسمم الغذائى، وهو حالة مرضية شائعة تنتج عادة عن تناول الغذاء الملوث بالكائنات الحية الدقيقة المعدية مثل: «الفيروسية أو البكتيرية أو الطفيلية أو الفطرية».

 

وأوضحت نشوى أن أعراض التسمم الغذائى يمكن أن تختلف حسب نوع العدوى، وتشمل الأعراض الأكثر شيوعاً بين المصابين، مثل الإسهال، أو الغثيان، أو القيىء، أما الأعراض الحادة للتسمم الغذائى فأعراضها الإسهال الشديد الذى يستمر لأكثر من 3 أيام، مصحوباً بحمى وارتفاع فى درجة حرارة المريض، أو ضبابية الرؤية، أو جفاف الفم، أو قلة أو انعدام البول، أو البول الدموى، وهناك أعراض التسمم الغذائى الخفيف الذى يكتشفون ربات البيوت بعد تناول الأطعمة التى تباع على الأرصفة وهى كالآتى، آلام فى البطن، أو الإسهال، أو الغثيان، أو فقدان الشهية، أو الحمى الخفيفة، أو التعب والضعف، أو صداع الرأس.

الجاتوه بالكيلو

وأضافت استشارى علاج السموم، أن بائعى الأطعمة منتهية الصلاحية يتحايلون على المواطنين بإضافة مكسبات طعم حتى لا يكتشف المواطن فساد الأطعمة بسبب مكسبات الطعم.

 

وواصلت ارتفاع درجة الحرارة وسوء التخزين يفسد الأطعمة، وعندما تبدأ بعض المنتجات فى الفساد، يسرع أغلب التجار إلى التخلص منها، وبيعها بنصف الثمن، رغم خطورتها على الصحة.

 

وناشدت استشارى علاج السموم والأطفال بالمركز القومى للسموم، المواطنين بالابتعاد عن أطعمة الشوارع بسبب فسادها بطرق مختلفة سواء بسبب سوء التخزين أو تزوير تاريخ الصلاحية من تجار معدومى الضمير لكسب الأموال على حساب صحة المواطنين.

 

وفى السياق ذاته، قال هشام عصام، المستشار القانونى، إن الأسواق الشعبية يوجد بداخلها بائعون جائلون للأطعمة الفاسدة ويروجونها للمواطنين خاصة للأطفال الذين يتهافتون على بائعى الحلوى رخيصة الثمن، كما تصارع الكثيرون على شراء الشيكولاتة والمواد الغذائية، مثل الجبن المعلبة مجهولة المصدر الذى لا يتخطى ربع سعرها الأصلى.

وأضاف: يعتبر ذلك غشاً صريحاً فى المواد الغذائية ويعاقب عليه القانون، مطالباً الجهات الرقابية بتكثيف الحملات التموينية على الأسواق العشوائية للسيطرة على تجار المواد الغذائية معدومى الضمير الذين يتسببون فى انتشار الأمراض عن طريق السلع الفاسدة التى يتم ترويجها بين المواطنين والأطفال.

الجاتوه بالكيلو

وأكد المستشار القانونى أن القانون يتصدى بكل حزم لوقائع الغش والتدليس خاصة جميع أنواع المواد الغذائية، وحدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، قائلاً: «يعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين من غش أو شرع فى أن يغش شيئاً من أغذية الإنسان معداً للبيع أو من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئاً من هذه المواد مغشوشة كانت أو فاسدة، من طرح أو عرض للبيع أو باع مواد مما تستعمل فى غش أغذية الإنسان على وجه ينفى جواز استعمالها استعمالاً مشروعا، أو كانت المواد التى تستعمل فى الغش ضارة بصحة الإنسان، أو إعادة بيعها وخلطها بمواد أخرى بقصد الاتجار من خلالها، وفى جميع الأحوال يحكم القانون بمصادرة المواد موضوع الجريمة.