رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإخوان يحكمون المحافظات ولا شريك لهم إلا الجيش

بوابة الوفد الإلكترونية

لا تزال المحافظات رهينة لدي الجيش والإخوان، فمنذ ثورة يوليو 1952 وحتي الآن حافظ الجيش علي «كوتة» كانت بنسبة 100٪ في الخمسينيات، وانكمشت في عهد «مبارك».. لكن ظلت «الكوتة» ثابتة في عهد الرئيس محمد مرسي.

الغريب أن الشرطة والقضاء وأساتذة الجامعات لم يعد لهم وجود في المحافظات.. وأصبحت الحركة مقصورة علي الجيش والإخوان.
وقد تناولنا أمس جوانب في الإدارة المحلية، شرَّحها - بتشديد الراء - الدكتور محمد الجوادي.. واليوم نواصل كشف الشراكة بين الجيش والإخوان في المحافظات.
بدأت سيطرة العسكريين تاريخياً علي المناصب المدنية منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في الستينيات، بينما تقلصت سيطرة العسكريين في عهد «السادات» مع محاولته لتهميش دور المؤسسة العسكرية في الحكومة في السبعينيات، ثم عادت لتشهد تضخماً مفاجئاً في السنوات الأخيرة من حكم «مبارك»، واحتفظت بـ «الكوتة» في عهد أول رئيس مدني بعد الثورة وهو محمد مرسي.
وفي محاولات «مبارك» لتوريث الحكم لابنة «جمال»، أراد «مبارك» أن يضمن ولاء الجيش ويقضي علي أي معارضة محتملة بتعيين قادة الجيش في وظائف اقتصادية وإدارية.
أما الجنرالات المتقاعدون فيفضلون شغل وظيفة الإدارة في مجالين، هما الوظائف الإدارية العليا والشركات الاقتصادية التي يمتلكها القطاع العسكري.
ومن أجل الحفاظ علي الطابع المدني للدولة، تجد قلة من الرتب العسكرية فقط هي التي تشغل وظائف وزراء، مثل وزير قطاع التنمية في فترة، ثم وزير المعلومات والإعلام، ثم وزير الإنتاج الحربي.
خارج مجلس الوزراء، تجد العسكريين يفضلون أماكن معينة، تتركز فيها السيطرة، وعلي هذا، تجد 18 من أصل 27 محافظة في شمال وجنوب مصر يديرها جنرال متقاعد.
هذه المحافظات تمثل أماكن مهمة كقطاعات السياحة في جنوب مصر، ومحافظات إقليم قناة السويس، وسيناء، وأحياناً الإسكندرية وبعض مناطق الدلتا.. بالإضافة إلي شغل العسكريين وظائف سكرتير عام المحافظة، ومسئولية بعض المدن الصغيرة ورئاسة بعض الأحياء القاهرية المزدحمة.. الثري والفقير منها علي السواء.
أيضاً هناك مناصب مثل رئيس هيئة قناة السويس، الذي يكون برتبة فريق سابق، وهناك رؤوساء موانئ البحر الأحمر الجنرالات المتقاعدون.. كما هو الحال مع مدير شركة النقل البري والبحري.
رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق هو القاضي فاروق سلطان، كان في بداياته ضابط جيش خدم كقاض في المحاكم العسكرية، وشغل منصب رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.. فالجنرالات المتقاعدون دائماً يسيطرون علي الوظائف الحكومية المتعلقة بالإشراف.

جمهورية الضباط
ظهرت جمهورية الضباط في الأصل في أعقاب الإطاحة بالنظام الملكي علي يد قوات الجيش بعد 1952، وخصوصاً بعد تثبيت العقيد أركان حرب وقتها جمال عبدالناصر رئيساً للبلاد عن طريق الاستفتاء الشعبي في 1956.
وقد جري نزع الصبغة العسكرية جزئياً عن مجلس الوزراء إلي حد كبير في عهد خلفه أنور السادات في السبعينيات.. واستمر هذا الاتجاه في ظل التهميش السياسي الظاهري للقوات المسلحة خلال رئاسة حسني مبارك، التي بدأت في 1981، وهو رابع عسكري يشغل هذا المنصب منذ أن تعيَّنَ اللواء محمد نجيب رئيساً للوزراء في 1952، ثم رئيساً للجمهورية في 1953.
ولم تَزُل جمهورية الضباط يوماً من مكانها، بل توسعت بأشكال جديدة لتصبح الدعامة الأساسية لنظام مبارك القائم علي المحسوبيات، إلي أن خرجت من ظلّه لتتولّي السلطة الكاملة في أوائل عام 2011.
وظهر ذلك الإرث جلياً في سلوك المجلس الأعلي للقوات المسلحة، الذي تسلّم مقاليد الحكم التنفيذية والتشريعية الكاملة من مبارك في 11 فبراير 2011.. غير أن المجلس العسكري اضطر، علي الرغم من ذلك، إلي الخضوع إلي عملية اختبار وتعلُّم غير مألوفة، حين خرج من ظل مبارك واحتل موقع الصدارة في السياسة المصرية في أوائل عام 2011.. فقد وجد صعوبة جمة في تقديم رؤية اجتماعية أو برنامج اقتصادي أو خطة سياسية متكاملة للعملية الانتقالية، كما لم يكن قادراً بشكل كامل علي التنبؤ به أو الحيلولة دون حدوثه، لكنه كان أيضاً عاجزاً عن تصور أي سياسة تتطلب إصلاحاً جوهرياً أو تغييراً هيكلياً، وعندما وجد المجلس العسكري نفسه في مواجهة عملية انتقالية غير مألوفة ومقلقة، لجأ إلي قيمه الأبوية.. فاتخذ المواقف المتحفظة والدفاعية أكثر فأكثر كلما شعر بوجود تحدٍّ مباشر له، وهذا يفسر الكثير من ارتباكه وتردده وتغييره المتكرر للمسار طيلة تعامله مع العملية الانتقالية.

الحكم المحلي
ويشهد مجال الحكم المحلي «المحافظات» أكبر تركيز للضباط المعينين في مناصب مدنية، حيث يلعبون دوراً مباشراً في المحافظة علي النظام، علي جميع مستويات السلطة البلدية بدءاً من المحافظات وصولاً إلي أحياء المدن والقري.. وقد برز الحكم المحلي أساساً في عهد عبدالناصر باعتباره وسيلة مهمة لتأكيد سيطرة الرئيس علي أنحاء البلاد، وذلك عبر موازاة، والحدّ من، سلطات ومسؤوليات وحتي ميزانيات الوزارات الحكومية المركزية وغيرها من الهيئات والسلطات المدنية العامة، المحافظون هم ممثلو الرئيس وأعلي المديرين التنفيذيين وأرفع مسؤولي أمن في كل محافظة. ويُعتبَر التقسيم الموازي لمصر إلي خمس مناطق عسكرية مُكمِّلاً للهيمنة علي الهيئات المدنية، باعتبار أن إحدي مهام قادة المناطق العسكرية هي التنسيق مع المحافظين والسلطات المدنية المحلية لضمان الأمن الداخلي.
وظل هيكل الحكم المحلي يتّسم بدرجة عالية من التراتبية الهرميّة منذ 1960، عندما أُعيد تقسيم البلاد إلي 26 محافظة، حيث تتدفّق السلطة حصراً من أعلي إلي أسفل. يوجد في مصر حالياً 27 محافظة.
ويعيّن رئيس الجمهورية المحافظين في حين يتولّي رئيس الوزراء تعيين رؤساء المراكز والمدن والأحياء.
ويعيّن المحافظون رؤساء القري.. أما وزارة الداخلية فتُعيِّن العمدة في القري الصغيرة، وهناك مجلس محلي علي كل مستوي بدءاً من المحافظة نزولاً إلي القرية، ويتألّف أعضاؤه من الموظفين برواتب الذين يعيّنهم رؤساء كل مستوي كي يتولّوا المهام التنفيذية، ويرأس كل مجلس أمين عام وأمين عام مساعد.. وهناك هيكل موازٍ من «المجالس الشعبية المحلية» المنتخبة التي توفّر لمسة ديمقراطية، لكنها لمسة تجميلية بحتة كونها لا تملك أي صلاحيات تنفيذية علي الإطلاق، وتقوم فقط بتقديم نصائح «استشارية» إلي جانب الموافقة اسمياً علي الميزانيات المحلية.
وباستثناء «المجالس الشعبية المحلية» – وذلك لسبب واضح يتمثّل في أنها لا

تتمتّع بأي صلاحيات أو موارد تُذكَر – يوجد عدد كبير من الضباط السابقين في مستويات وأنحاء هيكل الحكم المحلي كافة، ما يوفِّر لهم الأمان الوظيفي بعد التقاعد، فيما يخدم وجودهم بسط نفوذ السلطة الرئاسية لتشمل كل ركن من أركان البلاد.
وفي التسعينيات كان هناك ما بين 50 و80٪ من المحافظين لهم خلفية عسكرية، في حين جاء 20% من الشرطة أو أجهزة الأمن الداخلي.
ويجري توزيع مناصب المحافظين وفقاً لنمط واضح، حيث يتولّي عادةً قادة المناطق العسكرية السابقون (وهم من القوات البرية) مناصب المحافظين في محافظات القاهرة (أو المناطق الفرعية الأربع)، والسويس وسيناء.
علي سبيل المثال، يتولّي الدفاع الجوي وحرس الحدود والبحرية مناصب المحافظين في المحافظات الغربية، مثل مرسي مطروح، والجنوبية مثل أسوان، مع الإسكندرية شمالاً، والبحر الأحمر شرقاً.
ويتكرّر هذا بشكل واسع النطاق في كل المستويات الإدارية الدنيا من المراكز والمدن وأحياء المدن والقري.
ويصل المجموع الكلي للمناصب التي يشغلها ضباط سابقون من القوات المسلحة في هيكل الحكم المحلي علي المستوي القومي إلي نحو 2000 قيادة ذات خلفية عسكرية.
وبعد تسليم البلاد للسلطة المدنية وانتخاب رئيس مدني في أول تجربة لانتقال مصر من الحكم العسكري إلي الحكم المدني، بدأت الآمال تراود المصريين بعد أن نجحت ثورتهم وظنوا أن حياتهم ستكون أفضل مع النظام المدني الجديد وأن ثورتهم سوف تأتي بثمارها من حياة مدنية ديمقراطية وكرامة إنسانية، إلا أنهم فوجئوا بخيبة أمل كبيرة وصدمة لم تكن في الحسبان، حينما قاموا بثورتهم وهي سيطرة فصيل آخر وانتقالهم من حكم العسكر إلي حكم الإخوان، الذين بدأوا في تفكيك مفاصل الدولة وأخونتها، ليس فقط علي مستوي القمة بل بداية من البنية التحتية للهيكل الإداري للدولة للإمساك بمقاليد الأمور من القاع إلي القمة.
فلم يمض سوي بضعة أشهر وتمكن الإخوان من تسكين اكثر من 13 ألف عنصر من عناصرهم في الجهاز الإداري للدولة، فسيطر الإخوان علي 10 وزارات من بين 21 وزارة، أي ما يقرب من 50% من الوزارات.
وضع الإخوان أيديهم علي الوزارات الخدمية والمؤثرة، التي تضمن لهم السيطرة الكاملة علي نظام الحكم المحلي، فبدأت بتعيين الدكتور محمد علي بشر القيادي بجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وزيراً للتنمية المحلية، وهذه الوزارة هي التي تتولي اختيار وتعيين المحافظين ورؤساء المدن، وهؤلاء يختارون تعيين رؤساء القري والوحدات المحلية والأحياء، وبذلك يكون الإخوان قد امسكوا بمفاصل الدولة بدءاً من رئاسة الحي مروراً برؤساء القري والمدن والمراكز إلي المحافظ.
كما كان تعيين الدكتور باسم عودة القيادي بالجماعة وزيراً للتموين والشئون الاجتماعية، وطارق وفيق وزير الإسكان، والمرسي حجازي وزيراً للمالية، وحاتم عبداللطيف وزير النقل، وأحمد إمام وزيراً للكهرباء وخالد الأزهري وزيراً للقوي العاملة، فلم يكن تعيين هذه القيادات بجماعة الإخوان، إلا من أجل التمكين والسيطرة علي هذه الوزارات الخدمية، التي تتصل مباشرة بالمواطنين للسيطرة عليهم وضمان ولائهم لهم، خاصة في الانتخابات سواء كانت محلية أو برلمانية أو رئاسية.
كما لم يفت علي الجماعة الإمساك بالشباب والسيطرة عليهم، فقاموا بتعيين أسامة ياسين القيادي بالجماعة وزيراً للشباب، ومن أجل السيطرة علي الإعلام الإذاعة والتليفزيون، والبث الفضائي قامت الجماعة بتعيين صلاح عبدالمقصود القيادي بالجماعة ومدير الحملة الإعلامية للرئيس مرسي أثناء الانتخابات الرئاسية، إلا لتكميم الأفواه والسيطرة علي الإعلام المصري، كما جاء اختيار رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية ورؤساء تحريرها من قيادات وموالين للجماعة، إلا بهدف السيطرة علي هذه المنابر لضمان توجيه المواطنين وتبث فيهم ما تريده الجماعة وحزبها الحاكم للسيطرة علي مصر أرضاً وشعباً، وبهذا التكوين مصر قد انتقلت من سيطرة العسكريين إلي سيطرة الإخوان المسلمين.
كما أنه من الملاحظ غياب حصة الأقباط أو تمثيلهم في الحياة المدنية والمناصب منذ أيام «عبدالناصر»، التي خلت حكوماته ومحافظاته من تعيين وزير أو محافظ قبطي إلا بدءاً من عهد السادات كانت تتمثل بتعيين وزير من بين عشرين وزيراً أو محافظ قبطي من بين 20 محافظة.